ما أصعب أن تكون ساعي بريد في بغداد ….
حكايات لا تنتهي عن أنفجارات ونجاة بأعاجيب ومعجزات
بغداد سامي كيتز – كانت العاشرة والدقيقة العشرين صباح احد ايام تشرين الاول/اكتوبر الماضي، عندما مر ساعي البريد موسى صلوص الى احد المصارف قرب وزارة العدل وسط بغداد لكن الارض سرعان ما اهتزت تحت قدميه جراء انفجار هائل نجا منه باعجوبة.
ويقول صلوص الذي جاب شوارع بغداد طوال 27 عاما لتوصيل الرسائل ورزم البريد، ان “الانفجار وقع بعد نحو خمس دقائق من عبوري جسر الشهداء، الحمد لله انني ما ازال على قيد الحياة”.
ما أصعب أن تكون ساعي بريد في بغداد ….حكايات لا تنتهي عن أنفجارات ونجاة بأعاجيب ومعجزات
وادى انفجار هائل لشاحنة وحافلة ركاب صغيرة استهدفتا في 25 تشرين الاول/اكتوبر وزارة العدل ومبنى محافظة بغداد الى مقتل نحو 153 شخصا واصابة مئات اخرين بجروح، بالاضافة الى الحاق اضرار جسيمة بالممتلكات.
ويضيف ساعي البريد الاعزب (56 عاما) “لقد توسلوا الي لاترك العمل وابقى جليس المنزل لكني عدت في اليوم التالي الى مزاولة عملي، لقد اعتدنا على هذه الاحداث ولم تعد مبررا لنتخلى عن العمل، اشكر الله الذي رحمني”.
ويعمل صلوص في مكتب بريد الصالحية (وسط بغداد) برفقة 46 موظفا اخرين.
من جهته، يقول عبد الحسين طعمة (54 عاما) “كنت قد سلمت للتو بريدا لوزارة الخارجية عندما وقع انفجار” هناك في 19آب/اغسطس الماضي.
ويستعيد ساعي البريد الذي بدا ممارسة مهنته قبل ثلاثين عاما ما حدث حينذاك قائلا “ركضت باتجاه جسر الجمهورية وبعد ان قطعت مسافة كان الناس ينظرون الي مرعوبين بسبب اصابتي بجروح في ذراعي ورجلي”.
واستهدف هجومان انتحاريان وزارتي الخارجية والمالية ما ادى الى مقتل نحو مئة شخص واصابة مئات اخرين بجروح.
ويضيف طعمة “طبعا، عدت في التالي الى عملي، ماذا نفعل؟ لقد اعتدنا على هذا فقد نجوت من العديد من الانفجارات التي وقعت سابقا اثناء تجوالي”.
ويتابع “لا يميتنا الا الله لقد نجوت لانه اراد لي ذلك”.
بدورها، تقول هناء علي مديرة التخطيط في دائرة البريد ان حجم الرسائل والطرود البريدية انخفض بين عامي 2002 و2008، من عشرة الى خمسة ملايين.
وتشير الى ان المبالغ المحققة تراجعت الى ثلاثة مليارات دينار (1,7 مليون دولار) فيما ارتفع عدد العاملين من 1600 الى اكثر من 2800 بينهم 330 من سعاة البريد في حين كان عددهم 150 فقط قبل سبع سنوات.
ومنذ اجتياح العراق عام 2003، قتل ثلاثة من العاملين في البريد جراء انفجارات كما اغتيل ثلاثة اخرون جراء اعمال عنف طائفي، كان اخرهم محمود نايف محمود الذي لقي مصرعه العام الحالي في حي الاعظمية السني في شمال بغداد.
من جانبه، يقول رئيس فريق سعاة البريد في مكتب الصالحية عبد الرزاق طالب انه طالما تعرض لخطر الاشتباكات المسلحة لدى تجوله خصوصا في شارع حيفا الذي كان اخطر شوارع بغداد قبل ثلاثة اعوام، لكن الانفجارات هي اكثر ما يخشاه.
ويضيف طالب (43 عاما) “اثناء العام 2006، عندما كنت على دراجتي النارية مع صديقي رشيد لايصال بريد وقوائم حساب الهاتف، نصحنا جنود اميركيون بالعودة او المغادرة لان الاشتباكات ستندلع” في المكان.
واضاف طالب الذي يمارس عمله منذ تسعة اعوام، “قدموا لنا نصيحة لانهم يعملون اننا لا نمثل اي طرف في الصراع (…) لكن، الانفجارات مخيفة فعلا فقد شعرت بالخوف عندما فجر انتحاري نفسه في احد مطاعم شارع الشواف، بعد ثوان من عبوري” المكان.
يذكر ان هجوما انتحاريا استهدف في 19 حزيران/يونيو عام 2005، مطعم “ابن زنبور” قرب المنطقة الخضراء، ما ادى الى مقتل 23 شخصا بينهم ستة من عناصر الشرطة.
ويختم طالب حديثه مبتسما “انها معجزة، هناك قليل من الضحايا في مهنتنا رغم العدد الكبير من الانفجارات فالله يرى اننا نقوم بمهمة انسانية”.
سامي كيتز