إخوان سوريا يعلقون أنشطتهم المعارضة
الجزيرة نت/ يو بي آي
صادق مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا على قرار قيادته بتعليق الأنشطة المعارضة، واعتبره “مبادرة وطنية لإعطاء فرصة حقيقية وصادقة لكسر دائرة الشر المحيطة بالشعب السوري منذ أكثر من 40 عاماً”.
وقال مجلس شورى الجماعة في بيان أصدره الخميس في ختام أعمال دورته العادية الرابعة، إنه يضع قرار القيادة بتعليق الأنشطة المعارضة في سياق الحرب المفتوحة بكل أبعادها على أمة العروبة والإسلام، التي لم تكن الحرب الإسرائيلية على غزة إلا إحدى حلقاتها.
واعتبر مجلس الشورى أن هذه المبادرة ليست غريبة على تاريخ جماعة الإخوان المسلمين “الداعية إلى نفي الظلم والفساد والاستبداد عن حياة الناس في سوريا” وفق البيان.
وأضاف بيان المجلس أن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا “تدعو إلى وطن حر وسيد… الوحدة الوطنية قاعدته، ودولة السواء والقانون عنوانه، والنهوض الحضاري الإنساني القويم مشروعه، بلا تمييز ولا استئثار ولا معتقلات ولا خوف فيه ولا تخويف، وتمد أيديها إلى كل الأحرار من أبناء وطننا للتعاون على بناء وطن القيم والحرية والمساواة والعدل”.
وأعلن المجلس تضامن الجماعة مع “جميع الأحرار القابعين وراء القضبان من أجل قضايا وطنهم العادلة، وفي مقدمتهم رجال التيار الإسلامي بكل ألوان طيفه، والمواطنون الشرفاء المعتقلون من قيادات إعلان دمشق، الذي نعتبر أنفسنا عضواً مؤسساً وفاعلاً فيه، وجميع معتقلي الرأي والضمير في السجون السورية”.
وأدان البيان ما وصفه مشروع التفتيت العنصري العرقي واللعب على حبال الطائفية، واعتبره محاولة لضرب أبناء الوطن بعضهم ببعض وجسرا لعبور المخططات المستهدفة ليس فقط لوحدة هذه الأمة، بل لوجودها وهويتها أيضا، محذرا من الانجرار إلى مزالقه.
تغيير جذري
وجاء هذا البيان بعد يوم من وصول وفد أميركي رفيع المستوى إلى دمشق في ثاني زيارة لمسؤولين أميركيين إلى سوريا في غضون شهرين.
وتركزت المباحثات الأميركية السورية على استمرار النقاش الدقيق بشأن تطوير علاقات البلدين وتعزيز فرص التعاون الأمني والإقليمي في المنطقة بين واشنطن ودمشق خاصة ما “يتصل بأمن الحدود ومنع تدفق المقاتلين على العراق” وفق مسؤولين أميركيين.
وكانت جماعة الإخوان في سوريا قد دعت عام 2005 إلى “تغيير جذري شامل”, قائلة إن النظام الحالي أثبت أنه “لا يريد قراءة الأحداث قراءة صحيحة”. وقال مجلس شورى الجماعة في بيان توج دورته العادية الثالثة بلندن إن “النظام السوري الحالي غير قابل للإصلاح” ووصفه بالعنصري والاستعلائي.
يذكر أن الجماعة محظورة في سوريا منذ 1980على خلفية مواجهات دامية مع النظام. وينص القانون السوري على الحكم بالإعدام على كل منتم إليها.
وتشكلت الجماعة في منتصف أربعينيات القرن العشرين من خلال اندماج عدة جمعيات إسلامية تحت قيادة مصطفى السباعي، مثل جمعية “شباب محمد” و”دار الأرقم”.
وأقامت جماعة الإخوان في صيف العام 1946 معسكرا تدريبيا بإشراف الجيش السوري، وشارك فيه حوالي 300 شاب من الإخوان، وتشير المصادر إلى أنهم انتشروا بسرعة وكانت لهم فروع في جميع المحافظات والمدن السورية.
ومصدر سوري يرحب بموقف شورى الاخوان وينفي وجود تفاهمات سياسية لعودة رموز المعارضة
المرصد السوري
رحب مصدر سوري بموقف مجلس شورى جماعة “الإخوان المسلمين” المثمن لقرار وقف النشاط المعارض للجماعة ضد النظام، لكنه اعتبره بأنه مجرد “خطاب إعلامي جديد يحتاج إلى فعل وممارسات سياسية على الأرض”.
وأوضح الخبير الأمني السوري وعضو حزب البعث الحاكم في سورية المحامي عمران الزعبي، في تصريحات لـ “قدس برس”، أن التعاطي مع مواقف الإخوان المؤكدة لوقف نشاطها المعارض للنظام لا يمكن أن يتم خارج سياق العلاقات بين الطرفين، وقال: “لا يمكن النظر إلى موقف الإخوان خارج سياق التجربة الماضية للعلاقات السيئة بين الإخوان والنظام في سورية التي انعكست سلبا على موقع الإخوان وصورتهم. كما أن هذه التجربة ذاتها أثبتت للجميع أنه لا خيار امامهم إلا العيش المشترك بغض النظر عن الموقف الحزبي أو الطائفي أو المذهبي أو السياسي”.
وأشار الزعبي إلى أن السلطة تتعامل بحذر مع مواقف الإخوان التي يمدون فيها أيديهم لها بناء على تجارب الماضي ذاتها، وقال: “موقف مجلس شورى الإخوان فيه نوع جديد من التفكير السياسي الأقرب إلى المنطق، لكن حتى هذه اللحظة لا يمكن الحكم عليه نهائيا، فالسنوات الماضية شهدت مواقف متذبذبة من قادة الإخوان على نحو يجعل من النظام حذرا في العاطي مع هذه المواقف، لا سيما وأن الإخوان اقتربوا من الموقف الأمريكي في المرحلة الصعبة التي أعقبت احتلال العراق، لهذا لا يمكن الوثوق بهذه المواقف، وما نراه إلى الآن هوتحول في الخطاب الإعلامي، أما على الأرض فلا توجد أدلة دامغة تؤكد صحة هذا الخطاب”.
وعن المطلوب من الاخوان لفتح صفحة جديدة في العلاقة مع السلطة، قال الزعبي: “عمليا لا يوجد حوار بين السلطة والإخوان، فالحوار منقطع بسبب عدم ثقة السلطة بهذه المواقف، ولذلك على الإخوان أن يقدموا الدليل القاطع على عدم تواصلهم مع أي طرف يعادي سورية، وعليهم أن يثبتوا عمليا أنهم على استعداد للتخلي عن السلوك القديم الذي تميز خلال الفترة الصعبة بالتواصل مع أعداء سورية”.
وأشار الزعبي إلى أن موقف الإخوان يعود في جزء منه إلى طبيعة التحولات التي عرفها النظام السوري نفسه، وقال: “النظام السياسي في سورية عرف تحولات عميقة خلال السنوات الماضية من حكم الرئيس بشار الأسد، وهي تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، بل وتحولات في نمط التفكير نفسه، وهي تحولات فرضت نفسها على الجميع الذين عليهم أن يتعاملوا مع النظام بانفتاح وفقا لطبيعة التحولات الداخلية. ولذلك فموقف الإخوان هو في وجه من وجوهه استجابة لهذا التحول. وإذا كان هذا التحول في موقف الإخوان جديا وحقيقيا فيجب أن يكون قائما على أن الطريقة السابقة أثبتت عدم جدواها، وأن النظام في سورية أثبت للجميع أنه أقوى من كل المؤامرات التي حيكت ضده، وأنه لا يوجد أي أفق سياسي لأي تيار سياسي لا سيما إذا كانت خياراته تتقاطع مع خيارات قوى خارجية متربصة بسورية”.
على صعيد آخر نفى الزعبي وجود أي تفاهمات سياسية بين الحكومة والمعارضة يمكن إدراجها ضمن مفهوم الصفقة السياسية التي يعود بمقتضاها معارضو الخارج إلى الداخل، وقال: “من الناحية القانونية والسياسية سورية لا تمنع أحدا من مواطنيها من الدخول أو الخروج منها لأسباب سياسية، والأشخاص الوحيدون المستثنون من ذلك هم المتابعون في تهم قضائية جنائية، أي الذين مارسوا أفعالا يعاقب عليها القانون، وهؤلاء يتابعون أمام القضاء العادي. ولا توجد تفاهمات بمعنى الصفقات مع أي من رموز المعارضة السورية، فنظام الصفقات لا يحمي من المتابعات القضائية”، على حد تعبيره.
وعما إذا كان هذا يعني أن القانون 49 الذي يقضي بإعدام كل من ثبت انتماؤه للإخوان المسلمين لا يحول دون عودة رموز الإخوان، قال الزعبي: “القانون 49 في سورية ليس مفعلا، ولم يتم تنفيذ حكم الإعدام لأسباب سياسية، إلا إذا كانت هناك أفعال جنائية، بمعنى التفجير والاغتيال”، كما قال.