قمة أم – لمة المتعوس على خايب الرجا -؟
فلورنس غزلان
التم شمل اللمة العربية في دوحة قطر، بغياب أهم وأكبر دول الجامعة العربية وأكثرها تأثيراً ، مصر والمغرب، خطب الجميع وتناطح الجميع وحاول كل زعيم أن يسجل موقفاً ويبازر في سوق الجامعة ليبدي أنه الأكثر حرصاً على مصالح ” الأمة العربية”…لمع نجم السادة: الرئيس بشار الأسد بخطاب دام خمس ساعات متواصلة يتألف من 23 صفحة بالتمام والكمال، وبرز الرئيس عمر البشير متحديا مذكرات الكون وحصد تأييداً خطابياً ومعنوياً ليس أكثر، لكن أكثرهم سحراً وجاذبية هو الزعيم الليبي ، الذي ثأر لنفسه وكال للملك عبدالله تهماً بالعمالة وأنه صنيعة أمريكا وبريطانيا وأعاد له عملته السابقة معلناً تفوقه عليهم جميعاً وأنه تنازل أكثر مما يجب بالجلوس معهم والإجتماع إليهم وخاطبهم بأنَفَة وتعالي رافعاً رأسه قائلاً :
” أنا قائد أممي، وعميد الحكام العرب، وملك ملوك أفريقيا، وإمام المسلمين…ومكانتي العالمية لا تسمح لي بأن أتنازل لأي مستوى آخر…” خذوا الحكمة!
لماذا يجتمعون ومن يثق بهم وباجتماعاتهم؟ وهل تعني هذه اللمات شعوبهم بالذات؟ وهل تعلق هذه الشعوب آمالا ما عليهم وعلى لقاءاتهم..إن كانت تحمل عافية وتضامناً…أيام الوفاق، أو تحمل شقاقاً ونفاقاً ..كهذه الأيام، فلم يعط اتفاقهم نتائج ترضي الصديق وتضير العدو، فكيف ستقدم أو تؤخر لقاءات ناقصة باهتة تغيب فيها الشعوب ومصالحها وتحضر المزاودات والمتاجرات بهذه الشعوب ويعود كلا منهم مردداً بينه وبين صحبه وأهل بيته فاركاً يديه علامة النصر وكسب المواقع بين صفوف مهزومة.
ولو قارنا بين لمة العرب وقمة العشرين في لندن ــ على سيبل المثال ــ ورغم أن قمة العشرين تحوي زعماء العالم كل ينطلق من مصلحة بلده ومنطقته، وكل يتكلم بلغة تختلف عن الآخر، لكن الجميع جاءوا لانقاذ العالم من أزمة مالية تعصف به، ولانقاذ اوطانهم بالدرجة الأولى.
لن يخطب أي رئيس بينهم لخمس ساعات!، ولن تشكل كل الخطابات مجتمعة هذا الزمن…لأن وقتهم ثمين ويريدون ويصرون على العمل لا تسجيل المواقف، ويكفي لنا أن نعرج على ما يريده
*ــ ساركوزي حسب صحيفة ” الفيغارو” وأنه إن لم يحصل على مايريد ويخرجون يقوانين تقيد وترسم الحدود وتضع الآليات لمحاسبة ومراقبة القطاع المالي العالمي ، وتطلق النمو العالمي بشكل منسق ومحدود، كما تعزز دور صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتمول الدول الأكثر فقرا وتضررا في العالم..وإن لم يحصل على هذه الشروط فسيترك مكانه خالٍ وينسحب!!.
إن اتفقنا أو اختلفنا مع خطة ساركوزي، فهذا ليس مهماً، لكن نرى مقدار الإصرار على وضع قوانين تلزم الأطراف المجتمعة…فأي قوانين صدرت عن القمم العربية وألزمت أطرافها حتى الآن؟
خطب وعظات، ومزاودات وتسجيل مواقف …ناهيك عن الشتائم وإطلاق العنان للسان العربي الشاطر باللعن والسب والقدح..
*ــ خمس ساعات خطاب الرئيس بشار الأسد!! ألا تكفيه صفحة واحدة ليقول أنه:ــ
ــ لا يوافق على استمرار العمل بخطة السلام العربية.
ـــ أنه ضد مذكرة التوقيف بحق البشير وضد اي مذكرة بحق أي رئيس دولة عربية.
ــ أنه مع القضية الفلسطينية والمقاومة، وأنه من الممانعين…
ــ أنه يريد استعادة الجولان مرة بالقوة ــ حسب خطاب الدوحة السابق، ومرة بالسلام حسب اللغة المعتادة ــ ….الخ ماهنالك من مطالب يريد لها أن تأخذ دور الريادة والسيادة وعين الاعتبار ..ماذا قال في 23 صفحة؟ ولماذا كل هذا الكم الهائل من الحكي وصف الكلام؟
نحن أمة حكي ..نحن أمة لا تجيد الفعل..ومن شدة الافلاس لم يبق عندهم سوى الخوض في الكلام
ومن شدة الاحساس بالعجز والهزيمة على كل الأصعدة لم يبق لهم سوى حكي الصالونات …وفي التاريخ السوري الحديث…ليس هناك أشطر أو أبرع من البعثي في إلقاء الخُطب…
أي نتائج حتى بالحكي وصلت إليها اللمة العربية ؟
ــ إيران مازالت تكسب المواقع وتسرح وتمرح في المنطقة وتتعدى حدود المنطقة، فدولة الإمارات العربية، لم تحصل سوى على الاعتراف من أشقائها بحقها في جزرها الثلاث المحتلة إيرانياً، لكنهم يوصونها بإقامة علاقات مودة واحترام وحوار مع إيران!! وهل عادت الإمارات يوماً إيران؟ وهل تستطيع معاداتها؟ وهل وصل حوارها معها يوماً لنتيجة؟
ــ لم تكتف إيران بهذا بل امتدت يدها لمدينة( الفاو) العراقية، فمنعت عنهم الماء وأعدمت تربتهم فلم تعد لديهم مياه صالحة للشرب ولا تربة صالحة للزراعة بعد أن انتشرت فيها الملوحة واختلط ماء البحر بنهر” قارون”، بعد ان قامت إيران الجارة المسلمة والأخت الودودة لسورية ولحزب الله وحماس..والتي تطالب بتحرير فلسطين من النهر للبحر ،وبإلقاء اليهود في البحر! بتحويل نهر قارون لأراضيها وحرمان أهل الفاو منه…
لم يلق هذا التحويل سطراً واحدا في صحف الجمهورية العربية السورية،لأن المستفيدة هي إيران وماذا لو ضحينا بشعب الفاو العراقي فالحال من بعضه؟ كادت الأوضاع مع تركيا تصل للحرب بعد إقامتها السدود على الفرات ودجلة وتخفيض حصة سوريا من المياه!…ووقف الجميع ونقف ضد إسرائيل في مشاريعها على الليطاني جنوب لبنان، وعندما حولت مجرى نهر الأردن…فلماذا لا نتحرك لتحويل إيران لمجرى نهر قارون؟
ــ وصل عسكر إيران للتحكم بمدخل البحر الأحمر ، فقد اتفقت مع أرتيريا على إنشاء قواعد عسكرية إيرانية في مدينة عصب على مدخل البحر الأحمروقد تم ذلك، ناهيك عن وصولها لموريتانيا، نكاية بالموقف المغربي وعلى حدوده!…
ماذا فعلت القمة وماذا يمكنها ان تفعل؟ مازال الكثير من العرب يشكك ويعتقد ، بل يؤمن البعض بصحة الموقف الإيراني وأُخُوَته!، مازال بعض السُذَج في السياسة يعتقد أن التعاقد والتعاهد مع إيران سيجلب للعرب خيراً، ضاربين عرض الحائط بأطماعها الاستيطانية والاستعمارية التي لا تختلف بأي قدر عن الأطماع الإسرائيلية، وأنها على الدوام تحارب بقضايانا وبأبنائنا وخارج أرضها..فهل صحا عرب الردة؟ وهل سيصحو المُنَومون؟
ــ الفلسطينيون لم يتخذ من أجل مصالحتهم أي قرار يوجب أو يلزم لا عباس ولا حماس، بل حكوا وقصوا وأيدوا وأملوا وعولوا على دور مصر وموقفها في عملية الصلح الفلسطيني ــ الفلسطيني وكفا اللله المؤمنين شر القتال!
ــ غزة مازالت مدمرة ومعابرها مقفلة…ومتخاصميها يتنازعون الأدوار والمواقع والشعب بين أقدامهم يتضور جوعاً ويعيش تحت سقوف مدمرة ومدارس في العراء..وماء وكهرباء ودواء وغذاء حسب الكرم الإسرائيلي!
ــ الجولان وفلسطين يجب أن تحل قضيتهما حسب خطابات أهل اللمة!، كيف ومتى؟ هذا علمه عند نتانياهو زعيم إسرائيل الجديد وحليفه المتطرف ليبرمان..وبهما يتعلق مشروع السلام ككل …دولة فلسطينية لم يعترف بوجودها ولم يأت نتانياهو على ذكرها ولا أعتقده سيفعل أو يستطيع أن يفعل.
ومسيرة السلام السوري ـ الإسرائيلي، يعلق الرئيس السوري آماله على أوباما ودوره في الدعم !.
ــ عمر البشير خرج شبه ظافر بالحكي، واكتفى بالحكي، لأنه يعرف أهله وأصحابه ويعرف أنه منهم وفيهم.
ــ القذافي اسم الله عليه من عين الحساد، اكتشفنا فجأة أن بيننا هذه العظمة ولدينا هذا الذُخر والكنز النادر ومع هذا نشكو؟! كيف نشكو ولا نحمد وكيف نتباكى ولم نفوز على الكون ومافيه وعندنا ” قائد أممي”؟ وملك ملوك إفريقيا…هل سيعترض الأفريقيون؟ لأنهم لم يعينوه أو يختاروه ملك لملوكهم؟!
أما إمامته للمسلمين ، فلا أدري كيف حصل عليها ومن أي مؤتمر إسلامي ؟ على المسلمين أن يفصلوا بالقول.
لكن كل هذه القيمة ويرضى أن يحضر بين هؤلاء الصغار من أخوته ويتنازل أن يعرض مايشبه الصلح على عميل سبق واتهمه بالعمالة أيضاً!.
ضعوا رأسكم في الرمال وانثروا التراب ملياً فبلاؤنا أكبر مما يقال فيه مقال، وفضائحنا لا تكفيها صحف ولا تتسع لها دور الإعلام العالمي…أي مرض يتحلى به زعماؤنا؟ ..
*.صدام كان يرفض أن يعترض على رأيه أحد فيشير للحراس بأن يقتادوه ويسمع الحضور رصاصة الرحمة ليتعظوا ويتعلموا ألا يعترضوا…
*حافظ الأسد كان يأتي لزيارة أحد رفاقه الذين انقلب عليهم وسجنهم أكثر من عقدين فيأخذه بالأحضان ويقول له بالحرف:” وينك يازلمة ماحدا بيشوفك”؟!..يحاوره لساعات وكأنه تركه البارحة ثم يطالبه بأن يتغذى جيداً ويهتم بصحته ثم يرحل عنه !.
الديكتاتور عموماً تصل به الأمور أن يصدق نفسه، فلا يتصور أن شعبه ممكن أن يحيا بدونه، كما يتصور نفسه خالدا لا يموت، ولقد استطاعت معظم شعوب الأرض التخلص من الأنظمة الديكتاتورية وتسليمهم لمحاكم عادلة مثل بينوشيه التشيلي، وتخلصت اسبانيا من حكم فرانكو، إلا نحن نرتع بحب الزعيم ونصفق ونفديه بالروح والدم، هل يعني هذا أننا شعوب لم تنضج بعد،
طالما أنهم يلتمون ويجتمعون ونحن غائبون؟!.
باريس 31/03/2009
خاص – صفحات سورية –