صفحات العالمما يحدث في لبنان

واجتمع الأمويّون والقريشيّون في طائر الفينيق!

صباح أيّوب
لو لم نكن في عصر الفضائيّات وتعدّد الشاشات، ولو اكتفى كلّ مواطن بمشاهدة تلفزيونه الرسمي أمس، لشهدنا خروج تظاهرات عفوية من سوريا والسعودية ترفع صور القادة العرب وتتّجه صوب فلسطين على وقع زغاريد النساء وصيحات الرجال! يوم أمس، على الشاشتين السعودية والسورية، كان يوم «العروبة» بكل ما أوتيت من قصائد ومديح ووصف إنشائي مجازيّ وتعابير جاهزة ومشاعر جيّاشة…
هو اليوم التاريخي الذي يشهد انتصار الأمة الإسلامية والعربية وتوحيد الصفوف واسترجاع الأمجاد… هكذا كانت أجواء الفضائيّتين السعودية والسورية في تغطيتهما للحدث السياسي في لبنان.
مواكبة الفضائية السعودية للجولات الخارجية للملك هي أمر اعتيادي في برمجتها، كذلك بالنسبة إلى الفضائية السورية، في تغطية الزيارات الخارجيّة للرئيس بشار الأسد. لذا، فقد فتحت القناتان هواءيهما المباشرين أمس لنقل وقائع وصول الرئيس الأسد والملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إلى مطار بيروت، ورافقتهما في محطاتهما خلال النهار، لكنّ «أمر اليوم» الذي وُزّع على مذيعي القناتين أمس طلب زيادة جرعة العروبة، وتكثيف عبارات «الأخوّة» و«الدفء» و«التفاؤل» و«الأمل» على الهواء…
الفضائية السورية مثلاً، قسمت شاشتها إلى نافذتين، الأولى من الاستوديو في دمشق، حيث المذيع الصباحي يحاور أحد المحلّلين السياسيين، والثانية من بيروت، حيث تظهر الأعلام اللبنانية والسورية والسعودية ترفرف جنباً إلى جنب. وقد تعاون المذيع مع ضيفه المحلل السياسي على ملء الهواء بانتظار وصول الطائرة الملكية. هنا، بدأت المشاعر الجيّاشة تتدفق على مسامع المشاهدين: «كنّا نحلم بأن نرى هذا اليوم، الحمد للّه أننا عشنا لنشهد هذه اللحظة» يستهلّ ضيف الاستوديو «تحليله» للحدث متابعاً: «الدفء سيعود إلى العلاقات العربية ـــــ العربية وأجواء الفرح والتفاؤل والأمل ستعمّ المنطقة». وعن معاني هذا اللقاء المشترك، اتفق الضيف والمقدم على أنّ سوريا والسعودية «تمثّلان مثالاً يُحتذى في العالم العربي. فبعدما تراجع مفهوم التضامن العربي كثيراً في السنوات الماضية ها نحن نسترجعه الآن». وفي غياب شبه كلّي لذكر لبنان في كل مراحل الحديث ـــــ المديح، يسأل المقدّم التلفزيوني ضيفه عن تعريف السعودية ودمشق، فيجيب الضيف: «السعودية هي مهد الإسلام وروح العرب، ودمشق هي قلعة العرب ومجدهم»، ويسترسل المحلل ليقول: «في هذا اللقاء يجتمع الأمويون بالقريشيّين… تجتمع الحضارات الإسلامية والتاريخ لنصرة القضية العربية».
ما بقي من مفردات في القاموس الإنشائي للعروبة، استخدمه مراسل الفضائية السعودية في بيروت. هنا، كما في سوريا، العروبة هي الكلمة المفتاح، لكن لبنان هو محورها. فـ«عندما يكون لبنان بخير، الأمة العربية تكون بخير. وعندما يكون لبنان رأس الحربة في مواجهة العدو الإسرائيلي، فالقضية الفلسطينية ستنتصر». هكذا أراد مراسل القناة من مطار بيروت الدولي وصف رمزية الحدث الذي يواكبه. ويتابع: «لبنان الرسالة وملتقى الحضارات ومهد الحريات سيشهد اليوم حدثاً من شأنه خفض منسوب التوتر». وفي استرسال على الهواء اختار مراسل السعودية الصفة الأبرز في لبنان وهي: «النموذج القوي لانتفاضة الفينيق»!
جرت محاولة من تلفزيون محلي لاستصراح الرئيس الأسد بعد خروجه من قصر بعبدا، لكن مساعدي الرئيس السوري أبلغوا مراسل المحطة مسبقاً بأن الأسد يعتذر ويكتفي بالبيان الرسمي. أما في المطار، فعندما كان الرئيس الأسد يتوجّه إلى الطائرة، لوحظ أنّ مراسل تلفزيون الجديد، الزميل حسين خريس، أرسل له قبلةً في الهواء، فردّ الرئيس السوري بالمثل.
تحطّ الطائرة الملكية على المدرج، يحبس الاستوديو السوري أنفاسه، بينما تعلن القناة السعودية وصول «طائرة الأمان والأماني».
الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى