صفحات العالمما يحدث في لبنان

سوريا تريد التخلّص من المحكمة

سركيس نعوم
علّق المسؤول الاميركي الرفيع السابق الذي لا يزال يتعاطى الشأن العام من خلال اهتمامه بالشرق الأوسط وأزمته الكبرى وقضاياه على رأيي في مواقف سوريا من لبنان، قال: “نحن أحياناً نتدخل في شؤون المكسيك”. علّقت: حسناً. هذا النوع من التدخل يحصل في كل دول العالم. لكن غير مقبول ان تحكم دولة دولة أخرى مباشرة أو بالواسطة. أنت تعرف ان المشكلات كلها في المنطقة مترابطة من ايران الى سوريا الى العراق الى فلسطين الى اسرائيل الى مصر الى الارهاب. وتعرف ان لبنان هو ساحة لذلك وان شعوبه أدوات. فهل يمكن ان يكون المستفيدون من الساحة رقباء عليها أو حاكمين لها؟ أجاب: “انت محق. لكن اعيدك الى استراتيجيتي. لا خطوة خطوة. بل رؤية واستراتيجيا شاملة وتنفيذ ثابت وسليم لهما”. سأل بعد ذلك كثيراً عن الزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط وعن المسيحيين. فاعطيت رأيي. ثم حكى عن اميركا، قال: “انا جمهوري. لكني لا أمثل اليمين الجمهوري المتشدد الذي يسعى الى احباط الرئيس الديموقراطي باراك اوباما بكل الوسائل التي يملك. انا أريد أن ينجح أوباما لأنني أريد ان تنجح اميركا. سيبقى هذا الرئيس في موقعه مدة طويلة”. ثم تطرق الى “مراكز القوة” داخل دمشق والى المحكمة الخاصة بلبنان (الدولية) فقال انها “ستوجه الاتهامات ربما الى شخصيات. واذذاك يمكن سوريا ان تقرر ما تريد”. علَّقت: قد لا تصل المحكمة “الدولية” الى الحقيقة وقد لا توفر العدالة. رد: “سوريا تريد التخلص من المحكمة. لكنني لا أحب كلمة “تسييسها” التي يستعملها البعض”. قلت: سوريا ضرورية لقيام لبنان الدولة الآمنة وضرورية للسلام في المنطقة ومع اسرائيل. وهذا أكثر أهمية لأميركا وغيرها من لبنان. قد تبقى المحكمة في رأيي سيفاً مصلتاً، من غير ان يسحب من غمده. سأل: “كيف؟”. اجبت: أولاً، اللبنانيون ينتظرون عبثاً صدور تقرير ظني او اتهامي عن النائب العام في المحكمة “الدولية”. علماً انهم وعدوا به سواء من نيويورك أو من بيروت. لم يصدر التقرير ولم ينفذ الوعد على الأقل حتى الآن. وقد يتأخر تنفيذه أكثر. ثانياً، تبلغ مدة ولاية المحكمة ثلاث سنوات، عند انتهائها تتوقف اذا لم يجدد لها مجلس الأمن. ماذا يحصل اذا عارضت روسيا او الصين مالكتا حق “الفيتو” هذا التجديد؟ تشعب الحديث بعد ذلك فتناول مقتل القيادي البارز في “حزب الله” عماد مغنية. والحزب نفسه وامينه العام حسن نصر الله والسيد محمد حسين فضل الله. فشرحت الفارق بين الاثنين. ثم انتقل الى اسرائيل قال “انها في مرحلة من المراحل وفي حال فشل الحوار بين واشنطن وطهران او عدم اكتماله أو عدم بدئه وفي حال ازدياد الخطر عليها أو شعورها هي به قد توجه ضربة عسكرية الى ايران”. واشار الى ان “الرد قد يكون على النفط السعودي وعلى الوجود الاميركي مباشرة في الخليج”. وتساءل: “ماذا يحصل في حال كهذه؟”. أجبت: ذلك ممكن. لكن ألا تعتقد ان رد ايران على اسرائيل هو اسهل من ردها على اميركا لأن ذلك يجنبها دخول مواجهة شاملة ونهائية مع اميركا وعربها اي العالم السني؟ فضلاً عن انها ليست في حاجة الى استعداء اميركا نهائياً. علماً ان قدرة اميركا على خوض حرب حاسمة مع ايران في ظل تطورات المنطقة وأوضاعها فيها (أي أميركا) وتحديداً منذ 2001 ليست جيدة. ردّ: “ماذا تفعل ايران اذاً؟ تسكت؟” أجبت: كلا. قد ترد لاحقاً بعمليات نوعية أو مباشرة بواسطة حلفاء لها من غير الدول في المنطقة مثل “حزب الله”. علّق: “في هذه الحال تدمّر اسرائيل لبنان”. رددت: تدمّره. لكنها لن تهزم “حزب الله”. علّق: “في أحوال كهذه وعندما تسد الابواب في وجه الاسرائيليين فإنهم ينكفئون ويتراجعون ويخططون ويحضّرون للانتقام. وينتقمون”.
وفي حديث مع مسؤول اميركي رفيع سابق آخر كان على صلة مباشرة بكل ما يتعلق بالمنطقة وعلى أعلى المستويات وباحث حالي سألني وبعد استماعه الى رأيي في اوضاع لبنان وفي عودة القوة الى 8 آذار والمحور الاقليمي الداعم له عن “اسباب فوز 14 آذار في الانتخابات النيابية الاخيرة اذا كان ما تقوله صحيحا؟”. أجبت لأن الاحتقان السني والتعبئة السنية بلغا الذروة ولأن الاحتقان عند مسيحيي 14 آذار بلغ الذروة وكذلك التعبئة. ولأن “الفلوس” لعبت دوراً مهماً عند كل اطراف الصراع في لبنان وفي مقدمهم 8 آذار و14 آذار. سأل: “ماذا كان يمكن ان نفعل نحن أي أميركا؟” اجبت: لا شيء. قبل 2004 كنتم مُلَزِّمين لبنان لسوريا. بدأتم مساعدته جدياً في أواخر 2004. قمتم بالكثير لأجله. بعد 2006 (حرب اسرائيل واخفاقها في مواجهة “حزب الله”) وبعد تراجعكم في المنطقة لم يعد في استطاعتكم القيام بأي شيء للبنان او تقديم مساعدة فعلية له وخصوصاً انكم لم تعودوا قادرين على خوض حرب جديدة قبل ان تنهوا حروبكم الدائرة. علّق: “ذلك مزعج. أعلن الرئيس أوباما سياسة الحوار (Engagement) ويريد ان ينجح في تطبيقها. واجتماعات جنيف بين مجموعة 5 + 1 مع ايران سارت على نحو جيد وكذلك الاجتماع الثنائي الاميركي – الايراني خلالها. الأمل الا تكون الـ”لا” الايرانية نهائية لكي يبقى هناك مجال للبحث. يريد اوباما ان يستمر الحوار سنة أو سنة ونصف سنة أو سنتين اذ ربما يؤدي الى تفاهم. واذا لم يحصل ذلك تكون على طاولة اميركا خيارات اخرى. لكن هذا الأمر أو “الأمل” تبدد. على الـ5+1 ان تبحث في العقوبات وخصوصاً اميركا وأوروبا. روسيا صارت اقرب الى الموقف الاميركي. هناك شكوك في موقف الصين. ربما تشارك السعودية والامارات العربية المتحدة في العقوبات. ما رأيك؟”.
بماذا أجبت؟
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى