صفحات من مدونات سورية

كيف نختلف كمجرّد بشر

قارئي العزيز… عندما بدأت الكتابة في هذه المدونة حاولت جاهداً أن أكتب بفكرٍ حرّ من كل قيد وتجاهلت تماماً أي عوائق قد تحد من حرية تفكيري وتعبيري لأن الهدف كان الوصول إلى أصل الواقع الذي نعيش فيه بدون كل الأقنعة التي يبدو أنها وجدت طريقاً لتلتصق بوجوهنا وتحرمنا من رؤية الحياة على حقيقتها
ومن خلالي تصفحي لبعض المدونات وقراءة بعض ماورد فيها من أفكار وتعليقات المني وبشدة ماقرأت وصدمني عمق بعدنا عن الطريقة السويّة في طرح مشاكل مجتمعنا و عن النقد البناء الهادف. واستشفيت كذلك من خلال قراءتي بعض الحقائق المؤلمة التي لم استطع منع نفسي من أن أشارككم إياها
يبدو لي يا سيدي أننا في كتاباتنا نتجاهل أصل مشاكلنا والسبب الحقيقي وراء كوننا مانحن ووجودنا في ما نحن فيه. يبدو أن الإنسان هنا بدأ يتأقلم ويرضخ ويتشرب مافرض عليه مظلوما خائفا فيحاول تجنب الحديث عن أصل المشكلة و يحاول عابثا معالجة نتائجها والجو التعيس الذي تفرضه فقط لأنه “ما باليد حيلة” فإذا استمرت مشكلة لفترة طويلة فقدنا الأمل من حلها وبدأنا نتصور الحياة تحت قيودها و تحول جهدنا إلى معالجة ما يترتب عليها من بؤس…. عبثاً
يبدو أن أحداً منّا لايملك احتراماً كافياً لذاته يخوله لكشف حقيقتها وإخراج مكنوناتها دون قلق وخوف من أن تقابل بالرفض والاستصغار. وأنا لا أدري اين تقبع المشكلة. فإذا قوبلت الكتابة الصادقة الشفافة باستهزاء واستصغار الناس فهذا لايعني يا سيدي نهاية العالم وخروج يأجوج ومأجوج من سجنهم المسلّح المخفي في مكان ما تحت الأرض وتفتت القمر واختفاء الشمس وتكلّم البقر!
علينا أن نفهم أننا نعيش في مجتمع خاطئ يتبنى أفكاراً خاطئة التصقت به بسبب استمرارها لسنوات طويلة. مجتمع يظن الفرد فيه أن احترامه لا يفرض إلّا (بكسر الرؤوس) و البحث عمّا يمكن استخدامه لتحطيم الاخر وذله واثبات فوقية مزيفة وأنفة يعتريها اللؤم!! بالله عليك أن تقول لي أليسَ بطلٌ من الأبطال هذا الذي يخرج من غياهب ذاك السديم المظلم ويكتب أمام أعين الجميع ما يظنّ حقاً وما يشعر حقاً وما يدور من أفكار داخل ذهنه المتعب دون أن يبالي بما يرمي عليه عبدة الظلم والتاريخ وفارغوا الذوات من تعليقات لا هدف لها إلا حثه على أن يمقت ذاته الغير كاملة وأن (يسب ويلعن) الساعة التي قرر فيها أن يحكي مافي قلبه من حقائق!!!
يا أيها الكاتب والمعلّق أخرجا ذاتيكما وأهميتهما من المعادلة وأبقياهما في صندوق مغلق لايمسّهما تعليق أو مقال, ابحثا عمّا تشتركان فيه واكتباه في رأس الصفحة فوق نقاط الاختلاف وتذكّرا أن الكون يخلوا من المطلق, فمهما قيل مما قد يبدو لك كشيء تختلف معه ككلّ لا بدّ أن يتضمّن ما تتفق معه, ومهما قيل من الخطأ فيه ولو ذرّة من الصواب. الصواب المطلق غير موجود والخطأ المطلق كذلك غير موجود…
ولابدّ لي أن أذكر (لشدّة ألمي وحنقي عليهم) ولو باختصار قصة (متسولي المدونات) الذين يجوبون أصقاع الشبكة العنكبوتية التي خلقها الله هائلة كبيرة متشعبة بقدرته بدون عنكبوت, ليقرأوا أول سطر من كل مقال كتب ومن ثم ليكتبوا تعليقات الثناء والإجلال والإعجاب لهذه التدوينة (تدوينة روووعة) أو (جميل جداً أختي فلانة….) أو (مخطوطة بيدين من ذهب يا أختي علتانة…) بدون أي قيمة نقدية أو فكرية على الاطلاق. ربما هؤلاء يبحثون عن الصداقة وهذا ما أرجحه, فالإنسان مخلوق اجتماعي يحتاج إلى الصديق حتى يستطيع الاستمرار بحياة فعالة منتجة (للبيض)! ولربما أشعرهم إعجابهم بكل مقالات مدونات العالم بأنهم أنجزوا عملاً عظيما وتركوا بصمة السلام إلى جانب بصمات الأنبياء.
وأخيراً وبعد أن أفرغت مكنونات قلبي وأثلجت صدري أشعر أني أستطيع أن أنام الليلة قرير العين فخوراً بأني لم أحتفظ بما قلت لنفسي و أني ربما أسهمت بأن أفتح عينيك على زاوية من الحياة ذات أهمية كنا قد نسيناها… وهذا أمر طبيعي مقبول بالنسبة لي فأنا يا سيدي كما أنت لسنا أبطال الزمان والمكان صاحبي القوة الخارقة والعقل المتين الفذّ الذي يفوق أعراف خلق الله و الذات الجبارة التي تتخطى في تكوينها ألف باء الحياة والطبيعة والتاريخ! نحن يا سيّدي ببساطة…. مجرّد بشر

http://abdul-simplethoughts.blogspot.com/2009/04/blog-post_16.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى