أحمد مولود الطيارصفحات سورية

مرة أخرى في الحوار الدائر حول تعليق الاخوان المسلمين في سوريا نشاطهم المعارض

null
أحمد مولود الطيار
لا تزال المبادرة الأخوانية في تعليقهم نشاطهم المعارض،  تتثير ردود فعل وكتابات متباينة تناقش ” التعليق ” وتقلبه على وجوه متعددة، وربما هذا الحوار الجاري أبرز فوائد ” التعليق ” حيث ألقى حجرا في مستنقع المعارضة السورية الراكد، وحرض كثير من الأقلام لتدلي بدلوها في قفزة بدت في المجهول ولا يعرف حتى الآن أي مصير ينتظر القافز – الاخوان هنا – وكيف ستتلقفهم الأرض ؟
وهل سيأتون واقفين على أقدامهم أم على ظهورهم ؟؟
ربما، وهذه نقطة لم يتطرق اليها أي من الدلائين في معرض مناقشتهم لخطوة ” الاخوان “،  و كما هو متوقع ” تطنيش ” النظام ، وعجرفته، وعدم رد التحية لا بمثلها ولا بأحسن منها.  عند هذا الموقف المتوقع للنظام يتحرر ” الاخوان ” في سوريا من ضغط كبير، يمارس عليهم من قبل ” اخوانهم ” في التنظيم العالمي ، أثمر هذا الضغط ، ” التعليق “،  مثار الحوار والسجال الجاري في أوساط مختلفة ومتباينة .
بالتأكيد ليس هناك من ملموس ،  يستدل به فيما يتعلق بالضغط الممارس على ” اخوان ” سوريا من قبل تنظيمات اخوانية عربية واسلامية لجهة الزامهم بايقاف نشاطهم المعارض لنظام القانون “49”، حيث يقوم هذا القانون  مقام مادة دستورية يشكل  صنوا لمادة شهيرة في الدستور السوري هي المادة رقم 8 ، ولا يخفى على العارفين أهمية التلازم بين مادة دستورية ووجود القانون 49 الذي يحكم بالاعدام على أي منتسب للجماعة،  في عقل نظام كالنظام السوري،  استمراريته قائمة بفعل براعته في ايجاد الثنائيات وتصوير كل الأمور ووضعها دائما بين أقصيين .  من هنا ” التطنيش ” المتوقع من قبل النظام السوري،  وان جاء بغير ذلك ، أي ملاقاة خطوة ” الاخوان “،  فان نسقه المعماري الذي شيده طوال سني تسلطه ستفضي به أيضا هو الأخر الى قفزة أخرى في المجهول ، ستفتح عليه أبوابا ، مفاتيحها مختلفة عما يتزنر به وسطه من مفاتيح،  كحالة الطوارئ المستديمة والمادة (المقدسة ) التي تحكم بالاعدام هي الأخرى على أي تعددية سياسية وأي تداول سلمي للسلطة .
قد تكون الأسطر القليلة السالفة جملة معترضة خرجت عن التنضيد الشكلي لمقال يعبر عن وجهة نظر،  انما هي في صلبه،  وبالعودة الى ” الضغط ” الممارس على ” الأخوان ” من قبل أشقائه ، لايستدل بالملموس على شئ ملموس ، اللهم الا الوساطات التي تتناقلها وكالات الأنباء .  انما الاستدلال المهم يؤخذ من البنية الفكرية والخطاب الايديولوجي الجامع الذي يوحد بين اسلاميين على اختلاف منابتهم،  وهي بنية تقتات وتتوحد وتتشكل حدودها على مفاهيم ومصطلحات وشعارات عابرة للزمن،  كالجهاد والعدو والاسلام والاقتصاد ، يضاف أيضا أمريكا واسرائيل والغرب والامبريالية والصهيونية وقائمة طويلة عريضة انما ضيقة عن الحلال والحرام … الخ.
تلك البنية الجامعة لدى اسلاميين، و” اخوان ” سوريا ، ضمنها تستلزم فك ارتباط يعلي من ” الوطني ” و ”  السياسي ” على حساب ” الأممي و ” الايديولوجي ” .
في موقف الجماعات الاسلامية  ” الممانعة ” من النظام السوري ” الممانع “،  تبرز ثقافة ” لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق “،  في تناول شكلي،  أو موقف أقل ما يقال فيه،  مغرر به،  يقدم القول على الفعل ، الشعار على الممارسة والتطبيق ، الفذلكات اللغوية لكتاب خطابات الرئيس السوري بشار الأسد من أمثال عماد فوزي الشعيبي وأحمد الحاج علي وأشباههما .  تتقدم كل تلك السفسطات للأسف،  على تحليل منطقي يشرح ويحلل بنية وطبيعة نظام كالنظام السوري،  فتأتي النتيجة بناء على تحليل للقشرة لصالح النظام السوري،  فيغدوا نظام تغيير الدستور في نصف ساعة ونظام الفساد الوظيفي والممنهج  ونظام قتل من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين  أكثر مما قتلته اسرائيل و.. و.. و.. الخ ، يغدوا هكذا نظام ، نظام ” ممانع ومجاهد ويقف شوكة في حلق المخططات الأمريكية” والاسرائيلية” ،  وهنا عقدة جماعة ” الاخوان المسلمون ” في سورية مع شقيقاتها عربية واسلامية . فالاخوان في سورية يعرفون بالعمق بنية وطبيعة النظام وتغيير ال 49 مرهون بتغيير المادة 8 التي لاتقف سدا في وجه ” الاخوان” فقط انما أمام كل معارضة سورية مشكلة أو تتشكل .
سنستجيب لما تريدونه .  ربما هكذا لسان حال ” الجماعة ” في تلبيتها لمطالب شقيقاتها ، انما نحن نعرف النتائج مسبقا وهي ستصدمكم ، وعلّها تجعلكم تُقدمون على قراءة جديدة لممانع يستل سيفا من خشب .
ربما ان صح هذا الاستنتاج ، يكون ” اخوان ” سوريا جنوا ثمرة ذات بعدين  من تعليقهم نشاطهم المعارض ، تحررهم من ضغط  ذوي القربى  ووضعهم للكرة في ملعب النظام السوري . على أن يشرعوا في خطوة ثانية ، مدروسة،  هجوما معاكسا على مسارين :  الأول باتجاه ” الاخوان ” الشقيق ، وضرورة طرد ممانع مزيف هو النظام السوري من بين صفوفهم،  والمسار الثاني،  يتعلق بضرورة اعادة جسور الثقة مع حلفاء لهم في المعارضة السورية،  ان كان في ” اعلان دمشق ” أو ” جبهة الخلاص “،  ولا ندري قد تكون الهوة موجودة ضمن صفوف ” الاخوان ” أنفسهم وما تركته خطوة ” التعليق ” في الجسد الاخواني نفسه،  وجسر الهوة يتطلب مكاشفة ومصارحة وشفافية عالية،  وأولى خطواتها،  وضع موعد زمني يعلن فيه ” الاخوان ” تاريخ انتهاء تعليق معارضتهم فيما اذا لم يستجب النظام ولم يتلاق مع مبادرتهم،  ومفيد جدا ثانيا،  وبعد خطوة بهذا الحجم – التعليق – من اجراء تقييم شامل يبين فيه ” الاخوان ” حجم الربح والخسارة لتلك الخطوة السياسية التي أقدموا عليها،  وفي ذلك تأسيس لتقاليد ديموقراطية ما أحوجنا اليها كمعارضة سورية ،  وأختم بما أعتبره تقليدا لديكم والله من وراء القصد .
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى