لكي نصل بالإسلام إلى القرن الثاني والعشرين
سحبان السواح
لم يُضفِ أحد صفة الألوهية على الأنبياء،ومنهم محمد، فعنابن مسعود قال :”صلى بنا رسول الله صلاة ،زاد فيها أو نقص ،فلما قضى صلاته ،قلنا :زيد فى الصلاة شيء؟ قال :وما ذاك ؟ قلنا:صليت بنا كذا وكذا ،فأقبل فثنى رجليه فسجدسجدتين ،ثم أقبل علينا بوجهه ،فقال : إنما أنا بشر مثلكم ،فإذا نسيت فذكرونى ،فإذاأحد منكم شك فى صلاته فليتحر الصواب فيتممه ،ثم يسجد سجدتين”.
قول النبي هذا هام للغاية، فهو اعتراف منه بأنه يمكن أن ينسى، وبالتالي يمكن أن يخطئ، وهذا يقودنا من ثم إلى أن ما كل كلمة قالها في مجلس جلسه هي حديث شريف، فبما أنه بشر، فهو ولأنه بشر، قد يتحدث في مجلسه حديث الرجال للرجال، وقد يقول شيئا يقصد به تفسيرا مرحليا لحالة محددة وفي زمن محدد، ولم يكن يقصد أن يطبق هذا القول بعد 14 قرنا من قوله ذاك القول.
الخلفاء الراشدون مجمعون رفضوا تدوين الحديث، بل أنهم منعوا في بعض الأحيان تداول الحديث شفهيا. ولم يستطع ناقلو الحديث من نقل الأحاديث التي سمعوها من الرسول أو تدوينها فحسب، بل انتهى الأمر إلى محو ما كتب عن النبي وإحراقه بالنار!.
وفي زمن الخلافة الأموية أيضا باستثناء فترة قصيرة في زمن عمر بن عبد العزيز حيث قام البعض بجمع بعض ما قاله النبي.
ثم وبعد انقضاء فترة زمنية طويلة تقدر بـ (1 ـ 5 ، 1) قرن، بدأ تدوين الحديث، بعد أن تراكم عليه غبار النسيان.
لم يكن الخلفاء الراشدون وكل من أتى بعدهم وحرم كتابة الحديث على خطأ. لأن النبي كان يعرف أنه قال كلاما كثيرا يخص قضايا محددة، وخاصة، ومؤقتة، ولا يجوز تعميمها على مر القرون.كما لا يجوز الأخذ بها، وهو العالم، بعد ما سيكون من تقدم حضاري في المستقبل البعيد. لذلك أكد عليهم بقوله: “معاشر الناس، وكل حلال دللتكم عليه، أو حرام نهيتكم عنه، فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل..” هو يحدد هنا بكل حرام وكل حلال. ولا يقول كل ما قلته لكم وأخبرتكم به هو منزل كالقرآن. وهذا جعل الإمام أبو حنيفة لا يعتمد إلا عددا ضئيلا جدا من الأحاديث النبوية والتي برأيه يمكن أن تكون مفيدة في توضيح بعض المسائل الفقهية.
لن أدخل هنا فيما يقوله الشيعة حول أنهم خالفوا أمر الرسول ودونوا كل ماكتبه في حينه وإن ما دونوه هو دستور الإسلام. بل أريد أن أقول ببساطة شديدة ليس علينا أن نتبع طريق حياة كان يعيشها بدو رحل و عرب لا ماء عندهم ولا أي نوع من أنواع الحضارة في حياتنا الراهنة.
محمد لم يرد أن ننقل عنه كل كلمة قالها، وخلفاؤه أيضا أكدوا إرادته فمنعوا كتابة ما قاله، في سنوات تراجع المد الإسلامي تقررت كتابة الحديث وجمعه. فجمع كما نراه اليوم، كل ما قاله أو نسب إليه، بل كل حركة تحركها، بل كل فعلة فعلها، سجلت وصارت قانونا يحكم المسلمين، نخالف قوله، وندعي أننا نسير على سنته. أليس في هذا كثير من المغالطة.؟
هي فكرة للنقاش لماذا لا تشكل لجنة تفرز الحديث الشريف تأخذ منه ما يفسر القرآن. وتبعد عنه كل ما يخص الحياة اليومية، فحضارتنا اليوم لا يمكن أن تقبل كثيرا من أحاديث النبي الذي لم يرد أن تكتب عنه حتى لا يحدث ما يحصل اليوم. تخلف في كل ميادين الحياة يُحمّل وزرها النبي، أليس من الظلم تحميله ما لم يرد حمله.
معظم الفتاوى التي تصدر، هذه الأيام نعتمد على تلك الأحاديث. لذلك ولكي نستطيع التخلص من سيطرة السلفيين، علينا خوض مغامرة صعبة، هذه المغامرة هي إبعاد كل ما قاله النبي ولا يتعلق بتفسير القرآن وجمعه في كتاب يوضع للذكرى في متحف أو مسجد ولا يؤخذ به في أي أمر من أمور المسلمين.
بهذا نكون أوفياء له لا ظالمين ننسب إليه ما لم يقله أو ما لم يرد أن يكتب عنه.
موقع ألف للكتابة الجديدة