صفحات سوريةعبد الرزاق عيد

المخابرات السورية تدافع عن اقتراح حافظ أسد: بدعوة الإمارات العربية للتنازل عن الجزر الإماراتية الثلاث لإيران

null
عبد الرزاق عيد
ما أن كشف وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن رئيساً عربياً حاول إقناع الرئيس الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالتنازل عن الجزر الإماراتية الثلاث:( طنب الكبرى –طنب الصغرى- أبو موسى) المتنازع عليها إلى إيران ، نقول ما إن كشف الوزير الإماراتي عن هذه الواقعة حتى أطلقت المخابرات الطائفية السورية كتابها المعتمدين كموظفين مياومين مدافعة عن وجهة نظر (قائدهم الخالد) مؤسس إقطاعيتهم(الأسدية) الاقتصادية والسياسية على امتداد الجغرافيا السورية وهو الطاغية (المقبور) حافظ أسد، حيث حضوره الوثني في وعيهم الطائفي يقودهم إلى الهستيريا والهذيان ما أن تتم أية إشارة غير مقدسة إلى (ذاته وصفاته الطوطمية)،فتنطلق كوامن الاندفاعات الغريزية التي يعجز العقل عن كبحها : ومظهر ذلك هذا النص الغريب كل الغرابة عما هو معروف ومتداول عن مألوف الخطاب العربي المعتدل، ناهيك بالخطاب البعثي (الأسدي) المتمسح والمتاجر أبدا بشعارات العروبة … حيث يبدأ هذا النص الأمني الطائفي بعنوان:” لماذا المطالبة بالجزر في الخليج الفارسي؟…عندما يكون الاحتلال نعمة ”
وينتهي إلى” دعوة الإمارات ومجلس التعاون لدول الخليج (الفارسي)، أن يشكروا إيران، مجتمعين، على تكرمها بإدارة تلك الجزر بطريقة حضارية وعصرية وإنسانية، عجزت عن الإتيان بمثلها، حتى الآن، المنظومة البدوية، بقضها وقضيضها؟ خاتما العنوان بهذه العبارة: ألا يبدو الاحتلال، هنا، نعمة من عند الله؟ ” والسؤال الأول- قبل النقاش والتحليل- الذي يطرح نفسه تجاه هذا التعليل هو :هل سكوت النظام الأمني الطائفي عن احتلال الجولان هو بسبب هذه الموضوعية والحكمة التي تنطلق من قناعة أن إسرائيل تستحق الشكر على “تكرمها بإدارة تلك الأراضي السورية بطريقة حضارية وعصرية وإنسانية…عجزت عن الإتيان بمثلها، حتى الآن، المنظومة الثورية الرعاعية وحلفائها من الحثالات المدينية من مهربي السلاح والمخدرات وهو ما تبقى لعصابات الرعاع الطائفية من قاعدة امتداد تحالفات لها داخل المدن …وبهذا يبدو الاحتلال الإسرائيلي، هنا، نعمة من عند الله …وفق معايير نص الخطاب الأمني الطائفي السوري….!؟
هل يمكن أن يكون في عالم (العربيا) المتهالك هذا، كل هذه الأحقاد السوداء، التي يبلغ بها الطيش العدواني والرعونة العصابية الهستيرية التي لا يمكن أن توصف وفق خطابهم البعثي القومي سوى بـ (الخيانة-العمالة- واللاوطنية) الموصوفة ،إذ يسترسل الخطاب الأمني بكل انحلال قيمي وطني وقومي وانحطاط طائفي انكفائي انعزالي عن شمول كيان الأمة، مبرهنا على حكمة (طوطمهم) مؤسس السلسلة الدموية الأسدية في دعوته لتنازل الإمارات عن جزرها ، فلم يسبق في تاريخ الخطاب السياسي العربي المعتدل أو المتطرف، وفي أسوأ ظروف صراعاته وتناقضاته أن دافع عن استعمارأراضي بلد عربي آخر مهما كانت شدة التناقضات والخلافات …هذا رغم أن الراحل الشيخ زايد كان يعتبر في منظورهم البعثي (رجل العروبة والشهامة القومية) ، وكان يستقبل كصديق استثنائي لسوريا ، يوم كانوا يفصلون-لأهل المنظومة البدوية- من جلد نسائهم عباءات، ويبنون لهم -مقابل جزيل عطائهم- إهرامات من الحلمات … لكن يبدو أن أبناء (المنظومة البدوية) الشباب قد اكتشفوا حقيقة زيف الشرف الوطني والقومي والرياء الأخلاقي لآباء وأبناء أهل( المنظومة الثورية الأسدية)، فزهدوا ببضاعة إغراءاتهم وإغواءائهم الرخيصة …
يبدو أن ما أثار غضب الأمن الطائفي الهذياني المسعور في سوريا أن الراحل الشيخ زايد ( البدوي-على حد تعبيرهم)، استطاع ببديهة الصحراء وبساطتها وتلقائيتها، أن يكشف الباطنية الطائفية السوداء الحقودة الملتحقة بإيران لدى من كان يسميه إعلامه (قائد المسيرة) القومية العربية ، فقال الشيخ زايد لحافظ أسد : “أنا موافق على التنازل عن الجزر بشرط، وهو أن أعلن رسمياً أن الرئيس الفلاني هو الذي طلب مني التنازل”، مضيفاً أن الرئيس العربي “تراجع عن اقتراحه على الفور”. .
لولا أن الشعب الإماراتي قد شبع من ثرواته الطبيعية التي لا تسرقها سلطته من فمه ، حيث تدخل موازناته النفطية خزينة دولته على الأقل، لا كما يحدث عندنا نحن أشقاؤهم في سوريا التي لا يعرف أحدا خلال تاريخ آل الأسد ما هي كميات النفط المنتجة والمصدرة وريعيتها سوى حسابات حافظ أسد وابنه الراحل باسل التي دفع محمود الزعبي حياته ثمنا لمعرفته بسرها في الخارج …!
ولو كان الشعب الإماراتي ذا مسغبة رعاعية همجية سوقية كحال أوباش عصابات الاستيطان الأسدي لكال لنا الصاع صاعين ، ولما ترفع أن يرد على النص الأمني قائلا : ولماذا المطالبة بالجولان إذن ؟ إذ أن المبررات التي يسوقها النص المخابراتي هي حصيلة تأمل للذات في مرآة واقع الطغم المستولية على سورية وقد تم إسقاطها بوعي صبياني هذائي على الآخر الشقيق الإماراتي :
-إذ تبلغ درجة الهستيريا في ثقافة الكراهية الطائفية حد أن النص الأمني يسخر من الشعب الإماراتي ذاته، حيث يتحدث عن الدخول الإيراني للجزر بطريقة ترفيهية ” لم يشوبها طلقة رصاصة واحدة من قبل الشعب الإماراتي (المقاوم البطل)، ولم تلق القوات الإيرانية أية مقاومة تذكر …”
لن نتوقف عند البعد (العنصري) في النص ، وذلك عندما يسخر من شعب الإمارات فيسميه هازئا (البطل المقاوم …) ليوميء بدلالة صكه بالجبن والتخاذل وتسليم البلاد، وهذا مما هو محرم دوليا وأخلاقيا وإنسانيا وموصفا على المستوى الدولي بجريمة العنصرية ، فكيف إذا كان موجها نحو شعب شقيق …!؟
نقول: لولا أن يترفع الخطاب الإماراتي عن هذا المستوى الحضيضي من الخطاب ، لأجاب بأنهم كخليجيين ليسوا دعاة مصاولة ومجاولة وقتال ونضال كما هو الخطاب البعثي (الأسدي /الصدامي سابقا) ، ولهذا فالعصابات الطائفية الأمنية هي الأولى بالسؤال المطروح القائل: ألم تسلم الجولان بدون طلقة رصاصة ؟ بل وحتى قبل دخول القوات الإسرائيلية مما غدا معروفا ومتداولا وشائعا! وكان كل ذلك بقيادة (البطل المقاوم ) وزير الدفاع حافظ أسد الذي رفّع نفسه إلى رئيس دولة مكافأة له على تسليم الجولان ، ليؤسس لأول (جمهورية وراثية) في التاريخ العالمي ، بعد أن تحول مع نظامه الأسدي الوراثي إلى حامي سلطة إسرائيل في الجولان في مواجهة شعبه الممنوع ليس من إطلاق الرصاص بل ورمي الحجارة على العدو الإسرائيلي الذي أصبح المدافع الثاني -مع إيران- عن بقاء نظام العصابات الطائفية الأسدية ، بل ومحاولة حمايته من المحكمة الدولية على جرائمه بحق شعبه والشعب اللبناني والفلسطيني …بل وحروبه الدائمة ضد محيطه العربي …وما نباحه المسعور اليوم ضد الإمارات إلا جزءا من هذه النزعة (الخوارجية ) على الأمة لصالح أعدائها الإسرائيليين والإيرانيين ، لكن عبر أكبر كذبة (باطنية/طائفية /تقية) تتظاهر بالعروبة والنضال القومي مقاولة وسمسرة …ولا نعرف ما هو التأويل القومي الذي ستقدمه المؤتمرات القومية والإسلامية الهتافة لعصابات النظام من موقفه (القومي) هذا الداعي إلى التنازل عن الجزر العربية الإماراتية لإيران …سيما بعد صمت مؤتمراتهم القومية-الإسلامية المخزي عن تسليم النظام الأمني لمناضلي شعب الأحواز العرب في دمشق للمشانق الإيرانية …
– يقول نص الخطاب الأمني الطائفي : لنفترض أن إيران قامت، مشكورة، بإهداء تلك الجزر، التي لا حق تاريخي للإمارات بها، نظراً لأنها مهجورة، … إذ لا يوجد لدى دولة الإمارات شعب لشغل تلك الجزر … أي أنها لن تكون “عربية” على الإطلاق ( على فرض أن في العرب والعروبة أي خير أو وجه إنساني يمكن التعويل عليه)، والنتيجة هي، هي وجود أجنبي في هذه الجزر أي لن تكون عربية. ومن الجدير ذكره، أن نسبة الأجانب والآسيويين تبلغ اليوم في الإمارات 90% من عدد السكان.، ومثلها تقريباً في المنظومة البدوية الأخرى ( في السعودية) …
لقد وصلت درجة الانشقاق عن عالم العروبة والالتحاق (المذهبي) غير الوطني بالهوية الإيراينية حد شتيمة العرب في أن “ليس فيهم خير أو وجه انساني” ، بل عدم الخجل من استخدام العبارات والعناوين والصيغ الإسرائيلية ذاتها : كالحديث “عن أرض بلا شعب” ، في وصف فلسطين ، و”الجزر المهجورة ” في وصف الجزر العربية الثلاث ، حيث يتطابق الخطاب الطائفي لعصابات أمن النظام في سوريا مع الخطاب المذهبي الثيوقراطي (المقومن) فاشيا ايرانيا ، مع الخطاب الإسرائيلي العنصري الإستيطاني التهويدي في نفي صفة الخير والإنسانية عن العرب واعتبار أن أراضيهم مهجورة وبلا شعب …ويسألونك مستنكرين أين الهلال الشيعي … وأين تغليب المذهبية الطائفية الشيعية على الوطنية والقومية لصالح إيران ،ويسألونك أين وحدة الخطر الإسرائيلي –الإيراني على المنطقة والعرب …!؟
كما ولا يخجل النص الطائفي المخابراتي من القول :إن دولة الإمارات ستقوم على الصعيد العسكري والسياسي بالتعاون مع مجلس التعاون، بتوقيع اتفاقيات لإقامة قواعد عسكرية دائمة للأمريكيين، والبريطانيين، والروس، والفرنسيين …الخ، وعلى هذا فإن إيران أولى بهذه الجزر . ( أي “هيك هيك”: لا يوجد سيادة).
– ومن منطلق الوعي الطفلي الرغائبي الاسقاطي (الصبياني الرقيع) في القاء صفات الذات على الآخر ، يعتبر النص الأمني الطائفي أن الجزر في حالة عودتها إلى الإمارات ستعود إلى القرن السابع الميلادي … والسؤال هل ينطبق هذا التوصيف على الإمارات المندفعة بإفراط نحو استلهام نماذج الحداثة التي تهدد الهوية بحق ، أم أن هذه الصورة تنطبق على صورة الحليف الطائفي الأيراني الثيوقراطي القروسطي الذي يعيدنا ببرنامجه الفكري والعقائدي إلى القرن السابع الميلادي …!؟
كما أن الأصول الرعاعية للعصابات الأمنية –ا لرع سوسيولوجيا هو المعدم الذي لا يملك سوى جسده أو (جسدها) في عملية الإنتاج الاجتماعية – تدفعهم لتصوير الأغنياء بالبداوة ، كما وأن طائفيتهم تدفعهم إلى مواراة عملية التشيع التي تفتح لها أبواب سوريا لإيران باسم مقاومة الوهابية البدوية التي يوظفونها ضد الخليج ككل من خلال خطاب ديماغوجي تضليلي يتجاهل حقيقة المعركة التي يخوضه النظام الخليجي مع الوهابية في صورة (منظمة القاعدة) التي لا تختلف عن حزب الله أو الأدلوجة الإيرانية سوى أنها وجهها الآخر (السني) ، فهي لا تختلف مع حزب الله كبنية اجتماعية صافية مذهبيا من حيث أن تركيبة الإثنين طائفية ، ولا فكريا من حيث منطلق الصراع مع الآخر يقوم بالنسبة إليهما على أسس دينية (فسطاطية العالم :الكفر والإيمان))، ولا في برنامجه السياسي الكاره للغرب-ليس استعماريا فحسب- بل دينيا وحضاريا ،حيث مطمح الجهاد لدى الاثنين ليس تحرير فلسطين فحسب بل وتحرير العالم ، وأضغاث الأحلانم هذه لا تدور في ذهن عصابي فردي لدىى ابن لادن أو حسن نصر الله ، بل لدى الطاقم الذي يحكم ايران استنادا إلى هذه العقيدة الطامحة لقيادة العالم بقوة ونشاط وفعالية أهل البيت …
بل والأنكى من كل ذلك أن النص الأمني يتهم الإمارات بعدم الاعتراف بأي من مواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان …طبعا لن ندافع عن دولة الإمارات ولا عن أي بلد عربي عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان … إلا أن تأتي هذه التهمة من عصابات نظام مخابراتي يدمر المدن فوق رأس أهلها (حماة) فتفقد المدينة حوالي الثلاثين ألف مواطن أعزل باسم المعركة مع عشرات من الإرهابيين …وأن يكون هناك حتى اليوم 19 ألف مفقودا ناهيك عن أعداد المساجين –عشرات الألاف- الذي لا يقارن به نظام في العالم سوى نظام ربيبهم ورفيقهم المقبور (صدام حسين) ….عصابات مجرمة تستند إلى ها الميراث المرعب من الفتك ليس بحقوق الإنسان فحسب بل وبالإنسان ذاته بمعناه العضوي، تتهم الإمارات والنظام العربي الوحيد –مع لبنان- الذي ليس فيه معتقلون سياسيون بأنه نظام انتهاك حقوق الإنسان ! بل واتهامه بعدم الاعتراف بالشرعية الدولية من قبل عصابة قتلة لعشرات الألاف من الشعب السوري والفلسطيني واللبناني ،عصابة مجرمين مطلوبة عالميا تنتظرهم مشنقة المحكمة الدولية ، على الأقل نحو أخر جرائمهم فيما سمي بقضية اغتيال رفيق الحريري وصحبه ، بانتظار مجيء يوم محاكمته من قبل الشعب السوري والعربي على كل جرائمهم الوطنية والقومية …بما فيها تهتكهم الوطني والقومي نحو الشعب الإماراتي وحقه في السيادة على أرضه …ومن ثم الخروج عن جماع وإجماع الأمة القومي لصالح دولة أجنبية (ايران) …يدافع عن حقها في احتلال أرض عربية جهرا بكل عقوق سافر وخروج وطني من الصف القومي على أهداف الأمة وخيانة هويتها مما يستدعي الرد الفعل الطبيعي من العرب، وهو-على الأقل- طرد نظام هذه العصابة الطائفية المخابراتية العدوانية المأفونة من الجامعة العربية وفق الحد الأدنى لما تبقى لهذه الجامعة من هوية عربية منهكة ومنتهكة ….
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى