مويان (الثرثار في الصينية) استوحى اسمه من الثورة الثقافية
اسكندر حبش
يعتبر اليوم الكاتب الصيني مو يان من أبرز الكُتّاب الصينيين، حيث يعرف نجاحا كبيرا مع كل رواية، لا في الصينية فقط، بل في كلّ لغة تنقل إليها أعماله. آخر الترجمات التي صدرت له بالفرنسية «قانون الكارما القاسي» التي يعود فيها إلى صين ماو كما إلى فترة الإصلاح الزراعي. مجلة «باروسيون» أجرت مع الكاتب مقابلة حول الكتاب، هنا ترجمة لبعض ما جاء فيها.
تبدو نبرة الرواية مليئة بالمزاح، بالسخرية، لا يبدو الأمر معتادا عندك؟
على مستوى الأسلوب، تأتي الرواية ذات خاصية مختلفة، إذ في رواياتي الأخرى، لا نجد هذا الجانب الساخر. هناك دائما هذا المزاح لكنه لم يكن مركزا كما هو في هذه الرواية. في أي حال، روايتي هذه هي الأكثر تمثيلا لأسلوبي، لطريقتي في الكتابة. لِمَ اخترت هذا الاسم الأدبي «مو يان» الذي يعني «الشخص الثرثار»؟
زمن الثورة الثقافية، كنت في العشرين من عمري، وكنت أتلقى التربية من والديّ، وكان من الخطر علينا أن نتكلم. طلب أهلي مني دائما أن أسكت. وعندما بدأت الكتابة، أعدت التفكير بهذه التربية، بهذه الحكمة التي فرضها والداي عليّ. من هنا، يأتي هذا الاسم المستعار بمثابة سخرية ما.
هل هناك علاقة ما بينك وبين شخصية مو يان في هذه الرواية؟
أجل، أنا هو الكاتب مو يان، لكن الموجود في الكتاب ليس أنا كليا. أحيانا هو أنا، لكني في أحيان أخرى أكون من يكتب. تتيح لي هذه الشخصية حرية أكبر كي أقول الأشياء التي أرغب فيها. حين لا ينجح الرواة الأساسيون، في الكتاب لا في التعبير عما يريدونه ولا في تكملة السرد، يأتي دور مو يان لإنهاء ذلك، على الرغم من أنه هذه «الأذن» (التي تستمع) في أغلب الأحيان. وحين يكون هنا، في طور رواية هذا الخطاب الكبير، نجده هو نفسه في الرواية، لكنه أنا أيضا ككاتب. وإلا يكون عندها، شخصية روائية فقط. هل تجربتك الشخصية خلال «القفزة الكبرى إلى الأمام» كما خلال «الثورة الثقافية» ساهمت في أن تكون مثالا لما حصل لشخصيات الرواية؟
تتناسب تجربتي الشخصية في الواقع، بجانب منها، مع محتوى الرواية. بما أني ولدت في العام 1955، كنت قد بدأت في ملاحظة ما كان يجري حولي بدءا من العام 1960. في ما يخص مثلا حيوات الخنازير والأبقار (كما في الرواية) لنقل إنه في طفولتي كنت مضطرا لأن أرعى الأبقار كما أني اهتممت بالخنازير، إذ ثمة علاقة بهذا الأمر، لقد عرفت هذه الحياة في طفولتي. لكن لا نستطيع أن ننفي أن ثمة فسحة كبيرة للمتخيل، وعلى الرغم من كل شيء، فإن جانب السيرة الذاتية يبقى قليلا في هذه الرواية. لو زرتم قريتي لما وجدتم هذا النهر الكبير الذي أتحدث عنه، وكما وصفته، لقد اخترعت أيضا هذه الجزيرة الصغيرة الواقعة في قلب النهر. كما أن الحرب، المعركة، بين الخنازير والبشر ليست سوى اختراع صاف. أما في ما يتعلق بشخصية زيمين ناو، الذي يتحول إلى أنواع مختلفة من الحيوانات، فإن ذلك ينبع من عنصر يتعلق بالمعتقدات يحمل بعدا مبالغا فيه.
الفانتازيا والأحلام
هل تجد علاقة بين موضوعة الفانتازيا والأحلام والتأملات وبين ضوء القمر الذي يشكل صورة ثابتة في الكتاب؟ القمر هو بمثابة استعارة، إذ انه، في تلك الفترة، لم نكن نمجد إلا الشمس، لأن الشمس كانت تمثل ماو تسي تونغ. ولا تنسَ أن الشمس اللاهبة تحرق لك جلدك. لذلك نجد أن شخصية لان ليان، كان يعمل غالب الأحيان لا في النهار تحت أشعة الشمس، بل في الليل على ضوء القمر. أجل، ثمة وهم هنا، أي أن القمر يشكل هذا الجانب من الفانتازيا….
مو يان، كيف تفضل أن تكتب؟ كم من الوقت تخصص لذلك؟
أمضيت 43 يوما في كتابة هذه الرواية، وقد كتبتها في مكان لم يكن لأحد أن يستطيع إيجادي فيه، كي لا أشعر بالتشوش، برفقة زوجتي التي كانت تهتم بي. أكتب على الأقل عشر ساعات في اليوم، وأنام بعدها بينما كانت تهتم بي باقي الوقت. لقد غرقت في الكتابة.
هل تأثرت كتاباتك بكتاب فرانكوفونييين أو أنغلوفونيين؟
نعم، هناك تأثيرات كتاب آخرين. دائما ما نتأثر بالآخرين. لكن علينا أن ننوع في ذلك، على كتابتك أن تصبح كتابتك أنت. لقد تأثرت بغابرييل غارسيا ماركيز، بلزاك، بروست، ثمة ضرورة عند كل كاتب: أن يقرأ كثيرا كي يعرف ماذا يفعل الآخرون وكيف يقومون به. تشعر أن ما تقوم به هو شيء جديد، وهنا الخطأ، إذ ثمة كثيرون قد قاموا به منذ زمن بعيد. في هذه الرواية أشعر أن هناك تأثيرات سارتر في مناخ الرواية، لقد قرأت سارتر كثيرا، وهو الذي ترجم إلى الصينية بدءا من الثمانينيات لتشكل الوجودية أمرا مهما بالنسبة إلى الشبيبة.
السفير