زوجتي على حق
عماد موسى
كلما أطلّ السيد حسن نصرالله على إحدى الشاشات العملاقة مخاطباً الجماهير غاضبًا محتدًا أو مبتسمًا هادئًا مزهوًّا معتدًّا بنفسه، تسألني زوجتي : “في حرب؟”. وكنت أجيبها: “حرب مين على مين؟ السيّد رجل عقلاني. رجل حسابات. لايمكن أن يخوض مغامرة جديدة“.
“إسكتْ إسكتْ شو فهّمك!” تقول. تفتح جارور الخزانة. تطمئن إلى صلاحية جوازات السفر. تعيد الإسطوانة : “ليش ما منسافر نحن والولاد؟ أنا خائفة”. أخفّف عنها. تتوتر. تخرج مسرعة. تأخذ السيارة. تهرع مذعورة إلى السوبر ماركت وتعود بعد ساعتين أو ثلاث والسيارة تنوء بحمولة بيك ـ أب: طحين، سكر، حليب، نبيذ، مكسّرات، معلبات، علب كبريت، بونبونات غاز، شمع وبطاريات… على سبيل الإحتياط من حرب محتملة.
في الإطلالة الإعلامية الأخيرة لسيد المقاومة إتصلتُ بزوجتي كي أنصحها بالتحرّك سريعًا لتأمين الإحتياط الإستراتيجي، فردّت علي من بين رفوف الزيوت والسمن ومراطبين الكبيس وسألتني مذعورة : وصلوا علينا؟
أجبتها ببرودة: ليس بعد. النائب نعمة الله سيدافع عنا في كسروان بكل ما أوتي من قوة. وتقول المعلومات يا زوجتي إنّ السيد نصرالله مشغول الآن بملاحقة فلول العدو المتصهين في رأس النبع والمزرعة والمصيطبة وكليمنصو وحي الوتوات والطريق الجديدة، ويسطّر مقاتلوه الملثمون ملاحم بطولية. سطرٌ أحمر وسطر أسود. وما أن “يطهّر” بيروت من أهلها، ومن “ميليشيا المستقبل” سينظر ورئيس حركة أمل نبيه بري في أمرنا. والأمل كبير ألا يرمي بنا أحدهما في البحر… وهما بعون الله وعون الرابية وسليمان بنشعي على كل شيء قادران.
زوجتي على حق.
نصرالله مشروع الحرب الداخلية مع وقف التنفيذ، فعلها. نصرالله قائد جماهيري يقدّس السلاح. ويستعمل السلاح فقط للدفاع عن السلاح. واستعماله. الآر. بي. جي للدفاع عن خيبر واحد، والكلاشينكوف لحماية رعد 2، وتدمير مكاتب “المستقبل” وكم أفواه الإعلام الحر لصيانة شبكة إتصالات دولة “حزب الله” الشقيقة، أما إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي فيحافظ على هيبة العميد وفيق شقير ويُلبي المطالب العمالية ويؤمن مصالح الناس. وإذا جيئ بغير شقير لهذا المنصب سيعتبره السيد منتحل صفة!
بالمناسبة هل يشاهد العميد التلفزيون مثلنا ؟ وهل لديه كلمة كي يقولها لمجاهدي الحزب الذين رفعوا السواتر وحرقوا بيروت كرمى لمنصبه وموقعه كـ”أسد في المطار” بحسب توصيف الحزب الخميني له؟ أو أنه كضابط لا يتكلّم. ولا يستنكر. إنه وضع إستثنائي ومصيري. قلْ كلمة حقّ سيادة العميد.
زوجتي تسأل عن شعورك. هل أنت مطمئن إلى وضعك؟
طمئنّا.
إنها الحرب بإرادة “إله” الحرب وتخطيطه ومفاجآته وليس من يردعه. لا قوة في العالم تردع نصرالله.
زوجتي على حق.
مع فقدان الحماية، وهشاشة تركيبة الأجهزة الأمنية لا يمكن أن ننتظر السيد نصرالله على مفرق غزير، أو في ساحة الجديدة كي يعلّمنا ويهذّبنا وكي نقدّم واجب الطاعة إليه، ونسأل خاطره. لن نسلّمه مستقبل أولادنا. فيوم تؤول الدولة لدولته، البحر أمامنا. البحر لا الحرب. “جهّز الباسبورات للسفر قبل أن يجهِز سماحة السيد على الدولة يا زوجي العزيز“!