ما الذي أفشل النخب السياسية العربية وجعلها عاجزة?
د. رياض الصيداوي
المراحل الثلاث لتطور النخب العربية
ملامح السياسة الجديدة وأثرها على النخب
نحو التفاؤل بالمستقبل
تخيرت العلوم السياسية والاجتماعية الأمريكية استخدام مفهوم النخب، وتركز على دورها المحوري في صناعة التاريخ، في حين أن المدارس الماركسية التقليدية تنفر من هذا المفهوم، وتستخدم الطبقات بديلا عنه.
فالأولى تقول بصراعات النخب ودورها في التاريخ، والثانية تقول بصراع الطبقات وجدليتها التاريخية. لكن قراءة أحداث التاريخ الشيوعي نفسه، تؤكد لنا أن النخب هي المحرك الأساسي له؛ بل إن ظاهرة عبادة القائد الفرد ارتبطت بالأنظمة الشمولية أكثر منها بالأنظمة المعتمدة على التعددية. فالبلاشفة في روسيا قاموا بثورة 1917 وهم كانوا نخبة أقلية أمام المناشفة. وبرزت أسماء لينين وستالين وخروتشوف إلى آخر حاكم سوفيتي وتم تضخيم أدورها أثناء حكمها… وشكل ماو تسي تونغ في الصين نهجا خاصا به وتم عبادة شخصه، وكذلك مع أنور خوجا في ألبانيا، وكيم إيل سونغ في كوريا الشمالية…
كان الحديث عن طبقات يخفي حقيقة سوسيولوجية واضحة المعالم، مفادها: أن النخب هي التي تقود وتحكم وليس للطبقة العاملة إلا دور استخدام اسمها الشكلي، لتتخذ القرارات باسمها… وحتى سقوط الاتحاد السوفيتي تم على أيد نفس النخب التي كانت تحكم باسم الشيوعية؛ فبوريس يلتسين كان سكرتير الحزب الشيوعي في موسكو…
لننطلق إذن من مسلمة أن النخب هي التي تحدد مسار الأحداث وهي التي تقود نحو الأفضل كما تقود نحو الأسوأ.
ويمكن تقسيم تاريخ النخب السياسية العربية في العصور الحديثة إلى ثلاثة حقب:
المراحل الثلاث لتطور النخب العربية
الحقبة الأولى: النخبة الإصلاحية
هي مرحلة بداية الوعي وبروز مفهوم الإصلاح مع مصلحين من أمثال رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمان الكواكبي ومحمد عبده… في مصر وخير الدين التونسي وأحمد بن أبي الضياف في تونس. سنرصد دائما أن مصر ستمثل في الحقب الثلاثة المنبع الأول لحراك النخب السياسية، ولنشأة الفكر السياسي وتطوره. هذه النخب كان لها مشروع إصلاحي يعتمد على الإجابة على سؤالين: لماذا تقدم الآخر، الغرب ممثلا في البلدان الأوروبية، وتخلف الأنا ممثلا في البلدان العربية والإسلامية؟ وكيف يمكننا أن نتقدم نحن أيضا ونستدرك التفاوت الهائل العلمي والسياسي بين الغرب والشرق؟
وحدثت لهذه النخب تجربة إنسانية خاصة، حيث سافر أغلبها إلى فرنسا للدراسة ضمن مشروع محمد علي باشا ومن بعده ورثته في إيفاد طلبة مصريين إلى باريس للتعلم. وتوصلت إلى ضرورة التوفيق بين الإسلام وما حققه الغرب من تقدم، أي ضرورة إحداث تركيب بين تراثنا الحضاري وديننا، والحداثة التي أنجزها الآخر، والتي لا يمكن التعامي عن تفوقها العلمي والسياسي. فكانت نخبا إصلاحية توفيقية لعالمين مختلفين. وكانت مواقفها السياسية مشرفة حيث اتسمت بالوطنية وشاركت الحاكم في السلطة حينا بهدف الإصلاح واختلفت معه أيضا أحيانا لنفس الغاية.
ومع اكتمال احتلال فرنسا وبريطانيا وإيطاليا للبلدان العربية وترسخه فيها برزت نخب جديدة هدفها هو الاستقلال وتحرير البلاد من الاستعمار من جهة، ومن ثمة بناء الدولة الوطنية الحديثة.
الحقبة الثانية: النخبة الثورية
وهي المرحلة الممتدة من الحرب العالمية الأولى سنة 1914، إلى غاية إبرام الرئيس المصري أنور السادات لاتفاقية كامب دافيد سنة 1979، وسَنهُ لسياسة الانفتاح الاقتصادي. تميزت هذه الحقبة بظهور الأفكار الثورية بدل الإصلاح لأنه بطيء ويتطلب الكثير من الوقت، بينما الثورة سريعة ويمكنها أن تنجز بسرعة.
وركزت أغلب جهدها على عملية التحرر الوطني من الاستعمار من جهة ثم بناء الدولة الوطنية من جهة أخرى، واختار أغلبها النموذج الاشتراكي لسبب أن المعسكر الاشتراكي كان صديقا لحركة التحرر العربي، ودعمها بالمال والسلاح، حيث استفادت الثورة الجزائرية (1954ـ1962) من هذا الدعم، وكذلك مصر الناصرية وسوريا والعراق واليمن وليبيا… وبخاصة الثورة الفلسطينية المسلحة…
تميزت هذه النخب رغم صراعاتها الداخلية وأخطائها الفادحة في كثير من الأحيان بالصدق والإخلاص الوطنيين… حيث لم ينخر الفساد النخب إلا في المرحلة الثالثة وهي الموضوع الرئيسي لهذا المقال.
الحقبة الثالثة:تفكك النخب وفسادها
النكسة الأولى التي منيت بها النخب العربية الحالمة بالتحرر وبناء الاشتراكية كانت في هزيمة يونيو 1967، حيث أصيب الحلم العربي السياسي في التحرر والوحدة بأضرار كبيرة، لكنه حاول الصمود ومراجعة الذات ونقدها من أجل التدارك؛ ورَفَعت حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل (من سنة 1967 إلى سنة 1970) من معنويات هذه النخب، وكذلك قمة الخرطوم التي رفعت الشعارات الثلاث (لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات). كما أعطى الانتصار النسبي للعرب في حرب أكتوبر / تشرين الأول 1973 آمالا كبيرة.. لكن حدثت تطورات دراماتيكية في جبهة الحكم في مصر غيرت من المشهد كلية.
فالرئيس الراحل محمد أنور السادات قرر أن 99% من أوراق الحل هي بيد الولايات المتحدة الأمريكية. وأجرى صلحا منفردا مع إسرائيل، توج باتفاقية كامب دافيد. والأهم منذ ذلك انتهاجه لسياسة الانفتاح العشوائي الواسع، وقيامه بضرب القيم القديمة لدى النخب، والسعي لغرس قيم جديدة طفيلية.
فأحدث بسبب ما يتمتع به من صلاحيات هائلة، وبسبب الدعم القوي الذي تلقاه من الولايات المتحدة الأمريكية، تحولا هائلا لدى النخب السياسية المصرية أولا، ثم انتقل النموذج المصري لأغلب البلدان العربية.
ملامح السياسة الجديدة وأثرها على النخب
تعد الطبقة الوسطى المحرك الأول لأي مشروع بناء في أي بلد، وعندما يتم ضربها فإن نتيجة ذلك تكون في توسيع قاعدة الفقراء، لأن تفكك هذه الطبقة يعني أن قلة منها ستلتحق بالفئة المحظوظة من الأغنياء، وأغلبيتها سيتم إفقارها.
هذا الإفقار مس النخب السياسية التي تحاول أن تعارض سياسات الحكم. حيث انتهجت الحكومات معها سياسة العصا والجزرة. وركزت على الجانب الاقتصادي والإعلامي إضافة إلى القمع السياسي والأمني التقليديين.
إفقار العالم، المثقف والسياسي المعارض
كان المثقف يعد نجم المجتمع ومرجعيته الأولى لوقت طويل. وهو المتعلم، والأستاذ في المستوى الثانوي أو الجامعي، والصحفي والكاتب والمبدع، لأن مجتمعاتنا العربية كانت تحترم العلم والفكر، وكان الناجح في “حياته” هو من ينجح في دراسته ويحصل على درجات علمية كثيرة، تكون أعلاها درجة الدكتوراه التي تعد مفخرة له ولأسرته. اليوم اختلف الأمر: فنجوم المجتمع أصبحوا فئات جديدة، تشمل: الراقصة ولاعب كرة القدم والتاجر الطفيلي الذي يتاجر في كل شيء. هؤلاء يكون دخلهم المالي مئات المرات ضعف دخل المثقف. فهم يزدادون ثراء وهو يزداد فقرا.
ولنأخذ على سبيل المثال راتب الأستاذ الجامعي، لأنه يمثل أعلى درجة علمية في المجتمع، ونقارنه برواتب هذه الفئات الجديدة. سنجد أن النتيجة كارثة. بل هي عبثية، لأنها تطرح سؤال ما فائدة العلم والتحصيل العلمي أمام الرقص وكرة القدم؟ بل إن حملة درجة الدكتوراه العاطلين عن العمل يعدون بالآلاف في كثير من البلدان العربية، لأن اقتصاديات مجتمعاتهم الطفيلية لم تجد لهم مكانا مناسبا، ومنحت ما تملكه للفئات الطفيلية الجديدة.
وفي مصر دائما برزت مقولة جديدة غريبة عن مرحلتي الإصلاح والتحرر الوطني: “معك قرش تساوي قرشا ومعك جنيها تساوي جنيها”. هذا التعبير الشعبي المبتذل، لو ترجمناه أنتروبولوجيا، لوجدناه يقول: إن الفكر والعلم والمعرفة لا قيمة لهم أمام المال الطفيلي الذي تجنيه الراقصة، لاعب كرة القدم والتاجر الفاسد. أي أن علماء ومفكري الوطن لا قيمة لهم ولا يساوون شيئا لأن رواتبهم هزيلة.
وهذا هو الهدف من هذه الحملة الضخمة التي استهدفت تفكيك النخب وتخريب ضمائرها. لأن الفئة التي تختار الانضمام إلى مشروع السلطة الجديد، أي القبول بالواقع وعدم معارضته بل تبريره و”التنويه به”، قد تجد فرصة الاندماج في المنظومة الاجتماعية الجديدة.
وبرزت ظاهرة سوسيولوجية أخرى مفادها أن المظاهرات العارمة في الوطن العربي لم تعد تحرك إلا من أجل الخبز وغلاء أسعاره… بدءا من انتفاضة يناير/ كانون الثاني 1977 في مصر، والتي أطلق عليها الرئيس السادات صفة “انتفاضة الحرامية”، وانتفاضة الخبز في المغرب وتونس سنة 1984، وانتفاضة سنة 1988 في الجزائر، وانتفاضات أخرى في مصر والأردن واليمن… وهي انتفاضات لا تمتلك وعيا سياسيا، ولا تدعو إلى الديمقراطية أو المشاركة السياسية، بل إن كل ما يهمها هو عدم رفع أسعار السلع الأساسية. أي عدم المس بالحد الأدنى لقوت المواطن العربي. واستخدم الإعلام أيضا بشكل واسع لتخريب نشاط النخب الحية وتدجينها.
الإعلام، السينما، والكرة لتدجين النخب
حدث الانقلاب الإعلامي في مصر أيضا. فبعدما كان “صوت العرب” من القاهرة يدعو للتحرر وتحرير فلسطين، وبناء العدالة الاجتماعية، ونجح طيلة الخمسينات والستينات من القرن الماضي في تشكيل وعي النخب السياسية العربية، أصبح مع المنعرج الذي أحدثه السادات يدعو إلى قيم جديدة، وينشر ثقافة “99% من الأوراق في يد الولايات المتحدة الأمريكية”، والربح السهل والسريع عبر الشبكات الطفيلية. وانتشرت سينما جديدة، موضوعها المخدرات، وكيف تمتلك ثروة هائلة في ظرف قصير من الزمن، هي سينما رديئة لا علاقة لها بسينما الخمسينات والستينات بل وحتى بسينما الأربعينات… ورغم مقاومة الجيل القديم من أمثال يوسف شاهين وصلاح أبو سيف لهذه الموجة الجديدة.
وتم إنشاء الفضائيات السطحية التي تهدف إلى تخريب العقل العربي ونخبه، واللعب على غرائزه الجنسية، وتوريط الشباب في برامج ذات تمويل هائل لكنها تهدف إلى تسطيح وعيه السياسي. ومنها برامج ربح الملايين، هكذا بمشاركة سحرية في واحد من هذه البرامج، قد تربح ما لا يربحه بروفسور جامعي طيلة حياة مليئة بالعمل والكد والبحث والاجتهاد.
وكم تبدو العملية هجينة في بيئة عربية تموج في الفقر، وحيث لا يتعدى راتب الأستاذ الجامعي في بعض الدول العربية بضع مئات قليلة من الدولارات. كم واحدة من هذه الفضائيات العربية تناولت موضوعا مثل: لماذا فشل التصنيع في الوطن العربي ونجح في اليابان والهند والصين؟ أو ما الذي يمنع الديمقراطية في هذه المنطقة بعد أن انتشرت حتى في إفريقيا السوداء وحتى في السنغال وفي أوروبا الشرقية وفي أمريكا اللاتينية بينما لا أثر لها في البلاد العربية؟
وتم التركيز أيضا على كرة القدم، وإنشاء أحزاب لها… وتشجيع العنف في الملاعب ضمنيا لتفريغ طاقة العنف لدى الشباب التي يمكن أن تتحول إلى عنف سياسي. أصبح “الكليب فيديو” وربح الملايين والكرة المحور الأساسي لأغلب الإعلام العربي…
الدور الأمني في تدجين النخب
اخترق الأخطبوط الأمني كافة التنظيمات السياسية والنقابية والثقافية في الوطن العربي؛ حتى أنه يعد الجهاز الوحيد الذي يتميز بالفعالية ويحقق النجاحات، مع كساد وفشل باقي القطاعات… ونشر حالة خوف عامة وعممها، فأصبح العرب يعيشون وضعية سيكولوجية فريدة من نوعها: الخوف. ثمة خوف من الشبح الأمني في كل مجالات.
فالمثقف يراقب نفسه، والنخب السياسية استسلم أغلبها لهذا الخوف، وتم اعتباره قدرا محتوما، في حين أنه مجرد حاجز سيكولوجي اجتازته شعوب كثيرة على الأرض وتجاوزته. انغلقت الدولة العربية على نفسها ورفضت كل إصلاح جدي، وبخاصة مشاركة النخب السياسية المعارضة أو حتى الإصلاحية في صنع القرار وبناء البلد. وانقلب الاتجاه السياسي؛ فبعدما كانت الملكيات العربية تسقط في الخمسينات والستينات لتقوم محلها الجمهوريات، أصبحت اليوم الجمهوريات تتجه نحو الملكية دون أن تكون ملكية. فالرئيس يورث ابنه في الحكم رغم أن النظام ودستوره جمهوري. هذا الانغلاق السياسي أدى إلى راديكالية بعض النخب المعارضة، وخروجها عن الدولة أصلا أي عدم الاعتراف بها والدعوة إلى إسقاطها.
يشرح ذلك عالم السياسية السويسري هانز بيتر كرايزي عبر نظريته القائلة بأن انغلاق النظام السياسي يؤدي إلى راديكالية المعارضة. وهو ما أفرزته تجارب الحركات الإسلامية المسلحة من جماعات إسلامية في مصر والجزائر، التي كفرت الحاكم ودعت إلى إسقاطه، ثم جاءت القاعدة وأغرت نخبا راديكالية كثيرة، حيث إن القاعدة ليست تنظيما هرميا ولكنها مظلة تجمع المحتجين المهمشين والذين يئسوا من أي إصلاح داخلي.
وبرزت ظاهرة الهجرة إلى الغرب لملايين العرب من سياسيين وعلماء وأساتذة جامعات هاربين من القمع والتسلط. وتضرر العراق والجزائر بشكل كبير حيث هاجرت الملايين من هذين البلدين نحو البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا بسبب عدم قدرتها على العيش في أوطانها.
نحو التفاؤل بالمستقبل
يبدو التفاؤل مستحيلا في هذه المرحلة ويبدو التشاؤم يعكس الواقع بأكثر أمانة. لكن ثمة مؤشرات أمل وضوء تتسرب لهذا المشهد القاتم.
صحيح أننا لم نشهد في المرحلة الثالثة، على عكس مصلحي القرن التاسع عشر وسياسي حركات التحرر العربي، ما يسميه أنطونيو غرامشي بظاهرة المثقف العضوي، أي المثقف الملتزم بفكره في مواجهة السلطة والصامد أمام عنفها وإغراءاتها، وصحيح أيضا أن نخبا عربية -سياسية ديمقراطية- تردد مع فيلسوف عصر الأنوار الفرنسي مونتسكيو: “إنني اختلف معك في الرأي، ولكنني أقاتل من أجل حريتك في التعبير”، هي نخب نادرة جدا إن لم تكن منعدمة… لكن ثمة أمل ومؤشرات جديدة.
حيث برزت ظاهرة جديدة غذت المجتمع المدني وأنعشته، وهي ظاهرة النقابات ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية، التي تتحرك سلميا من أجل الإصلاح والتغيير. وبدأت تستعيد دور النخب السياسية الكلاسيكية في الأحزاب الحاكمة أو المعارضة، بعد أن اهترأت هذه الأخيرة وأصابها الفساد والانكماش.
كذلك يمكن للنخب المهاجرة لأوروبا أن تلعب دورا كبيرا في القيام بعملية نهضة كبيرة، والأمل معقود عليها لتكرر نماذج الهجرة الأولى لمصلحي القرن التاسع عشر، أو لثوار حركات التحرر الوطني الذين درست مجموعات كثيرة منهم في الغرب. فهي نخب لا تخضع للتسلط الأمني المباشر، ومتحررة أيضا من الإفقار الاقتصادي الكبير الذي تعيشه النخب التي تعارض أنظمتها في الداخل. وأحدثت تكنولوجيا الاتصال في العقد الأخير ثورة في الإعلام. حيث أصبحت الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) مجالا خصبا لأن تلعب النخب السياسية والفكرية والمثقفة دورا كبيرا بفضل الحرية الكبيرة المتاحة. فهي تستطيع أن تسمع صوتها وتحطم حاجز الصمت والخوف المهيمن على المشهد العربي.
وقامت قناة الجزيرة بدور محوري في الارتقاء بالإعلام العربي وتحريك المياه الراكدة. وفتحت أبوابها للأصوات المعارضة التي رددت مع الفيلسوف آلان في مقولته “أن نفكر هو أن نقول لا”. حطمت حاجز الخوف، وأصبح الحديث بصوت عال وأمام أعلى نسبة يمكن أن تتوفر من المشاهدين العرب لقناة تلفزيونية عربية. احتجت تقريبا كل الأنظمة العربية على القناة، وواجهتها بالمنع والتهديد… لكنها استمرت وهو ما يعني أن المشهد السوسيو-سياسي بدأ يتغير في المنطقة. والأهم أن سلاح الخوف بدأ يتراجع ويخسر مواقعه لصالح سلاح الجرأة والإقدام…
كاتب وباحث في العلوم السياسية/ مقيم في جنيف