كيف تحمي نفسك من أخطار الشبكات الاجتماعية؟
الامتناع عن نشر الأمور الخصوصية أهم سبل الوقاية
لندن: «الشرق الأوسط»
تصفح الشبكة لم تعد مسألة خاصة لأن مواقع «فيسبوك» و«تويتر» والشبكات الاجتماعية الأخرى أصبحت بسرعة جزءا لا يتجزأ من ثقافة الإنترنت، ومعها تأتي مجموعة جديدة كاملة من التهديدات الأمنية المحتملة. ونستعرض هنا بعض هذه الأخطار التي مصدرها الشبكات الاجتماعية، والإجراءات السهلة القليلة التي يمكن اتخاذها للوقاية منها.
لقد شيدت الشبكات الاجتماعية على مبدأ المشاركة بالمعلومات بشكل علني، وبالتالي اعتماد الحس الجماعي الالتزام بالجماعة. لكن من سوء الحظ أن مثل هذا الأمر بات فريسة للمخربين وعملياتهم في الصيد الاحتيالي. من هنا أصبح من الضروري التعرف على هذه الأخطار والحفاظ على سلامة التعامل مع الشبكة.
* الحذر أولا
* بالنسبة إلى المبتدئين في مجالات المشاركة المفتوحة ينبغي التزام بعض الحدود تماما، كما حذر الرئيس الأميركي أوباما في خطابه للطلاب أخيرا. فقد أبلغهم بأنه «ينبغي التزام جانب الحذر في ما تنشرونه على صفحات (فيسبوك)، فكل ما تفعلونه سيبرز آجلا أم عاجلا في حياتكم».
ويمكن تطبيق هذا القول على أي موقع اجتماعي، وربما على الإنترنت ككل. وكقانون عامّ ينبغي الامتناع عن نشر أمور على الشبكة قد نندم عليها في وقت لاحق. فالاحتمالات كبيرة أن يقوم أحدهم في وقت ما بالعثور على معلومة تخصك واستخدامها في ابتزازك لا سيما إن كنت تزمع ترشيح نفسك إلى منصب عام.
وإلى جانب الامتناع من نشر موضوعات أو تعليقات محرجة على الشبكة، ينبغي اتباع نصيحتين: الأولى تذكر مَن أصدقاؤك، والثانية معرفة أن صديق الصديق قد يكون عدوا.
لدى نشر أي شيء على موقع «تويتر»، أو تعديل أي معلومة على «فيسبوك»، عليك أن تأخذ الآخرين بالاعتبار. فكثيرا ما نسمع هذه الأيام روايات تتحدث عن أشخاص نسوا أن مديريهم في العمل هم أيضا مشتركون في شبكتهم، بعدما ذكروا في حقهم أمورا استوجبت توبيخهم، أو حتى طردهم من العمل.
وعواقب مثل هذه الأعمال باتت شائعة جدا، حتى إنها دخلت القاموس المدني تحت وصف «الطرد بسبب فيسبوك» نتيجة الإفصاح حتى عن مكنونات قد تبدو واضحة وبريئة، كالقول مثلا في أثناء ساعات العمل، «لقد أصابني الملل». فمثل هذه الأقوال قد تكون عاقبتها وخيمة، إذا ما اطّلع عليها الأشخاص غير المناسبين. فمع خدمات مثل «تويتر»، أو التغييرات الأخيرة التي حصلت في «فيسبوك»، التي تتيح لأي كان البحث والاطلاع على التحديثات، لا يمكن لأحد الاختباء.
وقد تفكر في الإفصاح عن مكنونات صدرك، وأن تصرخ مشتكيا بما تفكر في رب عملك الذي يرغمك على العمل ساعات إضافية، والقدوم في عطلات نهاية الأسبوع. وبعد أن تتأكد ثانية وثالثة أن رب عملك ليس مشتركا في شبكتك، تبدأ في التفريج عما يعتمل في نفسك، وصب كل همومك عبر لوحة المفاتيح التي أمامك. طبعا رب عملك قد لا يستطيع رؤية ما كتبته مباشرة، لكن إن كان أحد أصدقائك في «فيسبوك» موصولا إلى صاحب عملك، فقد يستطيع الأخير النقر على الرابط الموصول مع هذا الصديق والاطلاع على ما كتبته.
وهذا الأمر لا يمنع أن تكون اجتماعيا وتشارك الآخرين في آرائك ووجهات نظرك. ولكن لتكون في مأمن، قم بهذه المشاركة دون نشر أي أمر لا تكون مرتاحا له، وتشك أن يطّلع عليه الجميع، لأنه في النهاية هذا ما قد يحصل.
* الخصوصية والمشاركة
* إن التوفيق بين الخصوصية والشبكات الاجتماعية قد لا يبدو سهلا، إذ كيف يمكنك أن تكون صريحا منفتحا على الغير، ومع ذلك ترغب في حماية خصوصياتك؟ طبعا إذا كنت ترغب المشاركة ببعض المعلومات مع مجموعة مختارة من الأشخاص، لا يعني ذلك أنك راغب في مشاركة الجميع بهذه المعلومات، أو أنك راغب في جعل هذه المعلومات متوفرة للجميع.
و«فيسبوك» بشكل خاص قد عانى عددا من المسائل المتعلقة بالخصوصيات. وإذا كنت استخدمت «فيسبوك» لفترة، فقد تكون لاحظت إعلانات تحمل أسماء أصدقائك، أو صورا لها علاقة بهم. فهو لا يؤمّن ضوابط لحماية الخصوصيات، لكي تنسق أي المعلومات ينبغي توفيرها للفريق الثالث. فإذا نظرت إلى مكان النقر على ضوابط التحكم بخصوصيات إعلانات «فيسبوك»، ستلاحظ أنها لا تقدم سبيلا للخروج من إعلانات «فيسبوك» الداخلية. بل مجرد تصريح يقول إن «فيسبوك» تجاهد في «إنتاج إعلانات مثيرة لاهتمامك واهتمام أصدقائك».
وأحد أكثر الأمور الرئيسية التي تستقطب البعض في «فيسبوك» هو المجموعة التي لا تنتهي من الألعاب والفوازير. والمثير منها هو الجانب الاجتماعي. ففي مثل هذه الألعاب يمكن للأصدقاء التنافس والتباري في ما بينهم، وبذلك تستطيع معرفة المزيد عن أصدقائك في أثناء اللعب والمرح. وكان الاتحاد الأميركي للحريات المدنية قد كشف عن كمية المعلومات التي تكشفها مثل هذه الألعاب والفوازير. والصفحة الخاصة بمنح الأذونات توضح تماما للمستخدم أن السماح بالدخول له سيتيح للتطبيق سحب المعلومات الخاصة بسيرته الشخصية وصوره والمعلومات المتعلقة بأصدقائه، فضلا عن المحتويات الأخرى. وقد يتساءل البعض لماذا أن لعبة من الألعاب، أو فزورة، بحاجة إلى الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالأصدقاء بغية أن تعمل.
وكانت الحكومة الكندية عن طريق مفوضها الموكل بقضايا الحفاظ على الخصوصيات قد اعترضت على سياسة «فيسبوك» وإجراءاتها الخاصة بالخصوصيات، لأنها تتعارض والقوانين الكندية، وأوصت بمجموعة من التغييرات التي يتوجب على الموقع إجراؤها. وأحد أسباب هذا القلق ينطوي على الظهور المستمر لحسابات التسجيل في الموقع والمعلومات المتعلقة بها. وتقدم «فيسبوك» أسلوبا لإبطال الحسابات، لكن لا يبدو أنها تملك إجراء كاملا لإبطال الحساب كلية، إذ تظل الصور والمعلومات متوفرة في الموقع فترة طويلة بعد قيام المستخدم بإغلاق حساب تسجيله. وشأنها شأن الاتحاد الأميركي يبدو أن الحكومة الكندية قلقة من كمية المعلومات التي يجري التشارك بها مع مزودي تطبيقات الفريق الثالث.
وعلى الرغم من القلق الأميركي والكندي العميق، إلا أن «فيسبوك» توفر ضوابط للتحكم بالخصوصيات التي تقيد الوصول إلى المعلومات. ولكون «فيسبوك» موقعا اجتماعيا مصمَّما للمشاركة في المعلومات، فإن العديد من الضوابط يجري فتحها تلقائيا بحكم الإجراء الساري. لذلك فإن الأمر يعود إليك لفتح «أدوات ضبط الخصوصيات» (Privacy Settings) وترتيب الخيارات التي تراها مناسبة. فعن طريق كل من هذه الضوابط المتوفرة يمكن اختيار المشاركة في المعلومات مع الآخرين، كالأصدقاء فقط، أو أفراد الشبكة الخاصة بالشخص المعنيّ، أو أصدقاء الأصدقاء.
* التصيّد والاحتيال
* الشبكات الاجتماعية هي بطبيعتها اجتماعية جدا، مما يعني أن مستخدميها يتخلون عن حذرهم ويتشاركون بالمعلومات. وهم يقومون في هذا السياق بتوسيع شبكاتهم والاتصال بالأصدقاء القدامى والتواصل بالزمن الفعلي مع الزملاء والمعارف. لكن هذا بالنسبة إلى الأشرار الذين يهوون المقالب الاجتماعية وشن الهجمات الاحتيالية، أن استغلال ذلك سهل، أشبه بصيد السمك في برميل من الماء.
وغالبية الناس تدرك ما فيه الكفاية بحيث لا يردون على ذلك الأمير النيجيري الذي يعدهم بملايين الدولارات فقط، إذا ما قاموا بمساعدته في تهريب أمواله خارج البلاد. ولكن أي شخص لا يعرف أكثر من ذلك، عليه أن لا يقترب بتاتا من الإنترنت لكونه يشكل خطرا على نفسه وعلى الآخرين.
ولكن ماذا لو أرسل إليك صديقك الحميم من أيام الدراسة الذي لم ترَه منذ أكثر من 18 سنة رسالة عبر «فيسبوك» يخبرك عن سرقة محفظته وتعطل سيارته، ويسألك إرسال بعض المال له للوصول إلى منزله، قد لا تلتزم الحذر هنا، لكن على العكس، يجب أن تكون حذرا تماما. فقد أدرك المهاجمون أن أفراد العائلة والأصدقاء هم فرائس سهلة في مثل هذه الروايات. وعن طريق ذلك، والطرق الأخرى، يمكنهم مثلا الوصول إلى حساب التسجيل في «فيسبوك» لاختطافه والاستيلاء عليه. ويقومون بتغيير كلمة المرور بحيث لا يمكن للمالك الشرعي العودة إليه ثانية. ومن هناك يشرعون في الاتصال بأصدقاء ومعارف الشخص الذي اختطف حساب تسجيله، وجرى السطو والاستيلاء عليه كلية، في محاولة لابتزاز المال منهم عن طريق هذا الاحتيال الاجتماعي.
ولكن كيف يمكن صد مثل هذه الأساليب الاحتيالية؟ من المفترض أن الصديق المقرب منك الذي طلب منك مالا حامل لرقم هاتفك، وأن «فيسبوك»، أو البريد الإلكتروني، لا ينبغي أن يكون الخيار الأول للاتصال في الحالات الطارئة. لذلك إن جرى الاتصال عبر هاتين الوسيلتين، وكنت غير متأكد من الأمر، التقط سماعة الهاتف واتصل بهذا الصديق مباشرة للتأكد منه.
ومن التهديدات الأخرى التي برزت نتيجة الشبكات الاجتماعية هو هجمات عنوان الموقع URL الصغير، فبعض هذه العناوين طويلة جدا ولا تعمل جيدا في البريد الإلكتروني، أو في مواقع المدونات، فدعت الحاجة إلى خدمات لتقصير العناوين الطويلة واختصارها. وقامت «تويتر» بحدها الأقصى من الأحرف البالغ 140 حرفا، باعتماد خدمة التقصير هذه وجعلها من الضروريات. وتقول مجلة «بي سي وورلد» إنه ولسوء الحظ يمكن للمهاجمين استغلال تقصير العناوين هذا بسهولة لجذب المستخدمين وإغرائهم للدخول إلى مواقع مشبوهة في الشبكة. ولكون مثل هذه العناوين هي مجموعة عشوائية من الأحرف لا تمتّ بأي صلة إلى العنوان الفعلي، أو الحقيقي، ولا يمكن للمستخدمين التحقق منها بسهولة عما إذا كانت شرعية أم لا.
ويقوم «تويتديك» وهو تطبيق شعبي لـ«تويتر» بتأمين معلومات مسبقة لخيارات عناوين URL المختصرة هذه التي تؤمّن بعض الحماية. وتظهر نوافذ المعلومات المسبقة تفاصيل عن العنوان المختصر، بما في ذلك العنوان الأصلي الطويل المؤدي إليه.
الشرق الأوسط