إذا كان ابن لادن لايمثل الإسلام فمن يمثله؟
أُبيّ حسن
من المؤكد أن ثمة نسبة معتبرة من المسلمين وغير المسلمين يرفضون أن يكون أسامة بن لادن وأيمن الظواهري, على سبيل المثال لا الحصر, ممثلين للإسلام.
طبعاً من دون أن يفيدونا من ذا الذي يمثل الإسلام.
وان كان معظم ذلك البعض أعجز عن إجابتنا عن سؤال فحواه: لماذا تقدم الغرب/الكافر, في حين يزداد التخلف في الشرق المُسلم طرداً مع ما ينجزه العالم الغربي/الكافر من تقدم!, ذلك التخلف الذي أطلق عليه رجال الدين الإسلامي المعتدل اسم “صحوة”(إذا كانت هذه الصحوة فكيف ستكون النكبة؟), ونعم الصحوة!.
سأحسن النية, وأفترض أن هناك إسلاماً معتدلاً(بالمعنى الفقهي), كما يريد البعض أن يوهمنا, وأن هذا الإسلام “المعتدل” حكم العالم- لاقدر الله- ماذا ستكون النتيجة؟.
جواباً على السؤال آنف الذكر نقوم بعرض سريع لعينة من فتاوى كبار بعض “العلماء” المسلمين المعتدلين, ومن خلالها قد يستطيع القارئ, أي قارئ, أن يصل إلى الجواب الذي يريحه.
واستطراداً يمكننا القول إن ماتتضمنه هذه الفتاوى هو السبب الرئيسي الذي يمنع حراس هياكل الوهم, نعني أعمدة الإسلام “المعتدل” عن القيام بإدانة جرائم أسامة بن لادن وأتباعه.
الفتاوى:
في سؤال لفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي –رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين-(كما يحب أن يكتب عنه معجبوه في جملة اعتراضية دائمة ولازمة في معرض كل فتوى له) عن موقف الإسلام من عقيدة اليهود والنصارى, يجيب “نفعنا” الله بعلمه:
“فإن كُفر اليهود والنصارى من أوضح الواضحات بالنسبة لأي مسلم عنده ذرَّة من علم الإسلام، وممَّا أجمعتْ عليه الأمة على اختلاف مذاهبها وطوائفها، طوال العصور، لم يُخالف في ذلك سُنِّيٌّ ولا شِيعيٌّ ولا مُعتزلي ولا خارجي، وكل طوائف الأمة الموجودة اليوم من أهل السنة والزيدية والجعفرية والأباضية، لا يَشُكُّون في كفر اليهود والنصارى وكل مَن لا يُؤمن برسالة محمد (عليه الصلاة والسلام).
فهذا من المسلمات الدينية المتَّفق عليها نظرًا وعملاً، بل هي مِن (المعلوم من الدين بالضرورة) أي ممَّا يتفق على معرفته الخاص والعام، ولا يحتاج إلى إقامة دليل جزئي للبَرْهَنَةِ على صحته.
وسر ذلك: أن كُفر اليهود والنصارى لا يدل عليه آيةٌ أو آيتان أو عشرة أو عشرون، بل عشرات الآيات من كتاب الله، وعشرات الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاليهود والنصارى كفار في اعتقاد المسلمين؛ لأنهم لم يؤمنوا برسالة محمد، الذي أرسل إلى الناس كافة، وإليهم خاصة، كما ذكر في الآيات الصريحة البينة {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ}المائدة:19 وقد آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض، فهم بنص القرآن الصريح: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}.
وهم لم يكتفوا بالكفر برسالة محمد، والأعراض عنها، بل كادوا له ومكروا به، وصدوا عن سبيله. كما قال تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}التوبة:32.
واليهود والنصارى كفار؛ لأنهم قالوا على الله بغير علم، وشوهوا حقيقة الألوهية في كتبهم، ووصفوا الله بما لا يليق بجلاله وكماله، ونسبوا إليه نقص البشر، وعجز البشر، وجهل البشر، وهذا ثابت في (أسفار التوراة) التي يؤمن بها اليهود والنصارى جميعا، فكل ما يؤمن به اليهود في شأن الألوهية والنبوة يؤمن به النصارى، لأن التوراة المحرفة الموجودة الآن في أيديهم (كتاب مقدس) عند الطائفتين جميعا”.(موقع القرضاوي/11-3-2008).(بالمناسبة, فضيلة الشيخ القرضاوي “قدّس” الله سره المكنون, من أهم دعاة الحوار بين الأديان!. للتذكير فقط.. وللتذكير أيضاً: فضيلته يحمل الجنسية القطرية ويعيش في قطر, وينافح عن فلسطين ويعتبر الدفاع عنها فرضاً مقدساً, لكنه لم يتجرّأ, ولو لمرة واحدة, أن يشير إلى علاقة دولة قطر “العظمى” مع إسرائيل. وأيضاً لم ينتقد زيارة شمعون بيريز إلى قطر منذ قرابة العامين وبالآتي زيارة وزيرة خارجية إسرائيل إليها منذ بضعة أيام).
ومما يقوله فضيلته عن الاختلاط بين الجنسين “حكمه وضوابطه”: “الحذر من أن يختلي الرجل بالمرأة وليس معهما محرم, فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك, وقالت: “إن ثالثهما الشيطان” إذ لايجوز أن يخلي بين الحطب والنار.
وخصوصاً إذا كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج, وفيه جاء الحديث: “إياكم والدخول على النساء”, قالوا: يارسول الله, أرأيت الحمو؟! قال: “الحمو الموت”! أي هو سبب الهلاك, لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس, وفي هذا خطر شديد”.( موقع القرضاوي 18- ابريل- 2008).
ربما ماذكره فضيلة الشيخ القرضاوي يتناقض كلياً مع ما نقرأه في التراث أو بعضه, ويستنتج القارئ مما يروى عن عبد الله بن سابط أكثر من كون أن الاختلاط البريء كان مباحاً!, فقد قال, أي عبد الله بن سابط: “دخلت على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت: إني لسائلك عن أمر وأنا أستحي أن أسألك, فقالت: فلا تستح يا ابن أخي. قال: عن إتيان النساء من أدبارهن. قالت حدثتني أم سلمة(زوجة الرسول) أن الأنصار كانوا يحبون النساء. وكانت اليهود تقول: إن من أحب امرأته, أتى امرأته من الخلف في موضع النسل كان ولده أحول. فلما قدم المهاجرون المدينة, نكحوا من نساء الأنصار. فأحبوهن. فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت: لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله(ص). فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك. فدخلت أم سلمة على رسول الله فسألته فقال: “دعي الأنصارية, فدعتها. فتلا عليها الآية (من سورة البقرة 223) نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم“.
من فتاوى آية الله (من دون أن نغفل كلمة: العظمى)روح الله الموسوي الخميني(للتذكير فقط, كان الخميني لاجئاً في فرنسا قبيل انتصاره في ثورته على الشاه).
“تؤخذ الجزية من اليهود والنصارى من أهل الكتاب وممن له شبهة كتاب, وهم المجوس, من غير فرق بين المذاهب المختلفة فيهم كالكاثوليكية والبروتستانتية وغيرهما وان اختلفوا في الفروع وبعض الأصول بعد أن كانوا من إحدى الفرق“.
“لاتقبل الجزية من غيرهم من أصناف الكفار والمشركين كعبّاد الأصنام والكواكب وغيرهما, عربياً كانوا أو عجمياً, من غير فرق بين من كان منتسباً إلى من كان له كتاب كإبراهيم وداود وغيرهما عليهم السلام وبين غيره, فلا يقبل من غير الطوائف الثلاث إلا الإسلام أو القتل, وكذا لاتقبل ممن تنصّر أو نهوّد أو تمجّس بعد نسخ كتبهم بالإسلام, فمن دخل في الطوائف حربي سواء كان مشركاً أو من سائر الفرق الباطلة“.
“كل من بلغ من صبيانهم يؤمر بالإسلام أو الجزية, فإن امتنع صار حربياً, ولابد في الصبيان بعد البلوغ من العقد معهم, ولايكفي العقد الذي مع آبائهم عنهم, فلو عقدوا أخذت الجزية منهم بحلول الحول ولايدخل حولهم في حول آبائهم…”.
“لاتقدير خاص في الجزية ولا حد لها, بل تقديرها إلى الوالي بحسب مايراه من المصالح في الأمكنة والأزمنة ومقتضيات الحال. والأولى أن لايقدرها في عقد الذمة ويجعلها على نظر الإمام عليه السلام تحقيقا للصغار والذل“.
“يجوز التمتع بالزانية على كراهية خصوصاً لو كانت من العواهر والمشهورات بالزنا, وان فعل فليمنعها من الفجور“.
“من لاط بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت عليه أبداً أم الغلام..”.
“لايجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه, وكذا لايجوز تمتع المسلم بغير الكتابية من أصناف الكفار ولا بالمرتدة ولا بالناصبة المعلنة بالعداوة كالخارجية“.
السؤال:
“نعلم أن تارك الصلاة إجحاداً بها لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يقبر في مقابر المسلمين عقوبة له حسب رأي الأئمة الأربعة فما هو حكم المسلم الذي يخرج في تشييع جنازة كافر نصراني؟“.
الجواب:
“لا مانع من أن يشترك مسلم في تشييع جنازة كافر، ولا مانع من تعزية أهل المتوفى وإن كانوا كافرين، بل هي داخلة في الأعمال المستحبة والمبرورة. والممنوع هو الاشتراك في عباداتهم وطقوسهم الدينية“.
الفتوى الأخيرة أتت رداً على سؤال أحد الأخوة “المؤمنين”, وهي للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي “نفعنا” الله بعلمه نحن وسائر إخواننا المؤمنين. بالمناسبة: يمكن للمهتم والمحب للعلم (الرباني طبعاً, أن يجد رأي الإسلام بتركيب المرأة للولب منعاً للحمل, أو رأيه –الإسلام نعني- باستخدام القليل من النبيذ في طهي الطعام وما شابه ذلك, في موقع فضيلة الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي لم يعلّق على نعت النصراني بالكفر كما ورد في صيغة السؤال).
خلاصة القول: إذا كان أسامة بن لادن لايمثل الإسلام, وأيمن الظواهري والزرقاوي كذلك لايمثلانه, إذاً من ذا الذي يمثل الإسلام بشريعته السمحاء والغرّاء؟ هل هو فضيلة الشيخ الجليل محمد سعيد رمضان البوطي أم صنوه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي, أم تراه الراحل “نوّر” الله ضريحه آية الله العظمى الخميني؟.
حبذا لو كان القادة الحقيقيون لمحتمعاتنا, والضمير الحقيقي للأغلبية, هم أمثال محمود أمين العالم وصادق جلال العظم ونصر حامد أبو زيد والطيب تيزيني ومحمد آركون وحسن حنفي وحسين العودات ومحمد شحرور وأحمد برقاوي الخ.. فعلى الأقل كنا ارتحنا من تعقب أمثال تلك الفتاوى التي لانجد الخطر في الإجابات عليها ومضمون تلك الإجابات فحسب, قدر مانجده كائن في كثرة عدد المتهافتين للحصول عليها من أمثال من ذكرنا, ومن لم نذكر بعد, من رموز “الاعتدال” الإسلامي.
الي اين تحاول الوصول بعد هذا الكلام