صفحات سورية

أزمة المفاعل النووي السوري المزعوم

null

إسرائيل دمّرت مفاعلاً كورياً شمالياً لسوريا

اتهمت الولايات المتحدة سوريا مباشرة للمرة الاولى بانها كانت حتى 6 ايلول 2007 تقوم “ببناء مفاعل نووي سري في صحرائها الشرقية قادر على انتاج البلوتونيوم بمساعدة كوريا الشمالية”. وجاء في بيان صادر عن البيت الابيض “نحن مقتنعون بناء على معلومات متنوعة بأن كوريا الشمالية ساعدت سوريا في نشاطاتها النووية السرية. ولدينا اسباب جيدة للاعتقاد ان المفاعل، الذي تعرض لاضرار لا يمكن اصلاحها في السادس من ايلول الماضي، لم يكن مصمما لأغراض سلمية“.

جاءت هذه الاتهامات بعدما أطلع مسؤولون بارزون في البيت الابيض وقادة اجهزة الاستخبارات الاميركية اعضاء لجان الاستخبارات والقوات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ أمس خلال جلسات سرية على أدلة تشمل وثائق وصورا وشريط فيديو، تظهر ان كوريا الشمالية كانت تبني لسوريا مفاعلا نوويا في منطقة دير الزور بشمال شرق سوريا قرب نهر الفرات، دمرته طائرات حربية اسرائيلية في 6 ايلول 2007، قبل ان يبدأ تشغيله. وكان مسؤولون اميركيون قد سربوا معلومات الى صحيفتي “الواشنطن بوست” و”النيويورك تايمس” مفادها ان شريط فيديو للمعدات داخل المفاعل اقنع اسرائيل والحكومة الاميركية بأن المفاعل مشابه في تصميمه لمفاعل كوري شمالي في منطقة يونغبيون قادر على انتاج مادة البلوتونيوم الضرورية لتصنيع الاسلحة النووية.

وقبل انعقاد هذه الجلسات اطلع المسؤول البارز في وكالة ضبط الاسلحة والامن الدولي الاميركية جون رود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في فيينا على هذه المعلومات كي تتولى الوكالة بالتحقيق في انتهاك سوريا التزاماتها كدولة موقعة لمعاهدة منع انتشار الاسلحة النووية. وكانت اسرائيل قد ناقشت الادلة المتوفرة لديها بما في ذلك شريط الفيديو مع المسؤولين الاميركيين قبل تدمير المفاعل، الامر الذي فسر صمت واشنطن وامتناعها عن انتقاد الهجوم الاسرائيلي.

وأوضح بيان ان المفاعل الذي كان في موقع ناء لم يكن مصمما كمنشأة سلمية، وان سوريا “في تحد لالتزاماتها الدولية لم تعلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ببناء المفاعل، وتحرك النظام بعد تدميره بسرعة لطمر الادلة عن وجوده. هذه التغطية تعزز ثقتنا بأن هذا المفاعل لم يكن مصمما للنشاطات السلمية“.

وأضاف: “يجب على النظام السوري ان يوضح الحقائق امام المجتمع الدولي بشأن نشاطاته النووية السرية. النظام السوري يدعم الارهاب، ويتخذ اجراءات تثير الاضطرابات في لبنان، ويسمح بعبور المقاتلين الاجانب الى العراق، ويضطهد شعبه. واذا أرادت سوريا علاقات افضل مع المجتمع الدولي فعليها ان تضع حدا نهائيا لهذه النشاطات“.

وبعدما أبدى قلقه من نشاطات كوريا الشمالية بنشر التقنيات النووية في العالم، قال ان “التعاون النووي السري مع سوريا هو تعبير خطير عن هذه النشاطات”. واعتبر ان بناء المفاعل “تطور خطير يؤدي الى اضطرابات في المنطقة والعالم. وهذا التطور يذكرنا ايضا بأن الانظمة التي تنشر التقنيات النووية تدعم الارهاب وتثير الاضطرابات وتتعاون بعضها مع البعض في هذه المجالات”. وفي هذا السياق طالب البيان ايضا ايران بوقف نشاطاتها النووية.

عرض أدلة

وصباح أمس، شوهد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “سي آي إي” مايكل هايدن، ومدير جهاز الامن الوطني مايكل ماكونال، ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي، ومسؤول قسم الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي اليوت ابرامس، وغيرهم من المسؤولين الذين حملوا معهم حقائب كبيرة وخرائط وشاشة كبيرة لعرض الصور والفيديو، وهم يدخلون قاعات الاجتماعات لمناقشة المعلومات والادلة مع رؤساء لجان الكونغرس المعنية وأعضائها.

وقال مسؤولون في ايجازات خلفية للصحافيين ان المفاعل كان يحتاج الى بضعة اشهر وربما الى بضعة اسابيع من الاعداد قبل ان يبدأ تشغيله وانتاجه. ومع ان المسؤولين قالوا انه لا ادلة على ان المفاعل كان يحتوي على الاورانيوم، الا ان احدهم قال ان المفاعل هو بمثابة ادانة واضحة لان سوريا قد انتهكت معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية.

وتأتي هذه الجلسات السرية وقرار الحكومة اشراك زعماء الكونغرس في هذه المعلومات على خلفية التوتر القائم بين لجان الكونغرس هذه والبيت الابيض بسبب تردد الحكومة منذ الغارة الاسرائيلية، في اطلاع اعضائها على كل المعلومات المتوافرة لديها. كما تأتي على خلفية عرض الحكومة الاميركية حذف اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول التي ترعى الارهاب في مقابل تفكيكها برنامجها النووي في سياق اتفاق يشمل الدول الست المعنية بالبرنامج النووي في كوريا الشمالية، والتي تشمل ايضا كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان. ويقضي الاتفاق بان تكشف كوريا الشمالية أي نشاطات لها تشمل نشر او تحويل تقنياتها النووية الى دول اخرى مثل سوريا.

وكانت هناك تكهنات بأن بعض المعارضين لمثل هذا الاتفاق في الكونغرس يريدون من خلال احراج كوريا الشمالية علناً استفزازها ودفعها الى وقف هذه المفاوضات.

وكان الرئيس جورج بوش قال في السابق ان نقل كوريا الشمالية التقنيات النووية الى دول اخرى او الى منظمات ارهابية يشكل “تهديدا خطيرا للولايات المتحدة، وسنحمّل كوريا الشمالية المسؤولية الكاملة عن مثل هذه النشاطات”. لكن تردد البيت الابيض في تجديد مثل هذا الموقف أمس يدعم التفسير القائل بان بوش يأمل في التوصل الى حل ديبلوماسي لازمة البرنامج النووي العسكري في كوريا الشمالية قبل انتهاء ولايته.

وامس لم يتردد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب سيلفستر رييس في انتقاد الحكومة لتأخرها في توفير المعلومات للجنته. وقال عضو اللجنة بيتر هوكسترا ان الكونغرس يتوقع “معلومات مؤكدة وجيدة وواضحة من الدول المعنية قبل اتخاذ خطوة كهذه من الادارة”، في اشارة الى حذف كوريا الشمالية عن قائمة الدول الراعية للارهاب. ورأى ان ما تواجهه اميركا في هذا الشأن يمثل “مشكلة خطيرة في مجال انتشار الاسلحة النووية تمس بمنطقة الشرق الاوسط” وبكوريا الشمالية.

ومنذ غارة أيلول وسوريا تنفي بشدة صحة الاتهامات الموجهة اليها. وأمس نسبت “الواشنطن بوست” الى السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى ان المسؤولين في واشنطن “يرددون الاكاذيب والفبركات ذاتها عندما كانوا يخططون لمهاجمة العراق”. واضاف ان سوريا لا تعتزم حيازة التقنيات النووية لانها تدرك ان ذلك سيؤدي الى تعرضها لهجوم عسكري.

ولاحقاً، قال مصطفى لشبكة “سي ان ان” الاميركية للتلفزيون انه استدعى الى وزارة الخارجية الاميركية حيث “روى لي (مسؤولون) قصة سخيفة عن مشروع نووي سوري مزعوم“.

واضاف: “لقد اطلعوني على صور سخيفة ملتقطة بواسطة قمر اصطناعي لمبنى في الصحراء السورية قالوا انه مفاعل نووي. قلت لهم ان هذا مضحك وسخيف. ليس هناك اي عنصر حراسة. لا سياج (…) لقد بدأت بتذكيرهم بأن المرة الأخيرة التي ذهب فيها مسؤولون كبار في الادارة الاميركية الى مجلس الامن وتحدثوا عن أدلة فاضحة عن وجود أسلحة دمار شامل، كانوا يتحدثون عن اسلحة دمار شامل عراقية“.

واشنطن – من هشام ملحم

الإدارة الأميركية عرضت «أدلة» على مفاعل نووي سوري دمرته إسرائيل

واشنطن – جويس كرم

حضرت العلاقات السورية – الأميركية بقوة في واشنطن أمس، إذ عرض مسؤولون في الإدارة الأميركية أمس على أعضاء ست من لجان الكونغرس «أدلة» على أن الموقع العسكري السوري في منطقة دير الزور الذي قصفته طائرات حربية إسرائيلية في أيلول (سبتمبر) الماضي، هو مفاعل نووي كانت دمشق تبنيه بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية ظهر بعضهم في شريط مصور.

وقدم مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي. آي. إي» مايكل هايدن ومستشار الرئيس جورج بوش للأمن القومي ستيفن هادلي ومسؤولون آخرون في الوكالة، إفادة أمام لجان التسلح والشؤون الخارجية والاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب عن الأدلة المتعلقة بالمنشأة السورية. وصعد نواب حضروا الإفادة لهجتهم ضد دمشق، فيما أكد مستشار للإدارة الأميركية لـ «الحياة» أن البيت الأبيض «غير مهتم على الاطلاق بإعادة إحياء مفاوضات السلام» بين سورية وإسرائيل.

ورافقت جولة هايدن تصعيد في اللهجة الأميركية حيال سورية. وقال عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري بيت هوكسترا الذي شارك في الجلسة المغلقة إن «المسألة خطيرة، خصوصاً أنها تتعلق بالانتشار النووي في الشرق الاوسط، إضافة إلى الدول الآسيوية التي يمكن أن تكون متورطة فيها».

غير أن رئيس لجنة الشرق الأوسط الفرعية في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائب الديموقراطي غاري أكرمان اتهم إدارة بوش بـ «الانتقائية» في تسريب المعلومات السرية، معتبراً هذا «سلوكاً غريباً». وقال في افتتاح جلسة استماع منفصلة عن السياسة الأميركية إزاء دمشق حضرها معارضون سوريون، إن «هذا التحكم الانتقائي في المعلومات قادنا إلى حرب العراق». ورأى أكرمان أن تصور البعض «إمكان إنهاء عقد الزواج بين سورية وإيران» هو «ضرب من الخيال»، وأن طموح سورية النووي يقرأ من باب هذه العلاقة. وشدد على أن مستقبل العلاقات الأميركية – السورية «سيتغير كثيراً في السنوات المقبلة»، سواء كانت الإدارة جمهورية أو ديموقراطية.

وأكد مستشار للإدارة الأميركية يتعامل مع الملف السوري لـ «الحياة» أن «البيت الأبيض غير مهتم على الاطلاق بإعادة إحياء المفاوضات السورية – الإسرائيلية حول الجولان». وأشار إلى أن «الأولوية هي للملف الفلسطيني، وواشنطن غير مقتنعة بقدرة ونية الرئيس بشار الأسد على تقديم تنازلات لتل أبيب» في هذا المجال.

ونفت سورية الاتهامات الأميركية. وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن الأمر لا يعدو كونه مجرد «إشاعات». وأضاف: «قلنا أكثر من مرة في ما مضى إنه لا تعاون من أي نوع بين سورية وكوريا الشمالية في الأراضي السورية».

وفي موازاة إفادة الكونغرس، عرض مسؤولون أميركيون على أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعلومات في مقر الوكالة في فيينا. واتصل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون ضبط التسلح جون رود بمدير الوكالة الدكتور محمد البرادعي لإطلاعه على المعلومات وطلب الاجتماع مع مندوبين الدول الأعضاء.

وكشف مسؤول في الاستخبارات أن الأدلة أشارت إلى أن المفاعل السوري مماثل في تصميمه لمفاعل كوري شمالي انتج في الماضي كميات صغيرة من البلوتونيوم. وقال إن «المفاعل لم يكن مكتملاً، لكنه كان متطوراً بما يكفي لمحاكاة المفاعل الكوري في يونغبيون». لكنه أضاف أنه لم يعثر على دليل في الموقع على وجود يورانيوم لتشغيل المفاعل. وأشار مسؤولون إلى أن إسرائيل عرضت على واشنطن معلوماتها الاستخباراتية قبل قصف الموقع، بعدما شككت أطراف في الإدراة الأميركية في وجود المفاعل النووي.

وذكرت صحيفتا «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» أن الشريط المصور الذي عرضه مسؤولو الاستخبارات على الكونغرس يظهر وجود كوريين شماليين داخل الموقع الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في 6 أيلول (سبتمبر) الماضي، قبل أن تزيل السلطات السورية الركام وتعلن إقامة بناية كبيرة في الموقع.

الحياة – 25/04/08

واشنطن تصعّد الحملة على دمشق … وتدعو إلى مواجهة طهران: الـتـعـاون السـوري الكـوري كـاد يـثـمـر مفـاعـلاً غيـر سـلمـي

دفعت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش حملاتها على سوريا الى الحد الاقصى، عندما اعلنت امس، وفي شكل درامي منظم تولاه البيت الابيض والكونغرس، ان التعاون السوري الكوري الشمالي أثمر المفاعل النووي غير السلمي الذي دمرته اسرائيل العام الماضي في دير الزور، قبل اسابيع او شهور من البدء بتشغيله.

وأثار الاعلان الاميركي اسئلة حول ما اذا كان يهدف الى تقديم مبررات متأخرة لتلك الغارة الاسرائيلية على دير الزور، او تنظيم الخلافات الاميركية الاسرائيلية حول سبل التعاطي مع دمشق، او ربما الى تبرير خطوات اضافية ضد سوريا التي استعادت في ردودها الاولية الاكاذيب الاميركية التي سبقت غزو العراق ومهدت له.

وسارع البيت الابيض الى تقديم استنتاجاته الخاصة لما جرى في الكونغرس: لدينا اسباب كافية للاعتقاد بأن المفاعل الذي لحقت به في السادس من ايلول من العام الماضي اضرار لا يمكن اصلاحها لم يكن للاستخدام السلمي، والتعاون الكوري الشمالي السوري يؤكد على الحاجة الى «مزيد من الخطوات» ضد الأنشطة النووية… لايران !. وعلى ضرورة قيام النظام السوري بالتوضيح للعالم ما يختص بنشاطاته النووية الغير شرعية، وهي إشارة قد تعني احتمال اللجوء الى إجراءات دولية تمهد لعقوبات ما ضد دمشق.

وعلى الرغم من الضبابية والغموض الذي يكتنف الشريط المصور المزعوم والذي خرج من شاهده من النواب الاميركيين بانطباعات مختلفة حوله، فإن احد النواب الذي حضروا جلسات لجان في الكونغرس امس، خرج بخلاصة مثيرة مفادها ان التعاون الكوري الشمالي مع سوريا كان يفترض ان يثمر مفاعلا نوويا في دير الزور خلال اسابيع او بضعة شهور، لولا ان سلاح الجو الاسرائيلي قام بتدميره.

وعلى الرغم من الترويج لوجود شريط مصور يكشف تفاصيل «خطيرة» عن طبيعة هذا التعاون السوري ـ الكوري، الا ان ما اتضح من جلسة لجان الكونغرس مع مسؤولين في كل من الادارة الاميركية والاستخبارات المركزية والقومية، اظهر ركاكة الأدلة حول مثل هذه التهمة النووية، والتي كان مسوؤولون سوريون استبقوها بالقول انها تذكر بالأكاذيب التي اختلقتها إدارة جورج بوش لتبرير غزوها للعراق.

وإذا كانت سوريا معنية مباشرة بهذه الجلسات، فإن اكثر ما كان أثار اهتمام النواب الاميركيين المشاركين في الجلسات، الجانب المتعلق بكوريا الشمالية وبرنامجها النووي، خاصة ان ادارة بوش دخلت معها بمفاوضات منذ العام الماضي لتفكيك ترسانتها النووية، وتحولت القضية الآن الى ميدان لتبادل الانتقادات بين معسكرين، واحد مؤيد لنهج التفاوض الاميركي الحالي مع بيونغ يانغ، وآخر، خاصة في صفوف الجمهوريين، اما معارض تماما، او متحفظ.

وقالت مصادر حكومية وبرلمانية أميركية إن الإدارة الأميركية والاستخبارات أطلعتا لجانا في الكونغرس على المعلومات المتوافرة لديهما عن تقديم كوريا الشمالية مساعدة نووية مفترضة إلى سوريا.

وقال السفير السوري لدى بريطانيا سامي الخيمي «إنهم يريدون فقط ممارسة مزيد من الضغط على كوريا الشمالية. هذا هو سبب هذه القصة»، مضيفا «للأسف فإن سيناريو التقاط وإعادة التقاط صور يشبه ما حدث قبل الحرب على العراق عندما كانت الإدارة الأميركية تحاول إقناع العالم بأن العراق يمتلك أسلحة نووية».

وقام مستشار الرئيس بوش للأمن القومي ستيفن هادلي ومدير الاستخبارات القومية مايك ماكونيل ورئيس الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) مايكل هايدن بإطلاع لجان الاستخبارات والعلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، خلال جلسات مغلقة، على الملف، الذي تضمن شريط فيديو قدمته الاستخبارات، لتأكيد اتهامات الإدارة الأميركية بوجود علاقة قوية بين البرنامج النووي الكوري الشمالي والموقع السوري الذي أغار عليه الطيران الإسرائيلي في 6 أيلول.

وذكر البيت الابيض، في بيان تلته المتحدثة باسمه دانا بيرينو، «نحن على قناعة، بناء على معلومات متنوعة، ان كوريا الشمالية ساعدت في انشطة نووية سورية سرية». وأضاف «لدينا أسباب كافية للاعتقاد بأن المفاعل، الذي تعرض في 6 أيلول العام الماضي لأضرار غير قابلة للإصلاح، لم يكن الهدف منه استخدامه للأغراض السلمية». ولم يشر البيان الى ان الطيران الاسرائيلي خرق الاجواء السورية لشن الغارة.

واعتبر البيان ان سوريا، التي لم تعلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول بناء المفاعل، «سارعت بعد تدميره الى طمر الدلائل على وجوده». وتابع «على النظام السوري التوضيح للعالم ما يختص بنشاطاته النووية الغير شرعية».

ووصف البيان مساعدة بيونغ يانغ النووية لدمشق بأنها «دليل خطير» على برنامج التسلح النووي الكوري الشمالي، الا ان واشنطن اكدت انها ستواصل التحرك الى الامام عبر المفاوضات السداسية من اجل حل الموضوع النووي الكوري الشمالي.

واعتبر ان «بناء هذا المفاعل (السوري) هو تطور خطير ومزعزع محتمل للمنطقة والعالم»، ويظهر ان المجتمع الدولي كان على حق في قلقه حول نشاطات إيران النووية وان عليه القيام «بمزيد من الخطوات» لمواجهة التحدي الايراني.

وذكرت وثيقة للاستخبارات الأميركية «نحن مقتنعون على اساس معلومات متعددة بأن كوريا الشمالية ساعدت انشطة نووية سرية سورية قبل وبعد تدمير المفاعل».

وقال مسؤول كبير في إدارة بوش ان الولايات المتحدة وإسرائيل ناقشتا خيارات سياسية بشأن كيفية التعامل مع المفاعل المشتبه به لكن «في نهاية الامر اتخذت اسرائيل قرارها الخاص للقيام بعمل… هي فعلت هذا من دون أي ضوء اخضر منا».

وقال السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى انه تم استدعاؤه الى وزارة الخارجية الاميركية حيث عمد مسؤولون الى «اخباري قصة سخيفة حول مشروع نووي سوري مزعوم».

ويطرح عرض الموضوع الآن تساؤلات حول عواقبه الدولية. وباتت سياسة إدارة بوش، التي تقضي بتشجيع كوريا الشمالية على التخلي عن أنشطتها النووية مقابل حوافز تدريجية، تواجه ضغوطا من الكونغرس بعد أن كانت موضع انتقاد الجمهوريين المتشددين، بينما يدعمه الديموقراطيون. وقد يكون الاعلان الاميركي عن المنشأة النووية السورية، التي وقعت على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية، مخرجا لاسرائيل، التي قد تتحجج بأنها دمرت موقعا نوويا. كما قد تتحول القضية الى ذريعة اضافية للجمهوريين المعارضين للحوار مع بيونغ يانغ، او الى ذريعة جديدة للادارة الاميركية تستخدمها في حملات الضغط على كل من ايران وسوريا.

وتضاربت معلومات المسؤولين الأميركيين حول الموضوع. وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية، بعد اطلاع الكونغرس على الفيلم إن المفاعل النووي السوري كان على بعد أسابيع أو أشهر من بدء العمل، مشيرا إلى انه تم استكمال غالبية الأعمال في المنشأة إلا أنها ما زالت تحتاج إلى القيام بتجارب مهمة قبل الإعلان عن تشغيلها، برغم انه أوضح أن اليورانيوم، الذي يحتاجه المفاعل للعمل، لم يكن ظاهرا في الموقع.

وأعلن مسؤول كبير أن المفاعل، الذي بني وفقا لنموذج كوري شمالي، كان يمكن أن ينتج البلوتونيوم لتصنيع أسلحة نووية، لكنه دمر قبل دخوله حيز الخدمة. وأشار إلى أن شريط الفيديو الذي شاهده النواب هو عبارة عن مداخلة، ويتضمن أيضا صورا، ولكن ليس فيلما عن مفاعل قيد الإنشاء. وأشار مسؤولون في الاستخبارات الأميركية الى انه تم جمع المعلومات من مصادر متعددة، وليس فقط الاستخبارات الإسرائيلية.

وأعلن مسؤولون اميركيون ان الصور التي قدمت خلال الجلسة، تظهر الشبه الكبير بين معالم معينة بين المنشأة السورية وتلك الموجودة قرب مفاعل «يونغبيون» في كوريا الشمالية، الذي انتج كميات قليلة من البلوتونيوم سابقا. وأوضح مسؤولون انه لم تظهر صور متحركة من داخل المنشأة أو أي عمال كوريين داخله، إلا أنها تضمنت صورا فوتوغرافية تظهر التشابه بين تصميم المفاعل السوري والكوري الشمالي، فيما أشار مسؤول في الإدارة الأميركية إلى ان احدى الصور تظهر اشخاصا من اصول كورية في منشأة.

وقال النائب الجمهوري بيت هوكسترا، الذي حضر الجلسة، إن على كوريا الشمالية أن تقدم أجوبة «واضحة» و«يمكن التحقق منها» قبل التمكن من سحب اسمها عن اللائحة الاميركية للدول الداعمة للإرهاب. وأضاف «انها في الوقت ذاته مسألة خطيرة بالنسبة للانتشار النووي في الشرق الأوسط، والدول التي يمكن ان تكون متورطة فيها في آسيا».

وعبر هوكسترا ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب سيلفستر رييس عن غضبهما من تأخر الإدارة الأميركية مدة 8 أشهر عن تقديم موجز للجنة حول الموضوع.

وأعلن مسؤول اميركي ان الولايات المتحدة ابلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن المعلومات التي قدمتها الى الكونغرس. وأوجز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لمراقبة التسلح والامن الدولي جون رود لمدير الوكالة الذرية محمد البرادعي ما تعرفه واشنطن عن هذا التعاون بين بيونغ يانغ ودمشق. وقال المسؤول ان واشنطن ترغب في لإطلاع الوكالة الذرية على معلومات بشأن كوريا الشمالية، لكنها تريد ايضا ان تثير الوكالة لدى سوريا مسألة ان دمشق «لا تحترم التزاماتها المتعلقة بمعاهدة الحد من الانتشار النووي».

 (أب، أ ف ب، يو بي أي، رويترز)

إسرائيل تلتزم الصمت ودمشق تنفي «الادعاءات» وتعتبر واشنطن «طرفاً» في الغارة على دير الزور …

ملف المفاعل النووي السوري أمام الوكالة الذرية والتسريب الأميركي «تحذير» من تصعيد محتمل

واشنطن, دمشق, نيويورك، فيينا – جويس كرم, ابراهيم حميدي

أكدت مصادر أميركية مسؤولة وأخرى قريبة من الادارة أن تفادي اشعال حرب في المنطقة كان السبب وراء الانتظار سبعة شهور قبل اعلان تفاصيل الغارة الاسرائيلية على موقع في دير الزور والتعاون السوري – الكوري الشمالي لبناء مفاعل نووي، مضيفة أن خروج الادارة عن صمتها اليوم يحمل السبب نفسه، وهو حشر دمشق دوليا وتحذيرها من اتخاذ أي دور في مواجهة أخرى محتملة هذا الصيف قد تشمل «حزب الله». واعلنت المصادر احالة هذا الملف على الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي قال رئيسها محمد البرادعي انه سيتحرى دقة المعلومات. وفيما التزمت اسرائيل الصمت امس، نفت دمشق «الادعاءات» الاميركية، واتهمت الادارة بـ»تصعيد الضغوط السياسية» عليها، وبأنها كانت «طرفا في تنفيذ» الغارة الاسرائيلية على الموقع.

وكان مسؤولون في الادارة الاميركية عرضوا اول من امس على الكونغرس «ادلة» على ان الموقع العسكري السوري الذي تعرض للقصف في دير الزور في ايلول (سبتمبر) الماضي، هو مفاعل نووي كانت دمشق تبنيه بمساعدة خبراء من كورية الشمالية ظهر بعضهم في شريط مصور. وافاد بيان اصدره البيت الابيض انه بناء على «معلومات متنوعة»، فان «كوريا الشمالية ساعدت سورية على اجراء نشاطات نووية سرية»، من بينها بناء المفاعل النووي السري الذي استهدفته الغارة الاسرائيلية وكان قادرا على انتاج البلوتونيوم، ولم يكن لاهداف سلمية.

ونفت دمشق الادعاءات الاميركية، معربة عن «أسفها واستنكارها لحملة الافتراءات» التي تهدف الى «تضليل الكونغرس والرأي العام العالمي بادعاءات لتبرير الغارة الاسرائيلية … التي كانت هذه الادارة على ما يبدو طرفا في تنفيذها»، مضيفة: «اصبح واضحا ان هذا التحرك يأتي في اطار المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الكوري». واوضحت اوساط سورية لـ»الحياة» في دمشق ان الادارة الاميركية تريد تحقيق أمرين: «الضغط على بيونغ يانغ، وتصعيد الضغوط السياسية على سورية».

اما في اسرائيل، فالتزم المسؤولون الصمت بناء على تعليمات من رئيس الحكومة ايهود اولمرت الذي نقلت الاذاعة الاسرائيلية عن اوساط قريبة منه قوله انه «ليست هناك منفعة من استفزاز الرئيس بشار الاسد». في الوقت نفسه، رأت مصادر اعلامية ان كشف تفاصيل الغارة «يعزز القدرات الردعية لاسرائيل، ويزيد مخاوف دول اخرى في المنطقة من تطوير برنامج نووي سري مستقبلا»، مشيرة الى ان تل ابيب وواشنطن نسقتا في الشهور الاخيرة التفاصيل التي ستكشف.

من جانبه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في بيان ان الوكالة ستباشر التحري من اجل التحقق من صحة المعلومات الاميركية ودقتها. وانتقد سورية لعدم ابلاغ الوكالة عن نشاطاتها النووية،. كما انتقد كلا من واشنطن لعدم اطلاع الوكالة على المعلومات التي بحوزتها، واسرائيل لاستخدامها القوة من جانب واحد.

وفي نيويورك، أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة ستستمر في التعاون مع الوكالة الذرية، وفي مراجعة المعلومات التي لديها «وترد بما هو مناسب». وأوضحت انه في الوقت الحاضر لا تنوي واشنطن طرح المسألة في مجلس الأمن.

أفادت اوساط اميركية مطلعة في واشنطن ان كشف تفاصيل الغارة يشكل «مفترقا» في العلاقة السورية – الاميركية سيصعب على اي رئيس مقبل تجاوزه. وفيما اكدت ان المعلومات الاستخباراتية «لم تشر الى صلة مباشرة لايران في القضية»، رأت ان هناك قلقا بالغا من التصرف السوري وتحالفاته في المنطقة، مشيرة الى ان واشنطن ليست بوارد «رعاية اي محادثات سلام بين دمشق وتل ابيب». في الوقت نفسه، نفى مسؤول اميركي رفيع المستوى ان تكون واشنطن اعطت اسرائيل الضوء الاخضر لشن الغارة الجوية، مشيرا الى ان واشنطن بحثت مع اسرائيل اللجوء الى خيارات سياسية بعد اكتشاف مبنى المفاعل، وان اسرائيل اتخذت قرارها بالتحرك منفردة.

وقال لـ»الحياة» المحلل السياسي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، المسؤول السابق في قسم الشرق الأوسط في وزارة الدفاع (البنتاغون) ديفيد شانكر، أن تضاعف ضغوط الكونغرس على الادارة لكشف التفاصيل، الى جانب تفتيش واشنطن على وسائل لزيادة الضغوط على سورية، كانا وراء كشف الصور والتقارير المفصلة عن الضربة. وقال شانكر الذي يقدم استشارات دورية للادارة في الملفين السوري واللبناني، ان التسريب رسالة أميركية الى دمشق احد بنودها «تحذير ضمني» من أي تصعيد في المنطقة الصيف الحالي، ومن لعب أي دور في اشعال حرب أخرى بين «حزب الله» واسرائيل. واضاف ان واشنطن ستسعى من خلال احالة الملف على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الى زيادة الضغط الدولي على سورية ووضعها في موقع شبيه بموقع ليبيا سابقا، تمهيدا لفرض المزيد من العقوبات الدولية عليها في حال عدم تجاوبها مع المطالب الاميركية.

الحياة – 26/04/08

لماذا التصعيد الأميركي الآن ؟

أتى تأكيد الادارة الاميركية ان الغارة الجوية الاسرائيلية على سوريا في ايلول 2007 استهدفت موقعاً نووياً كانت يجري بناؤه بمساعدة من كوريا الشمالية ليخلط الاوراق في المنطقة في لحظة بدا فيها ان دمشق وتل ابيب تقتربان بوساطة تركية من معاودة المفاوضات المتوقفة بينهما منذ سبعة اعوام، وفي لحظة بدا فيها ان “حماس” مستعدة لتهدئة مع اسرائيل قد تفتح الباب أمام معاودة الحوار الفلسطيني الداخلي بما يؤمن مصالحة بين “حماس” و “فتح“.

لقد اعترضت إدارة بوش التي سعت منذ اليوم الاول لوصولها الى البيت الابيض، على التفاوض مع سوريا وسعت الى عزلها وجمدت المفاوضات على المسار الفلسطيني وعزلت عرفات حتى رحيله، ولم تفعل شيئاً لمساعدة الرئيس محمود عباس على إقناع الفلسطينيين بأن اسرائيل تريد السلام فعلاً. وبعد 11 ايلول انصرفت ادارة بوش بكليتها الى حربي افغانستان والعراق ومواجهة النفوذ الايراني في هذين البلدين، علماً ان الغزو الاميركي لهذين البلدين كان عاملاً حاسماً في تقوية النفوذ الايراني فيهما.

ولم يجانب جيمي كارتر الحقيقة عندما قال بصراحة ووضوح خلال جولته الاخيرة في المنطقة، ان “إدارة بوش تمنع إجراء مفاوضات بين سوريا واسرائيل وكذلك تمنع أي اتصال بين اسرائيل وحماس”. وبكلام آخر فإن واشنطن هي التي تؤخر تقدم عملية السلام في المنطقة لأسباب تتعلق أول ما تتعلق بورطتها في العراق.

ومع إحجام واشنطن عن الاضطلاع بالدور الذي يجب ان تضطلع به في عملية السلام في الشرق الاوسط وانصرافها الى حرب العراق، تقدمت تركيا لملء الفراغ الذي خلفه العزوف الاميركي عن أي دور بين سوريا واسرائيل.

وحتى عندما تنبهت إدارة بوش الى ضرورة معاودة المفاوضات على المسار الفلسطيني عقب سيطرة “حماس” على قطاع غزة، إنما فعلت ذلك مدفوعة بالخوف من تنامي قوة الحركة الاسلامية واحتمال اسقاطها السلطة الفلسطينية بالكامل، وليس من باب الاقتناع بأن عملية السلام كان يجب ألا توضع في الثلاجة لمدة سبعة أعوام.

وعلى رغم ان كارتر قال قولاً لافتاً عندما تحدث عن ان 85 في المئة من الخلافات بين سوريا واسرائيل قد حلت في السابق وانه لم يتبقَ سوى كتابة الاتفاق، فإن ذلك لم يعنِ شيئاً لإدارة بوش التي كانت منشغلة بالتنديد باجتماع كارتر وخالد مشعل وبالتحذير من مخاطر عقد مثل هذا الاجتماع. ولم تلتفت هذه الادارة عينها الى التطور الذي طرأ على مواقف من “حماس” من مسألة توقيع اتفاق بين السلطة الفلسطينية واسرائيل في حال عرض هذا الاتفاق على استفتاء ثم التأكيد على القبول بدولة فلسطينية في حدود عام 1967.

صحيح ان موقف “حماس” لم يصل الى حد الاعتراف المباشر باسرائيل وفق ما تطالب به الادارة الاميركية، الا انه لا يمكن تجاهل ان تطوراً طرأ على موقف الحركة نتيجة الوساطة المصرية ونتيجة جولة كارتر. لكن المسؤولين الاميركيين المنشغلين باقناع العرب بارسال سفراء لهم الى بغداد لمقاومة النفوذ الايراني في العراق، غير مكترثين أو معنيين بما يطرأ من تبدلات على مواقف “حماس” او مهتمين بأي تطور على المسار السوري – الاسرائيلي.

تتصرف إدارة بوش وكأن عملية السلام معني بها جزء من الشعب الفلسطيني دون آخر او طرف معين في المنطقة دون آخر. وقد ثبت حتى الان فشل مثل هذه السياسة لأنه لا يمكن إقامة سلام بين الضفة الغربية واسرائيل بينما قطاع غزة يرزح تحت الحصار والضغط العسكري. كما ان السلام في المنطقة ان لم يكن سلاماً شاملاً يتضمن كل المسارات، فإنه سيبقى سلاماً منقوصاً وهشاً. هكذا تدل التجربة منذ انطلاق عملية مدريد عام 1991.

واستناداً الى ما يعرف عن ادارة بوش، فإنه ليس مستغرباً ان تلجأ الى اعادة خلط الاوراق في المنطقة قبل أشهر من رحيلها.

سميح صعب

ملـف سـوري

ساطع نور الدين

لا يمكن ان تكون سوريا بمثل هذا الغباء، بحيث تطلق مشروعا نوويا غير سلمي، في دير الزور، على مسافة ربع ساعة فقط من واحدة من اهم القواعد العسكرية الجوية الاميركية في الشرق الاوسط، المعروفة باسم قاعدة الاسد في الانبار، وعلى مسافة ساعات فقط من ايران التي تختنق بحصار اميركي ودولي يستهدف وقف برنامجها النووي السلمي… وبمساعدة من كوريا الجنوبية التي تقف على حافة المجاعة منذ سنوات.

لكن فرصة الانكار قد انتهت، ولم يعد بامكان سوريا ان تتفادى بسهولة الدخول الى قاعة المحكمة، التي سبق ان حاكمت العراق وايران ومعهما ذلك الشريك الكوري الجنوبي البائس، بناء على اتهامات لم يثبت أي منها حتى اليوم، واصدرت احكاما قاطعة بالادانة لا تقبل الاستئناف ولا المراجعة من أي دولة كبرى في العالم.

وجهت اميركا اتهاما صريحا ومباشرا الى سوريا بالسعي للحصول على سلاح نووي. واصبح هناك ملف اسمه البرنامج النووي السوري، سيجري تداوله في مختلف العواصم الكبرى، ربما بطريقة اسرع مما جرى تداول الملف العراقي الشهير، وبعده الملفين الايراني او الكوري الجنوبي، اللذين يصطدمان بين الحين والاخر بتحفظات روسية وصينية، تسبق عادة كل قرار دولي بالعقوبات الاجماعية.

لن يكون هناك جدل طويل في محتويات الملف الجديد، الذي وزعه الاميركيون امس، بطريقة دراماتيكية لا تخلو من الاثارة. لان اهم اوراقه وصوره متصلة بقضية دولية كانت ولا تزال بالغة الحساسية، هي اسرائيل التي تولت مهمة تدمير المفاعل النووي السوري المفترض في دير الزور في السادس من ايلول الماضي ، وازالة ذلك الخطر الذي كان يحيق بالمنطقة وبالعالم كله.

اما المعطيات الواردة في الملف، فانها لن تكون مختلفة كثيرا عن تلك التي اوردها الاميركيون في فترة التحضير لغزو العراق، والتي اقرت ادارة الرئيس جورج بوش انها كانت مجرد تلفيقات، مثلها مثل المعلومات الخاصة بالبرنامج النووي الايراني الذي جزمت واشنطن واجهزة استخباراتها بانه ليس عسكريا، لكنها اصرت على المضي قدما في الحصار والتلويح بالحرب… مستفيدة الى حد ما من الخطاب الاخرق للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.

اصدار الملف السوري هو بمثابة نقطة تحول حاسمة، وربما اخيرة، في مسار العلاقات السورية الاميركية، التي سادتها خلال السنوات الخمس الماضية توترات وتجاذبات كثيرة، على اكثر من جبهة، بينها الجبهة اللبنانية، لكنها ظلت محكومة بفكرة المساكنة الصعبة، التي تقتضيها شروط حماية الحدود المشتركة بين البلدين والمصالح الحيوية المتبادلة في المنطقة كلها

هي نهاية مدوية لتلك الحقبة، وانطلاقة لحملة اميركية جديدة، يمكن ان تكرر السيناريو العراقي، كما يمكن ان تكتفي بالسيناريو الايراني، او ربما الكوري الجنوبي… او تقرر الاختيار من السيناريوهات الثلاثة معا، بناء على ردود الفعل السورية المتوقعة التي قد تكون مغايرة لكل ما جرى خلال السنوات الخمس الماضية… وبناء على النصائح الاسرائيلية التي قد تكون حاسمة ايضا.

سورية المستهدفة.. حربا وسلما

عبد الباري عطوان

يعتبر الاسبوع الماضي، اسبوع سورية بكل المقاييس، فقد بدأ بعقد اجتماع لدول محور الاعتدال العربية في المنامة برئاسة كوندوليزا رايس، الذي من المفترض ان يشارك بفاعلية في اي حرب ضد محور الشر الذي تتشارك فيه مع ايران و حزب الله و حماس ، ثم بعقد اجتماع آخر لدول الجوار العراقي بحضور رايس ايضا في الكويت ومشاركة السيد وليد المعلم وزير خارجية سورية، ولعل الاجتماع الذي ضم اصدقاء لبنان، وقاطعته سورية لا يقل اهمية عن الاجتماعين المذكورين.

بعد مغادرة رايس عائدة الي واشنطن، حدث تطوران مهمان، الاول من جانب دمشق التي حرصت علي تسريب، ومن ثم تأكيد، وساطة تركية يقوم بها السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء، اثمرت عن استعداد اسرائيلي كامل للانسحاب من هضبة الجولان، والثاني من قبل الولايات المتحدة علي شكل بث وثائق فيديو تكشف عن صور لما وصفته بالمفاعل النووي السوري الذي كان قيد الانشاء بمساعدة كورية شمالية، ودمرته غارة جوية اسرائيلية قبل سبعة اشهر.

المسؤولون السوريون، بمن فيهم الرئيس بشار الاسد شخصيا، حريصون علي ابراز مساعيهم للتوصل الي سلام مع اسرائيل، واستعدادهم للانخراط في مفاوضات تتكلل بمعاهدة سلام، وهو امر مخالف للصورة التي حاولوا ويحاولون عكسها عن موقفهم كدولة ممانعة بينما يصر الامريكيون في المقابل علي شيطنة نظامهم من خلال اتهامه بخداع وكالة الطاقة الذرية الدولية وامتلاك اجهزة نووية سرية من خلف ظهرها.

هناك مثل تونسي شهير يقول تحاول ان تفهم.. تدوخ ، الأمر الذي يجعل اي محاولة لفهم ما يجري في سورية، وحولها، أمرا في غاية الصعوبة، فالسوريون متكتمون، ومن الصعب علي الصحافة الوصول الي اي معلومة حقيقية غير تلك التي تسربها اجهزة الدولة وبتقتير شديد، وعلي المرء ان يبحث وسط كم هائل من الدعاية الانشائية حول شبه المعلومة التي يراد ايصالها، والاهداف المرادة منها. اما الامريكيون، وبعد فضيحة اسلحة الدمار الشامل العراقية والعلاقة المزعومة بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة فانهم لم يعودوا موضع ثقة، خاصة ان اكاذيبهم هذه كلفتنا حتي الآن، كعرب، خسارة مليون ونصف المليون شهيد عراقي، واغراق العراق، وربما المنطقة بعده في حرب طائفية، وفوضي دموية عارمة.

هناك تفسيران لهذه الهجمة الامريكية الحالية علي سورية، الاول يقول ان الهدف منها هو الضغط علي كوريا الشمالية التي باتت علي وشك توقيع اتفاق مع واشنطن حول انشطتها النووية، من حيث الكشف عن المزيد من تعاونها مع دول مثل سورية وايران، وما اخفته مما يقدر بحوالي عشرة كيلوغرامات من البلوتونيوم المخصب. اما الثاني فيتعلق بالاستعدادات الامريكية لتهيئة الرأي العام الغربي لتوجيه ضربات الي كل من سورية وايران وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، فهناك توقعات بان تبدأ اسرائيل باجتياح قطاع غزة بعد انتهاء زيارة الرئيس جورج بوش الي القدس المحتلة للمشاركة في احتفالات الذكري الستين لقيام الدولة اليهودية، وان تنتقل بعدها لشن هجوم علي حزب الله في جنوب لبنان كمصيدة لاستفزاز سورية وايران وجرهما الي حرب اقليمية موسعة تضع فيها واشنطن كل ثقلها العسكري الي جانب حليفتها اسرائيل.

توقيت الكشف عن الغارة الاسرائيلية وتفاصيلها من قبل وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي. آي. ايه) محسوب بعناية فائقة، وينسجم مع تعيين ديفيد بترايوس قائدا للقوات الامريكية في المنطقة الوسطي، التي تشمل ايران والخليج والمنطقة العربية خلفا للجنرال وليم فالون الذي كان يعارض الحرب ضد ايران، وزيادة حدة التقارير التي تتحدث عن حدوث تحرشات من قبل زوارق حربية ايرانية بسفن امريكية في الخليج. ومن الجائز ايضا اضافة سبب جوهري آخر وهو احباط اي مساع سورية للتوصل الي معاهدة سلام مع اسرائيل، والظهور بمظهر الدولة المعتدلة المسالمة الساعية الي التسوية وليس الي المواجهة.

سورية قد تخرج متضررة من كل هذه الحملة التي تستهدفها، لان اي تذكير بقدرة الطائرات الاسرائيلية علي اختراق دفاعاتها الجوية والارضية والوصول الي المفاعل المزعوم في اقصي شمالها الشرقي وتدميره دون اي اعتراض بل والتقاط صور له، يشكل احراجا لها وهزّا لصورتها في اذهان الشعب السوري اولا، والشعوب العربية التي تلتف في معظمها حولها، باعتبارها الحصن الاخير لـ الممانعة في مواجهة التواطؤ العربي الرسمي مع المخططات الامريكية والاسرائيلية.

اسرائيل ارادت تحقيق ثلاثة اهداف رئيسية الي جانب الهدف المذكور من غارتها هذه، الاول هو تعويض هزيمتها في لبنان واستعادة هيبة جيشها المهدورة، والثاني توجيه رسالة الي ايران بانها قادرة علي الوصول الي تجهيزاتها النووية وتدميرها مثلما حدث لمفاعل اوزيراك العراقي عام 1981، والسوري الوليد قبل سبعة اشهر، اما الهدف الثالث فهو اختبار ردود الفعل العربية والدولية، وخاصة جيران سورية العرب.

ولا نعتقد ان اسرائيل حققت معظم اهدافها المذكورة من هذه الغارة، لان هيبة الجيش الاسرائيلي ما زالت في الحضيض بعد هزيمته المهينة في لبنان، وخسارته حوالي عشرة من جنوده في مواجهات مع رجال المقاومة في قطاع غزة علي مدي الاشهر الثلاثة الماضية، وربما تكون الرسالة قد وصلت الي ايران، ولكنها ليست جديدة علي اي حال، ولعل النجاح الوحيد الذي حققته اسرائيل من هذه الغارة هو التعرف علي ردود جيران سورية العرب تجاه اي هجوم عليها، لانه لم يكن هناك اي رد فعل عربي حقيقي مضاد من قبل مصر والمملكة العربية السعودية حليفتي سورية السابقتين، بل لا نبالغ اذا قلنا ان الدولتين كانتا شامتتين، واقرب الي تأييد الموقف الاسرائيلي للأسف.

تخطيء القيادة السورية اذا ما بالغت في تفاؤلها تجاه الوساطة التركية، ونامت علي وسادة من حرير معتقدة ان معاهدة السلام باتت وشيكة. فالثمن المبالغ فيه الذي تطلبه اسرائيل مقابل التنازل عن الجولان لا تستطيع سورية تلبيته، وحتي لو استطاعت فانه قد يكون كأس السم الذي ستتجرعه وينهي نظامها، لان شرعية النظام تقوم في معظمها علي الممانعة لا الاعتدال ، ونسج تحالفات قوية في هذا الخصوص مع ايران و حزب الله و حماس . الثمن الذي تريده اسرائيل هو فك التحالف الاستراتيجي مع ايران، وانهاء العلاقة مع حزب الله وبالتالي خسارة كل اوراقها ونفوذها في لبنان، والتخلي عن القضية الفلسطينية كليا.

انه ثمن باهظ، خاصة اذا عرفنا ان السيادة السورية في الجولان العائد ستكون مقيدة باتفاقات نزع السلاح، ووجود مراقبين امريكان، وتنقل اسرائيلي دون عوائق او تأشيرات دخول، وفوق هذا وذاك تطبيع ساخن بعد ان اشتكت اسرائيل اكثر من مرة من التطبيع البارد مع مصر، فهل تقبل القيادة السورية الحالية كل هذه الشروط، خاصة ونحن نعرف ادبياتها المعلنة المناقضة لهذا كليا؟

بقيت مسألة علي درجة كبيرة من الأهمية لا بد من التوقف عندها، وهي ان الحكومات العربية مطالبة بأن تتأكد من امنها الداخلي، وقدرتها علي حماية اي منشأة نووية قبل بنائها، فمن غير المنطقي ان تظل هذه المنشآت تتعرض للضرب والتدمير علي ايدي الطائرات الاسرائيلية، حتي لو كانت في بداياتها.

الصورة العربية اصبحت سيئة للغاية، فها هو المبني السوري يتعرض للتدمير في وضح النهار، وقبله المفاعل العراقي، اما الاجهزة النووية والكيميائية الليبية فقد جري تسليمها بالكامل لواشنطن، ومعها قوائم باسماء كل الذين شاركوا في تركيبها وتشغيلها، مثل عبد القدير خان أبي القنبلة النووية الباكستانية. نريد ان نكون مصدر ثقة لحلفائنا الكوريين الشماليين والروس والصينيين او اي حلفاء آخرين، لا عبئا عليهم بمثل هذه الاختراقات الأمنية والعسكرية او الاستسلام لأول ضغوط امريكية.

ادارة الرئيس بوش حاولت عزل سورية علي المستوي الرسمي العربي، وافشال القمة العربية الاخيرة التي استضافتها، وهي الآن تحاول عزلها علي المستوي الشعبي من خلال تسريباتها حول ضرب مفاعلها النووي المزعوم في دير الزور، ولهذا فان الحذر مطلوب، والاستعداد لاحتمالات الحرب التي هي اكبر من كل احتمالات السلام المزعومة بات حتميا.

السفير السوري في الولايات المتحدة عماد مصطفى: الصور التي عرضتها واشنطن لا تثبت أي شيء ولم تلتقط في سورية

قال السفير السوري في الولايات المتحدة عماد مصطفى إن “الموقع الذي قصفته طائرات حربية إسرائيلية في أيلول الماضي كان مرفقاً عسكرياً مهجورا”, مشيرا إلى أن” المزاعم بأنه مرفق نووي أمر مثير للسخرية“.

ونقلت شبكة CNN) ) عن مصطفى قوله إن “الصور التي عرضتها الولايات المتحدة عليه لا تثبت أي شيء, وأنها لم تلتقط في سورية ولا يوجد دليل على أن الصور لموقع في سورية”، مشيراً إلى أن “الصور تبيّن موقعاً واحداً في المبنى لا يتوافر معه مصدر للطاقة أو أية مرافق أخرى مجاورة، مثل محطة معالجة لاستخلاص اليورانيوم من الوقود الذري، لتشغيل البرنامج النووي“.

وكان البيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية عرضا الخميس الماضي أمام لجنة القوات المسلحة في الكونجرس الأمريكي صورا قالت الإدارة الأمريكية إنها “أدلة” تؤكد وجود تعاون بين سورية وكوريا الشمالية لبناء مفاعل نووي للأغراض العسكرية.

وفي نفس السياق, قال مصطفى إن سورية “ليست غبية بما يكفي لإنشاء مرافق ذرية في وسط الصحراء دون أن تكون هناك أي حواجز عسكرية أو أسلاك شائكة تحيط بالمرفق”, مشيرا إلى أن” سورية ليس لديها أي خطة أو مشروع للحصول على التكنولوجيا النووية حتى لأغراض سلمية“.

وكانت مصادر دبلوماسية سورية أشارت إلى أن سورية انضمت لمعاهدة حظر الانتشار النووي عام 1970 وليس لديها ما تخفيه وستواصل التعاون مع الوكالة الدولية.

وأضاف السفير السوري أن “سورية محتارة للسبب الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية لطرح مثل هذه القضية”، موضحاًأنه “يشك بأن إدارة الرئيس جورج بوش تستغل هذه الحالة لخلق أزمة في الشرق الأوسط وتستحوذ على دعوات الكونغرس للدخول في محادثات مع دمشق“.

ويدعوا بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى فتح حوار مباشر مع سورية حول العديد من الملفات الإقليمية وخاصة ما تضمنه تقرير بيكر – هاملتون حول العراق.

وأشار مصطفى إلى أن “للولايات المتحدة تاريخ في محاولات إثبات أن دولاً أخرى لديها كميات كبيرة من أسلحة الدمار الشامل”، مقارنا بين “الاتهامات الموجهة لسورية بكلمة وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول، في الأمم المتحدة حول مزاعم أسلحة الدمار الشامل العراقية“.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول عرض العديد من الصور على مجلس الأمن الدولي لإثبات أن العراق يمتلك أسلحة للدمار الشامل كمبرر لشن عمليات عسكرية عليه والتي ثبت فيما بعد عدم صحتها.

واتهم مصطفى أشخاصاً لم يحددهم بـ”إثارة هذه القضية بوجه دمشق بسبب الغضب الذي ينتابهم حيال المفاوضات التي تجريها واشنطن مع كوريا الشمالية لإقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي“.

وكانت عدة صحف أمريكية أشارت إلى أن الاتهامات بوجود تعاون نووي سوري وكوري شمالي تهدف إلى نسف المفاوضات المرتقبة بين الدبلوماسيين الأمريكيين والكوريين الشماليين, لافتة إلى أن نائب الرئيس ديك تشيني هو من بين المسؤولين الذين لا يشعرون بالراحة تجاه المفاوضات الأمريكية الكورية الشمالية.

كان السفير السوري كشف أن “التعاون مع كوريا الشمالية عبارة عن أنشطة استخباراتية مشروعة بالكامل وليس هناك أي شيء غير قانوني فيه، وهذا الأمر قطعي ونهائي

الوكالة الذرية تحقق بالمفاعل السوري وبيونغ يانغ تلزم الصمت

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فتح تحقيق بشأن بناء سوريا مفاعلا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية بعد تلقي معلومات بهذا الشأن من الولايات المتحدة، في وقت نفت فيه دمشق هذه المعلومات ولزمت بيونغ يانغ الصمت.

وقالت الوكالة إن المعلومات التي قدمتها واشنطن تفيد بأن المفاعل السوري لم يكن في مرحلة التشغيل ولم تدخل إليه أي مواد نووية.

وذكر المدير العام للوكالة محمد البرادعي دمشق بواجباتها في إبلاغ الوكالة بأي مشروع أو بناء منشأة نووية بموجب بنود اتفاق الضمانات الذي وقعت عليه، كما انتقد واشنطن لأنها لم تبلغ الوكالة بالتعاون النووي بين دمشق وبيونغ يانغ على أساس معلومات تسلمتها بعد تدمير منشأة في سوريا في غارة جوية إسرائيلية في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وفي هذا الإطار دان البرادعي استخدام إسرائيل القوة من جانب واحد، موضحا أن ذلك “يؤثر على عملية التحقق التي تشكل صلب نظام منع الانتشار النووي“.

نفي سوري

وفي المقابل نفت سوريا الاتهامات الأميركية بأنها كانت تبني مفاعلا نوويا سريا، وأكدت أنها ستواصل التعاون بشكل وثيق مع الوكالة الدولية.

وقال مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري إن بلاده لا تخشى هذا التعاون وليس لديها ما تخفيه، معتبرا أن الخطر الحقيقي هو الترسانة النووية الإسرائيلية ويتعين على مفتشي الوكالة التحقق منذ ذلك.

وأشار الجعفري إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) استخدمت في الماضي الكثير مما سماها الأكاذيب لتبرر التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية لدول أخرى، ودعاها إلى “اللجوء إلى كل عناصرها الجيدين لإعادة بناء نفسها لتقدم للرأي العام الأميركي تحليلات أكثر مصداقية“.

وألمح أيضا إلى ارتباط تلك المزاعم بالتنافس بين “الصقور والمعتدلين” داخل إدارة الرئيس جورج بوش حيال الاتفاق النووي مع كوريا الشمالية، وقال إن بعض الصقور في الإدارة الأميركية “ليسوا مرتاحين لهذا الاتفاق“.

من جهته عقد السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى مؤتمرا صحفيا رد فيه على المزاعم الأميركية، ووصف الصور التي وزعتها إدارة بوش وقالت إنها تثبت وجود منشأة نووية سورية، بأنها بالغة السخف.

وكان مصطفى قد سخر في اتصال مع الجزيرة من الأدلة الأميركية ووصفها بأنها مثيرة للسخرية لأنها تظهر مبنى عاديا دون سياج ولا حراسة أمنية ولا قنوات مائية خاصة، وتدعي أنه مفاعل نووي أسهمت كوريا الشمالية في بنائه.

صمت كوري

وبعد الاتهامات الأميركية، دعت فرنسا سوريا الى الكشف عن نشاطاتها النووية، في وقت لزمت فيه كوريا الشمالية الصمت التام منذ الكشف عن هذه القضية.

وقال كبير المفاوضين الأميركيين في الملف النووي الكوري الشمالي كريستوفر هيل إن بيونغ يانغ ودمشق لم تعودا تتعاونان في القطاع النووي وإن هذا التعاون أصبح من الماضي.

وبدأت القضية الخميس بعد تصريحات أدلى بها مسؤول أميركي في مجلس الأمن القومي أمام الكونغرس، مؤكدا أن مفاعلا نوويا كان يجري بناؤه في سوريا دمر في غارة جوية إسرائيلية في السادس من سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

وأكد الأميركيون أن بناء المفاعل كان على وشك الانتهاء عندما قصف لكنه لم يكن مزودا بالمحروقات.

تساؤلات حول الادعاءات الاميركية بشأن المشاريع النووية السورية

فيينا (ا ف ب) – شكك خبير نووي قريب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية السبت في صحة الادعاءات الاميركية حول مشروع سوري لبناء مفاعل بالبلوتونيوم لصنع سلاح نووي بمساعدة كوريا الشمالية.

اوضح الخبير لوكالة فرانس برس مفضلا عدم كشف هويته “عندما تنظرون الى تلك الصور (التي بثتها اجهزة الاستخبارات الاميركية) فانها تعرض منشآت في المراحل الاولى من البناء. انها مجرد غلاف لموقع والجدران لا تشبه تلك الضرورية لمفاعل بالبلوتونيوم والتي تجهز عادة بشكبة معقدة من الانابيب” مؤكدا “لا شيء من هذا القبيل في تلك الصور“.

وعرضت اجهزة الاستخبارات الاميركية الخميس في جلسة مغلقة على برلمانيين شريط فيديو وصورا لمنشأة مفترضة لمفاعل نووي في طور الانشاء في سوريا قام الطيران الاسرائيلي بتدميرها في السادس من ايلول/سبتمبر 2007. وقالت واشنطن ان الموقع يشبه موقع مفاعل يونغبيون في كوريا الشمالية.

واشار الخبير الى ان صور ما تحت ارض الموقع لا تسمح بالقول اذا كان الامر يتعلق فعلا بمشروع مفاعل بالبلوتونيوم وهي التكنولوجيا التي تستخدمها بيونغ يانغ.

وضاف “لا يمكن القول عندما ننظر الى تلك الصور اذا كانت سماكة الارضية بضعة سنتيمرات او اذا كانوا حفروا حتى عمق خمسة امتار“.

واضاف “اذا كان السوريون فعلا يريدون بناء مفاعل بالبلوتونيوم فالاجدر ان يكونوا بنوا موقعا مناسبا له” على مساحة اوسع بكثير وأساسات اكبر وشبكة طرقات لنقل العتاد“.

واضاف “اضافة الى ذلك من الغريب القول ان سوريا ارادت تقليد مفاعل يونغبيون (…) لان تكنولوجيا هذا المفاعل تعود الى اربعين سنة” مضيفا “اليوم هناك تكنولوجيا اكثر حداثة ولا اعتقد ان السوريين اغبياء الى هذا الحد“.

واعتبر الخبير انهم لو ارادوا اخفاء بناء مفاعل نووي لاغراض غير سلمية فان التكنولوجيا التي تستخدم اليورانيوم المخصب انسب بكثير “لان انتاج اليورانيوم المخصب يحتاج فقط الى تركيب اجهزة طرد في مجمع تحت الارض وتركها تعمل طالما تريد ذلك“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى