صفحات العالم

أوباما وأشهر التردّد

بقلم سميح صعب
يواجه الرئيس الاميركي باراك اوباما انتقادات كثيرة تتركز كلها على اتهامه بعدم الفعالية والتردد حيال الكثير من القضايا سواء في الداخل أم في الخارج. وبإزاء ذلك يدافع اوباما عن نفسه قائلاً إن الاشهر التسعة الاولى من ولايته غير كافية لإحداث التغيير الذي وعد به في حملته الانتخابية، وان رئاسته بدأت للتو، وان ادارته لا تزال منشغلة في “تنظيف الفوضى” التي أحدثتها ادارة الرئيس السابق جورج بوش.
الجزء الاخير من كلام اوباما فيه الكثير من الصحة، بيد ان ذلك لا يحجب وجود التردد واللاقرار حيال الكثير من القضايا او حصول تعديل في المواقف. ففي الصراع العربي – الاسرائيلي قال اوباما في مستهل ولايته كلاماً  لقي قبولاً من الفلسطينيين والعرب عموماً، لكن محاولاته لاحياء عملية السلام ما لبثت ان اصطدمت برفض اسرائيل القبول بتجميد ولو موقتاً للاستيطان. وهنا بدت الادارة الاميركية عاجزة عن ثني رئيس الوزراء الاسرائيلي عن موقفه، فاتجهت الى وضع اللوم على العرب ايضاً لأنهم لم يقبلوا “التطبيع” مع الدولة العبرية قبل تحقيق السلام.
وفي العراق، عدّل اوباما موقفه الداعي الى سحب القوات من هذا البلد في غضون 16 شهراً، وقرر البقاء حتى نهاية 2011، وهو موعد يقترب كثيراً من الموعد الذي كانت تقترحه الادارة السابقة.
وفي افغانستان، يعتري التردد موقف الادارة من توصية القادة العسكريين هناك بالحاجة الى ارسال 40 الف جندي تحت طائلة خسارة الحرب امام “طالبان”. ويزيد التزوير الذي ارتكبه الرئيس حميد كرزاي في الانتخابات الرئاسية من ارباك واشنطن في الوقت الذي تخطط لاعلان استراتيجية جديدة.
وفي باكستان، تنزلق الامور نحو الفوضى بسرعة تزيد من قلق الولايات المتحدة على الترسانة النووية الباكستانية.
وفي كوريا الشمالية، تسود المراوحة الملف النووي من دون تحقيق اختراق يفضي الى الهدف الذي حددته واشنطن بمنع بيونغ يانغ من حيازة اسلحة نووية.
ويبقى الملف الايراني من بين القضايا الاكثر الحاحاً على الادارة الاميركية. وقد تأخرت واشنطن في اطلاق مفاوضات “5+1” مع طهران في فيينا وما اعقبها من مفاوضات اكثر تحديداً في جنيف. وخففت الاجواء الايجابية التي صدرت عن اول اتصال مباشر بين اميركا وايران منذ عام 1979 من اجواء الاحتقان في المنطقة ومن التهويل الاسرائيلي بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية.
وتمر العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها او مع الصين وروسيا بالكثير من الخلافات والتعقيدات لدى البحث في مواضيع المناخ ووسائل الحد من الاحتباس الحراري.
وفي الموضوع الداخلي لا يبدو الوضع أفضل. فإقرار قانون اصلاح الرعاية الصحية لا تزال دونه عقبات، فيما اوباما غير قادر على الوفاء بتعهد اغلاق معتقل غوانتانامو بحلول 20 كانون الثاني كما وعد في الايام الاولى لتوليه الرئاسة.
لكل هذه الاعتبارات بدأ  منتقدو اوباما في الخارج يصفون كلامه عن المصالحة مع العالم الاسلامي بأنه مجرد كلام منمق لن يجد طريقه الى التحقق، بدليل عدم الرغبة في ممارسة الضغوط على اسرائيل لحملها على وقف الاستيطان والعودة الى طاولة المفاوضات.
وفي الداخل يصف منتقدو اوباما، وهم من غلاة اليمين المتشدد وبقايا المحافظين الجدد، سياسات الرئيس الديموقراطي بأنها سياسات يسارية وبأنه يزيد من تدخل الدولة، ليس في الموضوع الصحي فحسب وإنما في  الشأن الاقتصادي بما لا يتماشى مع قوانين السوق الحرة.
وبين الاتهامات الموجهة الى أداء الادارة الديموقراطية ودفاع الرئيس الاميركي عن نفسه، ينتظر العالم وتنتظر اميركا نفسها التغيير الذي باسمه انتخب اوباما.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى