صفحات سورية

ردّ على السيد نبيل علي صالح حول مقالته، المعارضات السياسية العربية

المهندس سعد الله جبري
بداية فقد اعتبرت نفسي واحداً من المقصودين بمقالتك، وخاصة عندما ذكرت انتقادك “خاصّة” لكثير من مواقع النشر الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية.
أنا أقرأ لك على موقع الجمل – إذا كنت إنت ذات الشخص نبيل صالح – وأنا من المعجبين باسلوبك في النقد، الذي لا يخرج عن صفة السخرية والإستهزاء الصريح بأكثر مسؤولي الدولة السورية، وهم بالحق يستحقون.
أولاً: أرجو أن تتقبل اعتراضي على توصيفك “الصراحة في وصف من يرتكب فسادا أو تخريبا ظاهرا للعيان” بأنه شتّام يوجه الشتائم. ولأختصر، فأذكر أن الله تعالى – وهو رب البشر ومعلمهم العلوم والآمر بالآداب جميعاً – قد وجد أن من المناسب أن يصف بني إسرائيل كالحمار، كونهم يعلنون التمسك بكتاب الله، ولا يعملون به. ووصف كثيرا من مرتكبي الأخطاء الكبرى بالمجرمين والظالمين، حتى أنه وصف مجرّد من يرفع صوته بالحديث، فيؤذي فقط محدثه أذى خفيفا مؤقتاً، بأنه “كالحمار” وغير ذلك كثير، وما أظنك تجرؤ أن تقول الله تعالى قد أخطأ في وصوفاته، أو أنه – سبحانه وتعالى قد تجاوز الآداب – ولكنه قرر في الواقع قد أمرا علّمنا إياه وهو أن لكل جرم أو خطيئة استحقاق في وصف من يقوم به، خاصة إذا كان متعمّدا، ويتسبب بالإضرار بالناس، وهم في موضوعنا الشعب والوطن. وبالطبع فما ذكره الله في كتابه، ما هو إلاّ تعليم للبشر،لأن الهن هو معلم الإنسان، والمسلم العفيف يأخذ علومه من كتاب الله. بالمناسبة أنا لست من المتعصبين، ولكني عندما أرى الحق آخذ به.
ثانياً: هناك لدى مسؤولي الدولة الذين تقول بأن بعض الناس يشتمونهم، من يُخطأ ويكرر خطأه سنوات بنية حسنة، ولكن مٌسببا الضرر الصريح الواضح للشعب ، فهذا لا يستحق الشتم، ولكن يستحق أن لا يبقى على موقعه، لأن هدف الموقع خدمة الوطن والشعب، فإذا تعارض عمله مع هدف وجوده في موقعه، ولم يقم أحد بخلعه، فهنا مشكلة تحتاج إلى اهتمام من هو أعلى منه مسؤولية استبداله على الأقل.
ولكن عندما يرتكب مسؤول ما أخطاء ظاهرة للعيان بأنها تخريب مُطلق ومقصود، وأثبتت النتائج تخريبها، ثم يُصر عليها “إصراراً” فهل في رأيك أن لا نصفه بما ليس فيه، ويستحقه؟ وهل مثل هذا المسؤول يستحق غير وصفه بما يستحق، فعسى أن يذوق، وينسحب، أو يذوق الذي أعلى منه ويتحل مسوليته، فيحاسبه أو على الأقل يبعده؟
في الواقع يدخل في المسؤولين – والنافذين من غير المسؤولين الرسميين – تهمة المجرم المتقصد كل من:
1. يرتكب فسادا بنفوذه وعلاقاته، فينهب من خزينة الدولة – مال الشعب وحقوقه – تزويرا وخداعا، بواسطة عقود غير قانونية ليس بالملايين وإنما بمئات الملايين، ووصف هذا، ومن ييسر له ذلك من المسؤولين هو أنه مجرم خائن لوطنه وشعبه، كائنا من كان. هذا وصف عادل وليس شتيمة!!!
2. كل من يعمل على جرّ وطن وشعب بكاملهما إلى الإفقار والتخريب، وشلّ وإفلاس الصناعة والزراعة الوطنية، تحت زعم اعتقاده السياسي المتناقض مع مصلحة الوطن. ومثل هذا لا يستحق وصفه بما تقول عنه شتيمة بل هو يستحق من المواطنين البصق عليه، وعلى مسؤولي الدولة إحالته إلى التحقيق والقضاء، وربما كان الإعدام أقل ما يستحق.
3. كل من يعمل على الكذب وخداع الشعب بأرقام ونسب مزوّة عن إنجازاته، وتثبت الوثائق والحقائق أنها عكس ما يقول. وهو بذلك يستحمر الشعب، وهو أحق أن يوصف بذلك!
4. كل من تصل حقارته – وأصر على التعبير – أن يُطعم شعب بلاده خبزا مصنوعا من قمحٍ مخصص لاستهلاك الحيوانات في مقابل تحقيق مصالح شخصية له ولشركاه بمئات الملايين.
ثالثاً: أنتقل إلى تزوير الحقائق وخداع الشعب – وأعذرني على صراحتي التي قد تصفها أيضاً بالشتيمة – وذلك حين أنت تصف الدولة، وهي ليست الدولة وإنما السلطة – بقولك “والدولة لا تزال تعمل وتحث الخطى باتجاه تحديث النظم والقوانين، وهيكلة الاقتصاد، وتطوير الواقع السياسي.” ولن أدخل معك في جدال وطني – وليس سياسي – ولكننا نقول عن تلميذ بأنه قد عمل صالحاً حين ينجح في امتحاناته آخر العام، ونصفه بأنه كان مهملا أو مقصراً حين يرسب في امتحانه النهائي. والنتيجة بالطبع تعود عليه وحده بشكل اساسي. ولذا لا نصفه بأنه مجرم (وإن كان أبوه سيعنّفه بكلمة حمار على الأقل). وفي هذا لست وحدي الذي يعارضك فيما أسميته زعما – لفظة مهذبة، مارأيك – وإنما الشعب جميعا بملايينه العشرين يقول لك، إن السلطة – وليست الدولة – لم تفعل خلال سنواتها إلا فسادا وتخريبا مقصودا وتقصيرا، وإلا فهل تخبرني:
• أين هي وما حال مصانع وشركات الشعب التي بناها الرئيس الراحل حافظ الأسد، وأصبح مُعظمها الآن على مسافة درجة واحدة من الإفلاس عمدا وقصدا، وفق تصريح منشور للنائب الاقتصادي، وهو ما تعرفه أنت ويعرفه كل مسؤول في السلطة، وهي التي كانت أرباحها تزوّد الدولة بثلث كامل موازنتها السنوية لعقود مضت؟
• وهل بنت السلطة – وليست الدولة – مصنعا واحدا، أو شرّعت لتمكين القطاع الخصا من بناء مصنع واحد منذ سنوات وحتى اليوم؟
• وهل كان إلغاء الدعم إلا تخريبا لمعيشة الشعب، وللصناعة والزراعية الوطنية، قام به واحد، فلم يُحاسبه حتى الآن احدٌ، رغم وضوح نتائجه التخريبية لكل ذي عينين؟
• وهل قامت السلطة بمعالجة – ولو جزئية – لأزمات كثيرة تفاقمت وتضاعفت بدل معالجتها – ومنه عدم كفاية دخل أكثرية المواطنين الساحقة عن تلبية المتطلبات الأساسية للحياة، وأزمتي البطالة المرعبة، والسكن التي أصبح وسيلة للثراء، بدل تأمين حق كل مواطن بمسكن يبني فيه عائلته الخاصّة وهو حق إنساني قبل ن يكون حقا وطنيا للشعب على الحكومة؟
• وهل تعتبر سيادتك أن تسليم البنك الدولي “الصهيوني” – هل تشكُّ بهذا – صلاحية ومهمة رسم السياسات الإقتصادية للدولة السورية يدخل في باب إنجازات السلطة، أو في باب خيانتها؟ وهل يخرج هذا عن أنه أسلوب أرخص للإستعار الحديث الهادف لتخريب خصوم الصهيونية من الدول العربية، وهم قد فعلوا فعلا في مصر والآن سورية وغيرها؟
• هناك عشرات أو ربما مئات التساؤلات الأخرى التي تصبُّ في نتيجة واحدة، ولكن حدود الإجابة تمنع من الإسترسال.
أما – أيها الصديق الصدوق الناصح والمتمسك بآداب الخطاب مع المسؤولين الفاشلين أو الفاسدين أو المخربين عن قصد – فهؤلاء يجب ان نتحدث معهم بأفضل مما يتحدث الوالد مع ولده! سبحان الله. ويقولون، لماذا تستمر الأخطاء وتتكاثر وتتفاقم وتتطور سلبيا جارّة الشعب والوطن كلّه إلى الهاوية (فتشت عن جمعها فلم أجده، فهي ليست هاوية واحدة). وأقول لهم، ولك ايضا، لو ملك الكتّاب والناقدون الجرأة لوصف الأمور الوصف الحقّ بما أوصل إليها كثير من المسؤولين، ولو تعلموا من الله تعالى فوصفوا الفاسد المخرب بأنه مجرم، والذي يدعو لتخفيض قيمة الليرة السورية رغم ما تسببه من كوارث حقيقية هائلة نعيشها، ويعرفها أبسط الإقتصاديين، وذلك بزعمه تنشيط التصدير الصناعي – جاء هذا بعد أن تم إضعافه حتى وصل كثير منه إلى التوقف والإفلاس فعليا والباقي على الطريق، فلن يكون هناك ما يُصدر اساساً – فلا أظن أن وصف مثل ذلك المخلوق بما وصف الله تعالى به بني إسرائيل، سيكون شتيمة وسوء أدب.
واسمح لي أن أسألك، عندما تقوم الثورات في العالم – وليس في سورية، وأقول هذا فقط لضمان النشر – فهل ما فعلته أو تفعله الثورات فعلاً من كثير من الخطاب الشديد والعنف والقتل أحيانا، يدخل في رأيك في سوء الأدب والعيب غير المبرر؟ وبالتالي، فعلينا إدانة جميع ثورات العالم التي تحررت من الظالمين والفاسدين والمخربين والخونة؟ وهل التأدب مع شرذمة من المخرّبين والمجرمين واللصوص الفاسدين، هو عندك أهم من مصالح الشعب بملايينه العشرين، والوطن بعزته واستقلاله ومكانته بين الأوطان، والعمل لإنقاذه منهم.
أرجو أيها السيد أن تراجع نفسك، وتضع لافتة كبيرة في مكتبك تكتب عليها بالخط الكبير وباللون الأحمر ” إن مصلحة الوطن والشعب فوق مصالح الفاسدين والمخربين والخونة ” وعندما ننتهي من مأساتنا في هؤلاء، فتأكد أن الكلام الحلو المؤدب جدا سيكون هو وسيلة وحيدة تفرض نفسها على الجميع للتخاطب مع رجال “السلطة”!!!
بكل احترام
( كلنا شركاء) : السيد نبيل علي صالح كاتب المقال موضوع المناقشة ليس هو السيد نبيل صالح محرر موقع الجمل وللاطلاع على مقاله ” المعارضات السياسية العربية بين حق الحرية ومنطق الشتم ” محل الرد أعلاه الرجاء النقر على الرابط التالي:
http://all4syria.info/content/view/5860/6
كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى