صفحات الحوار

الانفتاح وحرية الإعلام في حالة انكماش في سورية

null
التقت “إيلاف” الكاتب والناشر لؤي حسين، صاحب ومدير دار النشر بترا، في ظل مشاكل بدأت تتسع في اتحاد الناشرين رغم أن عمر هذا الاتحاد ثلاث سنوات، وحذّر من أن هذا الاتحاد إن بقي على حاله سيؤدي بعد بضع سنوات إلى أن يكون الكتاب السوري من لون إسلامي واحد، كما تحدث حسين عن النصوص التي كان يمكن أن ينال الناشرون الموافقة عليها للنشر، واعتبر أنه في ظل ما تمر به الحريات الإعلامية بشكل عام في سورية أصبح من المستحيل الآن أن يحصلوا على الموافقة عليها على الصعد الثلاثة الديني والسياسي والجنسي، مقارناً بين مرحلتين ، كما تحدث عن حالة الانفتاح الإعلامي التي عاشتها سورية وعن حالة الانكماش التي تعيشها الآن وعن توقفه عن الكتابة الصحافية منذ أشهر لإحساسه بما اسماه الخطر الأمني ، وعن الموافقات الرسمية على نشر الكتب والجهات الرقابية وعن الخطوات التي يجب إتباعها لنيل موافقة على طبع الكتاب كما اشتكى من تأخير وزارة الإعلام في الرد على طلبات الناشرين..
بدأتَ الكتابة في الصحف في العام 2002 بينما بدأت في دار النشر بترا العام 1996 لماذا؟
الذي حرضني على نشر ما اكتبه في الصحافة هي حالة الانفتاح التي عاشتها سورية بعد تسلم الرئيس السوري بشار الأسد سدة السلطة ، ولكنني كنت أساهم قبل ذلك في بعض الكتب التي انشرها في دار النشر بترا.
ما الذي يمكن أن تشرح لنا ماذا تقصد بعبارة حالة الانفتاح؟
الانفتاح الذي أقصده بمعنى اتساع فسحة الحريات في الكتابة الإعلامية، والاتساع حصل، والدليل ظهور عدد من كتّاب الصحافة السياسية بعد ولاية الرئيس بشار الأسد والانفتاح الذي حصل بمعنى الكتابة بشكل نقدي في الشأن السياسي الداخلي وهو ما لم يكن بكل هذا الاتساع إلا أن هذه المرحلة انتهت وهذه الفسحة عادت وانكمشت مما جعل أغلب الكتّاب إما أن ينكفئ أو يكتب في شؤون أخرى غير سورية أو يهاجر خارج سورية إضافة إلى اعتقال البعض منهم.
لماذا أنت متوقف عن الكتابة؟
منذ خمسة أشهر لم أكتب أية مقالة بسبب إحساسي بأن هناك خطر أمني، فالحجة التي يسوقونها إن الظروف غير مواتية للكتابة النقدية، وعلى صعيد نشر الكتب فقد طال هذا الانكماش أيضاً فالنصوص التي كان يمكن أن ننال عليها الموافقة للنشر قبل سنتين من المستحيل الآن أن نحصل على الموافقة عليها على الصعد الثلاثة الديني والسياسي والجنسي. ليس بالضرورة أن يُمنع الكتاب فالناشر والكاتب أصبحوا يعرفون الحدود التي تسمح بها الرقابة فيلتزمون بها.
هل استدعيت أية مرة إلى أية جهة أمنية بسبب مقالة؟
لا في الواقع لم استدع إلى أية جهة بسبب مقالة كتبتها ونشرتها ولكن مرة صدر قرار في وقت سابق بمنعي من الكتابة وآنذاك نشرتِ خبراً حول ذلك ، ولكن حتى الآن لم تسألني أية جهة أمنية عن أية مقالة نشرتها..
من الجهات التي تراقب الكتب في سورية؟
هناك 3 جهات رقابية عبر بوابة واحدة، نافذة وزارة الإعلام والجهات الثلاث هم(وزارة الإعلام، القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في سورية، اتحاد الكتّاب) وزارة الإعلام أحياناً لا ترفض كامل النص بل يكون لديها تحفظات على بعض العبارات فيمكن للناشر أو الكاتب حذفها ومن ثم نشر الكتاب والجهتين الأخيرتين القيادة القطرية وهي معنية بالكتاب السياسي المحض والكتاب الديني المحض وأقصد المحض النقدي هنا واتحاد الكتاب معني بالنصوص الأدبية العربية غير المترجمة وأجزم أنه لا يقل عن ربع الكتب المحولة إلى القطرية واتحاد الكتب تعود إلى الناشر ويكتب عليها (مع منع الطباعة) حيث أنه يوجد تعقيدات إدارية عديدة للحصول على موافقة الطبع، تصوري أن نشر الأدب في سورية معطل منذ أسبوع بسبب إجازة موظفي قسم المخطوطات في اتحاد الكتب العرب المسؤول عن استلام وتسليم جميع المخطوطات الواردة والصادرة في اتحاد الكتاب العرب.
ما الخطوات الواجب اتباعها لنيل الموافقة على نشر الكتاب؟
يتم تقديم المخطوط (الكتاب) وعليه “طابع” إلى وزارة الإعلام وكانت وزارة الإعلام تعطينا الرد وقرارها بالموافقة أو الرفض خلال شهر أما الآن فالوقت مفتوح، وأنا لي كتاب أنتظر عليه رد وزارة الإعلام منذ شهرين وطوال هذه الفترة يجب مراجعة الوزارة لمعرفة مصير الكتاب والخطوة الثانية وبعد موافقة وزارة الإعلام يتم تسلمه وإذا كان قد تم تحويله إلى القيادة القطرية أو اتحاد الكتاب العرب فزمن الحصول على الموافقة مفتوح.
بعد الحصول على الموافقة وبعد الطباعة على الناشر أن يقدم 5 نسخ إلى مكتبة الأسد و6 نسخ إلى وزارة الإعلام للحصول على موافقة التداول (أي بعد الحصول على موافقة الطباعة هناك موافقة أخرى وهي موافقة التداول) وعلى الناشر تصوير الصفحة الأولى الممهورة بالموافقة بنسخ كثيرة لتقديمها إلى كل مكتبة يريد أن يبيع فيها كتابه فضلاً عن تقديم هذه النسخ إلى الجهات الوصائية التي تسأل أن تم السماح بطباعة وتداول الكتاب أم لا. وغير مشاكل النشر فبعد صدور الكتاب يمكن لجهات عديدة لا تريد هذا الكتاب أن تحتج لدى وزارة الإعلام فتعود الوزارة وتسحب الكتاب دون الرجوع إلى المؤسسة القضائية (دون اللجوء للقضاء).
ما موضوع الخلاف في اتحاد الناشرين وما يتردد حوله وما هو اتحاد الناشرين؟
اتحاد الناشرين السوريين تأسس منذ حوالي 3 سنوات كاتحاد يضم ناشري سورية على غرار اتحاد الكتّاب واتحاد الصحافيين.
النقطة الأولى أن اتحاد الناشرين يسيطر عليه مكتب تنفيذي جميع أعضاءه من لون ثقافي واحد أي يمتلكون دوراً للنشر وكل منشوراتها إسلامية وتبين مؤخراً وجود مشاكل داخل المكتب التنفيذي على خلفية ظهور مستندات ووثائق تثبت تجاوزات صريحة من رئيس الاتحاد تتمثل باستغلال منصبه في الاتحاد لصالح دار الفكر التي يملكها وتفاقمت الأزمة بعد أن تبين وجود عضو في المكتب التنفيذي ليس ناشراً فيما من شروط العضوية أن يكون عضو المكتب التنفيذي لديه دار نشر مرخصة من وزارة الإعلام وعلى الأرجح أن عضواً أو أكثر في المكتب كان متستراً على هذه الحالة وقد تبين أن أكثر من ثلاثة ناشرين آخرين كانوا مرشحين لعضوية المكتب هم ليسوا ناشرين أصلاً وقد زاد من تفاقم المشكلة أن موظفاً في دار الفكر التي يملكها رئيس الاتحاد يصدر وثائق ممهورة بختم الاتحاد ويوقعها باسمه الصريح عوضاً عن المكتب التنفيذي علماً أنه ليس ناشراً وليس عضواً في الاتحاد وليس موظفاً فيه وهذه حالة تزوير واضحة وعلى إثر ذلك طلبت مجموعة من الناشرين في كتاب موجه المكتب التنفيذي بأن يقوم المكتب بحل نفسه والدعوة إلى عقد مؤتمر لانتخاب أعضاء جدد من ألوان ثقافية تعكس التعدد الثقافي السوري إلا أن المكتب التنفيذي لم يرد على طلب هؤلاء بل دعا إلى مؤتمر عادي وبعد ذلك قررت هذه المجموعة إضافة إلى ناشرين آخرين مقاطعة هذا المؤتمر لعدم شرعيته وتقدم عدد من الناشرين بدعوى قضائية على رئيس اتحاد الناشرين عدنان سالم وعلى العضو المخالف ياسر الطباع وعلى غياث تقي الدين الموظف في دار الفكر. هذا الاتحاد ان بقي على حاله سيؤدي بعد بضع سنوات إلى أن يكون الكتاب السوري من لون إسلامي واحد وسينتفي هذا التنوع في الكتاب السوري خاصة الكتاب الأدبي فلذلك هذا الصراع القائم ليس على مسالة تنظيمية وإنما على مستقبل الكتاب السوري والثقافة السورية.
هل يمكن توصيف هذا الصراع في الاتحاد  بأنه صراع بين ناشرين إسلاميين وناشرين علمانيين؟
نعم جذر الصراع هنا وليس تنظيميا على الإطلاق.
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى