صفحات العالمما يحدث في لبنان

اسرائيل وانتخاباتنا

امين قمورية
حيرتنا اسرائيل… ماذا تريد فعلا؟
قبل اجراء الانتخابات عندنا ، كان بالها مشغولا من احتمال ان يفوز “حزب الله” وحلفاؤه في المعارضة بغالبية المقاعد النيابية، وان يغير هذا الفوز صورة لبنان وينعكس سلبا على اي مواجهة محتملة بينها وبين الحزب.
وكانت تعبر ايضاً عن خشيتها من ان سيطرة الحزب على مقاليد السلطة السياسية في لبنان لن تؤدي الى استيعابه داخل مؤسسات الحكم اللبناني، واندماجه في الحياة السياسية الداخلية، وتخليه عن عقيدته الجهادية وكفاحه المسلح ، وانما على نقيض ذلك فالحزب هو الذي سيغير الصورة السياسية الحالية للبنان بحيث تصير اكثر “حزب الهية”، وسيفرض سلم اولوياته السياسية والعسكرية على الحكم. بل ذهبت الى ما هو ابعد، بابداء القلق من ان مثل هذا الفوز سيجعل لبنان واقعا تحت الهيمنة الكاملة لايران مما سيعرّض اسرائيل للخطر!!
ومن فرط مبالغتها ، قدمت الشأن اللبناني في جدول اعمالها على التوتر القائم بينها وبين الادارة الاميركية في شأن الاستيطان واقامة الدولتين. وكادت ايضا ان تقدمه على الخطر الايراني ، مهددة بالويل والثبور اذا نجح “حزب الله” في التنافس الانتخابي السياسي وتدمير البنى التحتية على رؤوس اللبنانيين جميعا وجعل الدولة اللبنانية نفسها هدفا!!
لقد جرت الانتخابات اللبنانية بكل هدوء ، ومر يوم 7 حزيران بسلام ، ولم تشب الاستحقاق اللبناني اي شائبة تعكر صفو السماء الربيعية وشمسها المشرقة، وجاءت النتائج على عكس التوقعات ، فـ “حزب الله” وحلفاؤه المعارضون لم يحالفهم الحظ في الحصول على الاكثرية. وبدلا من التذمّر، اعلن امينه العام قبوله بالنتيجة واحترامه لها ولم يسجل اي اعتراض جوهري على سير العملية الانتخابية.
بقي الحزب في المعارضة. ولم ينل السلطة، ولم يهددها. ومع ذلك فان اسرائيل لم ترض، ولم تقبل، ولم تخفف من وعيدها وتهديدها . فقبل الانتخابات عبّرت عن قلقها من ان يغيّر فوز الحزب وجه لبنان. وبعد الانتخابات ابدت تذمرها من ان الخسارة الانتخابية للحزب قد تزيد من تشدده، وقد تدفعه الى المزيد من التهور والمس بقوى “الاعتدال” في المنطقة، او اللجوء الى التصعيد على الحدود . ومرة اخرى راحت تكيل الاتهامات للبنانيين جميعا، بمن فيهم الاخصام المحليون للحزب الذين الحقوا هزيمة انتخابية به ، وتحديدا لحكومة الاكثرية المقبلة مهددة اياها بشن حرب ضدها وحرمان الجيش اللبناني من المساعدة العسكرية الاميركية اذا لم تشرع فورا بشن حرب على “حزب الله” وتنزع سلاحه الذي عجز الجيش الاسرائيلي، بكل ما اوتي من قوة، عن نزعه.
وبلغت الوقاحة باسرائيل حدا، انها اعتبرت ان عدم فوز “حزب الله” في الانتخابات ستكون له انعكاسات سلبية عليها. ذلك ان الولايات المتحدة ستعتبر نتيجة الانتخابات اللبنانية فوزا عزيزا عليها، وانتصارا لحلفائها اللبنانيين ، مما قد يوطّد العلاقات الاميركية – اللبنانية ويدفع بواشنطن الى الضغط على اسرائيل لتقديم “هدايا” الى لبنان مثل الانسحاب من الغجر ومزارع شبعا، وعدم انتهاك اجوائه وسيادته. وتاليا ، وبشكل غير مباشر،  تخفيف القيود على الحزب وتسلّحه !
من هنا، ليس مهما بالنسبة الى اسرائيل، اذا فاز “حزب الله” في الانتخابات او لم يفز. فما يهمها هو ان يندفع اللبنانيون، بأي ثمن، الى التقاتل في ما بينهم، وما عليها هي سوى التشجيع على ذلك ومد اللبنانيين بالذرائع والمحفزات، مثل تخويفهم من حرب مقبلة قد تشنها ضدهم اذا لم يخوضوا عنها حربا بالنيابة. وهكذا لن يطمئن بالها الا عندما يستنسخ اللبنانيون مثال غزة والضفة!
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى