صفحات أخرى

350 مجلة تصدر في دبي.. من يقرأها؟

مطبوعات بمختلف لغات العالم تلبي تخصصات مختلفة
دبي: سلمان الدوسري
الدالف إلى دولة الامارات العربية المتحدة، ودبي تحديدا، لا بد أن يسترعي انتباهه، من ضمن جملة أمور أخرى، ذلك الكم الكبير من المطبوعات، والمجلات تحديدا، والتي تغص بها المكتبات ونقاط التوزيع، فهذه مطبوعة صينية وبجانبها مجلة روسية وأخريات هندية وايرانية، هذه المجلات إلى وقت قريب كان عددها يتجاوز 400 مجلة، قبل أن يقل عددها ويستقر حاليا على 350 مجلة.. فقط. فمنذ فتحت دبي ابوابها للمؤسسات الاعلامية الكبرى، ودشنت مدينة دبي الاعلامية التي توفر لهم كافة الامكانات التي تساعد كبريات الصحف والمجلات على الصدور في بيئة مثالية، منذ ذلك الوقت وتراخيص المجلات لا تتوقف، حتى يخيل للمتابع: من يقرأ كل هذه المطبوعات في بلد يصل عدد سكانه إلى أقل من مليون نسمة؟
يقول محمد المزعل مساعد رئيس تحرير جريدة Gulf News الناطقة باللغة الانجليزية انه بالرغم من كون دبي مركزا أقليميا للاعلام في المنطقة إلا أن هذا العدد المهول من المطبوعات التي يغرق بها السوق لا شك أنها تشكل ظاهرة غير صحية وذلك للتركيز على الكم أكثر من الكيف، ويشير المزعل الى أن هناك عددا من الصحف والمجلات التي تنشط توزيعيا في الأسواق الخليجية المجاورة وليس شرطا أن يكون توزيع هذه المطبوعات مقتصرا على دبي فقط، كما أن هناك عددا من المجلات التي تتبع جنسيات أجنبية في الامارات والخليج، فهؤلاء لهم مطبوعاتهم التي تلحقهم أينما كانوا. ويضيف محمد المزعل أن هذه المشاريع الصحافية، إذا صح التعبير، قائمة على أهداف ربحية 100% ولا دخل لها على الاطلاق بالصحافة وأهدافها. لذلك فالنتيجة تبدو واضحة للعيان فهذه المطبوعات لا تستمر لعدم قدرتها على النفاذ للاسواق وتحمل التكاليف الباهظة، خاصة أنها كما ذكرنا غير متخصصة بالصحافة وبالتالي فإن خروجها من السوق وبسرعة، هو أمر طبيعي ومتوقع أيضا. ويلف مساعد رئيس تحريرGulf News النظر إلى أن هناك عددا من المطبوعات يلفظها السوق بمجرد صدورها ومع هذا تستمر في الصدور والطباعة الفاخرة، وهنا يجب أن نأخذ بالاعتبار أن وجود الاعلان، ايا كانت طريقة وصوله، هو أمر يحدد استمرار المطبوعة من عدمه، ومتى كان لبعض هذه المطبوعات طريقها للوصول إلى المعلن، بغض النظر عن وصولها للقراء، فإن استمراريتها أمر مفروغ منه.
ويبلغ عدد سكان مدينة دبي 850 الف نسمة، ويعتبر التنوع السكاني أحد أبرز سمات المدينة، حيث يشكل الوافدون القادمون من مختلف أرجاء العالم 82% من العدد الكلي، وتوجد في مدينة دبي 100 جنسية مختلفة، وتبلغ نسبة الآسيويين 65% من إجمالي عدد السكان مدينة دبي, وتشكل نسبة المواطني الإماراتيين 18% في حين تبلغ نسبة المقيمين العرب 13%، والجنسيات الأخرى 2.5%. الدكتور محمد عايش رئيس قسم الاتصال الاعلامي في جامعة الشارقة يرى أن ما تشهده الساحة الاعلامية المحلية في دبي من إصدارات مكثفة تأتي بسبب الغياب الكبير للمؤسسات المتخصصة في توفير الاحصاءات المناسبة للجمهور وللقراء، ويزيد بأن الافتراض الحاصل أن كل ما يطبع يقرأ ونحن نعتمد على هذه النظرية بسبب عدم وجود دراسات تنفيها. ويشير الدكتور عايش إلى أن عددا مهولا من هذه المطبوعات لا يمكن أن يجد جمهوره المناسب باعتبار أن عصر الثقافة بدأ يخبت ولم يعد هناك شغف بالقراءة حتى نتوقع أن تجد هذه المطبوعات جماهيرها التي تعينها على طباعتها الفاخرة وها نحن نلحظ هجرة القراء عن مطبوعاتهم التي كانوا يقدمون لها الولاء في السابق فكيف بمطبوعات تتلمس طريقها للقراء؟ ويدلل الدكتور عايش على وضع هذه المطبوعات بالعديد من المطبوعات التي تتوقف عن الصدور بعد أعداد قليلة وآخر هذه المطبوعات مجلة متخصصة صدرت في طباعة فاخرة لثلاثة أعداد قبل أن تتوقف نهائيا.
وتراخيص المطبوعات في الامارات عموما تنقسم إلى قسمين، الأول وهو معني بالصحف اليومية وهذه التراخيص لا تصدر إلا بموافقة مسبقة من مجلس الوزراء الاماراتي، وتصدر من الامارات 12 صحيفة هي: الاتحاد، الخليج، البيان، أخبار العرب، الامارات اليوم، الفجر، الوحدة بالإضافة إلى الصحف الناطقة باللغة الانجليزية وهي: Khaleej Times ، Gulf News The Gulf Today،7 days ، emirates today أما القسم الثاني فهو يتعلق بالمطبوعات الاسبوعية والشهرية والفصلية والمتخصصة بكافة أنواعها، ومسؤولية إصدار التراخيص لهذه المطبوعات معنية بها مدينة دبي الاعلامية، وهي على كل حال ليست شروطا صعبة ولكنها مقبولة بل وسهلة جدا، والدليل كثرة أعداد هذه المطبوعات.
أيضا نقطة جديرة بالذكر في هذا السياق، ان جزءا من هذه المطبوعات التي تتخذ من دبي مركزا لطباعتها، لا يكون السوق الاماراتي هو المستهدف لها، فالبعض منها يريد النفاذ للاسواق الخليجية، والسوق السعودي على وجه التحديد، لذا فإن هذه المطبوعات تتجه للصدور في دبي ومن ثم الانتشار إلى البلدان الخليجية المجاورة، بحكم أن شروط إصدارها هنا في دبي، أسهل بكثير من إصدارها في الدول التي تستهدفها هذه المطبوعات.
من جهته يؤكد شارل سوايا المدير العام لمجلة أسواق السيارة العربية ان كثيرا من هذه المجلات التي تصدر في دبي لا يقرأها أحد، مضيفا أن سوق المطبوعات المتخصصة والمجلات ينقسم إلى قسمين، فهناك المحترفون الذين يستطيعون الوصول إلى شريحة القراء والمعلنين بطريقة تسمح لهم بالاستمرار بقوة في السوق، مضيفا ان هناك ايضا المغفلين الذين يقدمون على إصدار مجلاتهم دون دراسة دقيقة للوضع العام ومدى قابلية السوق لهم، ويعتبر أن هناك مطبوعات لها شعبيتها بين القراء وتجد صدى طيبا لديهم ويتابعونها باستمرار، بالرغم من دخول مطبوعات منافسة تحاول التقليد في كل شيء. ويضيف شارل سوايا أن الشريحة الأكبر من المطبوعات لا تجد من يشتريها وتؤثر سلبا على المطبوعات الجيدة، ولكنه يؤكد في الوقت ذاته أن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة «وهذه القاعدة كفيلة بفرز المطبوعات التي تستحق أن تستمر في السوق وخروج المطبوعات الضعيفة»، ويقول شارل ان الوقت كفيل بتمييز المطبوعات بعضها بعضا «وعندها يستطيع القارئ الحكم بسهولة، وليس كما هو الآن، على المطبوعة التي تستحق أن يشتريها».
* دليلك لإصدار مجلة في دبي > يبلغ عدد المجلات الصادرة من مدينة دبي الاعلامية 350 مجلة منها: 183 مجلة باللغة الانجليزية، 95 مجلة باللغة العربية، 20 مجلة باللغة العربية والانجليزية، 13 مجلة باللغة الايرانية، 9 مجلات باللغة الهندية، بالإضافة إلى عدد من المجلات تصدر باللغات: الروسية، الفلبينية، الالمانية والصينية.
وقبل أن تلغي دولة الامارات العربية المتحدة وزارة الاعلام، كانت هذه الوزارة معنية بالترخيص للمجلات الجديدة، بالإضافة إلى مدينة دبي الاعلامية، وبعد أن ألغيت وزارة الاعلام أضحت مسؤولية التراخيص لمدينة دبي الاعلامية، والتي تشترط لإصدار مطبوعة جديدة أن تكون فرعا لشركة قائمة أو افتتاح شركة جديدة برأس مال لا يقل عن 200 ألف درهم (54 ألف دولار أمريكي)، على أن يتم افتتاح مقر لهذه المجلة في دبي، كما يشترط أيضا ان تكون المجلة المنوي إصدارها متخصصة وليست مجلة جامعة، وأن تتماشى مع العادات والتقاليد المرعية في الامارات، وأن تكون نوعية الطباعة جيدة، والمواضيع المنشورة على مستوى عال من المهنية، علما أن هناك لجنة متخصصة تضم ستة أشخاص تطلع على العدد التجريبي للمجلة قبل إعطائها الترخيص النهائي للصدور من عدمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى