الوطن والمساواة في الإسلام…!؟
جهاد نصره
وطن الإسلام والمسلمين هو الكرة الأرضية برمّتها شاء من شاء وأبى من أبى أو زيِّف أو ناور أو داور…!؟ هذا ما أراده الله جلَّ جلاله وفق ما تنصُّ عليه العقيدة الإسلامية.! ومن البديهي أنه لا رادَّ لإرادته فهو الذي خلق الأرض والسماوات ووحده جلَّ جلاله يتصرف بهم كما يشاء..! ولأن المسلمين ( المؤمنين ) فقط هم أهله في أرضه كما جاء في القرآن فقد منحها لهم يتوارثونها جيلاً بعد جيل هذه إرادته سبحانه ما أكرمه…!؟ وصك هذه الملكية يوثِّقه عقارياً ما جاء في القرآن: (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض )) و (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) والصالحون لا يمكن أن يكونوا من غير المسلمين المؤمنين حتى المسلمين غير المؤمنين هم من غير الصالحين ولا تشملهم الملكية..! والله سبحانه لم يحدد بقعة جغرافية بعينها وانطلاقاً من هذا الوعد الإلهي المطلق زحف المسلمون ( أهله ) في كل اتجاه وتملكوا بدايةً أجزاء كبيرة من الأرض فأقاموا عليها إمبراطوريتهم الإسلامية الشاسعة حلال عليهم فقد عملها غيرهم….!؟ هنا بالضبط ينبني حرج الحالمين والقائلين بإمكانية تجديد الفكر الإسلامي على قلِّتهم وهم الذين قبل أن يقاربوا أي مسألة فقهية عليهم أولاً الإقدام برجولة على حسم مسألة صلاحية النص القرآني لكل زمان ومكان وهي مسألة يعرفون أن غالبية المسلمين لا يساومون عليها.. أصلاً لا يقبلون بمجرَّد طرحها للنقاش إذ يستتبع ذلك فوراً التكفير والجزّ أو التهجير في أحسن الأحوال…!؟ غير أنه من غير حسم هذه الإشكالية سيظل موضوع تجديد الفكر الإسلامي حراثةً في رمال الربع الخالي أولاً وترف سجالي لا جدوى منه ثانياً وأحلام فكرية لا مستقبل لها ثالثاً…!؟
لقد جزمت بعض النصوص القرآنية في أكثر من موضع بأهليِّة المسلمين المؤمنين وحدهم لتملك الأرض ووراثتها إلى يوم القيامة نافيةً بذلك فكرة المساواة بين الشعوب والأعراق التي يتحدث عنها المجددون الإسلاميون المعاصرون في مبتدأ كلامهم ومنتهاه..! وحتى المساواة بين أفراد شعب بعينه فإن نصوصاً قرآنية كثيرة تدحضها ولا تقرُّ بها فالقرآن قصرها على المؤمنين لا غير (( إنما المؤمنون إخوة ))…! وقد حدد كيفية التعامل مع غير المؤمنين الذين يسقطون من رتبة الإنسانية جملةً وتفصيلاً (( إن شرَّ الدواب عند الله الذين كفروا )) وتقرير مصيرهم تفصِّله آيات عديدة منها: (( فقاتلوا أولياء الشيطان )) الآية 76 من سورة النساء و (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر )) الآية 29 من سورة التوبة و (( فقاتلوا أئمة الكفر )) الآية 12 من سورة التوبة و (( واقتلوهم حيث ثقفتموهم )) الآية 191من سورة البقرة و (( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم )) الآية 14 من سورة التوبة و (( قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله )) الآية 39 من سورة الأنفال.
الوطن الإسلامي إذن ومن غير إذن من أحد هو كل الجغرافيا الكونية شاء المجددون أم لم يشاءوا كما العقيدة الإسلامية هي كل التاريخ البشري القويم فهي التي جبَّت ما قبلها وانغلق بعدها الباب السماوي إلى أبد الآبدين..!؟ أما المساواة في هذا السياق فإنها لا تشمل غير المؤمنين وفق المواصفات والاشتراطات القرآنية بالرغم من كل التقولات والادعاءات حول هذه الفضيلة ثم إن المساواة في الإسلام مؤجلة أساساً إلى ما بعد الموت فهي ستحصل فقط في الجنة فلا مساواة بين المؤمنين هؤلاء في الحياة الدنيا وما عدا ذلك يبقى تفاصيل فقهية ما بعد قرآنية لا طائل من أي جدال فيها وحولها جُددت أم لم تُجدد وهذا ما تأكّد طيلة المائة عام المنصرمة وكما سيتأكّد لاحقاً…!؟ أما حين يستحضر بعضهم نصوصاً قرآنية معاكسة للنصوص السابق ذكرها للدلالة على محدودية الأحلام والطموحات الجغرافية عند أصحاب العقيدة الإسلامية وللدلالة على حقيقة النص والحض على المساواة والعدالة وحقوق الإنسان فإن مثل هذه الآيات والسور الموجودة بطبيعة الحال في هذه الصيغة أو تلك فإن ذلك يثير مسألة التناقض والتعارض في النص القرآني وهي مسألة أكثر حساسية وخطورة بما لا يقاس يا ناس…!؟
خاص – صفحات سورية –