عندما تصبح مهنة الصحافة تهمة.. ثم هدفاً!
مايسة عواد: جريدة الأخبار 8/5/2008
تحول الصحافيون أمس إلى هدف سهل للاعتداء والمضايقة في ظل التوتر والفوضى اللذين سادا أماكن التجمعات. الكاميرا، وحتى الأوراق التي تدوّن عليها المعلومات، كلها كانت مؤشرات التقطها بعض المتجمهرين في الساحات للحاق بحاملها، أي الصحافي ـ الهدف. هي الفوضى والانتهاكات المتكررة في يوم سجّل رقماً قياسياً في الاعتداءات على الصحافيين، من مختلف المؤسسات الإعلامية.
بعد أكثر من رسالة للزميلة منى صليبا تشير إلى تعرض فريق العمل إلى مضايقات، اتصلت «السفير» بالمكتب الإعلامي لـ«أل بي سي»، وكانت الحصيلة لغاية ساعات بعد الظهر أكثر من خرق، «إذ تعرض الزميل يزبك وهبي الذي كان يرافقه المصور سامي بيتموني، إلى مصادرة الكاميرا في منطقة البربير، ولم تسترجع الكاميرا إلا بعد ساعات، وطبعاً وصلت بعد أخذ الكاسيت منها. أما الزميلة غيتا قيامة التي كانت تبث رسالتها الصوتية من منطقة مار الياس، فقد طلب منها ألا تقف في المكان الذي تقف فيه كي تكمل رسالتها»! ابتعدت الزميلة بضعة أمتار وأكملت عملها كالمعتاد، الأمر الذي لم يتم مع الزميلة منى صليبا التي كانت تغطي الأحداث في منطقة المطار حيث «بدأ شباب من المتظاهرين بإغلاق عدسة الكاميرا بأيديهم وإزعاج المصور، وفجأة كانت الصورة الوحيدة على الهواء صورة السماء» بحسب المكتب الإعلامي في «أل بي سي».
لم تقف الامور عند حد المضايقة بل وصلت إلى حد الضرب، ولم تستثن زميلات في المهنة. تشرح زميلة من «أو تي في» طلبت عدم الكشف عن اسمها، انها كانت متوجهة من جسر البربير باتجاه طريق الجديدة، عندما اعترضتها مجموعة من الشبان تريد مصادرة كاميرا تصوير فوتوغرافية في حوزتها، وطلبت منها أوراقها الثبوتية، فما كان منها إلا ان نفت «التهمة» عن نفسها، والتهمة في هذه الحالة أن يكون المرء صحافياً: «أنا لست صحافية، أنا مواطنة أسير في الشارع ولا أسلّم أوراقي إلا للسلطات الرسمية اللبنانية» قالت، هنا استشاط الشبان الذين عرّفوا عن نفسهم بحسب الزميلة بـ«أمن المنطقة». تكمل شرحها للحادثة: «لقد قالوا لي بعدنا مهذبين معك، لو كنت شب كنا دعوسناك». وعندما امتنعت الزميلة عن تبيان أوراقها الثبوتية أو أية بطاقة صحافية، لم يكن من أحد الشبان إلا ان ضربها على صدرها ودفعها باتجاه الجدار القريب بعنف وأخذ منها الكاميرا بالقوة. «ذهبتُ إلى عناصر الجيش اللبناني مطالبة باسترجاع الكاميرا لكنهم لم يستطيعوا جلبها بسبب دخول الشبان إلى شقق داخل البناية المجاورة للحادث، وبعد تدخل مسؤول أمني في المنطقة، عدت وتسلمت الكاميرا من عناصر الأمن الداخلي، لكن من دون رقاقة الذاكرة التي تحفظ الصور برغم تأكيــدي له انني لم ألتقط صوراً بعد».
اعتداء آخر سُجل بحق الزميلة باتريسيا خضر من الزميلة «لوريان لو جور»، التي كانت متوجهة من مونو نحو المرفأ بطريق موازية لشارع بشارة الخوري. مرة أخرى كانت كلمة «الصحافية، الصحافية»، التي نطق بها أحد الشبان الذين سبق والتقتهم عندما كانت تغطي الأحداث في كورنيش المزرعة (حيث أهينت عندما سمّت المؤسسة التي تعمل بها)، بمثابة المغناطيس الذي جذب أسراباً من شبان «لا يتجاوز عمرهم العشرين عاماً، بعضهم على دراجات يرشقون الحجارة». تشير الزميلة خضر انه برغم طلب شابين آخرين كانا خارجين من خيم الاعتصام وسط بيروت بأن يلتزموا الهدوء، «إلا انهم دفشوني وشدوني من شعري وأخذوا الأوراق التي كانت معي، أصلاً كانوا حاملين كاميرا صحافية يبدو انهم صادروها من زميل آخر، لقد أخذوا كل الاوراق التي كانت بحوزتي ولم أستطع ان استردها».
بدوره، لم يسلم مصور قناة «المنار» عندما كان يقوم بعمله في كورنيش المزرعة من الاعتداء بالضرب.
ومع تقدم ساعات النهار، ازدادت الأخبار عن صعوبات يواجهها الزملاء في أداء مهامهم، حيث منع فريق العمل في «الجديد» والزميلة نانسي السبع من التصوير في منطقة النويري، ومن البث المباشر من قبل مسلحين «ربما كي يداروا ظهور صورهم وهم يحملون السلاح»، على ما قالت الزميلة السبع لـ«السفير»، في وقت أشار فيه الزميل قاسم دغمان من «أن بي أن» إلى مضايقات عديدة تعرض لها فريق العمل، خصوصاً بعد مصادرة كاميرات زملاء مصورين من «دايلي ستار» و«صدى البلد»، وجرح المصورين وديع شلنك وأسعد أحمد من الزميلة «البلد».