الازمة اللبنانية ليست طائفية
12/05/2008
تتسع دائرة المواجهات الدموية في لبنان، وتتزايد اعداد القتلي والجرحي بالتالي، الامر الذي سيجعل من مهمة وفد الجامعة العربية الوزاري الذي تقرر ارساله علي عجل الي لبنان في تطويق الأزمة صعبة للغاية.
فاللافت ان اليومين الماضيين شهدا انتقال الصدامات الي الجبل، ومواقع الدروز علي وجه التحديد، بعد ان جري حسم معظم المناطق في بيروت الغربية وضواحيها لمصلحة قوات المعارضة برئاسة حزب الله .
السيد وليد جنبلاط، الذي ما زال محاصرا في مقره البيروتي، فوض خصمه طلال ارسلان المتحالف مع المعارضة، التفاوض مع حزب الله من اجل تأمين مناطق الدروز التابعة له من اي اعمال انتقامية علي حد وصفه، وناشد زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله ان لا يدفع انصاره وابناء الطائفة التي يتزعمها ثمن مواقفه، التي اتسمت بالاستفزاز والتشنج، والتهجم بطريقة غير مسبوقة علي المعارضة ورموزها.
المأمول ان يتجاوب السيد نصر الله مع هذه المناشدة، وان يدعو قواته الي ضبط النفس، وعدم معاملة ابناء الطائفة الدرزية بجريرة مواقف زعيمهم التي افتقدت لأبسط قواعد العقل والمنطق، وابجديات العمل السياسي. لان هؤلاء لا ذنب لهم، ولم تتم استشارتهم، ويظلون في نهاية المطاف مواطنين ابرياء يجب ان تحفظ ارواحهم، وان تحقن دماؤهم.
والمأمول ايضا ان يستوعب فريق الرابع عشر من آذار، ومن بينهم السيدان سعد الحريري ووليد جنبلاط ان الاطراف الخارجية التي حرضتهم علي الاقدام علي خطوات استفزازية غير محسوبة جيدا، ادت الي تفجير الازمة الحالية، مثل طرد العميد وفيق شقير، والمطالبة بتدمير شبكة اتصالات حزب الله في مطار بيروت، هذه الاطراف تركتهم يواجهون مصيرهم وحدهم، ويتراجعون عن هذه القرارات بطريقة مهينة.
نحن هنا نتحدث عن الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول العربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية علي وجه الخصوص، حيث اقتصر دعمها علي البيانات اللفظية، والمقالات النارية في بعض الصحف والمجلات التي تدين حزب الله، وتركز علي شيطنته، وإلباس الأزمة الحالية ألبسة الطائفية المقيتة، وهي ليست كذلك علي الاطلاق.
المواجهات في لبنان ليست طائفية، لان المعسكرين المتصارعين، يضمان كل الوان الطيف السياسي، ومن الخطأ كل الخطأ القول بان المواجهات الدموية هي بين الشيعة والسنة، ففي معسكر المعارضة هناك التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشيل عون، ودروز بقيادة طلال ارسلان، وسنة يتمثــلون بالسيد عمر كرامي والشيخ يكن. والشيء نفسه يقــال ايضــا عــن معسكر الموالاة وقياداته من المسيحيين والمسلمين السنة، والدروز ايضا حيث السيد وليد جنبلاط.
حزب الله الذي انتصر في هذه المواجهات يجب ان يدرك جيدا انه لا يستطيع حكم لبنان وحده، حتي لو امتلك القوة التي تؤهله لذلك، فلبنان لا يمكن ان يحكم من قبل طائفة واحدة، مهما بلغت قوتها، لانه بلد ظل دائما عنوانا للتعددية والوفاق الوطني.
ومن هنا فإن المطلوب من وفد الجامعة العربية الذي سينطلق الي لبنان في مهمة وساطة جديدة ان يوضح هذه الحقيقة لجميع الاطراف التي سيلتقيها، وخاصة معسكر المعارضة، وان يؤكد في الوقت نفسه لاطراف الموالاة ان الرهان علي القوي الخارجية لن يساهم في حل الأزمة، بل زيادتها تعقيدا، وربما تدمير لبنان ايضا.
القدس العربي