صفحات سورية

المعارضة السورية إلى أين؟

null
مالك عساف
موضوع الحديث عن المعارضة السورية لايمكن أن ينتهي بوجهة نظر أو مقالة وإنما هو باب كبير مفتوح ومن خلال الحوار يمكن أن نصل إلى تقارب في وجهات النظر والى إيجاد الطرق والوسائل للخروج من الأزمة التي يعيشها مجتمعنا والتي هي الهدف الأساسي لنشاطنا المعارض .
أين يكمن السبب في أن نظاما استبدادي مازال يمارس نفس أساليبه منذ ما يقارب 45 عام دون أن يتراجع أو حتى يقدم أي تنازل في ملف الحريات بكافة أصنافها
انه هناك أكثر من سبب منها
النظام القائم و قوى المعارضة والشعب
من ناحية النظام فهو نظام قمعي ليس لديه أي معيار أخلاقي للتعامل مع معارضيه فهو يعتقل ويعذب كل من ينتقدا, يقوم بأي نشاط حتى لو بمقال على الانترنت ويحاكم المثقفين على توقيع بيان فقط لأنه خارج عن نطاق مفهومه أو لأنه لا يريد أن يصدر شيء مهما كان بدون إشرافه حتى لو لم يختلف معه بالرأي ,والملاحقة والمضايقة قد تشمل معظم أفراد العائلة أيضا وقد يحرم الأقارب من فرص العمل , ليس لان ما حدث شيء خطير أو قد يهز النظام بل لأنهم يريدون قمع أي تفكير بالتحرك وليكن أي عمل مهما كان بسيطا عقابه شديد لكي لا يفكر شخص أخر بعمل جديد أو القيام بنشاط اكبر من الأول فهم يقطعون الطريق من أوله , و يعملون على مبدأ قطاع رأس القط من أول ليلة .
فالنظام القمعي أينما وجد يعيش على القمع والفساد وقمع الحريات وعلى تقسيم المجتمع وبناء أجهزة أمنية بدون أي رادع أو ضمير , وبناء مؤسسات شكلية موالية ومخترقة من قبل أجهزته الأمنية ,فنظام يعيش على الفساد لايمكن أن يحارب الفساد
وهناك أصوات تدعي أن الإصلاح قد يحث ضمن صفوف النظام و انه يجب أن نعطي فرصة للرئيس الشاب لكي يتخلص من الحرس القديم مع العلم أن منذ زمن لم يبقى منهم احد ,
وهل 9 سنوات قليلة لإجراء إصلاح الم يقم الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بإصلاح الدولة بحوالي سنتين , وولاية معظم رؤساء العالم ما بين 4 إلى 7 سنوات
هل يريدون أن ننتظر ولي عهد بشار أم حفيده
بالنسبة للمعارضة السورية فهي مشتتة ومشرزمة وحتى الآن ليس لها برنامج واضح وصريح من التغيير ومن الحلول التي يجب عليها أن تأخذ موقفا منها , صحيح أن النظام قمعي ولكن هذا لا يبرر الضعف ,
ولضعف المعارضة السورية أسباب كثيرة منها.
-البعد عن الجماهير وطرح شعارات تهم النخبة فقط , فهم يركزون على قانون الطوارئ والأحكام العرفية وحرية الصحافة والعلمانية ويتحدثون قليلا عن مشاكل المجتمع الملحة كالبطالة وأزمة السكن ومشاكل الشباب وتكاليف الحياة وعكوف الشباب عن الزواج بسبب الأزمة المالية ,وان معظم أرباب العائلات السوري يعملون أكثر من ورديتين في اليوم
-عدم مشاركة الجماهير في تحركها فلقد,حدث الكثير من الاعتصامات في سورية لم نسمع عن مشاركة المعارضة بها مثل هدم البيوت واعتصام الطلبة ,ومشاركة الأكراد في انتفاضة 12 آذار
-مقاطعة الانتخابات التي تجري علينا أن نستغل كل فرصة لشرح برنامجنا ولو كانت الانتخابات فاسدة علينا المشاركة لان الشعب بدون موقفنا أصلا مقاطع وعلينا تفعيل الحياة السياسية وتحريكها , لقد أثبتت تجربة إيران خطا موقفنا , وقبلها تجربة التشيلي عندما هزم الدكتاتور بالاستفتاء الشعبي .
على المعارضة السورية إيجاد وسائل جديدة للعمل والنشاط فضعف المعارضة غير مبرر بغياب الحريات والقمع ولكن بأسلوب عملها ومواقفها وبرامجها وبدأ الكثيرين يتحدثون بشكل طائفي ولا يتخذون موقف واضح من القضية الكردية فهم يتكلمون بشكل ضبابي .
هناك بعض الأصوات التي تنادي بعزل النظام ومنزعجة من الانفتاح الأخير على النظام , علينا أن نفهم أن للدول العالم مصالحها فهي ليست موظفة عندنا وليس مهمتها تغيير النظام بدلا عنا , فإذا كان موضوع الشراكة مع الاتحاد الأوربي وتحسن العلاقة مع أمريكا يسهل حياة المواطن السوري علينا أن لا نعارض كل ما يفيد مواطنينا , فهل من المعقول مثلا أن نرجئ كل شي إلى حين تغيير النظام وايجا د البديل الديمقراطي وان تبقى قضية الجولان بدون حل السنا نحن كما يقول معظمنا مع الحل السلمي .
هناك بعض الاقتراحات لتحسين العمل المعارض منها.
-الانفتاح على الأحزاب والفصائل المعارضة دون استثناء وبدون شروط مسبقة
-تشجيع المنشقين عن النظام والعمل معهم بثقة وليس على أساس الماضي لتشجيع هذه الظاهرة
-إيجاد حل للقضية الكردية صريح وواضح من خلال سماع من يمثلها من أحزاب وشخصيات وليس أن نختار من الأكراد ما يناسب وجهة نظرنا
-النشاط في مجال حقوق الإنسان والعمل مع المنظمات الغير حكومية
-رفع عرائض للأمم المتحدة للتدخل في تفتيش السجون والمعتقلات وليس فقط البحث عن أسلحة الدمار الشامل
-الانفتاح على العالم وحل عقدة الخيانة التي يخيفنا بها النظام
-تشكيل مؤسسات ونقابات مستقلة
-عقد اجتماعات دورية مع باقي الأطراف المعارضة لتقريب وجهات النظر والقيام بإعمال مشتركة
-التركيز على موضوع التغيير الديمقراطي لأنه يجمع المطالب الأخرى
-الابتعاد عن الطرح الطائفي فسورية لكل أبنائها وهناك مستفيدين من النظام من جميع الطوائف ومتضررين أيضا من جميع الطوائف
علينا أن لا ندعي أن الشعب ابتعد عن السياسة فالخطأ فينا نحن ابتعدنا عنه وهو غير مقتنع بما نطرح وأمثلة كثيرة ممكن أن تؤكد المعارضة التي لا تحقق شيء لشعبها يبتعد عنها ,فالشعب يريد حياة أفضل وليس حرية كلام وفوضى وفقر وانعدام للأمن .
وفي أوربا الشرقية هناك حريات بعد سقوط الشيوعية ولكن الشعب ابتعد عن السياسة بسبب فقدان الثقة بالأحزاب السياسية لأنهم لم يحسنوا مستوى حياته فنسبة التصويت انخفضت كثيرا.
وأخيرا فان النظام لن يقدم أي تنازل أو يقوم بأي إصلاح إذا لم تكن المعارضة قوية ومتفقة ,ولها برنامج واضح والشعب ملتف حولها ويحميها , وكل من يراهن على نظام استبدادي أن يقوم بإصلاحات سياسية وإجراء انتخابات حرة وتسليم السلطة بشكل سلمي كمن ينتظر من ميت رسالة.
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى