بلاد الهدايا الباذخة
شادي علاء الدين
كانت هذه البلاد منذ أكثر من خمسين عاما ولا تزال، مخزنا لهدايا فائقة تقدّمها من أمنها واستقرارها ودماء أبنائها من دون أن تحصل في المقابل على الحدود الدنيا من متطلبات الكينونة والثبات والإستقرار الدولتي والسيادي. اليوم، يكاد الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي يطيح مقومات البلد كافةً على مذبح الصراعات الدولية والإقليمية. مع ذلك لا نلحظ ايّ جهد فعلي يمكن ان يسمح ببقاء البلاد بعد الكارثة. هنا مقال يلقي الضوء على هذا “المخزن” وحياته المهدورة.
حال “الساحة” التي هي حال هذه البلاد، جعلتها مسرحا للنشاط الصراعي بين مجموعة دول استطاعت أن تخلق لها شبكات من المؤيدين من أبناء لبنان الذين صاروا يُنسبون إليها سياسيا وعقائديا. اللبنانية في هذه الحال، لم تعد هوية وانتماء بل صارت صيغة عامة مقسمة بين سكان الولاءات المتناثرة، الممتدة من سوريا إلى آخر نقطة في آخر بقاع الأرض. تفرض هذه الصيغة أن تدار مصالح هذه الدول التي لا نبالغ إذا قلنا إنها تمثل العالم من خلال حروب تندلع في قلب الجغرافيا اللبنانية، ولا بأس إذا ارتدت الطابع اللبناني في بعض الأحيان لأنها دوما حروب تملك خطابا جاهزا وقابلا للتعميم داخل إطار الجماعات التي تؤيد فئة من الفئات الخارجية وتستجيب مصالحها.
تفترض مجموعة الدول المانحة أن هذه الهبات التي تقدمها الى الفئات اللبنانية التي تدين لها بالولاء، كافية لتضع البلاد قيد الإزدراء. ولكن هناك عدم توازن دائم بين مَن يعطي المال والسلاح وبين مَن يهب نفسه. لقد وهبت هذه البلاد نفسها وأبناءها لصالح مجموعة من القضايا العربية والدولية، ولم تحصل سوى على دعم لا يكاد يفيض عن حاجات الحروب. هذه القضايا، سواء انتصرت أو انهزمت، اعتبرت على الدوام أن دين لبنان عليها قد أنجز من خلال ما كانت تقدمه من دعم لم يتعدّ يوماً حدود المساعدات المالية والعسكرية.
تضحية بلا مقابل
للهبة في المجتمع البدائي وظيفة عليا هي الحد من فداحة السلطة وترسيم حدودها وإنهاكها. نظام “البوتلاتش” الذي يتحدث عنه مارسيل موس هو نسق من تبادل الهدايا يتم في حفل عام حيث يكون من حق كل شخص أن يهدي الى كل شخص، وعلى المهدى اليه أن يردّ الهدية مضاعفةً، وخصوصاً إذا كان من كبار القوم، وإلا صار عرضة للإزدراء العام.
الهدية إذاً، هي حرب وانتهاك ودفع للسلطة إلى فقد تمركزها من خلال الحد من مواردها لكي لا تكون مطلقة. تشبه الهدية في نظام “البوتلاتش” نظام الإنتخابات، حيث يصار إلى إهداء الأصوات الى المرشحين، الذين يجب عليهم في المقابل بعد وصولهم إلى سدة الحكم أن يردّوا هذه الهدايا مضاعفةً، وأن ينفّذوا الوعود التي أغدقوها على الناخبين، وإلا صاروا عرضة لإزدراء عام لن تكون نتائجه أقل من الإقصاء وحجب الأصوات عن هؤلاء المرشحين في أيّ دورة انتخابية مقبلة.
البلاد الواهبة ما تملك، كيف تنظّم علاقتها مع مَن تهدي اليهم، حين لا تستطيع الحد من سلطتهم ولا انتزاع الحد الأدنى من المطالب؟ هل تستطيع في الأقل، الكف عن مثل هذا الكرم الذي طالما تدفق من دون نتيجة؟ هل يمكنها أن تحوّله إلى تقنين بارد ومتقن يجيد التعاطي مع خطاب الوهب بما يناسب حاجاته؟ هل تبقى البلاد أسيرة هداياها غير المشكورة، التي بدلا من أن تصنع لها محلاً في قلب العالم، فإنها تصوغ خطاب إهدارها وهتكها؟!
لماذا لا نجيد صناعة “البوتلاتش”؟ لماذا كل هذا البذخ الذي لا طائل منه؟ هل نكون قادرين على صناعة خطاب يزدري كل من لم يردّ لنا هدايانا الفائقة، وذلك بالتأثير على شبكة مصالحه في البلاد، أم أننا سنبقى دوما جنودا نُساق إلى حروبٍ، لنا خرابها دون أمجادها وغنائمها؟
الهبات الكبرى
لم تتوقف هذه البلاد عن تقديم الهبات الكبرى منذ اكثر من خمسين عاما. كانت على الدوام المحل الذي تتمركز فيه الصراعات وتنطلق منه المؤامرات وتصاغ في جنباته المشاريع. لم يستطع لبنان البتة أن يكوِّن كرماً صانعاً للمكانة، بل كان دوما يقيم في مجال الهبة المفتوحة وغير المتبادلة. هذا الكرم كله بقي مصنّفا على أنه حصة البلاد من المشاركة في العناوين الكبرى المطروحة في المنطقة، ولم يصبح دورا يمكن التفاوض في شأنه أو استغلاله.
عنوان القضية الفلسطينية رهن لبنان لحضور فلسطيني عسكري وأمني لم يكن من الممكن المناقشة في شأنه. وكان قسم كبير من اللبنانيين منخرطين تحت لواء المقاومة الفلسطينية، ولكن هؤلاء لم يصنعوا، ولا حتى خطابا لبنانيا مؤيدا للمقاومة الفلسطينية. كانوا دوما مَلاحقَ تندرج تحت عنوان المقاومة الفلسطينية الكبرى التي تسمح فقط لكل مؤيد أن يكون في محل ناقص على الدوام. الهبة التي يقدّمها هؤلاء، كانت في موقع يُنظَر إليه دوما على أنه من قبيل الواجب وليس الكرم. بل أكثر من ذلك: هو شرف يُعطى لمن يقوم به، وتاليا لا يُشكَر عليه، وليس ثمة إثابة، وبالطبع لن يكون له مقابل. الشهادة في سبيل هذا الواجب هي كرم ووهب في الحدود القصوى، لكن ذلك لن يكون كافيا لتتحقق لصاحبه مكانة واقعية. فلقاء هذه الهبة لن يحصل المقتول إلا على موقع في أرشيف إحصائي، وربما لن يحصل على ملصق.
هذا كله، شجّع أصحاب المقاومة الفلسطينية في لحظة ما، ليس على التنكر لكل هذا الفيض من الكرم اللبناني الذي كان له أربابه وأعداؤه، ولكن شجعهم لدفع الأمور إلى الحدود القصوى، من خلال محاولة السيطرة التامة على البلاد لجعلها “ساحة” صافية للنضال الفلسطيني.
لاجئون في بلادنا
هكذا لم تصبح الهدايا اللبنانية بلا معنى بل صارت مادة تغري من يتلقاها بامتلاك حياة صاحب الهدية، وبامتلاك موته وبلاده، ودفعه إلى خيارات نهائية وحاسمة، من دون أن يكون له يد في تنظيمها أو دفعها. فهل يستطيع اللبناني الدفاع عن وطن فلسطيني يسلبه بلاده ليحرر فلسطين؟ الا يحتاج اللبناني إلى موقع ينطلق منه؟ وهل المطلوب منه على الدوام أن يكون مقاتلا يقاتل في العراء في قلب الخطر الذي يعني تحويله مادةً للإهدار الدائم، ثم لا يحصل في النتيجة… ولا على خيمة. لا يستطيع اللبناني أن يكون لاجئا في بلاده، فلماذا إذاً هذا الكرم الغبي كلّه؟
الصراع العربي – الإسرائيلي كان محطة بارزة قدّمت فيها البلاد حشدا ضخما من الهدايا، فكان من نتيجة ذلك نشوب حرب أهلية صُفّيت خلالها المقاومة الوطنية، على أيدي القوات السورية، بعدما كانت تمثل في لحظة معينة صيغة مقاومة جامعة تشترك فيها كل فئات المجتمع اللبناني، وفُتح الباب واسعا أمام النظام السوري ليُحكم سيطرته الكاملة على البلاد وليخلق نظاماً أمنياً يفلش خرائطه القاسية على كامل مساحة البلاد ويحولها إلى ظل شاحب لنظامه الأمني.
اعتمدت تلك اللحظة عنوانا تمثّل في فكرة المقاومة التي تم تلزيمها لـ”حزب الله” تحت عباءة سورية وصناعة إيرانية، ايديولوجية وفقهية ومطلقة، مزينة بموافقة أميركية وتغاضٍ عربي وتجاهل دولي.
عمد هذا الحزب إلى تقنين المقاومة وجعلها خطاب هدية يستجيب المصالح السورية – الإيرانية. ليس أدل على ذلك سوى وتيرة العمليات وأثرها، حيث تقول الإحصاءات التي نُشرت في وسائل الإعلام إن الخسائر التي تكبدتها إسرائيل خلال الفترة الواقعة بين 1982 و1985، أي فترة عمل المقاومة الوطنية، تفوق ما تكبدته منذ بدء “حزب الله” عمله بعد تلك الفترة، وصولا إلى التحرير في عام ألفين.
رغبة في الانتحار
قنّن “حزب الله” جهاده ولمّعه دوما وزيّنه ليكون قربانا وأضحية يقدّمهما إلى رعاته السوريين والإيرانيين. بنى الحزب كامل رؤيته وحضوره وخطابه في “الساحة” اللبنانية انطلاقا من هذه المعطيات المتأسسة على خطاب الإهداء الملحّ والمستميت الذي توِّج كما يعلم الجميع بإهداء بندقية عسكرية غنمتها المقاومة الاسلامية في إحدى المعارك إلى رستم غزالي الغنّي عن كل تعريف.
هذه الهدية بالذات كانت أكبر من رمز. فهي تحدد ببساطة خيار “حزب الله” في ما يتعلق بمصيره، لأنها كرست واقع استغناء هذا الحزب عن عقد صلات طبيعية مع قسم كبير من اللبنانيين، والضرب بعرض الحائط كل ما عاشه اللبنانيون من أحوال استثنائية تحت عنوان المقاومة وإهداء آلامهم وتضحياتهم إلى واحد من أبرز جلاديهم بعدما كانوا يأملون أنها ستفضي بهم إلى تحقيق الحد الأدنى من الإستقرار.
لا تتوقف المفارقة عند هذه الحدود. لكن ما يحصل الآن يفتح الباب واسعا أمام الغرابة، التي في حال دخولها عالم السياسة فإنها لا تحوّل هذا العالم إلى شعر ولكن إلى كارثة.
تنتظم شبكة المصالح السورية – الإيرانية الآن في سلام تعقده دمشق مع اسرائيل، وفي تجنيب طهران ضربة اميركية محتملة. يفترض السلام الإسرائيلي – السوري تنظيم نسق الهدايا كما يجب أن يكون عليه كل خطاب للتبادل الثنائي. هكذا يحصل الاسرائيليون على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحصل سوريا على ضمانات لاستمرار نظامها وتنسحب إسرائيل من الجولان بعد أن يتم تحويله في قسم كبير منه إلى جغرافيا سياحية إسرائيلية ناعمة ومدجنة.
ايران بدورها، تقدم طبخة هدوء في المنطقة وتحصل على أمان أميركي.
الدولتان اللتان دأب الحزب الإلهي على وهبهما مقاومته وكفاحه، تنظّمان مصالحهما بشكل لا يسمح له بالبقاء على ما هو عليه. ولن يكون تفكيكه وتحوله إلى هيئة اجتماعية تعنى بتنظيم حفلات كوكتيل هو المطلوب، لأن هناك السلاح، ومن الطبيعي أن من يمتلك السلاح سيلجأ إليه للدفاع عن نفسه. نتحدث إذاً عن مشروع إبادة لا بد أنها في بال الدول المعنية لكي تلتئم جراح الخرائط التي يظن “حزب الله” أنه بكرمه الفائق سوف يحفر لنفسه مكانا خاصا فيها، في حين أن هذه المصالح ستطرده مع أول بادرة انتظام لحدودها المتشابكة.
الطريف أن رد فعل الحزب على هذه المعطيات مناقض للواقع. فبدل أن يسعى إلى تنظيم دفاعاته من داخل “الساحة اللبنانية”، فإنه يرهنها تماما لهذين السيدين الاقليميين. فقد أظهرت المعلومات التي شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة، أنه يمد شبكات هاتف على امتداد المناطق اللبنانية، وأنه يقوم بمهمات مراقبة بعض مدارج الطائرات في مطار بيروت الدولي المعدّة لإستقبال الشخصيات المهمة، مما يشتمّ منه رائحة التمهيد (والمشاركة المحتملة) لاغتيالات محددة يحتاجها النظام السوري في هذه اللحظة ليطرح اسمه مجددا على “الساحة” اللبنانية بصفته حلاّلاً للمشاكل، وليستعيد ما فقده من أوراق كان خسرها بطرده غير المشرّف من لبنان.
ليست حال الأطراف اللبنانيين الآخرين أفضل من حال “حزب الله”، لكن هذا الحزب هو العنصر الذي يقدم أبرز الأمثلة الخاصة بفكرة الوهب غير المجدي.
بقشيش
للسعودية أيضا جنودها، ولأميركا جنودها، ولا يُعدم أن تجد في لبنان جنودا للتوتسي، وهؤلاء يندفعون إلى خدمة مصالح الدول إلى حد الإستماتة.
يختلف حضور كل من هذه البلدان بالطبع، فليس حضورها مشابهاً للحضور السوري أو الإيراني، ولكن لها أدوارا بارزة ومؤثرة في صوغ تركيبة المعادلات اللبنانية.
إذا أخذنا السعودية مثلاً، وجدنا أن قسما من اللبنانيين يتبنّون خطابا سياسيا واجتماعيا تحضر فيه السعودية بصفتها الأم الراعية التي يجب الدفاع عنها ورعاية مصالحها. لا أحد ينكر ما قامت به السعودية من دور اساسي في إنهاء الحرب اللبنانية، ولكنها كانت صامتة حين كانت البلاد مسرحا للمخابرات السورية، وكان ثمة في عداد قوات الردع العربية التي دخلت لبنان بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975 أنفار من الجنود السعوديين لكنهم تراجعوا وانسحبوا بشكل مريب في فترة زمنية قياسية، تاركين المجال أمام سيطرة سورية كاملة مدّت مسرح عملياتها التنكيلية على طول مساحة البلاد وعرضها. وكان الجمهور اللبناني المؤيد للسعودية من أبرز الذين نُكِّل بهم.
يتولى هذا الجمهور الآن مهمة رعاية الصراع السوري – السعودي على النفوذ في المنطقة، والذي وصل إلى مرحلة تكاد أن تكون حربا مفتوحة. السؤال هو: هل تقدّم السعودية لجمهورها المستميت للدفاع عن مصالحها، ما يمكّنه من الصمود والمواجهة أمام القرار السوري بتصفية كل من يقف في وجه مصالحه؟ إيران تدعم حزبها اللبناني بالسلاح والمال النظيف، مما يهبه منعة وقوة تجعلان منه معادلة صلبة لا يمكن تجاوزها إلا بخلق ما يوازيها، وهو الأمر الذي لا يستطيعه الدعم السياسي وحده. المساعدات التي تقدّمها السعودية للبنان والتي تتبارى الجرائد ووسائل الإعلام التابعة لجمهورها في لبنان في إفراد الصفحات والمساحات والفضاءات لشكر السعودية عليها، هل تستطيع بناء قوة ومنعة لدى هذا الجمهور، وخلق شبكة أمان تمكّنه من بناء حضور يوازي الحضور الذي يفرضه منافسوه الذين هم أيضا من مناهضي السعودية ودورها؟ هل تقدّم السعودية ما يوازي ثقل الدفاع عنها ورعاية دورها في لبنان الذي يمثل “ساحة” صراعها مع سوريا في الحاضر؟
يهدي جمهور السعودية إليها دورا وثقلا وعنوانا مشروعا لنفوذها في المنطقة، لكنها لا تقدم له ما يحتاج إليه لتأسيس قوة فاعلة على أرض الوقائع اللبنانية القاسية، التي لا تعترف إلا بالتوازنات المادية الملموسة على الأرض وليس السياسية فقط. فالاولى هي التي تجر إلى الثانية وليس العكس.
نحو انشاء شبكات منعة وقوة
إذاً، والحال هذه، والمعادلات على ما يجب أن تكون عليه المعادلات، من المفترض أن لا تكتفي السعودية بردّ الهدية اللبنانية إليها بهذه المكرمات المالية، بل يجب عليها أن تخلق شبكات قوة ومنعة من استثمارات وبناء وفرص عمل واسعة تجعل جمهورها اللبناني قادرا على إنجاز مشروعه الذي هو أيضا مشروعها. ما تقدّمه السعودية إلى الآن لا يعدو كونه بقشيشا سخيا لمن يقدّمون رؤوسهم لها على طبق من ذهب. يجب عدم القبول بعد الآن بالبقشيش بل يجب المطالبة بالأطباق الرئيسية وليس بالمقبّلات فقط.
كانت الأزمة اللبنانية التي تمد ذيولها إلى كل المنطقة، سببا أدى، إلى جانب أسباب أخرى، الى الفورة النفطية الراهنة، بما جعل سعر البرميل الواحد يتجاوز عتبة 120 دولارا وأدخل فائضا إلى الخزينة السعودية يقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات تكفي لسداد كل ديون لبنان وجعله بلدا جاهزا لاستقبال المشاريع والتطلعات الجديدة التي لا يستطيع أعداؤها العيش في ظلها. كما أن مثل هذا الواقع إذا ما تحقق، كفيل سلب كل مناهضي السعودية من اللبنانيين خطابهم الذي يستند الى الخطاب المطلبي والمعيشي، بل ربما تحدث هجرات جماعية إلى المقلب الآخر تبدأ تحت العناوين المعيشية ثم قد تتطور لتصبح ولاء سياسيا يستند الى طريقة في العيش تتجاوز ما يعد به الطرف الآخر، وخصوصاً أن لا إيران ولا سوريا تستطيعان منافسة السعودية في هذا المجال.
ما يُطلب من السعودية ليس كثيرا البتة. فهي لن تقدّم في كل حال من الأحوال من لحمها بل مما فاض عن عشائها في مقابل ما يقدمه لها اللبنانيون الذين يهدون اليها لحمهم وجلدهم وعظمهم وروحهم أيضا. فالوهب اللبناني باذخ دوما، وهو دائما يتصل بوهب الحياة نفسها في سبيل ما يعتقد أنه سيؤمّن له حياة أفضل ثم لا يعطى له أن يستثمر موته ولا يوهب ما كان يرجوه من تحسين لحياته.
متى نحصل على التقدير الذي نستحقه مقابل هدايانا الباذخة؟ ¶