القضية الغامضة لشبكة الجواسيس الاسرائيلية
روبرت فيسك
التجسس مألوف في بيروت بقدر ما كان مألوفا في فينا ما بعد الحرب. لكن الاحداث التي حصلت في الأيام القليلة الماضية تزداد غموضا كل ساعة. في الاسبوعين السابقين ، قامت وحدة خاصة من قوات الامن الداخلي اللبنانية باعتقال مجموعة من اللبنانيين بزعم أنهم يعملون كجواسيس لحساب اسرائيل.
هناك ما لا يقل عن 21 رجلا وامرأة واحدة يخضعون للاستجواب ، وقوات الامن الداخلي تتحفنا بما عثرت عليه من أجهزة اتصالات اسرائيلية معقدة مخباة في بيوتهم.
من بين المحتجزين هناك صحفي في وادي البقاع وضابط كبير في الجيش اللبناني كان قد جرح على يد مقاتلين اسلاميين في معركة نهر البارد في ,2007 حتى أنهم اعتقلوا جنرالا متقاعدا وزوجته. الكولونيل موريس دياب يتمتع باحترام كبير ، رغم أن ضباطا في الجيش يقولون أن تساؤلات قد طرحت في وقت سابق عندما أرسل للتدريب للولايات المتحدة بمنحة حكومية بسبب صورة التقاطت له أثناء الدورة تظهره واقفا بجانب ضابط اسرائيلي بالزي الرسمي. وهو يعيش في شمال بيروت في ضاحية أنطلياس الساحلية ، مع أن الاعتقالات الأخرى ممتدة ما بين شرق لبنان وقرية رميش الحدودية.
حتى الآن تسير الأمور بشكل جيد. لكنها يتضح أكثر فأكثر أن بعض “الاستخبارات” خلف هذه الاعتقالات جاءت من حزب الله الشيعي ، الذي يعتبر الصديق الأقرب لسوريا وإيران في لبنان. وهذا يأتي بعد أسبوعين فقط من إطلاق سراح أربعة ضباط كبار موالين لسوريا بعد احتجازهم بشبهة المساعدة في التخطيط لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري 21و آخرين في ,2005 لذا هل عادت السلطات الاستخبارية في البلد لألاعيبها السابقة بالتحالف مع حزب الله؟
هذا ليس سؤالا تافها ، لأن السيد حسن نصرالله ، زعيم حزب الله ، يطالب الآن بإعدام المتعاونين مع اسرائيل. يجب التذكر أن السيد نصرالله ، هو الرجل الذي بدأ الحرب مع اسرائيل في 2006 ، الحرب التي قتل فيها اكثر من ألف لبناني ، والتي أسماها لاحقا بـ “النصر الإلهي”.
وهو زاد من غضب اللبنانيين الأسبوع الماضي عندما وصف سيطرة حزب الله العسكرية المؤقتة على غرب بيروت العام الماضي بـ “يوم النصر” ، رغم أن العشرات من اللبنانيين قتلوا في ذلك اليوم.
في الواقع أنه بالنسبة للمسلمين السنة وكثير من المسيحيين ، فإن السيد نصرالله يتحدث كأنه الرئيس اللبناني بدلا من صاحب المنصب الحقيقي ، الجنرال السابق ميشيل سليمان. زد على ذلك الاعتقاد المتنامي أن المعارضة اللبنانية ، التي يعتبر حزب الله عمودها الفقري ، من الممكن أن تفوز في الانتخابات الوطنية الأسبوع المقبل ، وما سيحمله اعتقال شبكة الجواسيس الاسرائيلية من تعقيدات أكثر غموضا.
الاسرائيليون كانو يحاولون بالفعل إعادة تجنيد بعض المتعاونين اللبنانيين السابقين لاجل اعادة تأسيس خدماتهم الاستخباراتية بعد كارثتهم في حرب 2006 . معظم المصادر تقول أن بعض هؤلاء الرجال عملوا لاسرائيل قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 2000 ، وأن العديد منهم رفض العرض الإسرائيلي رفضا باتا في حين أن البعض الآخر أخبر السلطات اللبنانية بهذا العرض ، وربما حتى قاموا بالتبليغ عن هوية الرجال والنساء الذين اعتقلوا مؤخرا.
الأميركيون يحذرون بهدوء بأنه اذا فاز حزب الله ورفاقه في الانتخابات ، فإن عليهم إعادة النظر بحزمة المساعدات المقدمة للبنان والتي تتضمن معدات اساسية ، بالرغم من أنها عتيقة الطراز ، للجيش اللبناني. الأسبوع الماضي تساءل السيد نصرالله “لماذا انتم قلقون؟ إيران وسوريا تستطيعان تزويدنا بمعدات للجيش اللبناني”.
الأمور الآن تحركت أكثر بمقال مهيج ومثير للجدل في دير شبيغل. التي كتبت تقول أن المحكمة الخاصة التابعة للأمم المتحدة في لاهاي المكلفة بكشف قتلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري – نفس المحكمة التي امرت باخلاء الجنرالات الأربعة قبل أسبوعين – تركز على حزب الله كقاتل محتمل. كذبة ، يقول السيد نصرالله ، “مؤامرة اسرائيلية”. المحكمة تقول أنها لم تعط معلومات كهذه للمجلة الألمانية. ووزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك يحذر العالم الآن بأنه اذا فاز حزب الله في الانتخابات ، فإن إسرائيل سيكون لديها “حرية أكبر للتصرف”. من دون المزيد من الجواسيس لن تستطيع.
أداء الاستخبارات الاسرائيلية عام 2006 كان مؤسفا. فقد اتضح أن حزب الله حصل على الصور الجوية الاستطلاعية الاسرائيلية للبنان ، والتي تظهر بوضوح أي من خنادق حزب الله تم تحديدها وأي لم يتم تحديدها. اذا كانت شبكة الجواسيس الأخيرة هذه حقيقية ، فإن الاسرائيليين لن يقوموا بأداء أفضل بكثير في المرة المقبلة.
الدستور الاردنية-“الاندبندنت”