ما يحدث في لبنان

محصلـة أولـى

null

ساطع نور الدين

مهما كان حجم الخسارة الامنية والعسكرية التي تمنى بها الموالاة هذه الايام، والتي لم تكن مفاجئة لاحد، فإن هزيمتها السياسية ليست مؤكدة ولا حتمية. ربما كان العكس هو الصحيح، اذا سعت المعارضة الى فرض شروط المنتصر التي تتخطى ما كان معروضا قبل السابع من ايار الحالي.

ما افرزته المواجهة الاخيرة كان نتيجة طبيعية لموازين قوى كانت تميل بشكل حاسم لمصلحة المعارضة. لم تكن الموالاة تسعى الى اختبار عسكري كانت تدرك سلفا عواقبه، لكنها كانت تريد خوض اختبار سياسي، لا يمكن القول انه انتهى مع انتهاء عمليات تسليم المكاتب والاسلحة، او مع اعلان الحكومة في جلستها المقررة اليوم الغاء القرارين اللذين كانا الشرارة.

لكن هذا الاختبار السياسي لم يكن يرقى الى مستوى الفخ الذي يهدف الى اسقاط المعارضة والمقاومة في الصراع على السلطة، برغم انه سيتخذ بالتاكيد هذا الشكل، عندما يسحب التهديد المباشر الموجه الى الموالاة وقادتها الذين كانوا وما زالوا يمتلكون حقوق الغالبية في الداخل، وفي الخارج ايضا.. ولن يكون بالامكان انتزاعها منهم، ايا كانت الضغوط الامنية والسياسية.

قبل المواجهة الاخيرة، كانت لدى الموالاة فكرة تقضي بتسليم السلطة الى حزب الله وحلفائه المعارضين، عند اول عملية عسكرية في بيروت. لم يكن ما جرى في الايام الماضية تنفيذا لهذه الخطة، لكن الوقائع التي حصلت على الارض، تقود الى الاستنتاج ان ثمة تسليما بان الادارة السابقة للصراع قد انتهت، وبات الجميع بحاجة الى ابتكار اساليب جديدة للتحاور، وتحديد شروط مختلفة للتسوية.

وبرغم ان احتفاظ المعارضة بالارض لن يكون سهلا، وتحمل مسؤوليتها سيكون مستحيلا، بحسب دروس الحرب الاهلية التي لا تنسى، والتي اضيف اليها معطى بالغ الخطورة هو الفتنة المذهبية، وما تمثله من اصداء مدوية خارج الحدود اللبنانية، فإن الحوار الوطني بالاشكال التي كانت مطروحة حتى الآن، صار وهميا. والسبب الامني الذي يحول دون خروج قادة الموالاة من منازلهم ليس الوحيد الذي يستدعي البحث عن بدائل واقعية.. الا اذا كان المقصود هو جلب هؤلاء القادة تحت تهديد السلاح الى طاولة الحوار، للتوقيع على صك التنازل عن حقوق الاغلبية التي لم يفوضها الشارع لغيرهم حتى الآن، وهو اذا شاء الاقدام على هذه الخطوة فإنه سيلجأ حتما الى اختيار قادة اكثر تشددا وعنفا ضد المعارضة، وليس العكس!

هذا الاستقطاب الشعبي هو الذي سيحسم الامر في النهاية، ولوحده طبعا، من دون الاتكال على الخارج الذي توصل الجميع الى الاقتناع الضمني على الاقل بأنه كان ورقة غير قابلة للاستثمار: الموالاة بالغت في الحديث عن دور سوريا وايران اللتين لا يمكنهما تخطي الكثير من الخطوط الحمراء اللبنانية، والمعارضة بالغت في الحديث عن دور لاميركا وفرنسا والسعودية ومصر، التي لا يمكنها ان ترسل الاساطيل لترجمة بيانات الشجب والاستنكار الى افعال.

الخارج لن يسمح للمنتصر بأن يفرض شروطه، وللمنهزم يأن يعلن الاستسلام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى