البيانوني: سورية بلا سجون أقوى وأبقى
لندن ـ القدس العربي ـ أكد المراقب لجماعة الإخوان المسلمين في سورية المحامي علي صدر الدين البيانوني أن سوريةَ بلا معتقلاتٍ وبلا سجون، ستكونُ أقوى وأبقى، وأن صباحَ العيد بلا معتقلين وبلا سجناء رأي، سيكونُ أبهى وأجمل.
وهنأ البيانوني في رسالة له الخميس، وحصلت “القدس العربي” على نسخة منها، الشعب السوري بمناسبة عيد الإضحى المبارك واقتراب أعياد الميلاد، وأعرب عن أسفه لما آلت إليه أوضاع العالم العربي والإسلامي، وقال: “نذكرُ معنى التضحية هذا، ونحن نتابعُ بألمٍ وحسرةٍ ما يدورُ على أرضِ فلسطينَ أرضِ الأنبياء وموطنِ الميلاد المجيد، من احتلالٍ وعدوانٍ وطغيان، وما يحلّ بوطننا وأهلنا من ظلمٍ وقسوةٍ، وأَثَرَةٍ وتفرّقٍ وتباعدٍ، وشحناءَ وبغضاء.. تدبّ في صفوف أبناء المجتمع الواحد، من الفرد إلى الجماعة، ومن الخاص إلى العام، ومن الشعبيّ إلى الرسميّ، حتى أصبحَتْ أمتُنا نهباً للأطماع، لا تملكُ قواماً تقفُ به على قدمين، إلا بحبلٍ من الناس. أمةٌ يغضبُ بعضُ أبنائها للعبة كرة، أكثرَ مما يغضبون لأطرافِ الأمة تُنتقَص، ولسيادتها تُنتهَك، ولثرواتها تُنتهَب، ويموتُ المستضعفون من رجالها ونسائها وأطفالها جوعاً وتجويعا؛ يُحيلُها حبّ الدنيا – كما أخبرَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إلى غُثاءٍ كغُثاء السيل، حتى يطمعَ فيها كلّ طامع، ويصيرَ أمرُها إلى يدِ عدوّها، فيكونُ عليها الآمرَ الناهي”.
ودعا البيانوني إلى الصبر على طريق الحق والتضحية من أجله، وقال: “إن التضحيةَ الحقيقيةَ إنما تكونُ بالصبر على مشاقِّ طريق الحق، الذي هو طريقُ العزةِ والمجد، وطريقُ النجاةِ والخلاص.. فبالتضحيةِ والصبر، نتصدّى لصَوْلاتِ الباطلِ ينالُ من الأنفسِ والأعراضِ والأموال، وبالتضحيةِ والصبر، نحمي مجتمعَنا والمستضعفينَ من أبنائه، من استبدادِ المستبدّين، وفسادِ الفاسدين، كباراً كان هؤلاء المستبدّون والفاسدون أو صغاراً”.
ودعا إلى المحبة كأساس لتقوية المجتمع، وقال: “إنه لمن الضروريّ أن نذكرَ في عيد الأضحى المبارك، وفي ذكرى الميلاد المجيد، أنّ المحبةَ والتواصلَ في بناءِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ الملتحمة، هي بعضُ مقتضياتِ الطريق لبناءِ مجتمعِ البنيان المرصوص، الذي يَشدّ بعضُه بعضاً، والذي لا يضيعُ فيه حقّ ضعيف، ولا يُترَكُ فيه العنان لقويٍّ يتجبّرُ ويعتدي على الآخرين.. وأساسُ هذه العلاقات الاجتماعية المتضامنة، أسرةٌ قويةٌ، تُبنَى على كتابِ الله وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُؤخَذُ الرجالُ والنساءُ فيها بالميثاق الغليظ على كلمة الله، أسرةٌ أفُقُها المودّةُ والرحمةُ، وقاعدتُها قولُ الله عزّ وجل: (ولهنّ مثلُ الذي عليهنّ بالمعروف، وللرجالِ عليهنّ درجة)، وعنوانها قولُ الرسول صلى الله عليه وسلم: (النساءُ شقائقُ الرجال)”.
وحذر البيانوني من مغبة المساس بقانون الأسرة في سورية تحت شعار مواكبة الحرية والمساواة المقنعة، وقال: “نقرّرُ هذا ونحن نتابعُ المداوراتِ والمناوراتِ التي تُحاكُ ضدّ قانونِ أسرتنا الوطنية، مسلمةً ومسيحية، لينتهيَ بنا أفرادٌ، أقلّ ما يقالُ فيهم إنهم لا يتبصّرون في العواقب.. لينتهوا بنا – لا سمحَ الله – إلى مثلِ مجتمعاتِ الانحلالِ والتفكّكِ والتفسّخ، حيثُ تذوبُ كلّ القِيَم الخيّرة، تحتَ مسمّياتِ الشعاراتِ البرّاقة، والمصالحِ الماديةِ الرخيصةِ والعارضة. لن نتحدثَ في هذا المقام عن سوءاتِ الانحلالِ الجنسيّ والإباحيّةِ، وأشكالِ الظلمِ والعنفِ التي تمارَسُ على المرأةِ باسمِ الحريةِ الزائفةِ، والمساواةِ المقنّعة؛ إنما يكفي أن نذكّرَ بأعدادِ الأمهاتِ والآباءِ الذين يموتون على كراسيّهم المتحركةِ في غرفهم المعتمة، ولا يكشفُ موتَهم إلا رائحةُ أجسامهم المتفسّخةِ تزكمُ أنوفَ الجيران”، كما قال.
وحيّا البيانوني “شهداء الإخوان ومعتقلي الرأي في سورية”، داعيا إلى إفراغ السجون من نزلائها، وقال: “في هذه الأيام المباركة، علينا أن نتذكّرَ بالدعواتِ الصالحات، كلّ الأحرار والشرفاء الذين يضحّون من أجلِ حريةِ سوريةَ وصلاحها، نتذكرَ شهداءَنا الذين قَضَوا، ومعتقلينا المصابرينَ وراءَ القضبان، ونرفعُ التحيةَ والتجلّةَ، لكلّ المضحّينَ في يوم الأضحى، من أجل الحرية والعزة والكرامة.. نرفعُ التحيةَ والتجلّةَ لقادة إعلان دمشق، رياض سيف، وفداء الحوراني، وأنور البني، وطعمة طعمة، وزملائهم.. وشيخ المعتقلين هيثم المالح، ومهند الحسيني، ويوسف عبد الله الذيب، ولكلّ من غيّبتهم السجون والمعتقلات من سجناءِ الكلمةِ والرأيِ والضمير.. مؤكّدين في هذه الأيام المباركات، أن سوريةَ بلا معتقلاتٍ وبلا سجون، ستكونُ أقوى وأبقى، وأن صباحَ العيد بلا معتقلين وبلا سجناء رأي، سيكونُ أبهى وأجمل”.
وشدّ البيانوني على يد المغتربين السوريين، وقال “أما أنتم أيها الإخوان المسلمون، وأيها المواطنون السوريون المهجّرون.. حيثما كنتم في مهاجركم، تعانون آلام الغربة، ووحشة البعد عن الوطن.. حسبُكم أنكم ما تزالون ـ رغم معاناتكم ـ القابضينَ على الجمر، الثابتينَ على العهد، الأوفياءَ للأهل والوطن.. وحسبُكم أن يعودَ عليكم عيدُكم الثلاثون، بالصبر والثبات والوفاء.. فكونوا حيثما أنتم – وكما كنتم دائماً – نبعاً للعطاء، وجسراً للمحبة والإخاء”، على حد تعبيره.
القدس العربي