ما يحدث في لبنان

تـمـديــد

null

ساطع نور الدين

لعل الجو غير مناسب الان لإثارة فكرة جوهرية يمكن ان تشكل ضمانة لمستقبل لبنان واستقراره: كيف يمكن الحؤول دون التمديد للرئيس الجديد للجمهورية العماد ميشال سليمان بعد ست سنوات؟ هل يمكن وضع نص دستوري يمنع تلك الخطوة؟ أم هل يجوز الطلب من الرئيس نفسه التعهد الخطي بعدم طلب التمديد لنفسه، او عدم القبول بهذا الاحتمال مهما كانت الظروف والاحتمالات؟

ليس في اتفاق الدوحة الذي وقع الاربعاء الماضي اي تصريح او تلميح الى ان ولاية الرئيس سليمان التي تبدأ غدا الاحد وتنتهي في منتصف ليل الخامس والعشرين من ايار العام ,2014 لا تقبل التجديد او التمديد، وليس فيه اي تعديل او تغيير في قانون الانتخابات الرئاسية، الذي لا يقل خطورة عن قانون الانتخابات النيابية المعدل، بل ربما يفوقه تهديدا للسلم الاهلي والعقل السياسي للطائفة المارونية التي ترسل الرؤساء الى القصر الجمهوري ولا تعرف كيف تستردهم او تستبدلهم.

لا يمكن لاحد من اللبنانيين ان ينسى ان القرار المشؤوم بالتمديد للرئيس السابق اميل لحود في صيف العام 2004 ، هو مركز الزلازل المدمرة التي ضربت لبنان طوال السنوات الاربع الماضية، والتي احدثت صدوعا في الجسم اللبناني لا يمكن ان تردم بسهولة، برغم الجهود الحثيثة التي يبذلها الجميع من اجل التعامل مع انتخاب الرئيس سليمان غدا باعتباره صفحة جديدة من التاريخ اللبناني الحديث.

التصريحات المقتضبة التي ادلى بها الرئيس سليمان في الاشهر الاخيرة لا تسمح بإصدار حكم مسبق على تجربته الرئاسية او على جدول اعماله، او طبعا على استعداده لان يضمن خطاب القسم في مجلس النواب غدا وامام حشد من الضيوف العرب والاجانب وعدا للبنانيين وللعالم كله بانه لن يكرر خطيئة سلفه لحود ولن يطلب او يقبل بتجديد او تمديد ولايته، حتى ولو اجمعت الطائفة، ولو توافقت الطوائف والمذاهب كلها، وحتى لو تفاهمت الاديان التوحيدية بأسرها.

لكن مثل هذا الوعد يمكن ان يكون بداية جديدة فعلا للبنان وحياته السياسية، وفرصة جديدة للموارنة لكي يستعيدوا رشدهم ويبحثوا عن مستقبل دستوري آمن للرئاسة الاولى، التي يفترض ان تعهد اليها في السنوات الست المقبلة مهمة الوساطة بين الغالبيتين الاسلاميتين الشيعية والسنية اللتين ضربهما الجنون المطلق.. كما يمكن ان يكون مدخلا لاصلاح فعلي للنظام السياسي الذي ثبت انه غير قابل للاصلاح من القاعدة، او الشارع ، بل من القمة وحدها.

يمكن لهذا الوعد ان يطوي الكثير من المرارات الماضية، ويؤسس لوجه مختلف في الحياة السياسية والشعبية التي تتوق اليوم الى الرئيس سليمان، وتتطلع إليه لكي يبدد كل ما علق في اذهان اللبنانيين مؤخرا من علامات استفهام حول المؤسسة العسكرية، ودورها الانقاذي المفترض، وحول قائدها الذي يخلع غدا بزة القتال، ويدخل معتركا جديدا لا يحتاج النجاح فيه الى اكثر من ست سنوات بالتحديد.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى