قادة كردستان العراق: حين يجبروننا على فتح دفاترهم
هوشنك أوسي
كانت ولا زالت كردستان العراق محطَّ أنظار وآمال الأكراد في كلّ مكان، لما لهذه المنطقة من أهميَّة نضاليَّة، سياسيَّة استراتيجيَّة لديهم، فضلاً عن كونها تمثِّل خزيناً من المراس والتقاليد الكفاحيَّة المديدة والمريرة في مسعى انتزاع الحقوق الكرديَّة من الحكومات العراقيَّة المتعاقبة، يحتذي بها بقيَّة الأكراد في الأجزاء الأخرى من كردستان في نضالاتهم. وعليه، بقي أمل أن تصبح كردستان العراق _ حال تمتُّعها بالاستقرار _ ظهيراً ونصيراً استراتيجيَّاً، وعمقاً حيوياً للنضالات الكرديَّة في إيران وتركيا وسورية، يراود مخيال ومشاعر وعقول الأكراد في هذه البلدان. ولا زالت هذه القناعة، رائجة وراسخة في الوعي الجمعي الكردي، وحتّى على مستوى النخب السياسيَّة والثقافيَّة أيضاً، رغم أن معطيات التاريخ القريب، ومجريات الواقع والراهن تفضي إلى خلاف هذه القناعة _ الوهم.
في آخر حديث له مع قناة “العربيَّة”، تحدَّث الرئيس العراقي، وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الـ”مام” جلال طالباني، حول مسألة تفكيك معسكر “أشرف” الذي يضمّ عناصر والبعض من قيادات منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانيَّة المعارضة، وضرورة أن يتمَّ إغلاق هذا المعسكر باللين والهداوة والرِّفق والطرق السلميَّة. رغم أن منظمة “مجاهدي خلق” متورِّطة في قمع الأكراد والشيعة من معارضي النظام العراقي السابق، أثناء تحالفها مع هذا النظام. على الطرف الآخر، حزب العمال الكردستاني، الذي آزر وعاضد أكراد العراق في انتفاضة آذار 1991، ولم يتورَّط في علاقات مع النظام السابق ضدّ المعارضة العراقيَّة، وكان لطالباني وحزبه علاقات وثيقة بهذا الحزب وزعميه حتى قبل اعتقاله (عبدالله أوجلان) في 15/8/1999، الآن، يرى قادة كردستان العراق، أن دماء قادة وعناصر هذا الحزب الكردستاني، هي حلالٌ زلال، ومباحٌ للجيش التركي سفكها!. لذا، لا تجد قيادات كردستان العراق ترفض ما تقوم به تركيا من اجتياحات عسكريَّة وهجمات جويَّة على معاقل هذا الحزب، في المناطق الحدوديَّة والوعرة. ولبعض القيادات الكرديَّة العراقيَّة بصمات هامَّة وواضحة في مساعي تصفيَّة الكردستاني، نزولاً عن رغبة الأتراك، وتوطيداً وتمتيناً لمصالحهم مع تركيا. ونجد قيادات الإقليم الكردي، ومن مال ميلهم، يتحدَّثون غزيراً عن ضرورة إخلاء العمال الكردستان لقواعده في المناطق الحدوديَّة، ولا ينبسون ببنت شفه عن تسع قواعد عسكريَّة تركيَّة موجودة في قلب كردستان العراق، قرب دهوك والسليمانيَّة، تحوي دبابات ومدرَّعات ومدافع وما يزيد عن 3 آلاف جندي تركي مدججين بالسلاح. ناهيك عن التغاضي إزاء نشاط الاستخبارات التركيَّة في كردستان، تحت مسمَّيات إنسانيَّة واقتصاديَّة وإعلاميَّة…الخ، فياللمفارقة!.
يستذكر قادة أكراد العراق، وبخاصَّة جلال طالباني، أفضال وجمائل النظام السوري والتركي والإيراني عليهم، ويتجاهلون أفضال أكراد سورية وتركيا وإيران على النضال الكردي العراقي!. ولعلَّ “أفضال” أكراد هذه البلدان على أكراد العراق، وحراكهم، لا يستع هذا المقام لحصرها وإحصائها. وهي لم تكن أفضالاً، بقدر ما كانت واجب الكرديّ تجاه شقيقه الكردي، ساعة المحنة والشدَّة. لكن، كيف ردَّ بعض قادة كردستان العراق على مظالم ومحن وشدائد أخوانهم الأكراد في الأجزاء الأخرى؟. الواقع يخبرنا، أن قادة كردستان العراق، لم يستثمروا علاقلاتهم بالنظام السوري والإيراني والتركي في التخفيف من مظالم بني جلدتهم في هذه البلدان، كيما يعكِّروا صفو علاقاتهم بهذه النظم. وأمَّا التاريخ القريب، فيخبرنا أن قادة اكراد العراق دخلوا في خندق واحد مع النظام الخمينوي، مطلع الثمانينات ضدّ أكراد إيران، ومع النظام الأتاتوركي منذ 1992 ولغاية 2000، لسحق الحركة الكرديَّة المسلحَّة. وقد نجحت إيران، عبر الاتحاد الوطني الكردستاني، في ترويض وتدجين الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب “كومله”، وجمع فلول المتبقِّي من هذين الحزبين في معسكرات قرب مدينة السليمانيَّة. ومنذ اغتيال زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني الدكتور عبدالرحمن قاسملو في فينَّا سنة 1989 ومن ثمَّ اغتيال خليفة قاسملو، الدكتور صادق شرفكندي في برلين سنة 1994، منذ ذلك الحين، ولم يطلق الحزب الديموقراطي الكردستاني رصاصة واحدة تجاه إيران، بأمرٍ من طالباني، رغم ان الحزب الكردي الإيراني كان يزاول العمل المسلَّح ضدّ نظام الملالي في طهران!. لذا، فأن الأخيرة، لا تطالب بإغلاق معسكرات الحزبين الكرديين الإيرانيين في العراق، لأنهما لا يشكِّلان خطراً عليها، بعد عمليَّة التدجين تلك، بل تطالب بإغلاق معسكر “أشرف”، وتقصف معسكرات حزب الحياة الحرّة الكردستاني PJAK بالتنسيق مع الجيش التركي، على مرأى ومسمع حكومة كردستان العراق!. وعليه، مسألة اتهام قادة اكراد العراق بدعم أكراد الأجزاء الأخرى، كما تروِّج لها السلطات التركيَّة والسوريَّة والإيرانيَّة، هذه التهمة، قادة أكراد العراق، منها براء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
ماذا لو كتب أحد مثقفي أكراد سورية أو تركيا أو إيران، مادحاً سياسات النظام العراقي السابق، أو حتَّى لو مدح سياسات حكومة إبراهيم الجعفري أو المالكي، لشقَّ مثقَّفونا الأكراد العراقيون ثيابهم، صارخين: “وا كردستاناه… إنها الخيانة والعمالة والارتزاق…”. في حين، لا ترفُّ لهم جفن، وهم يمدحون النظم التي تضطهد الاكراد في الدول المذكورة، ولا يجدون حرجاً أو غضاضة في الدخول، بشكل مباشر أو بغيره، في خطط تصفية الحراك النضالي الكردي في تركيا وإيران، فياللمفارقة!.
رائحة الفساد التي تفوح من كردستان العراق، وصلت لـ”جزر الواق الواق”، ولا زال رئيس الإقليم يطالب منتقدي الفساد بالأسماء والأرقام!. ولم نسمع باسم وزير أو برلماني أو مسؤول من الدرجة العاشرة يحال للقضاء بتهمة الفساد منذ 1992 ولغاية اللحظة!. والأنكى، أن بعض مرتزقة النظام العراقي السابق من الأكراد، صاروا أصحاب حظوة وجاه ومناصب سياسيَّة وعسكريَّة هامَّة في الإقليم الكردي!. والحال هذه، نحن أمام أمور ثلاث، لا رابع لها: إمَّا أنه فعلاً ليس لرئيس الإقليم الكردي أيّ عِلم بما يجري حوله من فساد، وهذه مصيبة، أو أنه يتجاهل ويتستَّر على الفاسدين والمفسدين، وهذه مصيبة المصائب، أو أن سلطة الفساد صارت أقوى من سلطة زعيم الإقليم، وهنا الطامَّة الكبرى.
حين أثيرُ هذه المسائل والمخاطر في كتاباتي، أعلم بحجم النقمة والتأفف، وبل التخوين الذي يطالني من قبل محازبي الحزبين الرئيسين في كردستان العراق، ولا استثني القيادات أيضاً. لكن، جرعة التخوين، تكون أكبر وأشدّ من محازبي الأحزاب الكرديَّة السوريَّة، بخاصَّة منها، الجلاليَّة أو البارزانيَّة الهوى والميل. والحقُّ أن بعض قيادات كردستان العراق، بخاصَّة منها، المتورِّطة في قضايا فساد، تتعاطى مع المثقفين الأكراد، وربما العرب أيضاً، وفق استراتجيَّة نائب الرئيس العراقي السابق طارق عزيز، حين قال: “شراء كتيبة من المثقفين والصحفيين، هو أفضل قوَّةً وتأثيراً من شراء دبابة”. لذا، مقالة من طينة هذه المقالة، تشكِّل إرباكاً وإزعاجاً لقيادات كردستان العراق وحاشياتهم الثقافيَّة، أمام الرأي العام العربي، إنْ تمَّ نشرها في الصحافة العربيَّة. ويتَّفق الكثير من المثقفين الأكراد على مأساوية الحال الكرديَّة في كردستان العراق، والفساد المستشري والممسك بخناق الإقليم الكردي، والمهدد لمستقبله…، لكنَّهم يتحججون بأن الفساد آفة عالميَّة، وكردستان جزء من العالم. ولعلَّ هذا، هو عُذرٌ أوقح من ذنب، كما يُقال. ويتحججون أيضاً بطراوة عود التجربة الكرديَّة في كردستان، والأخطار المحدقة بها، والأعداء المتربِّصين بها…، ويستخدمون ذلك كـ”قميص عثمان” أمام منتقدي التجربة الكرديَّة من الأكراد. على اعتبار أن النقد، يلفت انتباه الأعداء لعيوبنا ومثالبنا وقبائحنا…الخ، وكأن أعداء الكرد، لا يعرفون ماذا يجري في كردستان!. وكأن الاستخبارات التركيَّة والإيرانيَّة والسوريَّة والعالميَّة، لا تصول وتجول في طول العراق وعرضه؟!، وكأن أعداء كردستان العراق من الجهالة والسذاجة والحماقة…، التي تعيزهم إلى انتقادات كاتب هذه السطور لأخطاء وعيوب كردستان العراق، حتّى يتعرَّفوا على نقاط ضعف التجربة الكرديَّة العراقيَّة؟!. المُشكِلُ في الأمر، أن من يسعى لترقيع عيوب ومثالب وقبائح أحزاب كردستان العراق بداعي طزاجة التجربة، وكثرة الأعداء المتربِّصين بها، لكنهم، في الوقت عينه، ينهالون بالنقد المجدي، وغير المجدي، على العمال الكردستاني، ولا زال الأخير في قلب المعركة، وبحاجة للتضامن والمؤازرة أكثر من أحزاب كردستان العراق، نظراً لحجم الضغوط والمخططات التي تستهدفه.
الكثير من النخب الكرديّة، هم من هواة النبش في تاريخ العرب والترك والفرس…، لدعم مواقف ومطالب وحقوق الشعب الكردي، والتأكيد على دوره الحضاري، وعمق علاقاته الأخويّة مع الشعوب المجاورة، والإشارة الى تخاذل وتجاهل وخيانة وقمع النظم التي تقتسم كردستان، للشعب الكردي. وهذا حق وواجب مناط، بكلّ مثقّف كردي، يزعم الاشتغال على القضايا الوطنيّة والقوميّة والإنسانيّة الكردستانيَّة والشرق أوسطيَّة. لكن، كثيراً، ما يخاف ويعاف ويتأفف المثقف الكردي، من نبش تاريخ شبعه، وتسليط الضوء على قبائح هذا التاريخ. وبخاصّة، ما يتعلّق، بـ”بدائع ونفائس” قادة كردستان العراق. وهنا، يغدو، استحضار التاريخ، إثارة للفتنة والتفرقة لدى بعض مثقفينا. والحقُّ أن النظر إلى راهن كردستان العراق، وكيفيّة وآليّة تعاطيها مع الحراك النضالي في كردستان إيران وتركيا، وكيف ان هؤلاء القادة، يرجِّحون كفَّة مصالحهم الضيّقة مع أنقرة وطهران على مصالح الشعب الكردستاني عموماً، فليس من المجازفة القول: إن ما تمّ فعله بحقّ سليمان معيني، وبعده مع عبدالرحمن قاسملو، ليس من المستحيل أن يكرروه، حاجي أحمدي ومع مصطفى هجري، وعبدالله حسن زاده (قيادات كرديّة إيرانيّ). وإن ما تمّ اقترافه بحقّ سعيد آلجي والدكتور شفان (قيادات كرديّة تركيّة تمّ تصفيتها مطلع السبعينات)، وإن من عاضد وساند وناصر الجيش التركي سنة 1992، و1995، و1997، و2000، و2008، لن يجد أيّ عضاضة أو حرج، في أن يعاود أفعاله السابقة، والتخندق مجدداً مع الأتراك ضدّ العمال الكردستاني، إن لم يجد من يقول له: كفى.
يجير حديث واسع النطاق في تركيا وكردستان العراق، حول مؤتمر كردي، يتمّ الإعداد له من قبل قيادة كردستان العراق، سيضم كافة الأحزاب والشخصيَّات الكرديّة من العراق وتركيا وإيران وسورية، كي يدعو حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح، دون قيد أو شرط. وكي يبدو أن المؤتمر غير مخصص، أو موجّه ضدّ العمال الكردستاني، قيل انه سيدعو جناحي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (جناح مصطفى هجري، وجناح عبدالله حسن زاده) لإلقاء السلاح، رغم أن الأخيرين، لم يطلقا رصاصة واحدة ضدّ إيران، منذ ان ارتضيا، أن يكونا تحت رعاية جلال طالباني. وعليه، يرى بعض المراقبين، ان الدعوى التي ستوجّه لجناحي الديمقراطي الكردستاني الإيراني، هي لزوم الديكور، والفذلكة السياسيَّة. ان المؤتمر السالف، مدعوم من أميركا والاتحاد الأوروبي. هذا، إن لم يكن هؤلاء، أصحابه الحقيقيون، وأكراد العراق، مجرَّد أدواته؟. بخاصّة، ان واشنطن وبروكسل، لم تعارض استخدام الخيار المسلّح، كحلّ نهائي ووحيد، بغية تصفيَّة العمال الكردستاني، مع اللجوء إلى خيارات سياسيَّة اخرى، ومنها الانفتاح على كردستان العراق. وربما زيارة الرئيس التركي عبدالله غُل الأخيرة للعراق، ولقائه برئيس حكومة إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، وتلفُّظه بكلمة “كردستان” في الطائرة، ربما كانت دُفعة على الحساب، قدَّمتها تركيا سلفاً، لتشجيع قادة كردستان العراق على المضي في مسعاهم الحثيث، لتصفيّة العمال الكردستاني.
وما أن وطئت قدما غُل مطار اسطنبول، صرَّح، أنه: “لم يتلفَّظ بكلمة كردستان في مطار بغداد”. وأن حديثه مع القادة الأكراد، ركّز فقط “على جهود تصفيَّة العمال الكردستاني”. ولا غرابة أن بعض مثقفي كردستان العراق، ومن المحسوبين على الحزبين الرئيسين، سيتغنون بمحاسن ومفاتن زيارة غُل للعراق، ولقائه بنيجيرفان بارزاني، وسيدبِّجون المطوَّلات من المدائح في هذا السياق، دون أن ينسوا الطعن في العمال الكردستاني، ولاجدوى سلاحه، و”كارثيَّة” و”عبثيَّة” و”لاعقلانيَّة” بقاءه حاملاً السلاح. وتركيا وحكومة عدالتها وتنميتها، لم تعترف بعد في دستورها، بوجود معشر من الناس، اسمهم الكرد، يعيشون في تركيا، لهم حقوقهم الوطنيَّة الديمقراطيَّة!.
على ضوئه، إن المؤتمر المزمع عقده في أربيل، والذي في ظاهره، مؤتمر لـ”وحدّة الكلمة الكرديَّة والصفّ الكرديّ”، وفي جوهره، مؤتمر، قد يعيد الشروخ والصدوع الدامية للحال الكرديَّة. هذا المؤتمر، ما أشبهه باجتماع سابق عقدته أحزاب كرديّة ويساريَّة وشيوعيَّة سوريّة وعراقيّة وتركيّة، صيف 1984، وأصدر بياناً مندداً بإعلان حزب العمال الكردستاني الكفاح المسلّح ضدّ تركيا. احتوى متن ذلك البيان على أوصاف، كـ”المغامرة الطفوليَّة، وغير محسوبة العواقب، والتطرُّف الطفولي اليساري. وخدمة الاستعمار والامبرياليّة وأعداء الشعب الكردي”… لكن، الثوار الأكراد، مضوا في دربهم، ولمّا يزلوا. والمناوئون للعمال الكردستاني، كرروا كلامهم الممجوج ذاك، ولمّا يزلوا. وفي مطلق الأحوال، ما زرعه مؤتمر الأحزاب السالفة سنة 1984، سيحصده مؤتمر 2009. والخشية أن ترتضي أحزاب كردستان العراق، بأن تكون مناجل الحصاد التركي. والمفارقة الكبرى، ان أحزاب كردستان العراق، لم تسعَ في تاريخها المديد إلى عقد مؤتمر، يجمع كلّ الأكراد في العالم، خشية إزعاج طهران ودمشق وأنقرة. والآن، يسعون لعقد هكذا مؤتمر، لكنّ، على جثّة العمال الكردستاني، وتحقيقاً لرغبة تركيَّة مزمنة. وما يزيل أيّة “شبهة” عن هذا المؤتمر، ان الخارجيّة التركيَّة، وعلى لسان وزيرها علي باباجان، ووكالة المخابرات التركيَّة، وعلى لسان مديرها إمراه تانير، تدعمان هذا المؤتمر، الذي من المفترض، أنّه، لتوحيد الصفّ والبيت الكرديين، فيا سبحان مغيّر أحوال تركيا، التي صارت بين ليلة وضحاها، “تدعم” وحدة الأكراد!؟.
حاصل القول: ان النيّة والدعوة إلى وحدة وتضامن الأكراد مع بعضهم، لن يكون مدخله الصمت، عمّا يجري حاليَّاً في كردستان العراق، من مساعي حثيثة لتصفية حزب العمال الكردستاني. ولئن بعض قادة كردستان العراق، باتت فوبا العمال الكردستاني، عقدته المزمنة، شأنه شأن المتطرِّفين والعنصريين الأتراك، فالتعويل، كلُّ التعويل على الشعب الكردستاني في العراق، وقواه الحيَّة. وآن لبعض مثقفي كردستان العراق، من خاصَّة وحاشية القيادات الكرديَّة هناك، أن يكفَّوا عن النظر إلى بقيَّة أقرانهم من الأكراد، من شامخٍ عليّ، معتبرين أنفسهم سادة العقلانيَّة وفقهاء السياسة ودهاتها، لا زيدٌ أو عمرو!. آن لهم أن يكفُّوا عن النظر إلى أقارنهم من أكراد الأجزاء الأخرى على أنهم جهلة وحمقى وسُذَّج، ويحقُّ عليهم أن يكونوا حطب مصالح أحزاب كردستان العراق مع أنظمة طهران وأنقرة ودمشق. آن لقادة أكراد العراق أن يعوا أن إقليم كردستان، ليس إقطاع مطوَّب باسم العشيرة أو العائلة الفلانيَّة والعلانيَّة. وإن هذه المنطقة، لأكراد الأجزاء الأخرى فيها، بقدر ما لأكراد العراق فيها. فعلى هذه الأرض الكردستانيَّة، امتزجت دماء الأكراد في كل مكان. ولا تحسبوا أنفسكم آمنين من النظم التي تضطهد الأكراد، إنْ أنتم أدرتم ظهركم لأكرادكم الآخرين. وحاولوا لمرَّة واحدة، أن تكون تهمة دعمكم لأكراد الأجزاء الأخرى، هي حقيقة. وإن لم تنجحوا في ذلك، أقلَّه، حاولوا، ولو لمرَّة واحدة، أن تكون مصالحكم وعلاقاتكم مع دمشق وطهران وأنقرة، ليست على حساب الصمت عن مظالم أكراد هذه البلدان.
هوشنك أوسي
كاتب كردي مقيم في بيروت
Shengo76@hotmail.com
ايلاف