كيف تصبح مصورا صحافيا؟
دروس صعبة من العمل في الصومال
نيويورك: مايكل كامبر *
سيجد قليل من المصورين أنفسهم في مكان خطير مثل الصومال، ولكن يمكن أن تنطبق الدروس التي تعلمها هناك مايكل كامبر، الذي يعمل حاليا على تأليف كتاب عن التصوير الصحافي وتصوير الحروب، على الكثير من المواقف الصعبة.
كانت هذه هي رحلتي الخامسة أو السادسة إلى الصومال، وتذكرني الفوضى هناك بليبيريا في عام 2003، حيث لا توجد سلطة مركزية، ومن الممكن أن يحدث أي شيء. وفي الكثير من المناطق توجد فوضى كاملة، حيث تتنازع القبائل والقبائل الفرعية والقبائل المنبثقة عن القبائل الفرعية بعضها ضد بعض. ويقول خبراء دوليون إن تنظيم القاعدة له دخل كبير في القتال الذي يدور هناك في الفترة الأخيرة. وفي الآونة الأخيرة كان القتال الأساسي في مقديشو بين اتحاد المحاكم الإسلامية وحركة الشباب الإسلامية المتشددة، وفي مناطق أخرى كونت القبائل أو الجماعات الإسلامية جزرا من الاستقلال والتقدم. وكنا نمر على بلدات قام فيها السكان ببناء مدارس ومستشفيات ومكتبات أيضا، دون مساعدة أي سلطة مركزية.
وكانت الصومال مقبرة الصحافيين، فقد تعرض كل من دان إلدون وهوس ماينا وهانسي كراوس وأنتوني ماشياريا للضرب حتى الموت على أيدي جماهير هناك عام 1993، وقتلت كيت بيتون من الـ«بي بي سي» بطلق ناري أمام الفندق الذي كانت تقيم فيه عام 2005، وفي عام 2006 أطلق رجل مسلح مجهول الهوية النار على صديقي مارتن أدلر فأرداه قتيلا وهو يغطي أخبار مظاهرة في مقديشو. وكان رجلا نبيلا حقا، وأحد ألطف الرجال الذين عرفتهم في حياتي. وقد ترك طفلين صغيرين. وكان ناستيكس ضاهر فرح، الصحافي المحلي في كيسمايو، هو المترجم والمرشد المصاحب لنا في جولة قمنا بها عام 2006، وقد اغتيل العام الماضي تاركا زوجة تحمل جنينا في ستة أشهر وطفلا يبلغ من العمر عشرة أشهر. وفي الرحلة ذاتها قابلت مدير «هورن أفريك» الشجاع، وهي محطة الإذاعة الرئيسة المستقلة في مقديشو، وكان اسمه سعيد تهليل. وقد قتله مسلحون مقنعون في فبراير (شباط) من العام الحالي، وقد قتل أيضا ثمانية صحافيين صوماليين على الأقل منذ عام 2007، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
الدرس الأول: احتفظ بالضروريات في حقيبة ظهرك
* فيما عدا ذلك، في مرحلة ما، ستجد من يحمل حقيبة سفرك عند مدرج الطائرة. وقد وصلت إلى مقديشو لأجد أن حقيبة سفري التي بها معظم أدواتي لم توضع على متن الطائرة في نيروبي، وكنت في بداية مهمة صعبة وأحمل ملابسي على ظهري ومعي حقيبة الظهر. ولحسن الحظ كنت أحمل كلا من كاميرتي الثابتة والفيديو في حقيبة الظهر ومعي جهاز الكومبيوتر المحمول وشاحن، ولكني كنت قد تركت شواحن بطاريات الكاميرا في الحقيبة الكبيرة، وكان عليّ الاقتصاد في تصوير اللقطات في الأسبوع الأول إلى أن أحصل على شاحن. ويمكنك شراء ملابس وفرشاة أسنان من أي مكان، ولكن حاول أن تجد شاحن لأحدث كاميرا طراز «كانون إس إل آر» في دولة لا توجد فيها سلطة مركزية.
الدرس الثاني: احصل على ما تريد وقتما تستطيع
* في عشرات الأوقات كنت أفكر: «حسنا، سأعود إلى هنا وألتقط صورة لاحقا». ولم يحدث مطلقا، لذا تعلمت أن أحصل على أي شيء أقدر عليه، حتى على الرغم من أن الظروف قد لا تكون مثالية.
وافق أبشير بوياه، أحد أكبر القراصنة في الصومال، على أن يأخذنا إلى الساحل لرؤية زملائه القراصنة والسفن المحتجزة انتظارا لدفع الفدية، ولكنه ألغى الاتفاق في الدقيقة الأخيرة، ولم ألتقط له صورا في الشارع كما كنا نخطط. ولكن عندما جلسنا معه قبل الجولة المخططة بعدة أيام التقطت له احتياطيا صورة واحدة، وفي النهاية كانت كل ما حصلت عليه، ولكنها كانت كافية.
الدرس الثالث: استعد لأسوأ السيناريوهات
* في وقت لاحق قمنا بجولة مرهقة استغرقت 10 ساعات لأطراف بلدة أخرى يسكنها قراصنة، وفي النهاية ثبت أن هناك مخاطرة كبيرة في الدخول، وقضينا ليلتين نوما على الأرض في الصحراء. (وقد قضيت أغلب الوقت نائما في المقعد الخلفي)، وأنقذت الرحلة بتصوير مجموعة من الجنود النائمين المصاحبين لنا، بالإضافة إلى التقاط صورة لظلالهم على حائط بلدة صغيرة مررنا بها. ولكن الرحلة كانت تذكرة بأن الإعداد أمر مهم. والاتصالات أهم شيء تحتاج إليه، ومن الممكن أن تكون الهواتف الخلوية أو شبكة الثريا للهاتف الجوال عبر الأقمار الصناعية منقذة بالفعل. وعند السفر إلى الخارج البلاد تأكد من أن معك هاتفا جوالا غير مغلق يمكن أن تضع فيه بطاقة وحدة تعريف المشترك (SIM card). ويمكنك أن تشتري بطاقة محلية من أي مكان، وأن تضعها في هاتفك وتجري مكالمات. وقد وجدت بالإضافة إلى كاميراتي أن الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها هي البطاريات الإضافية، وشبكة الوقاية من الناموس، ورشاش ضد الحشرات، ومناديل ضد البكتريا، وقطع مأكولات تحتوي على البروتين، وماء بالطبع.
الدرس الرابع: اترك جهاز الفلاش في المنزل
* وخذ بدلا منه عدسات سريعة، وتعلم حمل كاميرتك بيدك. واليوم يمكنك بواسطة الكاميرات السريعة ذات تدرجات سرعة الأيزو أن تفعل الكثير بعدسات قياس «f/1.4» أو «F/2» وأنت تحملها. وعامة لا أحمل فلاش، وقد التقطت إحدى الصور بكاميرا ذات عدسة قياس 50 مللي «f/1.2» ذات سرعة أيزو 1000، وساعد عمق المكان والخلفية المظلمة على خلق حالة الصورة. ويجب أن تعد نفسك قدر استطاعتك عندما تلتقط صورا في إضاءة خافتة، فلتزفر وتضغط على الزر دون أن تهز الكاميرا. وكثيرا ما تهتز الكاميرا مع الضغط على الزر في اللقطة الأولى، ولكن تكون اللقطة الثانية أو الثالثة أكثر وضوحا. ومن الصعب للغاية التركيز في الليل، خصوصا عندما تتحرك الأشياء بسرعة في أثناء الغارات العسكرية. وكانت إحدى الحيل التي اتبعتها هي استخدام مصباح ضوئي صغير وقوي بضغطة واحدة بسيطة. وأحمله في يدي اليسرى وأنيره للحظة، وأثبت بؤرة الكاميرا ثم أغلقه وألتقط الصورة. وقد وجدت أن كاميرات «ليكا» أسهل بكثير في تركيز بؤرتها، ولكنى ما زلت أنتظر موديل كاميرا رقمية ذات أداء جيد في الإضاءة الخافتة، وعدسة سريعة زهيدة الثمن.
الدرس الخامس: بعض التفاصيل تنقل إليك الخبر أحمل معي كاميرا «هاسل بالد» وفيلم نيغاتيف لصور ملونة، وذلك غالبا ما يكون لصور بسيطة أو لتفاصيل. وتعد الصومال مزيجا مذهلا بين القدم والحداثة، وبين الشرق والغرب. فيركب البدو الذي يحملون هواتف جوالة قطيعا من الجمال عبر الصحراء. ويدخل الشتات الصومالي في جميع جوانب الحياة هنا تقريبا، وفي الكثير من المناطق، وبالاشتراك مع الصوماليين المحليين، أقاموا حكومات صغيرة فعالة وسط الفوضى. وفي إحدى صلوات الجماعة لميليشيا صوفية وجدت مقاتلا شابا يضع المصحف على بندقيته الكلاشينكوف، وكتب على حزام البندقية كلمة «بلاي بوي». ولست متأكدا من أنه يعرف ما تعنيه، ولكني شعرت أنه يلخص الفصام الموجود في الحياة هنا. وبعد الاطلاع على أعمال مارتن بار، أحاول التقاط التفاصيل كل يوم.
الدرس السادس: ابحث عن اللحظات الهادئة
* يستغرق التعرف على الأشخاص الذين تعمل معهم بعض الوقت، وهم في تلك الحالة المقاتلون. إنهم يتحدثون قليلا بالإنجليزية، ولست صوماليا، لذا في الغالب ما يكون التعامل من خلال الإيماءات والابتسامات والعبارات القصيرة. ولكن من الممكن أن تكسر تلك الأشياء الجليد، وبمجرد أن يحدث ذلك أحيانا ما أبحث عن دقائق هادئة بالقرب من مكان التجمع. وقد وجدت مشهد جندي يصلي وما زالت رصاصاته تحيط بجسده، والتقطت الصورة بعدسة ذات قدرة على التكبير قياس 70-200 ملليمتر لتجنب إزعاجه. وفي الشرق الأوسط على وجه خاص، تجد أنك تلتقط الكثير من الصور لأشخاص يؤدون الصلاة، وأحاول قدر الإمكان تجنب الوقوف أمام الأشخاص وهم يصلون.
الدرس السابع: الأمن له أهمية قصوى
* إذا شعرت بأن شيئا ما ليس على ما يرام فلا تستمر فيه، وقد قتل الكثير من الصحافيين واختطفوا في الصومال، وقد احتجز مختطفون صحافيين غربيين لمدة عام تقريبا هناك. وغالبا ما يكون أول خطأ هو الظهور وكأنك جديد على بلد والاستعانة بمرشد لا تعرفه. (ويساعد المرشدون في الترجمة والسير في دولة أجنبية)، وقد عملنا مع فريق صومالي كنا نعرفه ونثق به، وكان المراسل جيفري غيتلمان ذا خبرة كبيرة بالصومال، وقد عملت هناك عددا من المرات أيضا. ولكن من الممكن أن يكون الأمر معقدا، حيث تنتقل مسؤولية أمنك من قبيلة إلى أخرى وأنت تتنقل حول البلاد. وفي مرحلة ما اصطحبنا الفريق إلى فندق غير محاط بمبانٍ، أي أن الشارع كله يستطيع رؤيتنا إذا دخلنا الفندق. ولم نغادر السيارة مطلقا، وطلبنا من السائق ببساطة العودة بنا والبحث عن مكان آخر به فناء خلفي يمكننا أن نكون أكثر حذرا فيه. وانتهى بنا الأمر نائمين فوق سطح أحد المنازل، كما كنا نفعل في ليالٍ كثيرة في الصومال، وكان المكان أكثر أمنا في النهاية.
ومن المهم أيضا البقاء بعيدا عن الأضواء عندما تتحرك في مناطق خطرة، حيث تزداد مخاطر التعرض للاختطاف. ولتحاول البحث عن سيارات ذات زجاج ملون، ويساعدك أيضا ارتداء ملابس ذات أكمام طويلة ووضع لحى وارتداء قبعات وملابس محلية. ولا تخجل من وضع غطاء حول رأسك أو ارتداء زي محلي، فمن بعيد تجعلك تلك الملابس أقل جذبا للأنظار، وقد تنقذ حياتك.
* خدمة «نيويورك تايمز»
الشرق الأوسط