حلفـاء الخـارج
ساطع نور الدين
لولا بعض التحفظ، لامكن القول من دون تردد ان المعارضة اللبنانية تتمتع بتأييد الغالبية العربية والدولية التي كانت الموالاة، او بعض اطرافها على الاقل، تعتبرها في صفها وتراهن ضمنا على انها ستقف الى جانبها عندما يحين موعد الاختبار الحاسم حول مستقبل لبنان وموقعه وجدول اعماله السياسي.
تلك هي الخلاصة الاهم لاجتماع المجلس الوزاري العربي، الذي انعقد في القاهرة امس الاول الأحد، وخرج ببيان لا يتلاءم مع حجم التحول العسكري والسياسي الذي شهدته العاصمة بيروت وبقية انحاء لبنان في حرب الايام الستة الماضية، ولا يتناسب مع حجم التوقعات والتكهنات التي سبقت انعقاده، وكادت توحي بأن العرب يستعدون لاعلان انقلاب مضاد، والشروع فورا في تنفيذه على مختلف المستويات والجبهات.
وهي ليست المرة الاولى التي يبدو فيها ان المعارضة اللبنانية قوية في الخارج مثلما هي قوية في الداخل، كما انها تعتمد على حلفائها واصدقائها الخارجيين اكثر من الموالاة، وتطمئن الى ان خصومها وأعداءها العرب والاجانب سيتخذون موقفا اعتراضيا على أي خطوة تقوم بها ضد الموالين، لكنهم سيلتزمون خيار التسليم بالامر الواقع والخلل الهائل في موازين القوى.
وهو تقدير كانت بعض قوى الموالاة ولا تزال واثقة منه، وكانت تميل بين الحين والآخر الى الاعتقاد ان المعركة مع المعارضة خاسرة سلفا، لانها اساسا محكومة بلامبالاة الخارج العربي والدولي، بل احيانا تشجيعه المعارضين، لا سيما حزب الله، على المضي قدما في الانخراط في العملية السياسية ومتاهاتها التي يعتقد انها تخفف من حالة التوتر والترقب السائدة على الحدود اللبنانية الجنوبية.. وهو ما يمكن قراءته بوضوح شديد في الموقف الاميركي من حرب الايام الستة على بيروت، والذي اعقبته العودة الى حماقة اميركية سابقة، هي ارسال المدمرة «كول» مجددا الى البحر المتوسط، ما يشكل خطرا مضاعفا على الموالين جميعا في لبنان!
اجتماع وزراء الخارجية العرب الاخير اضاف دليلا جديدا على تلك الأدلة التي تلقتها الموالاة على مدى السنوات الثلاث الماضية، على انها تخوض معاركها وحيدة ـ بغض النظر عن حكمة مثل هذه المعارك السياسية الاشبه بالعمليات الانتحارية ـ وتخسرها واحدة تلو الاخرى، وبعد كل خـسارة تضــطر الى التحصــن في منازلها والخضوع لحالة حصار سياسي وامني اشـد من ذي قبل.
قبل الاجتماع العربي الاخير الذي دعت اليه اكبر وأهم دولتين عربيتين، كان هناك كلام خيالي كبير عن قوات عربية وإسلامية وعن موقف حاسم من سوريا وعن اتهام صريح لايران، وعن قصيدة شعر مؤثرة للعاصمة بيروت مطارها ومرفئها ومؤسساتها الاعلامية والتربوية.. لكن البيان الختامي كاد يتهم الموالاة بأنها هي التي لجأت الى السلاح، وكاد يطلب منها وحدها التوقف عن اطلاق النار، وكاد يتبنى شروط المعارضة للحوار والتسوية، التي لا يشك احد من الموالين بأن لجنة الوساطة العربية برئاسة قطر ستعتمدها اساسا للتفاوض.
لهذا السبب، سيزداد بؤس الموالاة التي لم يعد لديها سوى الاتكال على الله وعلى حقيقة ان المعارضة ارتكبت خطأ تاريخيا لن تصححه أي تسوية داخلية مهما كانت متوازنة.