صفحات العالم

لماذا يُصفِقون لحربي لبنان وغزة؟

سعد محيو
ماذا إذاً؟ كيف يكون المشهد في الشرق الأوسط، بعد أن صبّ نتنياهو ماء مثلجاً على رأس كلٍ من باراك أوباما وما كان يُفترض أنه استراتيجية أمريكية جديدة في المنطقة؟
الحرب، أو على الأقل المجابهات الساخنة، هي الجواب الوحيد. الدليل؟ سنقدّم اثنين لا واحداً.
الأول، ما بدأ يروّج له الصقور في البنتاغون ومجلس الأمن القومي و”السي. آي. إيه”، من أنه يجب التصفيق للحربين الأخيرتين (2006 و2008) التي شنتهما “إسرائيل” ضد لبنان وغزة ولم تتدخل فيهما واشنطن في شكل مباشر، وكذلك لقصف ما وُصف بأنه مفاعل نووي سوري في العام ،2007 إذ أدت هذه الحروب، برأي الصقور، إلى ردع قوى المقاومة في المنطقة عن القيام بأية عمليات عسكرية جديدة، سواء نوعية أو عادية، ولم تسفر عما كانت تخشاه واشنطن من مضاعفات أمنية وعسكرية خطيرة في الشرق الأوسط.
والحصيلة؟ إنها واضحة: يمكن ل “إسرائيل” الإفادة من هذا “التاريخ الإيجابي”، لشن حرب على إيران من دون أن تقلق كثيراً من رد الفعل الأمريكي، خاصة إذا ما أدّت الغارات الجوية “الإسرائيلية” إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني ولو لبضع سنوات.
الدليل الثاني، هو التقارير الأمريكية و”الإسرائيلية” المتتالية التي تزعم أن تل أبيب اقتربت من استكمال بناء واحد من أكثر أنظمة الدفاعات الجوية ضد الصواريخ تطوراً في العالم، والتي هي كناية عن مروحة من الأسلحة التي يمكنها التصدي إلى كلٍ من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، علاوة على الصواريخ بعيدة المدى.
وفي التفاصيل أن هذه الأنظمة، التي تقوم الولايات المتحدة بتمويل معظمها وتزوّدها بأجهزة رادار متطورة وتكنولوجيات أخرى غاية في الحداثة، تتمحور حول النظام المضاد للصواريخ “أرو-2” الذي تم نشره بالفعل العام ،2000 و”أرو- 3 “ بعيد المدى، والصاروخ المُعترض “ديفيد سلينغ” المخصص لإسقاط صواريخ كروز التي تحلق على ارتفاع منخفض. هذا إضافة إلى نظام “القبّة الفولاذية” المخصص لاعتراض الصواريخ التي تطلق من لبنان وغزة من طراز غراد وكاتيوشا والقسّام ومقذوفات أخرى قصيرة المدى.
وفي الوقت نفسه، تنشط تل أبيب بكثافة لمنع إيران وسوريا وبعض دول المنطقة من حيازة صواريخ مماثلة أو أنظمة دفاع جوي. ولهذا الغرض قام نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان بزيارات سرية عدة إلى روسيا لثنيها عن بيع نظام الدفاع الجوي “س- 300” إلى إيران.
معروف أن مشروع البرنامج الصاروخي “الإسرائيلي” المضاد للصواريخ بدأ في أوائل الثمانينات، لأن تل أبيب اشتبهت آنذاك بأن سوريا حازت على أسلحة كيماوية. ثم مالبث هذا المشروع أن تطوّر بسرعة غداة إطلاق العراق 40 صاروخ سكود على منطقة تل أبيب العام 1991.
“إسرائيل” تدّعي الآن بأن هذا البرنامج “بلغ درجة النضج”، وبات بإمكانه تغيير طبيعة القرارات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
الآن، إذا ما عقدنا قِرَاناً بين التصفيق الأمريكي المفاجئ لحربي 2006 و،2008 وبين أحاديث القدرات الصاروخية الجديدة لدى “إسرائيل”، فأي مولود يمكن أن نتوقع من هذا الزواج؟
الحرب، أو الحروب، بالطبع.
فمن يملك السلاح لا بد أن يستخدمه. وفي غياب فرص السلام، تُصبح الحرب تحصيل حاصل، سواء رَضِيَ أوباما ضمناً، أم كَرِه علناً!.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى