لحظة ضعف
درويش محمى
منذ فترة وانا مضرب عن الكتابة في الشأن السوري, والسبب بطبيعة الحال لا علاقة له بتغيير الاحوال في سورية, فالاوضاع لاتزال على حالها, والاسباب والمبررات التي كانت تدفعني الى الكتابة في السابق لاتزال قائمة على قدم وساق, والناس في مدن سورية وقراها لاتزال تعاني من المجاعة والحرمان, والمخابرات “بماركاتها” المتنوعة وكعادتها لاتزال تعبث بالحريات وتنتهك الحرمات, والنظام السوري ما زال كسابق عهده, بل هو اليوم اكثر تسلطاً واستبداداً وتعجرفاً من البارحة سواء في سياساته الداخلية منها او الخارجية, فالطيب الذكر الرئيس جورج بوش لم يعد في البيت الابيض الاميركي ومشروعه “الشرق الاوسط الجديد” اصبح في خبر كان .
عزوفي عن الكتابة في الشأن السوري ونقد النظام الحاكم في دمشق, امر لم اكن لافصح عن اسبابه لولا قناعتي التامة بان ما اصابني قد يصيب غيري من المعارضين السوريين, ولولا قناعتي كذلك بأن الحالة التي المت بي اخيراً يشاطرني فيها الكثير من ابناء جلدتي من المغتربين السوريين وبخاصة المحرومين منهم من زيارة البلد.
المشاهد المتكررة اليومية لحاكم دمشق على شاشات التلفاز وهو قوي ومتماسك على غير عادته, في مقابل المشهد الاخر الممل الباهت للمعارضة السورية الهشة, وما يسببه المشهدان معاً من حالة يأس وعجز شديدين يجعلان من حلم العودة القريبة الى الوطن من سابع المستحيلات, ثم القرف من الوضع القائم والاحباط الشديد والغربة الموحشة التي تفرز كل يوم هرمونات حنين واشتياق للبد واهله, هذا الخليط من الاحاسيس والمشاعر, جعلني اطرح على نفسي بعض الاسئلة: ما الجدوى من نقد نظام دمشق وفضحه? وقوى المعارضة السورية مشتتة وغير فعالة ولا حول لها ولا قوة, والناس في سورية مستسلمة لامرها, ولا حياة لمن تنادي… “شو دخلني”?
مشاعر واحاسيس لم افهمها, واسئلة لم اجد لها اجابات, وربما اعتكافي عن قول الحق في الفترة القليلة الماضية كان مجرد لحظات ضعف عابرة, لكن بالاخر لا يصح الا الصحيح وما الحياة الا وقفة عز, واذ لم يكن بمقدورنا ان نغير الواقع لا يجوز لنا ان نستغني عن الحلم ونكتب من اجله.
خاص – صفحات سورية –