صفحات أخرى

مات ملك البوب مايكل جاكسون: حياة حافلة بالإنجازات.. ونهاية لحزمة من الأزمات

null
جاكسون رحل وترك إرثاً موسيقياً لم يسبقه إليه أحد
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– وضع إعلان وفاة مايكل جاكسون، ملك البوب، والمغني الأمريكي الأكثر شهرة، نهاية لحياة حافلة بالموسيقى والإبداع والاتهامات والأزمات، للرجل الذي بدأ الغناء طفلا.
وليل الخميس، أعلن في لوس أنجلوس وفاة جاكسون، إثر نوبة قلبية، بعدما وجده المسعفون في بيته غير قادر على التنفس، وقاموا بنقله إلى المستشفى وهناك حاول الأطباء إنعاش قلبه لكن دون جدوى، فأعلنوا وفاته.
ونورد، تاليا، أهم المحطات في حياة جاكسون.
29 أغسطس آب 1958: ولد مايكل جوزيف جاكسون في غاري في إنديانا ليكون الابن السابع لوالده جوزيف وأمه كاترين جاكسون، فالأب كان سائقاً لرافعة بناء لكنه كان عازفاً في فرقة محلية، فيما كانت الأم من محبي موسيقى الريف فاهتمت بتعليم أبنائها الغناء.
1963: أظهر الابن الصغير كغيره من إخوانه موهبة كبيرة في الغناء، ما دفع الأب إلى تشكيل فرقة تتكون من خمسة من أبنائه سميت “Jackson 5” وأدارها الأب بنفسه.
1968: بعد تشكيل الفرقة بخمس سنوات، قررت العائلة الانتقال للعيش في لوس أنجلوس، وهناك بدأت شهرتهم، لموهبتهم في الغناء والرقص وتميزهم بالملابس الفاقعة التي كانوا يلبسونها، وفي عام 1969 سجل مايكل أولى أغانيه المنفردة وأطلقها في الأسواق وكانت باسم “I Want You Back”.
1970: استمرت الفرقة بتقديم العروض المميزة والناجحة، كما بدأت تتصدر أغانيها قائمة المبيعات فقد أصدرت الفرقة “ABC”، و “The Love You Save” و”I ll Be There”.
وبعد بلوغه الـ 11 من عمره، بدأ مايكل جاكسون يقود الفرقة بصوته المميز، كما بدأ يكبر منبئاً بقدوم نجم جديد في عالم الفن والموسيقى.
1975: تعاقدت الفرقة مع شركة إنتاج جديدة هي “Epic” وغيرت اسمها ليصبح “Jacksons” لكنها استمرت في تقديم الأغاني المميزة مثل “Enjoy Your Self” و “Shake Your Body”.
1979: أصدر مايكل جاكسون ألبومه الأول تحت اسم “Off the Wall”  والذي باع منه أكثر من سبعة ملايين نسخة.
1982: أصبح مايكل جاكسون النجم الأوحد في الموسيقى، وذلك بعد إصداره لألبومه الثاني والذي حمل اسم “Thriller” والذي احتوي على عدة أغان منها “Billii Jean” و “Beat It” وحقق هذا الإصدار المبيعات الأكبر في التاريخ.
1984: رشح الألبوم “Thriller” للحصول على 11 جائزة غرامي للموسيقى حقق منها ثماني جوائز.
1987: في ذلك العام حصل جاكسون على لقب “ملك البوب” مستمراً في النجاح، ومهيمناً على الساحة الغنائية، فأصدر ألبومه الثالث والي حمل اسم “Bad” والذي حقق نجاحاً كبيراً، كما احتلت أغنيتاه “The Man in The Mirror” و “Dirty Diana” قائمة الأغاني لفترة طويلة.
1991: أصدر جاكسون ألبومه الرابع “Dangerous” والذي كان الأول مع منتجه الجديد تيدي رايلي، وباع من المنتج الجديد أكثر من 20 مليون نسخة، لكنه كان سقطة من حيث المبيعات مقارنة بألبوماته السابقة خصوصاً “Thriller”.
بعد ذلك أصدر جاكسون أولى أغانيه المصورة “Black & White” والتي حققت أعلى تقييم في ذلك الوقت بعد عرضها على قناة فوكس التلفزيونية.
فبراير/شباط 1993: ظهر جاكسون في برنامج “أوبرا” مع المقدمة الشهيرة أوبرا وينفري، وبين سبب تغيير لون بشرته بسبب مرض جلدي.
نوفمبر/تشرين ثاني 1993: ألغى جاكسون جولة غنائية عالمية، بعد إدمانه على الأدوية المسكنة، وأعلن حاجته للراحة والعلاج من الإدمان.
مايو/ أيار 1994: تزوج جاكسون من ابنة ليزا ماري بريسلي وهي ابنة النجم ألفيس بريسلي.
1995: جاكسون يصدر ألبوماً جديداً باسم “HIStory” لكن المفاجأة كانت أنه حقق مبيعات بلغت مليوني نسخة فقط داخل الولايات المتحدة، و12 مليوناً حول العالم، كما خرج من قائمة أفضل عشر إصدارات في الأسبوع الأول.
يناير/كانون الثاني 1996: جاكسون وبريسلي ينفصلان عن بعضهما بعد زواج دام أقل من سنتين.
نوفمبر/ تشرين ثاني 1996: تزوج جاكسون الممرضة ديبي روي، والتي أنجبت من جاكسون برينس، ثم بعد عامين باريس، انفصل الزوجان عام 1999.
2001: أصدر جاكسون ألبومه “Invincible” والذي حقق إخفاقاً كبيراً بمبيعاته التي بلغت ستة ملايين نسخة، بعدما كلف إنتاجه 30 مليون دولار، كما شهد نفس العام قيامه بأول حفلاته في أمريكا منذ عام 1989.
2003: فيلم وثائقي تلفزيوني يكشف عن أن مايكل جاكسون أخبر صحفياً أنه سمح لطفل بالنوم معه، لكنه نفى أن يكون هناك أي علاقة جنسية بينهما.
2005: تبرئة جاكسون من كل التهم الموجهة ضده والتي تتعلق أغلبها بالتحرش الجنسي بالأطفال.
مارس/آذار 2009: مايكل جاكسون يعلن نيته القيام بعدد من الحفلات في لندن، كما أعلن أن هذه الحفلات ستكون الأخيرة في مسيرته.
25 مايو/أيار 2009: إعلان وفاة النجم مايكل جاكسون عن عمر يبلغ الـ50 عاماً إثر نوبة قلبية.

كما هزت موسيقاه العالم، وفاة جاكسون تهز الشبكة العنكوبية
هناك الكثير من التساؤلات بشأن وفاة جاكسون
لندن، إنجلترا ((CNN) — كما هز الكثيرين حول العالم طرباً، هزت وفاة ملك البوب الأمريكي، مايكل جاكسون، الشبكة العنكبوتية حول العالم، حيث عجزت المواقع الإلكترونية الاجتماعية عن التعامل مع الزخم الهائل لحركة المرور الذي أطلقه نبأ وفاته.
وقال ناطق باسم “غوغل”، إنه “مابين الساعة 14:40 و15:15” “بالتوقيت المحلي” في 25 يونيو/حزيران، وجد بعض مستخدمو غوغل الإخبارية صعوبة في الوصول إلى نتائج بحث متصلة بمايكل جاكسون.
ووصفت “غوغل تريند” قصة وفاة جاكسون الغامضة بـ”البركان.”
وأصيبت حركة العديد من  المواقع الإلكترونية بالشلل جراء التزاحم الشديد، تحديداً موقع TMZ، الذي كان أول من نقل خبر وفاة جاكسون.
وارتفعت حركة التصفح على موقع CNN الإلكتروني، خمسة أضعاف، خلال ساعة من الزمن التي تلت إعلان وفاته، لتصل إلى 20 مليون متصفح.
وأصيب الموقع الإلكتروني لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز” بالشلل، أول وسيلة إعلام تأكد وفاة جاكسون، وتوقفت حركة “الرسائل المباشرة” لـأمريكا أون لاين AOL” على الموقع لمدة 40 دقيقة.
وقالت في بيان: “اليوم (الخميس) مثل لحظة تطور في تاريخ الإنترنت.. لم نشهد شيئاً كهذا البتة، لا في الحجم أو العمق.”
ولا تزال حركة بعض المواقع الإلكترونية تتسم بالبطء جراء التزاحم الشديد لوضع رسائل تعزية، أو للوقوف على آخر مستجدات وفاة نجم البوب الأمريكي الغامضة، من بينها موقعه الإلكتروني mjfanclub.net.
وساهمت تلك المواقع كذلك في نشر شائعات أججها وفاته المفاجئة، من ضمنها تلك المنشورة في “ويكيبيديا” وتقول إن “شقيقه، تيتو، قام بخنق مايكل بسلك مايكروفون.”

وبدأت شرطة لوس أنجلوس عملية بحث مكثفة عن الطبيب الخاص بالمغني بجاكسون، ومن المتوقع أن تُعلن نتائج تشريح جثته خلال فترة تمتد من ستة إلى ثمانية أسابيع.
ومن جانبه، نقل القس، جيسي جاكسون، الصديق المقرب لعائلة جاكسون، إن العائلة “تشتبه” في وفاته، وتطالب طبيبه، كونراد روبرت، بتقديم تفسيرات عن ظروف وفاته، وفق ما نقلت شبكة “ABC” الأمريكية.
وقالت شرطة المدينة الأمريكية إن المحققين تحدثوا مع الطبيب الذي كان مع “ملك موسيقى البوب” قبل قليل من وفاته، إلا أن جميع المحاولات للاتصال به مجدداً الجمعة، باءت بالفشل، مما يزيد وفاة المغني الأمريكي الذي يحظى بشهرة عالمية غموضاً.
وكتبت زوجته السابقة، ليزا ماري بريسلي، ابنة ألفيس بريسلي، في مدونتها الجمعة ، أن مايكل خشي من وفاة تشابه موت والدها.
وقالت ليزا، التي اقترنت بجاكسون لأقل من عامين من مايو/أيار 1994 حتى يناير/كانون الثاني 1996، إن زواجها منه لم “يكن عاراً كما نقلت وسائل الإعلام، بل لإنقاذ جاكسون من مصير محتوم، وهو ما حدث للتو.”
ويذكر أن ألفيس بريسلي توفي في 16 اغسطس/آب عام 1997، في عمر الـ42، وعزي موته إلى عدم انتظام دقات قلبه، إلا أن نتائج التشريح، التي لم يكشف عنها، وضعت اللائمة على سوء استهلاك العقاقير.

وفاة مايكل جاكسون المفاجئة تثير صدمة حول العالم وتؤدي الى بطء الانترنت
لوس انجليس ـ وكالات: ظلت الوفاة المفاجئة لـ ‘ملك البوب’ مايكل جاكسون الخميس عن 50 عاما في احد مستشفيات لوس انجليس اثر اصابته بأزمة قلبية، غامضة الجمعة واثارت الصدمة حول العالم.
ولم يقدم المتحدث باسم معهد الطب الشرعي في مقاطعة لوس انجليس فريد كورال اي ايضاح عن اسباب الوفاة، قائلا ان تشريحا سيجرى، اعتبارا من الجمعة على الارجح، فيما تحدث بعض المقربين من المغني عن استهلاكه الادوية بكثرة. واكد جيرمين، احد اشقاء مايكل جاكسون، ان الاطباء حاولوا على مدى اكثر من ساعة انعاش شقيقه ولكن من دون جدوى. واكد وقد بدا عليه الحزن العميق، ان شقيقه توفي جراء ‘نوبة قلبية’.
وكانت انباء ذكرت في شهر سباط (فبراير) الماضي ان جاكسون الذي كان يقيم في البحرين اعتنق الاسلام. ويشار الى ان شقيقه جيرمين المتزوج من بحرينية معتنق للاسلام ايضا وقال في نعيه ‘الله سيتغمده برحمته’.
ووصف مدير اعمال جاكسون السابق وصديقه التونسي طارق بن عمار الجمعة اطباء المغني الراحل بأنهم ‘مشعوذون’ و’مجرمون’ استغلوا معاناة النجم العالمي من ‘الوسواس’ وتناوله الكثير من العقاقير.
وصرح المنتج السينمائي ورجل الاعمال في حديث مع اذاعة ‘اوروبا 1’ الفرنسية ‘من الواضح ان المجرمين في هذه القضية هم الاطباء الذين عالجوه طوال حياته المهنية وشوهوا وجهه واعطوه المسكنات’.
وكان جاكسون يخضع للعلاج ليستعيد لياقته استعدادا لبرنامج من خمسين حفلة موسيقية كان مقررا هذا الصيف في لندن، على ما اعلن الخميس محامي عائلته براين اوكسمان مؤكدا عبر شبكة ‘سي ان ان’ ان وفاته ‘لم تكن مستبعدة (…) بسبب الادوية التي كان يتناولها’.
واثارت وفاة جاكسون الصدمة في عالم الاستعراض، حيث توالت ردود الفعل على وفاة ‘الرجل – الطفل الفائق الموهبة’ بحسب عضو البيتلز السابق بول ماكارتني على موقعه على الانترنت. اما المنتج كوينسي جونز الذي حول جاكسون الى نجم عالمي في الثمانينات فأعلن انه ‘مصدوم تماما’، فيما اقرت مادونا انها ‘عاجزة عن الكف عن البكاء’. ومن اليابان الى جنوب افريقيا، اعرب السياسيون عن حزنهم للنبأ.
ووجه وزير الثقافة الفرنسي فريديريك ميتران الجمعة تحية الى ‘العبقري الموسيقي والاستعراضي’ الذي توفي ‘وسط الوحدة’ وانضم الى ‘مارلين مونرو، جيمس دين، والفيس برسلي’.
اما شبكة الانترنت فامتلأت الجمعة برسائل التعاطف من مشاهير او شخصيات لم تكشف عن هويتها احياء لذكرى ‘ملك البوب’ الراحل.
واكد موقع غوغل للبحث على الانترنت لـ ‘بي بي سي’ أن حجم الدخول إلى صفحاته كان يشبه الهجوم عندما اذيع النبأ لاول مرة.
كما تعطل موقع تويتر على الانترنت بسبب الضغط الناجم عن قيام المعجبين والشخصيات الشهيرة بوضع رسائل عن وفاة جاكسون، واحتلت البومات ملك البوب أول 15 موقعا على قائمة الالبومات الاكثير مبيعا في موقع امازون الليلة الماضية.
وادت وفاة المغني الامريكي الى دفع الانتخابات الايرانية الى المرتبة الخامسة بين مواضيع موقع المدونات القصيرة تويتر.
وفيما تنافست محطات التلفزيون الامريكية في عرض برامج خاصة عن حياته، تجمع محبو مايكل جاكسون في نيويورك مساء الخميس ووجهوا له تحية عفوية وموسيقية.
ومنذ مغادرته كاليفورنيا في 2005 اثر تبرئته في دعوى قضائية بتهمة التحرش جنسيا بقاصر، عاش جاكسون في شبه عزلة عن العالم وقضى القسم الاكبر من وقته في البحرين ولاس فيغاس.
وكتبت الشهرة لجاكسون منذ سن العاشرة، بفضل صوته المتميز في اي مكان وبراعته غير الاعتيادية في الرقص، في اطار فريق ‘جاكسون فايف’ حيث كان يغني مع افراد اسرته الاربعة الباقين، ليبلغ لاحقا النجومية العالمية المطلقة مع البومات من مثل ‘اوف ذي وال’ و’ثريللر’ في 1982، وهو اكثر الاسطوانات مبيعا في العالم.
ولكن منذ الثمانينات، بدأ جاكسون يظهر بوادر جسدية وسلوكية غريبة، والى جانب كونه ظاهرة موسيقية اصبح المغني العالمي بحد عينه الظاهرة.

الغموض يكتنف وفاته رغم الانتهاء من تشريح جثته
مايكل جاكسون تنبأ بـ”رحيله المفاجئ والغامض” منذ سنوات
الغموض يكتنف وفاته رغم الانتهاء من تشريح جثته
عشاق نجم البوب الأمريكي يعربون عن حزنهم لرحيله
في الوقت الذي انتهى فيه الأطباء من تشريح جثة مايكل جاكسون، دون التوصل إلى تحديد سبب وفاته، مع تركز التكهنات على استخدامه مسكنات وصفها له أطباء، كشفت الزوجة السابقة لنجم البوب الأمريكي، أنه تنبأ منذ سنوات بأن تنتهي حياته مثل المغني المشهور ألفيس بريسلي؛ الذي رحل بشكل مأساوي ومفاجئ واكتنف الغموض حادثة موته.
وقالت ليزا ماري بريسلي الزوجة السابقة لمايكل جاكسون، وابنة ألفيس بريسلي الذي يلقب بملك الروك أند رول، في مدونتها على الإنترنت، إن مايكل تحدث مرارا عن مسألة وفاته، قائلا -ذات مرة- إنه يخشى “أن تنتهي حياته” مثل والدها ألفيس بريسلي.
ويذكر أن ألفيس بريسلي سقط مغشيا عليه في حمام منزله بممفيس، في 16 أغسطس/آب 1977. وكان يبلغ حينها 42 عاما، وأعلن أن السبب في وفاته اضطراب في ضربات القلب، لكن تقرير الطب الشرعي أغلق وسط مزاعم أن السبب الحقيقي وراء الوفاة هو إساءة استخدام وصفة طبية.
وذكرت ليزا بريسلي “كان يعلم.. منذ سنوات، كان لي أنا ومايكل حوار مطول حول الحياة بوجه عام.. لا يمكنني تذكر موضوع الحديث على وجه التحديد، لكنه ربما يكون قد سألني حول ظروف وفاة والدي”.
وأضافت “لقد توقف عند نقطة معينة، وأخذ يحدق في وجهي بشدة، وقال بثقة تكاد تكون مطمئنة، أخشى أن ينتهي بي المطاف مثله، الطريقة التي رحل بها”.
وأوضحت زوجة المغني الراحل السابقة والآن، بعد 14 عاما من المحادثة، “أجلس هنا وأشاهد في الأخبار سيارة إسعاف تغادر منزله، الأبواب الكبيرة، الحشود خارج الأبواب، التغطية الإعلامية، الحشود خارج المستشفى، هالني سبب الوفاة، وما يمكن أن يكون قد أدى إليه، وذكريات تلك المحادثة، فيما انهمرت دموعي بلا توقف”.
الغموض يكتنف وفاته رغم الانتهاء من تشريح جثته
ولا يزال الغموض يكتنف سبب وفاته بعد أن انتهى الأطباء من تشريح جثته وإعلانهم إنهم لا يستطيعون على الفور تحديد سبب وفاته، مع تركز التكهنات على استخدامه مسكنات وصفها له أطباء.
ونقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم مسؤول التحقيقات الجنائية بمقاطعة لوس أنجليس إن “سبب الوفاة أجل الأمر الذي يعني أن مسؤول الفحص الطبي أمر بإجراء اختبارات إضافية؛ مثل اختبارات السموم ودراسات أخرى”. وأضاف “نتوقع أن تستغرق هذه الاختبارات ما بين أربعة وستة أسابيع إضافية”.
وقال -لحشد من الصحافيين أمام مكتب مسؤول التحقيقات الجنائية لا توجد إشارة على وجود إصابات خارجية في جثمان جاكسون، أو مؤامرة فيما يتعلق بوفاته.
وأضاف أن مكتبه يتوقع تحديد سبب وفاة جاكسون -50 عاما- لدى انتهاء الاختبارات، وأوضح أنه سيتم تسليم الجثة لأفراد العائلة، بعد اختيار قاعة لحفظ الجثث لإعداد ترتيبات الجنازة.
ونقلت الوكالة عن موقع “تيامزد دوت كوم” المتخصص في أخبار المشاهير، عن مقابلة مع “عضو وثيق” بعائلة جاكسون، أن جاكسون حقن بمسكن ديميرول قبل نصف ساعة تقريبا من تعرضه لأزمة قلبية.
وفتشت الشرطة قصر جاكسون المستأجر في هولمبي هيلز بلوس أنجليس، وتعتزم مقابلة طبيبه الخاص الذي كان معه وقت وفاته.
ونقل موقع “تيامزد دوت كوم” -عن أفراد بعائلة جاكسون- قولهم إن جاكسون كان يتلقى جرعة يومية من ديميرول عن طريق الحقن، قال الموقع إن الأسرة تعتقد أن وفاته نجمت عن جرعة زائدة من هذا العقار.
وقال مسؤول كبير في الشرطة لمحطة “إيه بي سي نيوز” إن جاكسون كان “مدمنا بشدة” للمسكن أوكسيكونتين، وكان يحقن يوميا بهذا العقار بالإضافة إلى ديميرول.
وقال بريان أوكسمان، وهو محام لعائلة جاكسون، أمس الجمعة، إنه كان قلقا من أن استخدام جاكسون للعقاقير من أجل الإصابات التي تلحق به نتيجة الرقص قد يكون قاتلا في نهاية المطاف، وإن الدائرة المحيطة بالمغني الشهير تجاهلت تحذيراته.
وأضاف “لا أريد أن أشير إلى أحد لأنني أريد الاستماع إلى ما يقوله تقرير اختبار السموم، وما يقوله مسؤول التحقيقات الجنائية، ولكن الحقيقة الواضحة في هذا الأمر أن مايكل جاكسون كان لديه طوال الوقت عقاقير طبية”.
وأحيا معجبون ونجوم بوب آخرون، في كل مكان، ذكريات عبقرية جاكسون الموسيقية، التي شوهت على مدار العقد الماضي بسبب اتهامات بالتحرش بالأطفال والسلوكيات الغريبة.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما وصف جاكسون بأنه “مؤد رائع”، ولكنه قال أيضا إنه يعتقد أن جوانب حياته كانت “حزينة ومأساوية”.
وتصدر نبأ وفاته الصفحات الأولى حول العالم، وبثت المحطات الإذاعية أعظم أغانيه من ألبوم “المثير” إلى “بيلي جان”، وامتلأت مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت بالرسائل والإشادات من المعجبين والموسيقيين.

أغاني جاكسون تصدرت المبيعات عقب وفاته
عواصم – وكالات
تصدرت أغاني مايكل جاكسون قوائم أكثر الأغنيات مبيعا، بعد ساعات من وفاته. وتربعت أغنيات جاكسون وفريق “جاكسون فايف”؛ الذي ضم أشقاء جاكسون، المراكز الـ15 الأولى في قائمة أكثر المنتجات الموسيقية مبيعا على قائمة موقع “أمازون.كوم” الأمريكي المتخصص في بيع المواد الترفيهية على شبكة الإنترنت، والذي يحدث قوائمه على الإنترنت كل ساعة. وسجل الموقع إقبالا شديدا على ألبوم “ثريلر” الشهير، حسب تقارير الجمعة 26-6-2009.
وامتلأت شبكة الانترنت الجمعة برسائل التعاطف من مشاهير او شخصيات لم تكشف عن هويتها احياء لذكرى “ملك البوب” الراحل.
وادت وفاة المغني الامريكي الى دفع الانتخابات الايرانية الى المرتبة الخامسة بين موضوعات موقع المدونات القصيرة “تويتر”.
يشار إلى أن جاكسون عاش حياة منعزلة بعد تبرئته في عام 2005 من اتهامات التحرش الجنسي بالأطفال، وهي المرة الثانية التي يواجه فيها مزاعم غير مؤكدة بالتحرش الجنسي بأطفال صغار.
وقالت نجمة البوب مادونا “لا يمكنني التوقف عن البكاء لهذا الخبر الحزين… لقد كنت معجبة دائما بمايكل جاكسون. لقد فقد العالم أحد العظماء ولكن موسيقاه ستعيش للأبد”.
ومن جهتها، أعربت الممثلة الإيطالية الشهيرة صوفيا لورين -74 عاما- عن صدمتها الشديدة من نبأ وفاة جاكسون المفاجئة، وقالت “فقد العالم رمزا. لن يأتي مطلقا شخص مثل مايكل. أشعر بالأسى الشديد”. وقالت لورين إنها تأمل أن يجد جاكسون أخيرا “الراحة التي يستحقها بعد المعاناة الطويلة”.
مؤسسة نيلسون مانديلا ترثي جاكسون
وانضمت مؤسسة “نيلسون مانديلا”، التي يملكها رئيس جنوب إفريقيا السابق وأحد رموز مناهضة التمييز العنصري إلى محبي الموسيقى، في مختلف أنحاء العالم، للإعراب عن صدمتها بسبب وفاته.
وقال المؤسسة -في بيان- “تأسف مؤسسة نيلسون مانديلا لوفاة مايكل جاكسون.. سيشعر محبوه في مختلف أنحاء العالم بفقدانه”.
وكان جاكسون التقى بمانديلا عام 1999، وقدم تبرعا إلى صندوق “نيلسون مانديلا للأطفال”.
وقبل عامين -خلال زيارته “التاريخية”- قدم حفلا موسيقيا في مدينة دربان الساحلية بجنوب إفريقيا.
وعرضت محطات الإذاعة في جنوب إفريقيا أغاني جاكسون خلال الصباح، واتصل محبوه للإعراب عن صدمتهم بسبب وفاة ملك البوب.
صدمة في اليابات
وفي طوكيو، وصف اليابانيون جاكسون بأنه أسطورة، وأن أنباء وفاته أصابت البلاد بالصدمة والحزن.
وقال أحد الخبراء في مجال الصناعة في قناة “نيبون” التلفزيونية اليابانية “أصبح جاكسون أسطورة نظرا لأنه كان يتسم بموهبة شديدة، ولهذا السبب كثرت حوله الشائعات خلال حياته المتألقة”.
وكان جاكسون زار اليابان آخر مرة في آذار/مارس عام 2007، حيث التقى بمحبيه لالتقاط صور فوتوغرافية له. ودفع كل منهم 400 ألف ين (4100 دولار) ليقضي وقتا معه.

وقالت تقارير إعلامية إنه لم يغن أو يرقص خلال إقامته، لكن توجه للتسوق في متجر إلكترونيات كبير في طوكيو؛ لشراء دمى.
وزار اليابان، لأول مرة، في عام 1987، بعد أن لاقت أغنيه “ثريلر” أفضل رواجا دوليا وزادت شعبيته هناك.
كما أصاب أيضا نبأ وفاته بعض السياسيين اليابانيين بالصدمة. وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية تاكيو كاوامورا “أعرب عن أسفي الشديد لوفاة نجم عظيم مثل هذا. انظروا إلى التغطية الإخبارية التي تنشر ويمكنكم أن تعرفوا تأثير هذا الرجل”.
براون: خبر محزن للملايين من عشاقه
وأعرب رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون –الجمعة- عن حزنه لوفاة “ملك البوب” المغني الأمريكي جاكسون.
وقال متحدث باسم براون، خلال تصريحات في لندن، “هذا خبر محزن للغاية بالنسبة للملايين من عشاق مايكل جاكسون في بريطانيا والعالم”.
ومن ناحية أخرى، أشادت المغنية الأمريكية المعروفة ماريا كاري بـ”المساهمة الفريدة” التي قدمها المغني الأمريكي الراحل.
وقالت كاري، اليوم الجمعة، عن طريق إدارة أعمالها في لندن إن جاكسون “أدخل السعادة إلى قلوب الملايين من عشاقه”.
وأضافت كاري “لن يحتل أي فنان آخر مكانه مطلقا.. نجمه سيظل مضيئا”.
ومن جهته، قال نجم الروك الأمريكي ليني كرافيتز “لن تظهر موهبة مثل مايكل جاكسون مطلقا”. وقال إن المغني الأمريكي كان شخصا “منحه الله صوتا ملائكيا”.
وأكد كرافيتز أنه لمس في جاكسون شخصية شديدة المرح خلال عملهما المشترك.
وأضاف “رأيت أيضا كيف كان أبا وإنسانا رائعا.. أنا في قمة الحزن”. وقال مخاطبا النجم الراحل “لقد أعطيتنا كل ما في وسعك”.
الأفارقة يرثون فنانا حارب الجوع
وقد لف الحزن والاسى والخيبة ارجاء افريقيا اثر اعلان وفاة جاكسون الذي يذكره الكثيرون من الافارقة خصوصا باعتباره فنانا كبيرا وملتزما بمكافحة الجوع في القارة التي تعتبره “ابنا” لها، حتى ولو كان البعض يجد صعوبة في تجاوز مجونه.
وبدا التأثر بشكل خاص في اثيوبيا أمس الخميس لأن جاكسون كان وراء تعبئة دولية ضد المجاعة بفضل اغنيته الشهيرة “وي آر ذي وورلد” (1985) التي كتبها مع ليونل ريتشي واداها اكثر من 20 مغنيا.
وقال وزير الثقافة الاثيوبي محمود ديرير “في المدن الكبرى الاثيوبية تأثر الكثير من الناس بشكل خاص لوفاته”.
ومن نيروبي الى دكار، توالت شهادات التأثر والانفعال والتعليقات التي اشادت بسيرة مايكل جاكسون سليل الاسرة الفقيرة من السود في شمال الولايات المتحدة واجداده العبيد المرحلين و”ابن” افريقيا التي زارها في سبعينات وتسعينات القرن الماضي.
وكتب على يافطة ضخمة لدى وصوله في 1992 الى ليبرفيل حيث كان في انتظاره عشرات آلاف المعجبين “اهلا بك في الديار مايكل”.
ومنذ ذلك الحين، اصبح لديه اسم محلي في الغابون هو ميكالا. وعرفت اسرته بقربها من اسرة الرئيس الغابوني الراحل عمر بونغو.
وقال علي بونغو وزير الدفاع ونجل رئيس الغابون الذي نظم زيارته الى بلاده “انه اول فنان يفرض نفسه على العالم باسره وعلى كل الاجناس. لقد اثبت ان الموسيقى لا حدود لها”.
وفي كينيا، قال اريك وايناينا احد اشهر المطربين “كان يقوم بأشياء خارقة ببساطة من خلال الغاء الحواجز بين موسيقى السود والبيض”.
واكد المغني السنغالي اسماعيلا تيديان من فرقة الاسطورة توري كوندا “لا شيء سوى الحزن والاسف بعد رحيله”، مضيفا “لقد كان هرما موسيقيا وقام بأمور كثيرة في الفترة التي عاشها”.
اما الفنانة السيراليونية جانات ويلس التي كانت تعتزم السفر الى لندن لحضور عودة جاكسون الى الغناء، فقد كان وقع اعلان وفاته خبرا “لا يصدق وصدمة”. ودعت بلادها الى اعلان “الحداد اسبوعا باسم التضامن بين السود لان الفقيد جللنا بالفخر”.
وقال الكاميروني روجيه سامينغ من فرقة افرو-بوب ايكس مالايا ان “مايكل جاكسون احدث ثورة في الموسيقى وكان يجعلنا نحلم منذ نعومة اظفارنا”، في حين اشار مواطنه روبن بينام بيكوي من فرقة ماكاسي الى “جديته ومهنيته” وقدرته “على التجديد المستمر”.
واذا كانت عبقرية الفنان موضع اجماع من الكل، فانه كان موضع انتقاد لجهة السلوك او بسبب جوانب من حياته الخاصة، كما هو الحال في ساحل العاج حيث اعلن ملك البوب زعيما قبليا في ابواسو (جنوب شرق) اثناء جولته في 1992.
ويتذكر الصحافي تيبورسي كوفي ان جاكسون قام لدى نزوله من الطائرة “بسد انفه. واثارت تلك الحركة غضب السكان لانهم اعتبروا ان مايكل جاكسون اراد ان يقول ان ساحل العاج تنبعث منها رائحة كريهة”.
واعرب دي جي لوسيانو الموسيقي العاجي الذي كان قلد جاكسون في شبابه في النوادي الليلية في ابيدجان، عن اسفه لنهاية معبوده الذي رحل “مثقلا بالديون وقد لوثت سمعته فضائح التحرش بالاطفال”.
وقال وزير الثقافة الاثيوبي انه “باستثناء سلوكه الخاص، فانه يترك ذكرى لأيقونة خصوصا من خلال اغنيته التي تدعونا الى ترك عالم افضل للاجيال اللاحقة”.

الرجل الذي مات طفلا
بيروت – فراس زبيب: كما يكون للشخص الواحد أحيانا مهنتين اثنتين، او حبّين او جنسيتين او بيتين، كان للمغني الاميركي مايكل جاكسون جسدين.
لم يمض مايكل جاكسون سنواته الخمسين في جسد واحد. سنوات حياته تلك وزّعها بين جسدين اثنين، ووجهين اثنين، ولونين اثنين لبشرته الواحدة. وحدها ابتسامته، تلك الابتسامة التي كان معظمها خجل وطفولة، بقيت هي نفسها. هو رجل تخلّى عن كل شكله ولم يستطع التخلص من ابتسامته.
ترانا نتساءل بما يفكّر فيه نجم البوب الاميركي حين يرى صوره وهو طفل في العاشرة يغنّي على مسرح في منطقة هارلم النيويوركية مع اخوته الاربعة، أو نتساءل كيف يرى نفسه حين ينظر الى مشاهد فيديو كليباته الاولى، حين كان شابا اسودا بهيا وحسن الطلّة.
هل تلك الصورة وذاك الوجه بعيدين عنه لدرجة انه لم يعد يتعرّف على نفسه فيهما. نتساءل.. هل يشتاق الى شكله القديم كما يشتاق المرء الى شخص آخر تبعده عنه المسافات. ترانا نتساءل ايضا… أو هل يتذكّر مايكل جاكسون نفسه كما نستذكر نحن رفاق طفولتنا، وليس أنفسنا في ايام الطفولة؟..
هو رجل لم يستطع ان يكبر. لم يتعلّم كيف تأتي السنوات وتتلاحق تاركة آثارها على اجسادنا وافكارنا وتصرفاتنا. طُلب من ماكيل جاكسون ان يكون رجلا ونجما بعمر مبكر، لا بل انّه اُجبر على ذلك. نتذكره في احدى مقابلاته الشهيرة يتحدث عن كيف انه كان يحزن حين يرى اطفالا يلعبون، او يدرسون، او يضحكون… هو كان نجما في عمر العاشرة، وكان يحمل على كتفه مسؤولية تلك النجومية، وقساوة والده الذي صنعه وقتل طفولته في آن معا.

هؤلاء الذين تُسرق منهم طفولتهم لا يكبرون. مايكل جاكسون من هؤلاء، هو الذي امضى طفولته في عالم الكبار وعلى طريقتهم، وأمضى باقي حياته طفلا لا يحب الكبار ولا يفهمهم. وهو، في بحثه المستمر عن شكل آخر وعن لون آخر وعن وجه آخر كان كالأطفال الصغار، الذين يتعلّقون بالامور تعلّقا عضويا وملحّا، ولا يعرفون أن ينسوا.
في قصره الشهير الذي اطلق عليه اسم “نفرلاند” (neverland)، وهو اسم مأخوذ من قصة بيتر بان الشهيرة للاطفال حيث العالم السحري الذي يبقى فيه الاولاد اولادا، أمضى معظم حياته كرجل. هناك، كان يلعب مع الاولاد لساعات، وهناك كان يحلم بأنه لا يزال طفلا. أو انّه في الحقيقة لم يحلم بذلك، بل صدّقه وتعجّب من عدم تصديق الآخرين له. عاش جاكسون حياته بالعكس، هو الطفل الكبير البالغ، والرجل الذي كانت حياته تمشي الى الوراء، كأنه يصغر كل سنة عن التي سبقتها، حتى مات وجسده بعمر الخمسين وهو، من الداخل، طفل بعمر الولادة.
حياة ملك البوب كما يُطلق عليه كانت حياة حزينة، فيها من الفشل والمرض اكثر مما فيها نجاحات. في الموسيقى وحدها كان مايكل جاكسون يملك ميزات الكبار. كان فنانا حقيقيا، متطلّبا وصعب المراس. هناك، في الاستوديوهات التي سجّل فيها موسيقاه، كان رجلا وفنانا فقط. هناك، في الاستوديوهات، لم يكن مايكل جاكسون طفلا ابدا.
هؤلاء الذين عملوا معه كانوا يتحدثون عن مدى معرفته بالموسيقى ومدى تطلّبه وقساوته خلال صناعتها. ولكن الموسيقى لم تكن كل حياة مايكل جاكسون. هو الذي أخذته سذاجته الطفولية الى امكنة لا يعرف كيف يتصرّف فيها الصغار. ديون ومحاكم واتهامات وابتزازات وأمراض جعلت من حياة مايكل جاكسون سلسلة من المتاعب وجسرا من الفشل.
عاش منغلقا على نفسه معظم حياته. عاش وحيدا رغم زواجاته ورغم اخواته ورغم نجوميته. كثيرون هؤلاء المعجبين الذين لم يملّوا من الانعجاب به وبفنّه. كانوا يعيشون امام بيته، ويسافرون بين الولايات لمجرّد رؤيته، ويقلّدونه ويرقصون مثله ويجرون عمليات جراحية ليصبحوا مثله.
هو آخر النجوم العالميين بالمعنى “القديم” للنجومية. تلك النجومية التي يليق بها الموت المفاجئ اكثر مما تليق بها الحياة. نجومية فنانين كبار مثل جيمي هندريكس مثلا، او جيم موريسون او جانيس جوبلن او غيرهم.
مايكل جاكسون، الذي عاش حياته داخل جسدين، مات موتة واحدة.
نسيناه حين كبرنا وحين انغلق هو على نفسه في قصره الكبير حيث بدأ مشواره نحو الطفولة والمرض. نسيناه نحن الذين احببناه في صبانا وفي مراحل مراهقتنا المختلفة. نسينا كيف كنا نرقص على انغام موسيقاه وكيف كنا نقلّده بلبسنا ونحزن حين نسمع اشاعات من نوع انه يكره العرب ويشمئز منهم.
كنا نحزن فعلا، ولكننا لم نكن نقدر، آنذاك، على نسيانه ونسيان موسيقاه. ثم كبرنا، وانشغلنا بحياة الكبار، وضاعت ملامح جاكسون التي عرفناها والفناها
خلف وجهه الجديد وانفه الجديد ولونه الجديد.
خذلناه وفقدنا اهتمامانا به وباخباره. صرنا، حين نرى صوره النادرة في الصحف او على القنوات التلفزيونية ونسمع قصصه الجديدة التي لم يعد فيها سوى الامراض والفضائح، ننظر اليه نظرة مختلفة كأننا، فعلا، بتنا نخاله شخصا آخر.
نسينا مايكل جاكسون، نحن الذين كنا نجمع صوره التي كنا نجدها بعلب العلكة وننفق كل مصروف الطفولة عليها. نسيناه كمن يضع غرضا في مكان مغلق، لأن البعيد عن النظر بعيد عن القلب، كما يقول المثل الشعبي الفرنسي.
نسينا مايكل جاكسون حتى ذكّرنا موته المفاجئ بكل شيء فجأة، واعادتنا الصور التي بثّتها القنوات التلفزيونية العالمية الى طفولتنا، ومراهقتنا، التي كان فيها مايكل جاكسون نجما كما لم يعد في عالم اليوم نجوم.
أعادنا مايكل جاكسون الى ذكرياتنا بموته، او انه اعاد ذكرياتنا الينا. مايكل الطفل، ومايكل الرجل، ومايكل الفنان، وذاك الاسود والآخر الابيض، والجميل والقبيح كلهم ماتوا موتة واحدة.
واليوم نعرف ان مايكل جاكسون لم يترك لنا شيئا سوى الموسيقى والرقص الذي لم يعرف احد في العالم ان يبدع به مثله وعلى طريقته.
مات مايكل جاكسون عن خمسين عاما، فأعادتنا صوره الى طفولتنا، وكان موته كنفحة طفولة ارسلها الينا قبل ان يموت.
الراي

مايكل جاكسون الذي كان يستعد لـ 49 حفلة: ملــك آخــر يرحــل
عناية جابر
فاجأت وفاة المغني، والراقص، والشاعر الغنائي مايكل جوزف جاكسون المعروف بملك البوب، الأوساط الفنية وجماهيره التي قلّ نظيرها لأي فنان آخر. جاكسون مولود في 29 حزيران عام 1958 في انديانا ـ اميركا، بدأ مسيرته كمغن رئيسي (في سن السابعة) مع اخوته في الـ«جاكسون فايف» لنفصل بعدها الى أداءاته المنفردة عام 1979 لتسطع نجوميته وتتألق في ثباتها عام 1984.
جاكسون الذي قضى إثر نوبة قلبية على ما تناقلته الصحف، في مستشفى في لوس أنجلس، واجهته مصاعب مالية في الآونة الاخيرة، عمل على استدراكها بإعلانه استعداده لإقامة سلسلة من الحفلات الغنائية في العاصمة البريطانية لندن، بقيت هذه في طور التمني مع وفاة الفنان الكبير.
حفلت حياة مايكل جاكسون بالكثير من الأزمات، اقلها مادي، واكثرها فضائحي، تلك المتعلقة باتهامه بالإساءة الجنسية الى الاطفال، والتي برئ منها عام 2005، سوى ان اوضاعه النفسية تدهورت عموما إثرها. يذكر عن مثل هذه الفضائح، ما أرخ له البرنامج الوثائقي: «العيش مع مايكل» صناعة منتج من إذاعة الـBBC حوى حقائق خطيرة ادت الى اعتقال جاكسون لفترة ثانية بتهمة التحرش بقاصر، الى تهم اخرى.
البداية التي جمعته بأخوته في فرقة (جاكسون 5) اشتملت على الغناء بالملاهي الليلية المحلية والحانات الاميركية، الى ان تم توقيع عقد عمل مع شركة موتاون في عام 1969 تسنى معه للفرقة اطلاق اول البوماتها الذي ضم 4 أغان حلّت بالمرتبة الاولى. مايكل لم يبخل على اخوته المغنين بإطلاق صوته منفرداً في ألبوماتهم مثل Got to be there وBen ما سعد في انتشارها.
عمل المغني في التمثيل، وشارك في فيلم The Wiz من بطولة ديانا روس، طابعه غنائي. عمله مع المنتج كوينسي جونز اثمر اول ألبوم منفرد تحت عقده الجديد of the wall لاقى نجاحاً عالمياً خارقاً، جعل منه اول مغن اسود اذ باع 20 مليون نسخة وتربعت اربع أغاني فيه المراكز الخمسة الاولى من ضمنها Rock with you و Don”t stop til you get enough لتنطلق اثرها نجوميته المنفردة، مدعمها بالعمل على ألبوم ثان جمعه مع كونسي. كذلك ثمة ما يدعى بعهد البوم thriller (1982 ـ 1985) الذي تربع على الاكثر مبيعاً في التاريخ (60 مليون نسخة) احتوى سبع أغان وصلت جميعها الى المراتب العشر الاولى من ضمنها Billie jean الذي اصبح الفيديوال كليب الخاص بمغن اسود محطة M.T.V الاميركية.
نجاحات كثيرة حققها هذا المغني التي لم يتعد عمره الخمسين وتسجل له التفاتته الإنسانية في مشاركته لينول ريتشي كتابة الأغنية الاشهر we are the world التي كانت وما زالت اكبر اغنية خيرية، جمعت ما يقارب خمسين مليون دولار اميركي للقارة الافريقية في سبيل محاربة المجاعة. هذا لم يمنع تناوله، نقاداً وجماهير، بسبب عمله على تغيير مظهره وجلده، واعادة هيكلة وجهه وأنفه، ما اعتبر مؤشراً على مشاكل نفسية عانى منها مايكل، حتى آخر ايامه. اليزابيت تايلور، كانت من اقرب اصدقائه إليه، وهي ساندته في محنه ودعمته، كما كانت من سلّمته سنة 1989 جائزة مغني العقد تحت اسم: ملك البوب والروك والسول.
كوابيس
مات جاكسون في خضم استعداده لإحياء 49 حفلة اسطورية في لندن، تعيده الى المشهد الغنائي الذي غاب عنه طويلاً. والده جوزيف والتر، ووالدته كاترين استير وانجبت تسعة اطفال اشهرهم مايكل، الى جانب روبي وجاكي وتيتو وجيرماين ولاتويا ومارلون وراندي وجانيت، ويقال الكثير عن معاناة مايكل طفلاً، من والده وسطوته، الذي لطالما لجأ الى معاقبة اولاده بالضرب. هذه الطفولة البائسة تحدث عنها مايكل مرة وحيدة مع الاعلامية الاشهر أوبرا وينفري، حيث قال انه كان يبكي بسبب وحدته وبقي نادما بسبب انه ابن لوالد مثل جوزيف.
كوابيس لم تطغ على موهبته، بل لعلها اطلقتها اكثر في ألبومات حققت نجاحات ساحقة حال صدورها، وغيّرت المشهد الغنائي العالمي خلال العقود اللاحقة، اذ حولته من ساحة ترويجية الى اغنيات حقة تصنع الشهرة، وحولت في الفيديو كليب ليكون اضافة الى الاغنية بدلاً من ان يكون مجرد ديكور لها.
غنى مايكل في الحب، والاطفال، والارض، والمال، والمخدرات، والعنصرية، ورحل مخلفاً تراثاً غنياً، وقصراً في نيفرلاند خصصه للأطفال، بقيت علاقته بهم لغزاً محيزاً. رحل مغني Bad و scream و Dangerous وسواها، وتبقى رقصاته ماثلة امامنا، متلوياً من الموسيقى، والألم.

الاسطورة الضائعة
ساطع نور الدين
لا تمثل حياته القصيرة سيرة دقيقة لاحوال السود في اميركا، لكنها تعبر عن حقبة مضطربة من تاريخهم.. انتهت بوصول اول رئيس اسود الى البيت الابيض، لكنها ظلت تحفظ ذكريات مؤلمة عن كفاح طويل من اجل المساواة خاضه مغني البوب الأهم في العالم مايكل جاكسون على طريقته المثيرة للجدل، التي كادت تحجب صعود النجم باراك اوباما على مسارح السياسة الاميركية.
وبرغم أن ملايين الاميركيين ومثلهم من مختلف انحاء العالم بكوا رحيل الاسطورة الفنية مايكل جاكسون وارتدوا الاسود حداداً، وبرغم ان وفاته كان خبراً رئيسياً في جميع وسائل الاعلام التي استعادت محطاته من حياته المضطربة ومن اعماله الغنائية المؤثرة، فإن نهايته لم تكن مفجعة بقدر ما كانت مفاجئة، ولم تثر سوى الاسئلة القديمة حول رصيده وتراثه الذي لا يمكن ان ينسب لأي كيان او جماعة او اتجاه فني.
لم تكن بدايته مع اشقائه الخمسة في ستينيات القرن الماضي، سوى تعبير عن حاجة اميركا واوساطها الفنية البيضاء الى المصالحة مع فنون السود والاعتراف بثقافتهم، بعد الاعتراف بحقوقهم المدنية وأحلامهم السياسية التي حملها رائدهم مارتن لوثر كينغ. كان فريق «الجاكسون فايف» في ذلك الوقت اكتشافاً مسلياً اكثر مما كان اختراقاً غنائياً باهراً بالمقارنة مع ما كانت تلك البيئة السوداء تنتجه من اغنيات وألحان وقصائد خالدة.
لكن تميز مايكل في ما بعد عن بقية اشقائه الاربعة الذين يكبرونه سناً نتج عن اتجاهه نحو الاندماج في الاغنية البيضاء، اذا جاز التعبير، فصنع مجده الفني من خلال المؤسسة البيضاء التي تقبلته ورعته ودفعته الى الواجهة في الثمانينيات، وهي الفترة التي قاد فيها مايكل ظاهرة غريبة لدى الشبان والفتيات السود هي اللجوء الى تبييض بشرتهم للتعبير عن نهاية معركتهم ضد العنصرية وإعلان الاستسلام واستعدادهم للانخراط في المجتمع الذي طالما نبذهم.
في تلك الفترة حل مايكل جاكسون ضيفا على الرئيس الاميركي رونالد ريغان في البيت الابيض، وصار رمزا يستخدمه المحافظون في حملاتهم لنشر الثقافة الاميركية في دول المعسكر الاشتراكي، قبل ان يرموه بعيدا عندما حققوا فتوحاتهم العالمية، ما ادى الى تراجع اعماله الغنائية وزاد من اضطراب شخصيته المهزوزة اصلا، والتي بلغت حد اتهامه بالتحرش الجنسي بالاطفال وتجريده من ثروته المالية ما اضطره الى سلوك الطريق الذي سلكه بعض الاميركيين السود المضطهدين، اي اعتناق الاسلام، كما هو شائع وغير ثابت تماما، واللجوء الى بعض معجبيه العرب الخليجيين لطلب المال، من اجل اكمال مسيرته الفنية التي كانت لحظة وفاته على وشك انطلاقة جديدة.
بعض اغنياته ورقصاته دخلت تاريخ الفن، وسحرت المراهقين في مختلف انحاء العالم. لكن مايكل جاكسون لم يكن مضطهدا تماما، بل عمد الى التخلي عن لون بشرته وعن هويته لكي يسترضي المؤسسة التي لم تستطع ان تنل من عمالقة من السود الاميركيين الذين قدموا اجمل ما انتجته اميركا من موسيقى وغناء ورقص وشعر.

مايكل جاكسون… «حسبناه خالداً»
ديما شريف
«كنت أظنّه خالداً» لعلّ هذه الجملة لأحد الأشخاص الذين استطلعت «أورونيوز» آراءهم أمس، تعبّر خير تعبير عن صورة مايكل جاكسون في أذهان الأميركيين. هكذا جاء رحيل «ملك البوب» ـــــ جرّاء أزمة قلبيّة أوّل من أمس في منزله في لوس أنجلس ـــــ بمثابة صدمة ليس للوسط الفني فحسب، بل لمعجبيه الذين ينتمون إلى مختلف الشرائح العمرية في العالم. هذا الموت المفاجئ والغامض طرح علامات استفهام عدة، وجعل مدير أعماله السابق طارق بن عمار يتّهم أطباء المغني بأنّهم «مجرمون» استغلوا معاناته من «الوسواس» وتناوله الكثير من العقاقير.
لا نظلم جاكسون حين نقول إنّه ـــــ رغم عدد معجبيه الكبير ـــــ فإنّ الاهتمام بفنّه تراجع في العقدين الأخيرين أمام أخبار الفضائح التي عصفت بحياته الشخصيّة. ومنذ صدور ألبومه «HIStory» عام 1995، لم يعد أحد يبالي بإصداراته بقدر اهتمامه بالحمّى التي أثارها زواجه وطلاقه ودعاوى التحرش الجنسي التي رُفعت ضدّه. ولد جاكسون في آب (أغسطس) عام 1958. وفي الخامسة من عمره، انضمّ إلى إخوته ليكوّنوا فرقة «5 THE JACKSON» ولم يكد يبلغ الـ 11 حتى بدأ يتميّز عنهم. ومنذ 1971 بدأ يشقّ طريقه الخاص. باع أكبر عدد ألبومات في التاريخ، وحققت أعماله مبيعات بلغت حوالى 750 مليون دولار أميركي. وطبعَ موسيقى البوب بأغانيه حتى أصبح اسمه مرادفاً لهذا الفن. ولعلّ أبرز ما ميّز مسيرته الحافلة هو ألبوم «ثريلر» (1982) الذي باع 50 مليون نسخة فاستحقّ المرتبة الأولى في التاريخ في نسبة المبيعات. كما أنّ أربعة من أعماله احتلّت لائحة الأسطوانات الأكثر مبيعاً وهي: «off the wall» (1979)، «bad» (1987)، «dangerous» (1991) و«HIStory».
رغم كلّ هذه النجاحات، طغت فضائحه الشخصيّة على فنّه، مذ قرّر في منتصف الثمانينيات، أن يغيّر شكله، فاحتلّت نظريات «كره النفس» صفحات الجرائد. وسرعان ما بدأت بشرته تَفتح. يومها، ادعى بأنّه مصاب بمرض نادر يؤدي إلى ظهور بقع بيضاء على البشرة. ولاحقاً بدأت رحلة عمليات التجميل ليغيّر أنفه تدريجاً حتى استبدله بآخر جديد! لكنّ الجمهور سرعان ما نسي هذه الأمور حين فوجئ في منتصف التسعينيات بأول اتهام لجاكسون بالتحرش الجنسي بقاصر. علماً بأنّ جاكسون اعترف مرةً لأوبرا وينفري بأنّ والده تحرّش به عندما كان صغيراً.
حينها، ادّعى أهل الطفل بأنّ جاكسون تحرّش به بعدما دعاه مع مجموعة أطفال فقراء إلى قصره «نيفيرلاند». لكنّ القضية سُوِّيت بعدما دفع جاكسون 20 مليون دولار مقابل تنازل أهل الولد عن التهمة. وبعد أشهر، تزوج ابنة إلفيس بريسلي في خطوة عُدّت تمويهاً على ميوله الجنسية، غير أنّ الزواج لم يدم سوى عامين. عاد جاكسون وتزوج ممرضة تدعى ديبي أنجبت منه ولدين: برينس مايكل جونيور (1997) وباريس مايكل (1998)، ليتطلّقا في 1999. وفي 2002، ولد له برينس مايكل الثاني الذي لم تُعرف هويّة والدته.
أما رحلته مع المورفين، فقصّة أخرى بدأت عام 2003 إثر اتهامه مجدداً بالتحرش بقاصر، واستمرت بعد تبرئته عام 2005، إثر انتقاله إلى البحرين بضيافة أحد أمرائها. وفي الفترة الأخيرة، عانى جاكسون متاعب مالية جمّة عزاها بعضهم إلى دفعه تسويات مالية لأشخاص كانوا سيقاضونه بالتهمة الجديدة القديمة: التحرش الجنسي بقاصرين.
ورغم حياته العاصِفة والمثيرة للجدل، لا يمكن تجاهل تأثير جاكسون ـــــ الذي نال جائزة «غرامي» 13 مرةً ــــــ على جيل البوب والهيب هوب والآر أند بي منذ التسعينيات حتى اليوم مع بريتني سبيرز، جاستين تيمبرلايك، ماريا كاري… وقبل وفاته، كان مقرراً أن يؤدي 50 حفلة حول العالم، أولاها في بريطانيا الشهر المقبل، وكانت البطاقات قد نفدت كلّها!
وفي ردود الفعل الأولى على موته، قالت زوجته السابقة ليزا ـــــ ماري بريسلي إنّها حزينة، ومرتبكة، وقلبها مع أولاد جاكسون «الذين أحبَّهم كثيراً». أما القسّ المثير للجدل آل شاربتون، فأعلن أنّ جاكسون أدخل الأمل إلى قلوب السود في العالم قبل باراك أوباما. بينما قالت مادونا «لا أستطيع التوقف عن البكاء منذ علمت بالخبر الحزين».
وبعد شيوع خبر رحيله، انتشرت المجموعات على موقع «فايسبوك» وضمّت إحداها ما يزيد على 80 ألف شخص، فيما وصل عدد أعضاء مجموعة أنشئت قبل وفاته إلى ما يقارب 900 ألف. وبينما ينتظر الكلّ معرفة مكان وفاته، تحفّظ شقيقه الكبير، جيرمين عن الموعد ريثما تُستكمل نتائج تشريح الجثة وفحص السموم التي قد تستغرق أسابيع. إلّا أنّ بعض الأصوات بدأت تعلو منذ الآن مطالبةً بدفنه على الطريقة الإسلامية بعدما سرت أنباء عن تحوّله إلى الإسلام في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

ملاكنا الهجين
نجوان درويش
الملاك الهجين يغادر بأجنحة مكسورة وعمليات تجميل و«نجاح» أسطوري وشائعات و«فضائح» وديون… و«معجبين» يلوحون له من جهات الأرض الأربع. يغادر بعدما تعب من محاولات شفاء الأرض أو شفاء نفسه. نهاية درامية تليق بملاك أرضي لم يكن معصوماً عن شيء. جمع في شخصيته كل ما لا يُجمع، أثيرية الملائكة (الأرضيين) وبلاستيكية عصر التقنية والتصنيع. هو هذا التبادل الخفي بين الجوهري والمصطنع في الإنسان. الملاك الهجين الذي ـ كما يقول ـ دُمغت طفولته بأب قاس، وجد العالم أباً قاسياً آخر لا خلاص منه. كانت طفولته المستعصية ملاذاً وشقاءً في آن، من عقدة «بيتر بان» ـ الطفل الذي لا يكبر ـ إلى اتهامه المتأخر بـ «البيدوفيليا» وهي التهمة التي بُرِّئ منها. لكن مشاكله سلبته ربما الطاقة التي يحتاج إليها كائن بشفافيته لمواجهة العالم.
يُروى أن والده لبس مرةً قناع وحش وتسلّل من نافذة غرفة أولاده حتى «يعلّمهم» ألّا يتركوا النوافذ مفتوحة! قد تكون قسوة الأب مبالغة من الملاك الهجين لمواراة جرح أعمق. لعلها مجرد كناية عن قسوة العالم وقسوة أميركا تحديداً، وقسوة أن تكون زنجياً في عالم «يمتلكه» الرجل الأبيض. الهجنة في حياة جاكسون هي دمغة القسوة التي لا خلاص منها، حتى «اللامكان» (مزرعته Neverland) لم تحمه من العالم/ الأب وقد لبس قناع وحش وربض على نافذته.
صبي أسمر فائق الحيوية يرقص بالأبيض والأسود، بهذه الصورة أطلّ أواخر الستينيات ومطلع السبعينيات في حقبة انتشار التلفزيون وبداية عصر صناعة الصورة. ولعل «الصورة» هي كلمة السر في حياة «جاكو»، فما انفكت صورة الصبي الأسمر تعرض مع علامة استفهام (وقد صار رجلاً أبيض. الأسود الذي صار أبيض) لن يكفيها في حالة جاكسون التحليل الكلاسيكي الذي يقدمه فانون في «وجوه سوداء.. أقنعة بيضاء». وإن كنا لا نستبعد هذا التحليل عن أسطورة الملاك الهجين: صنيعة الزمن الأميركي وشركات التسجيل وضحيتها… صنيعة نفسه وضحية صورته. ولعلنا لا نجد «معادلاً موضوعياً» للعصر الذي نلوّح له، مثل أسطورة جاكسون.. ملاكنا الهجين!
الأخبار

مايكل جاكسون نقيض باراك أوباما.. وألفيس برسلي
مايسة عبود
هو مايكل جاكسون الذي حاول الهرب من كل شيء وبقي العالم كله يلاحقه. هرب من طفولته الصعبة لكنه بقي عالقا في ذكرياتها. لاحقا، هرب من عائلته وفرقة «جاكسون5»، حاول التخلص من لون بشرته فكان تخليه المعلن والنهائي عن هوية لم يتقبلها يوماً. بعدها بسنوات غادر متضايقاً من بلده إلى الخليج على خلفية اتهامه بالتحرش الجنسي مرتين، قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة حيث أملاكه ومزرعته التي تضم مدينة ملاه وقطارات وفدادين شاسعة. مايكل جاكسون
بقي جاكسون بهذا المعنى بيتر بان، الطفل الذي يرفض أن يكبر. يفضّل الابتعاد عن خيبات تأتيه من العالم والإعلام المهووس بأدق تفاصيل حياته. الإعلام الذي رحب به نجماً صاعداً في عالم الموسيقى منذ كان طفلاً (وبالطبع أدمن هو على الترحاب الجماهيري)، عاد ليجلده في أصعب محطات تراجعه وجموده الفني، كما لو ان البابارازي والصحف والتلفزيون استهلكوا صورة طفل واعد على الساحة الفنية واستمرأوا لاحقاً مشاهدته يكبر ويلمع ثم يسقط، فاخترق الصحافيون والمعجبون تفاصيل خصوصياته الحميمة ومشاكله المالية وديونه..فكانت مادة إعلامية مثيرة، وإن تطلب ذلك طائرة مروحية تحلق فوق مزرعته وتخترق نوافذ بيته.
هكذا حضرت أخبار مايكل جاكسون بثيابه المبهرة دوماً، وموديل أنفه الذي لم يستقر على شكل محدد، وقفاز واحد عليه نثرات من بريق النجومية، كل هذا جذب الإعلام لكن لم يمنعه من التعاطي «بعدائية» مع جاكسون برغم الاحتفاء بفنه. فبقي في كل محطات حياته نموذجاً معاكساً تماماً لرجل أسود ثان لمع عالمياً، أي الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما. ومن سخرية القدر ان يتزامن صعود نجم أوباما مع وفاة مايكل جاكسون، كأنه تشديد على إعلان حقبة جديدة كرّسها أوباما لصورة الرجل الاسود في الولايات المتحدة. فالرجلان يملكان موهبة فذة كل في مجاله. لكن أوباما يبدو متصالحا مع ذاته وجذوره وبشرته السوداء وعلاقاته مع إعلاميين ومتنفذين من ذوي البشرة السوداء أيضاً. يستعمل ذكريات طفولته الصعبة لتدعيم مركزه الحالي بمؤازرة الإعلام الحديث. أي انه عملياً يسير في موجة مناقضة لتلك التي خاض جاكسون غمارها حين تسلطت الأضواء عليه. لم يكسب جاكسون ود بعض الاعلاميين الذين لم يرحموا أدق خصوصياته، بل كان دائم الشكوى، مثل أخته جانيت، من ما أسمياه «دأب الإعلام على تشويه صورتهما». في المقلب الآخر، برع أوباما في تطويع الإنترنت، بينما عاش مايكل جاكسون فترة التلفزيون الذهبية مع «ام تي في» تحديدا، فاستفاد منها واستفادت منه. إلا ان قمة الافتراق بين جاكسون والاعلام كانت عند ظهور دعاوى قضائية بحقه واتهامه مرتين بالتحرش الجنسي بقاصرين. لم يستطع جاكسون كبح جماح خيبة أمله وغضبه. اعتبر انه مستهدف وأن اميركا ومحبيه خذلوه بعدم الوقوف إلى جانبه (ولو ان براءته ظهرت لاحقاً في قضية، وتمت تسوية دعوى أخرى). أدار ظهره للإعلام والولايات المتحدة ورسم حول نفسه جداراً عازلاً، حتى عندما سكن في الخليج، ترددت أخبار عن ارتدائه برقعاً كي لا يبقى مكشوفاً لفضولية الناس والإعلام. لكن المحاولة فشلت. فجاكسون كان يحب الاهتمام الجماهيري لكنه لم يكسب تعاطفاً إعلامياً كبيراً أثناء الأزمة، بعكس أوباما الذي اقترب اكثر من الاعلام في الفترات الحرجة، كما عندما اثار غلاف مجلة «ذي نيويوركر» (الذي أظهره مرتدياً عمامة مع زوجته وخلفه صورة بن لادن) ضجة ساهمت في وضع المزيد من علامات الاستفهام حول ما يقال عن اسلامويته واسمه الأوسط حسين. تشديد اوباما على هيئة واثقة متصالحة مع الذات والجذور ثم التركيز على أواصر عائلية متينة جداً، كلها دعّمت صورة نعت بشكل أو بآخر المشهد الذي رسمه جاكسون على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
أمس، تعاطى الاعلام الأجنبي مع وفاة جاكسون المفاجئة بلكنة تكاد تكون اعتذارية، فالتركيز لم يكن على عمليات التجميل المتعاقبة بصورة مرضية، ولا على الأزياء الغريبة ولا زواجاته المتعددة أو تعمده تغطية وجوه أبنائه بأقنعة لحمايتهم من الإعلام تماماً (هنا فارق آخر مع أوباما). لمرة واحدة منذ سنوات، أجبر كثيرون على العودة إلى جاكسون الفنان الذي جعل من موسيقى البوب – التي ينظر إليها على انها «أخف» من أنواع موسيقية كالروك مثلاً- ظاهرة ثقافية عالمية، هذا عدا ان موسيقاه وطبقة صوته التي تغيرت في مراحل حياته من السوبرانو إلى التينور العالي، أتت في توأمة مع جسد يستطيع ان يفكك ويعيد تركيب نفسه خدمة لكوريغرافيا وحركات راقصة بقي أشهرها على الاطلاق «مشية القمر» تبعتها كوريغرافيا الرجل الآلي، كما عاد معجبوه أمس إلى رثائه بطقوس الرقص أو الحديث عن فن جاكسون الذي ترك أثراً يصعب حصره على المستوى العالمي، كما استرجعت معظم الشهادات (من «سي أن أن» إلى شاشاتنا وإذاعاتنا المحلية) اكتساحه العالم في أكثر من ألبوم بقي اشهرها على الاطلاق «ثريلر» الذي كان الفيديو المصور خاصته بمثابة فيلم قصير (13 دقيقة) سحر ملايين الشباب على مدى سنوات.
كل هذا الاهتمام يؤكد ان الرجل الذي برع بـ «مشية القمر» الراقصة لم يفقد جاذبيته يوماً وإن اتهم بفقدان توازنه النفسي.. والمفارقة ان جاكسون تزوج بإبنة ايقونة ثانية في عالم الموسيقى أي ليزا ماري ألفيس برسلي. هنا تحضر مقارنة ثانية. فبرسلي وجاكسون شهدا تحولات كبيرة في الشكل والمظهر اقتربت إلى حد التشويه. مرض برسلي واكتسب وزناً كبيراً كردة فعل على الإحباط والقلق، وأكد كثيرون ان إدمان جاكسون على عمليات التجميل ليس سوى رغبة في التخلص من عقد في الطفولة. ركز الاعلام على تفتيش برسلي على صورة الأم في علاقاته الشخصية، أما زواجات جاكسون المتكررة فبقيت أيضاً محط بحث وتحر بصفتها بحثا عن عائلة مفقودة ولو ان أحداً لم يعلم اسم زوجته الأخيرة. من جهة ثانية، يتعارض جاكسون جذرياً مع برسلي في نواح اخرى. فجاكسون فنان قدم صورة الثائر مع انفصاله عن عائلته وانتقاله من البلوز إلى البوب ومن الحركات البسيطة الى الرقصات الحداثية ثم الى ارسائه نمطاً جديداً، بينما غنى الروك أند رول واتهمه السود في بداية مسيرته الفنية بسرقة «الألحان السوداء» ورد هو بالعكس، إلا ان الاختلاف الابرز تترجمه زيارة برسلي للرئيس الأميركي نيكسون أثناء الحرب على فيتنام وتأييده للهجمات وانخراطه في الخدمة العسكرية، ثم لاحقاً انتقاده لفريق «البيتلز» الذي نافسه في الشعبية فبدا برسلي تقليديا ينضوي تحت لواء السلطة. بينما حافظ جاكسون على نمط ظهر معاكساً لتقليدية في الأفكار والأداء والتصرف وكتب أغنيات تدعو الى المساواة واحترام كل الشعوب.
بموت جاكسون يشهد العالم غياباً مؤلماً لملك البوب.. هذه المرة هو غياب (مُسبب؟) لفنان عوملت حياته بطريقة تشبه كرنافالات وغرائب مسموح التفتيش في دقائقها من دون مراعاة معاناة صاحبها.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى