القاعدة هنا ؟
ساطع نور الدين
يبدو ان ما قالته اسرائيل منذ اللحظة الاولى لانطلاق الصاروخين من سهل بلدة القليلة الجنوبية يوم الجمعة الماضي صحيح، او على الاقل هذا ما اكده البيان الصادر في بيروت امس عن جهة غير معروفة من قبل اطلقت على نفسها اسم « كتائب عبد الله عزام – سرايا زياد الجراح»، وأعلنت مسؤوليتها عن العملية التي دقت الكثير من أجراس الإنذار على الحدود اللبنانية الجنوبية.
فور سقوط الصاروخين شمالي مستعمرة نهاريا، تنبه الاسرائيليون قبل سواهم لتلك المصادفة اللافتة: تمام الساعة الرابعة و45 دقيقة من بعد الظهر بتوقيت بيروت والساحل الشرقي للمتوسط، اي تمام الساعة التاسعة و45 دقيقة صباحا بتوقيت نيويورك والساحل الشرقي للولايات المتحدة، وفي اللحظة ذاتها التي كان فيها الاميركيون يحيون الذكرى الثامنة لهجمات 11 ايلول 2001، ويقفون دقيقة صمت على ضحايا البرجين والبنتاغون.. ويتجنبون للمرة الاولى هذه السنة حقول بنسلفانيا، موقع سقوط الطائرة الرابعة التي كان يقودها اللبناني زياد الجراح، والتي لم تبلغ هدفها المحدد، اي مبنى الكونغرس الاميركي في الكابيتول هيل.
بيان السرايا الذي يستحيل التثبت من صحته، يبدد الكثير من الشكوك التي ثارت حول تلك العملية وأهدافها التي انحدر بها البعض في لبنان الى حد ربطها بتعثر عملية تشكيل الحكومة الجديدة، او بالغ البعض الآخر الى حد ادراجها في خانة التحذيرات التي توجهها ايران الى الاميركيين هذه الايام من مغبة المس ببرنامجها النووي.. لكنه في المقبل يمثل الاعلان الرسمي الاول من نوعه عن ان تنظيم القاعدة موجود في لبنان، وهو ايقظ احدى خلاياه النائمة لكي تقوم بهذه العملية الاستعراضية المريبة، من دون الحاجة الى التخفي وراء شبكات او تنظيمات اسلامية اخرى مثل «فتح الاسلام»، لا يزال بعض الجمهور اللبناني يعتقد انها ترتبط بالقاعدة، الذي لم يسبق ان منح علامته التجارية لاحد!
لكن البيان الذي لا يجيب على الكثير من الاسئلة، يستمد مصداقيته من الرسالة الصوتية التي وجهها زعيم القاعدة اسامة بن لادن لمناسبة الذكرى الثامنة لهجمات 11 ايلول، وأذيع نصها بالامس، وفيها تركيز جديد على علاقة الاميركيين مع اسرائيل، وإنذار صريح بهجمات جديدة اذا لم يفكوا هذا التحالف ويوقفوا الحرب على المسلمين في افغانستان والعراق.. ما يوحي ان التنظيم قرر كما يبدو فتح جبهة المواجهة مع العدو الاسرائيلي، التي كانت تحتل موقعا ثانويا بالمقارنة مع بقية جبهات المواجهة مع الغرب، كما قرر تحويل لبنان بالتحديد من ارض نصرة الى ارض جهاد.
وجه الغرابة الوحيد في البيان انه يذكر اسم عبد الله عزام الذي قتل في افغانستان قبل هجمات 11 ايلول 2001، واتهم بن لادن نفسه بتصفيته مع انه كان من تلاميذه. لكن الاستنتاج أن ثمة انشقاقا في تنظيم القاعدة بين اتباع الرجلين، اعلنته الخلايا الموجودة على «الساحة اللبنانية»، هو قفز في ذلك المجهول الاسلامي الذي ظهر اخيرا في لبنان، وبعد طول ترقب.