جدل حول عريضة من معارضين سوريين إلى وزيرة الخارجية الأمريكية
انتقد ناشط سياسي معارض مستقل في سورية، إقدام عدد من الشخصيات السياسية السورية على توجيه عريضة إلى إلى وزيرة الخارجية الأمريكية ، لمطالبتها بالضغط على الحكومة السورية لتغيير أسلوبها في التعاطي مع الشأن الحقوقي.
واستغرب القيادي السابق في “حركة العدالة والبناء” السورية المعارضة، مسعف الحلفاوي، في تصريح صحفي مكتوب أرسل نسخة منه لـ “قدس برس”، إقدام عدد من الشخصيات السياسية السورية على مخاطبة وزيرة الخارجية الأمريكية بشأن الوضع السيئ لحقوق الإنسان في سورية.
وقال الحلفاوي “الغريب والمستنكر الآن أن يقوم رهط من المعارضين السوريين في الخارج يساندهم رهط آخر من أدعياء المعارضة السورية المتسربلين بأثواب العمالة للنظام السوري أو الادارة الأمريكية او الكيان الصهيوني، ويؤازرهم بعض الصهاينة العاملين في سفارات الكيان الخارجية، أو ممن خدموا في جيش الكيان الصهيوني؛ بتقديم عريضة استرحام لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، يشتكون فيها من الوضع السيئ لحقوق الإنسان في سورية، ويطالبونها بالتدخل والعمل على تغيير ذلك”، على حد تعبيره.
وطالب الحلفاوي الأسماء السورية الموقعة على العريضة بالتراجع عن ذلك وسحب أسمائهم، وقال “خطأ فادح أن يعتقد البعض أنّ التغيير في سورية وفي سياسة الإدارة الأمريكية يتم عبر رفع عرائض الاسترحام إلى هيلاري كلينتون، وخطيئة كبيرة يفرح لها النظام عندما يرى الشعب السوري معارضته تحاول التغيير عبر استجداء الذئب الأمريكي الأغبر الوالغ حتى الرقبة في دماء وأعراض المسلمين في أكثر من مكان”.
وتابع الحلفاوي “نصيحتي الأخوية للمعارضين الذين تورّطوا في التوقيع؛ أن يسحبوا تواقيعهم، أو يعلنوا براءتهم وتميّزهم عن الفئة الضالة المتمرغة بأوحال العمالة للنظام أو الجهات الخارجية ومن يؤازرها من الصهاينة والمموِّلين لأنشطتها وفضائياتها”، حسب قوله.
وأعاد الحلفاوي عدم ثقته في عريضة من هذا النوع إلى عدم قناعته بأنّ الديمقراطية وحقوق الإنسان يمثلان هدفاً من أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، وقال “لسنا في حاجة للحديث عن مسؤولية الولايات المتحدة الامريكية المباشرة أو غير المباشرة على المجازر المروِّعة والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي حدثت وتحدث في العديد من بقاع الأرض، وعلى راسها فلسطين والعراق وأفغانستان، ولسنا بحاجة للتنظير حول أنّ المصالح الخاصة بالولايات المتحدة وليس مبادئ حقوق الإنسان أو نشر الديموقراطية هي التي تقود وتوجِّه السياسة الأمريكية، وأنّ الأخيرة تُستخدم فقط للتعمية والتضليل والرضى العميم الذي حلّ على (العقيد معمر) القذافي بعد التسليم والاستسلام خير شاهد على ذلك”، على حد تعبيره.
لكنّ الكاتبة والناشطة الحقوقية السورية فلورانس غزلان، أكدت في تصريحات خاصة لـ “قدس برس”، أنّ العريضة التي كانت هي واحدة من الموقعين عليها والموجّهة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، “لم تكن استجداء بقدر ما تحمل معاني الإدانة للنظام السوري وللغرب على حد سواء”.
وقالت فلورانس غزلان “أنا واحدة من الموقعين قناعة على العريضة الموجّهة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، من أجل تذكيرهم (المسؤولين الأمريكيين) بأنّ النظام الذي يعتزمون التعويل عليه لتنفيذ مخططاتهم في المنطقة ينتهك حقوق الإنسان التي يتبجّحون بها، من دون أن أعرف الجهة المبادرة لهذه العريضة، وهي جهة وطنية من دون شك تقوم بعمل إنساني نبيل للإفراج عن شخصيات سياسية وطنية لم ترتكب شيئاً في سورية، مثل فداء الحوراني ورياض سيف وفايز سارة وآخرين”، وأكدت أنه “لا يوجد في الرسالة ما يمكن أن يشكل طعناً في وطنيتنا كسوريين”.
وأضافت غزلان “لقد كنّا نعتقد في المعارضة السورية أنّ انفتاح الغرب على النظام في سورية سيكون مدخلاً لانفتاح النظام على المواطن السوري، لكن ما راعنا أنّ هذا النظام ممعن يوماً بعد يوم في اعتقال المزيد من الناشطين السوريين، أو منعهم من السفر، ولذلك فإنّ العريضة هي صرخة في وقت صمت فيه الجميع من أجل تذكير الغرب الذي يدّعي أنه يدافع عن حقوق الإنسان، بواقع حقوق الإنسان الأليم في سورية”، كما قالت.
وشددت غزلان على أنه “نحن بالمناسبة ليس بيننا خائن لبلاده، بل نريد لرياض سيف الذي هو مصاب بداء السرطان مثلما هو السجين الليبي عبد الباسط المقراحي، أن يرى النور”، وفق ما ذكرت.
هذا وأعربت العريضة التي وقّع عليها عشرات الناشطين السوريين في الخارج من بينهم أعضاء “إعلان دمشق” والقيادي في “جبهة الخلاص” عبد الحليم خدام وآخرين، إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، عن قلق أصحابها على ما وصلت اليه حالة حقوق الإنسان المتدهورة في سورية، وذلك ننتيجة ما يقولون إنها “ممارسات النظام المخالفة للقانون، والمنافية للدستور السوري، والمتناقضة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمتجاهلة للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها سورية”، حسب تعبيرهم.
وأضافت العريضة مخاطبة كلينتون “لقد تفاءلنا خيراً بوصولك لمنصب وزيرة الخارجية في أمريكا، ونحن نتابع مواقفك المدافعة عن حقوق الإنسان في العالم الثالث بشكل خاص، وكان آخرها تصريحاتك التي أطلقتيها أثناء زيارتك لإفريقيا والمطالبة بإصلاحات سياسية وحقوقية في دول مثل نيجيريا والكونغو الديمقراطية، وقد انعكست تصريحاتك تفاؤلاً في نفوسنا”.
وتتابع العريضة “لقد رحّب الناشطون السوريون بسياسة الانفتاح مع سورية، لأملهم بأن يترافق الانفتاح مع الإصلاحات السياسية والقضائية في البلاد، وأن يجري الانفتاح هذا بالتزامن مع تحسّن ملف حقوق الإنسان، لكن الاعتقالات على أساس الرأي ما تزال تشكل كابوساً لكل المواطنين السوريين، وجاء آخرها اعتقال السيد مهند الحسني بعد ثلاثة أيام من زيارة مبعوثكم السيد جورج ميشيل لسورية”.
وناشد الموقعون الإدارة الأمريكية استخدام نفوذها على سورية “لتحسين سلوكها” فيما يخص حقوق الإنسان، وقالت العريضة “نطلب منكم، خلال مدة التقارب مع النظام السوري، أن تطالبوا النظام في سورية باحترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليا. وأن تطرحوا على النظام إنفتاحا مشروطا باحترام كامل لحقوق الإنسان وإلغاء حالة الطوارئ والمحاكمات العسكرية والإستثنائية. ونطالب أن تتدخلوا شخصيا لإلزام النظام إطلاق سراح الإستاذ الحسني ومعتقلي الرأي والضمير أمثال قيادات إعلان دمشق وغيرهم كخطوة أولى من النظام للتعبير عن حسن نيته وجديته في الإصلاح السياسي”، كما ورد.
خدمة قدس برس