الإخوان السوريون ما زالو ينتظرون رداً “رسمياً” على مبادرتهم بتعليق المعارضة.. ويرون أن تصريحات المعلم بهذا الشأن “لا تنطلق من واقع ولا ينبني عليها أي موقف”
اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين في سورية أن التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية السوري وليد المعلم حول مبادرة الجماعة بتعليق أنشطتها المعارضة؛ لا يمثل رداً رسمياً على المبادرة “ولا ينبني عليه أي موقف”، مشيرة إلى أنها لا تزال تنتظر رداً رسمياً من جانب النظام السوري على مبادرتها.
وكان المعلم قد قال السبت، رداً على سؤال بشأن مبادرة الإخوان المسلمين الأخيرة ضمن برنامج حوار مفتوح على قناة الجزيرة: “عندما يقرر التنظيم الإنضمام إلى مسيرة النظام، عليه أن يعلن ذلك في بيان رسمي واضح وأن ينفصل عن كل الممارسات التي جرت في الخارج”.
وعلق الناطق باسم الجماعة زهير سالم على تصريحات المعلم بالقول: “نعتقد أن التعامل الموضوعي مع مبادرتنا لا يمكن أن يتم عبر وسائل الإعلام… ونحن دائماً، لعلم الوزير المعلم، وفي كل سياساتنا ومواقفنا نميز بين سورية (الدولة) وسورية (النظام) وكنا دائماً متفقين مع سورية الدولة منحازين لها ولقضاياها ومناصرين لمعاركها”.
وقال سالم في مقابلة مع وكالة “يونايتد برس انترناشونال؛ إن جماعته تدعو “كما دعا الوزير المعلم، إلى احترام كل ما تمثله الدولة السورية وتحييد رموز الدولة… ونملك، ولعلم الوزير أيضاً، تاريخاً إنسانياً وسياسياً ووطنياً ناصعاً ومشرفاً ورغم كل ظروف المحنة وقسوتها بأبعادها لم يحدث أن غيرنا أو بدلنا، وتقدمنا بمبادرتنا إلى جميع أبناء أمتنا إدراكاً منا لمقتضيات اللحظة التاريخية التي فرضتها وحتمتها ظروف العدوان الصهيوني على غزة بأبعاده وتداعياته المستقبلية… ولذلك لا نعتبر ما أدلى به السيد وزير الخارجية جواباً كافياً على مبادرتنا ولا ينبني عليه موقف لا من حيث طريقته ولا من حيث مضمونه وسياقه”.
ورداً على ما أدلى به المعلم من أنه “إذا ما أرادت (الجماعة) الانضمام إلى مسيرة النظام الإعلان عن ذلك في بيان رسمي والانفصال عن كل الممارسات التي جرت في الخارج”، أوضح سالم أن هذه تصريحات المعلم هذه “تؤكد أن كلامه عرضي لا ينطلق من واقع”. وتساءل: “كيف يستقيم في ذهنية وزير سوري مخضرم يشغل منصبه الوزاري منذ فترة طويلة أن يدعو (إخوان الداخل) إلى إصدار بيان وهو يعلم أن الإخوان في الداخل والخارج يقعون تحت طائلة القانون الرقم (49/1980) الذي يحكم عليهم بالإعدام بل ويتجاوزهم أحياناً إلى كل من يلوذ بهم”.
واستبعد أن تكون تصريحات المعلم رسالة مباشرة إلى الجماعة لطي صفحة الماضي والانفصال عن جبهة الخلاص الوطني التي ساهم في تأسيسها المراقب العام للاخوان المسلمين المحامي علي صدر الدين البيانوني ونائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، إلى جانب حركات وشخصيات سورية معارضة أخرى في الخارج. وقال سالم: إن “كان ثمة رسالة في هذا التصريح، فمشكلة هذه الرسالة أنها مزجت السياسي بالإعلامي، فنحن ومنذ أول يوم استلم فيه الرئيس بشار الأسد السلطة، عرضنا تجاوز الماضي في إطار مصالحة وطنية شاملة والبناء على الحاضر والمستقبل، وبالنسبة إلينا… ولا نظن أن المشكلة في سورية لها علاقة بجبهة الخلاص أو بغيرها من البنى الوطنية”.
وذكّر سالم بأن محاولات ومبادرات كثيرة جرت على مدى 30 عاماً لإجراء المصالحة الوطنية، وقال: “كانت جماعتنا في كل المحاولات والمبادرات تقدم موقفاً إيجابياً منسجماً مع المصلحة الوطنية العليا وفي إطار مطلبية وطنية لتحقيق العدل والتوجه الجازم نحو البناء الوطني والوثيق”.
وأكد سالم أن الموقف من جبهة الخلاص الوطني “محل درس وتمحيص في المؤسسات الإخوانية ذات الصلة في ضوء معطيات الواقع ومستجداته وسيتم حسم هذا الموقف في غضون الأسابيع القليلة المقبلة”.
وعما إذا كان البيانوني قد أجرى اخيراً أي اتصالات بخدام، أوضح الناطق باسم الجماعة ان “العلاقات لا تزال قائمة وما زالت القضايا تُناقش بروح المسؤولية الكاملة كلما احتاج الأمر، لأننا لا نعتقد أن الخلاف السياسي يمكن أن ينعكس على العلاقات الشخصية”.
وكان البيانوني قد في تصريحات لوكالة “قدس برس” أن التمييز بين قادة الداخل والخارج بالنسبة للإخوان المسلمين لا يستقيم مع الواقع، وقال: “تمييز وزير الخارجية السوري وليد المعلم بين قادة الإخوان في الداخل والخارج لا يستقيم مع الواقع، وهو يعكس أحد أمرين: إما أنه جهل بالإخوان، وهذا أمر لا يستقيم مع موقع المعلم، أو أنه تجاهل لهم، فإخوان الداخل هم الأكثر تضرراً بالقانون 49 الذي يحكم كل من ثبت انتماؤه للإخوان أمام محكمة أمن الدولة العليا بالإعدام، وليسوا إخوان الخارج، وبالتالي التمييز هنا ليس له أي معنى”.
وأشار البيانوني إلى أن مطالبة وزير الخارجية وليد المعلم للإخوان بالبراءة من الجهات الأجنبية المعادية لسورية يعكس هو الآخر جهلاً بالإخوان أو تجاهلاً لمواقفهم، وقال: “إخوان سورية لم يكونوا في يوم من الأيام على علاقة مع جهات أجنبية معادية لسورية، وقد أكدنا ذلك في مواقفنا المتعددة، نحن نرفض الاستقواء أو الاستعانة بالأجنبي على بلادنا، وبالتالي مطالبتنا بالبراءة من العلاقة مع جهات معادية لسورية تعكس هي الأخرى إما جهلاً بمواقف الإخوان أو تجاهلاً لها، لأننا لم نصطف في يوم من الأيام في خندق معاد لسورية وللأمة”، على حد تعبيره.
موقع أخبار الشرق – الأربعاء 25 آذار/ مارس 2009