أضعف الإيمان – «حزب الله» صدق الكاميرا الخفية
داود الشريان: الحياة 8/5/2008
للوهلة الأولى اعتقد البعض بأن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة أخطأت في توقيت إعلان إجراءات قضائية في حق الضالعين في التستر على شبكة الاتصالات التي أقامها «حزب الله» لمراقبة مدرج في مطار بيروت. فالاجراءات تزامنت مع الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العمالي احتجاجا على الأوضاع المعيشية، فقدم الإضراب فرصة ثمينة لـ «حزب الله» للرد على الحكومة تحت مظلة «لقمة العيش».
فحشد الحزب أنصاره للمواجهة، وأعلن في الوقت ذاته انه ليس في وارد استخدام التحرك العمالي لمواجهة الحكومة وان محازبيه سيشاركون كمواطنين، وانه ليس في حاجة للتخفي وراء النقابات، وأن التظاهرة لا تعنيه ولا تعكس رد الفعل الشيعي على قرارات الحكومة. لكن الذي حدث هو العكس. فالاتحاد العمالي علق التظاهرة بعدما شعر انه أصبح وسيلة لتغطية قضية أمنية خطيرة، فأحرج «حزب الله»، وأكسب حكومة السنيورة خطوة مهمة في بسط سيادة الدولة، وكشف طبيعة «المعارضة» التي يلعبها «حزب الله»!
لا شك في أن تعليق التظاهرة كشف أن تصريحات «حزب الله» عن عدم استخدامها لغايات سياسية غير حقيقية، فلم يبق في الشوارع إلا «حزب الله»، و «كميونات مؤسسة جهاد البناء» التابعة له، والتي بالغت في نقل السواتر الترابية لسد طريق المطار. فوضع الحزب نفسه في مواجهة مع الحكومة، من اجل قضية خاسرة، وهيأ الأجواء لتداعيات أمنية ذات طابع مذهبي وطائفي، رغم انه أعلن العكس.
الاكيد أن كاميرات «حزب الله» كشفت تدهورا خطيرا في حسّه السياسي. وهذا التدهور كان يمكن أن يتم تلافيه بعد حرب الصيف. فتلك الحرب كانت فرصة للانصراف عن دوره غير المعلن بكرامة ومكاسب سياسية على الساحة الداخلية. فهي انطوت على «نصر»، فكسب الحزب منها دعماً شعبياً، ووجدت من يغني لها، ولو على طريقة احمد سعيد. لكن يبدو أن الحزب لم يدرك بعد أن طبيعة وظيفته الإقليمية تغيرت بعد صدور القرار 1701، وان ممارسة السياسة من اجل حماية السلاح ونفوذ الآخرين في لبنان لم تعد ممكنة، وان عليه أن يجد بديلاً عن السلاح لخدمة السياسة التي يعلن انه يمارسها. الأرجح أن «حزب الله» سيقايض الحكومة بمنصب قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير، والمتوقع أنها سترفض، ما يعني أن الحزب في مأزق حقيقي. فلا هو قادر على حماية موقعه السياسي بالتجسس والسلاح، ولا هو قادر على حماية هذا السلاح من سياسة السنيورة.