سوريا والتزاماتها مع دول الجوار .
فيصل البيطار
انتهى الاجتماع السادس لوزراء خارجية دول جوار العراق بتأكيده على احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق وهويته العربية والاسلامية، ورفض اية دعاوى لتقسيمه، او محاولات التدخل في شأنه الداخلي ومنع استخدام اراضيه او دول الجوار كمقر لتدريب او ايواء او تمويل العناصر الارهابية، او ممر لارتكاب اعمال عدائية داخل الاراضي العراقية .وادانة وشجب التفجيرات الارهابية التي يشهدها العراق وكافة اشكال الانشطة الإرهابية التي تهدد أمنه وسلامته ، وتعزيز التعاون لمواجهة هذه الأنشطة . وايضا تعزيز الآليات الدبلوماسيه لتسليم العناصر الأرهابيه إن في العراق او دول الجوار والتعاون بتمرير المعلومات الأمنيه بين العراق وما جاوره من دول، إضاقة لحزمه من القرارات التي تبعث الإطمئان في القلب .
وكما يقولون فان اهل البيت ادرى بما فيه وهم على يقين من ان تلك القرارات ستظل حبرا على ورق وان التدخل بالشأن العراقي الداخلي إن بتلك التفجيرات او بتقديم الدعم اللوجيستي لشباكات البعثوتكفيريين او بتوزيع الأموال بملايين الدولارات والضغط على بعض المكونات السياسيه والعشائريه لرسم شكل تحالفاتها بما يتوافق مع توجهاتهم للإنتخابات النيابيه القادمه، هو السائد على الأرض العراقيه الآن وهو ما ترعاه دول الجوار لا دام ظلها . لقد جاءت تصريحات وزير خارجية العراق على عكس ما احتواه بيان دول الجوار وكنعي سريع له عندما أكد على ان دولته قد شاركت سوريا مع اطراف اخرى لأربعة اجتماعات لم تقدم فيها لا هي ولا تلك الأطراف رؤى وافكارا جديده، وان العراق يسير قدما بإتجاه تدويل قضية الإرهاب داخل العراق . سوريا وان كانت قد وضعت بصمتها على ذيل ذلك البيان، الا انها مازالت تتنصل من تسليم الأرهابين المتواجدين على اراضيها وتحت رعايتها، اولئك المسؤولين عن تفجيرات الأربعاء الدامي وغيرها من تفجيرات قتلت عشرات الألوف من العراقيين ودمرت بنيته التحتيه بنسف انابيب النفط ومياه الشرب والجسور ومحطات الكهرباء وضخ المياه مُلحقة بالعراق خسائر تقدر بعشرات المليارات من الدولارات كان الشعب العراقي أولى بها بدون شك .
إن إبداء حسن النيه تجاه العراق يبدأ من غلق الحدود أمام الأرهابيين المتوجهين نحو العراق لممارسة القتل والتخريب المُشرعن دينيا و” قوميا ” وإغلاق معسكراتهم على الأراضي السوريه وإيقاف كل الدعم اللوجيستي المقدم لهم، وقبل كل شيئ تسليم هؤلاء المجرمين ليتم محاكمتهم في محاكم عراقيه شهد كل المنصفين بعدالتها وشفافيتها وليست كتلك المحاكم التي تسجن الطيبين من ابناء الشعب السوري لسبع سنوات او عشر او اثني عشر سنه بتهمة غريبه عجيبه ليس لها من وجود في اي دوله من دول عالمنا هذا، تهمة إضعاف الشعور القومي !!!! إن غلق الحدود بوجه الإرهاب ليس كما اراد المندوب السوري لذلك الإجتماع ان يوهمنا به، بإجراء العد للمخافر السوريه الجاهزه التي تم نشرها على حدود الدولتين، هذا كلام لا يخدع أحدا وهو في جوهره لايخرج عن الإطار العام للخطاب السوري الرسمي والإعلامي ذو الصبغه المخادعه والتضليليه بإمتياز، فالشقق التي تأوي الإرهابيين تحت أنظار اجهزتهم الأمنيه ومعسكرات تدريبهم بإشرافهم واستقبال الإرهابي في مطار دمشق وايواءه وتدريبه وتهريبه للعراق، كل هذا تحت انظارهم وبإشرافهم . وحتى يتمتع الخطاب السوري بالمصداقيه في الشأن العراقي، عليه التخلص من كل هذا وتسليم المجرمين لمحاكمه عادله في العراق اولا .
في رد تهمة القتل التي التصقت دون رحمه بالنظام السوري، يعلمنا الرئيس السوري لا فُض فوه أن سوريا تستضيف مايزيد على المليون عراقي …… فكيف نقتل العراقيين إذن ؟ اليس هذا إستخفافا بعقولنا وإستهتارا بآدميتنا ؟ فما العلاقة اصلا بين طرفي معادلته تلك ؟ هو ووفقا لأجندته الخاصه، يعاقب نظام سياسي بتخريب بنيته التحتيه ونشر اجواء عدم الإستقرار على ارضه، انه يسعى لإحراج حكومة العراق ونظامها السياسي، وهذا ما لايستطيع فعله ولن يحقق غرضه السياسي منه فيما لو وجه بنادق إرهابه نحو الجاليه العراقيه المقيمه في بلده . لاعلاقة البته بين قتل العراقيين في العراق واستضافته للمليون عراقي الذين يتم التعامل مع شريحة واسعه منهم بالإبتزاز المخابراتي المعلوم والأستفاده من الرشاوي الماليه الضخمه التي تقدمها لهم شريحه غنيه واسعه نهبت اموال العراق ولجأت الى احضانهم . اما العجب العجاب فهو ما يتخرص به مسؤولي الإداره السوريه ومعهم أعضاء مجلس شعبهم ( زورا وبهتانا ) ومن خلفهم وامامهم ومن بين ايديهم، اجهزة إعلامهم المسيسه بسياسة الدولة، من ان سوريا قد احتضنت ولسنوات طويله زمن ” صدام حسين “، المعارضـه العراقيـه ومنهم رئيسي الحكومه والجمهوريه وقاده آخرين، وكما انهم لم يسلموا هؤلاء من قبل فإنهم لن يسـلموا ” المعارضه ” المتواجده على أراضيهم الآن …. ألم اقل انه إعلام مضلِِل بإمتياز .
عاشت بعض اطراف وشخصيات المعارضه العراقيه لسنوات طويله في كنف النظام السوري الذي قدم لهم المساعدات في الإقامه وجوازات السفر في الوقت الذي كان الصراع بين طرفي الحزب على اشده، وهو الذي دفع مخابرات نظام صدام بالتعاون مع تنظيم ” الإخوان المسلمين ” السوري وتنظيم ” أبو نضال ” لإفتعال سلسله من التفجيرات داخل سوريا ومحاولتهم إغتيال بعض اركان النظام كان منهم ” عبد الحليم خدام ” ، في الوقت الذي لم يُسجل فيه على المعارضه العراقيه ” التي لم يسلموها ” انها قامت بتفجير واحد، وأُصر على كلمة واحد، في اي مدينة عراقيه ولم تقتل عراقيا مدنيا واحدا عن سبق وإصرار، نعم مارست المعارضه كفاحها المسلح في جبال ووديان كردستان العراق وأهوار جنوبه، ذلك الذي كان كفاحا مسلحا نبيلا موجها نحو المؤسسات العسكريه والإستخباريه للنظام وليس ضد المدنيين، ودائما ما كانت تلك المعارضه تطلق سراح اسراها من الجنود العراقيين لعلمها وإدراكها أن هؤلاء قد سيقوا للقتال غصبا وقهرا وان عقوبة الأعدام تلاحقهم في حالة فرارهم مما اسموه بالخدمه العسكريه. وهو الذي ادى الى التحاق الألوف من الأسرى بتنظيمات المقاومين في الأهوار والمئات في كردستان .
السوريون يضعون بنفس الكفه، معارضه نزيهه لم تجرح مدنيا واحدا، وأخرى غارقه بدماء الوف مؤلفه من ابرياء العراقيين وعملت على تأخير نهوضه الإقتصادي بتدمير بنيته التحتيه …. بخطابهم الكاذب والمضلل ذاك، معارضتان لا تستويان في الحرص على المدنيين وتوجيه السلاح فقط نحو مؤسسات النظام العسكريه ان كان لهذا السلاح من مبرر سياسي يستدعي حمله . لم يكن من الأخلافي والوطني تسليم معارضة ما قبل 2003 انما من الأخلاقي والوطني تسليم معارضة ما بعد 2003 من بعثوتكفريين ارهابيين .
العراق الآن يسير بخطى ثابته لإشاعة الأمن والهدوء على اراضيه وإستكمال بناء مؤسساته العسكريه والإقتصاديه وتحسين الظروف المعاشيه لأبناءه وترسيخ القيم والمؤسسات الديمقراطيه وإشاعة مناخ عالٍ من الحريات وقبول الآخر الوطني، مما لا يتوافق مع مصالح دول الجوار ذات الطابع الشمولي، والذي تريده سوريا الآن، هو اشراكها بحكم العراق عن طريق حزبها بعد توحيده مع بقايا حزب صدام حسين الملفوظ شعبيا ودستوريا، ومن هنا يأتي ضمن اسباب اخرى،تمسكها بتلك الزمر المجرمه ودفعها لمزيد من الإرهاب في محاوله لإخضاع مركز القرار العراقي، وان كانت محاولاتها تلك، تجد القبول والدعم من مجاميع عراقيه باليه فإن غالبية العراقيين يقفون بالمرصاد لهكذا محاولات، فلا رجعة للوراء …. لا رجعه .
اجتماع دول جوار العراق السادس وما تمخض عنه هو كرفقائه الخمس الذين سبقوه، وهو كأي مؤتمر للقمه وكأي اجتماع للجامعه العربيه وعلى اي مستوى …… انهم يقولون ما لا يفعلون .
الحوار المتمدن