حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي: تعقيب على رسالة الأمانة العامة لإعلان دمشق
حول ما نشر بعنوان”رسالة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي وهو مذيل باسم الأمانة العامة لإعلان دمشق نؤكد مايلي:
أولاً- بعد اللقاء الذي حصل في شهر حزيران 2009 بين وفد من المكتب السياسي للحزب وبين ممثلي الأمانة العامة للإعلان ومعهم نائب رئيس المجلس الوطني ، بهدف تفعيل الحوار بين الأطراف التي جمدت نشاطها بما فيها حزبنا وبين الأمانة العامة للوصول به إلى نتيجة ، مع انه بدأ في أواخر شهر كانون الأول 2007 ولم يحقق أية خطوة حتى شهر حزيران 2009 بحيث أثار استغراب حلفائنا في التجمع الوطني الديمقراطي وتقدموا باقتراحات لتفعيله باقتراح عقد جلسة حوار مباشر يتم فيها حسم الأمور بسرعة بسبب المأزق الواضح الذي وصلت إليه قوى المعارضة الوطنية ، وخلال جلسة الحوار عرضنا عليهم أفكاراً أولية خلاصتها أن الحوار في رأينا يدور حول أمور ثلاثة :
الأول – أن نعرف من الأمانة العامة من بقي من أعضائها بعد اعتقال البعض واستقالة البعض وانسحاب البعض وكيف تم تشكيل أمانة عامة في الخارج بشكل يخالف الهيكلية أو البنية التنظيمية التي أقرها المجلس الوطني ، وكيفية تعيين أعضائها وما هو مصدر تمويل قناة بردى الفضائية وما هو موقف الأمانة العامة من جماعة الإخوان المسلمين في ضوء انضمامها لجبهة الخلاص سابقاً بدون التشاور مع الإعلان وفي ضوء الإعلان عن تجميد نشاطها في المعارضة .
الثاني – حول مشروع إعلان مبادئ أو توافقات وطنية أو تفاهمات تؤكد على المبادئ الأساسية الواردة في وثائق الإعلان بما فيها البيان الختامي للمجلس الوطني وكذلك التطورات المستجدة خلال العامين الماضيين .
الثالث – حول تعديل الهيكلية التنظيمية لوضع قواعد لانتخاب أعضاء المجلس الوطني بحيث تكون الغالبية منتخبة من لجان الإعلان في المحافظات وفي الخارج وتحديد نسبة لمن يتم إضافتهم بطريقة التعيين وفق المعايير الواردة في الهيكلية وبالنسبة للأمانة العامة يكون تمثيل الأحزاب بالتوافق ، والمستقلين بالانتخاب حتى لا تقع إشكاليات بين الأحزاب والمستقلين تثير الخلاف واقترحنا أن يدور النقاش حول هاتين النقطتين بيننا وتشكيل لجنة لصياغة ما توصلنا إليه لمناقشته وإقراره في لقائنا المشترك ومن ثم تصدر الأمانة العامة مشروع بيان يوزع على أعضاء المجلس الوطني يتضمن التوصل إلى اتفاق مع الأطراف التي جمدت نفسها وتتم دعوة المجلس الوطني أو ما بقي منه بالطريقة الممكنة لمناقشة مشروع التوافقات والتعديلات المقترحة على الهيكلية أو البنية التنظيمية وإقرارها ونحن بدورنا نطرح ما توصلنا إليه بالحوار على لجنتنا المركزية لتأمين الموافقة على مشاركة ممثلي الحزب في اجتماع المجلس الوطني لمناقشة مشروع الوثيقة والتعديلات المقترحة ..
وطلبنا منهم أن يكون لقاؤنا المقبل لمتابعة الحوار بحضور ممثلي عن حزب العمل الشيوعي ، وطلبوا منا مشروع الوثيقة النظرية ، ومشروع هيكلية تنظيمية وكان جوابنا أننا سلمنا منذ أول عام 2008 مشروع إعلان مبادئ أو توافقات ومشروع تعديلات مقترحة على الهيكلية التنظيمية لم تجيبوا عليها حتى الآن وقد طلب منا في نهاية اللقاء تقديم مشروع هيكلية تنظيمية وأجابهم الأخ الأمين العام المساعد بأنه سيعد المشروع ثم نقوم بتسليمه إليكم وقد استلموا منه المشروع فعلاً.
بعد حوالي ثلاثة أشهر على تسليم مشروع التعديلات المقترحة على الهيكلية وردتنا رسالة موجهة من الأمانة العامة مؤلفة من نصف صفحة تتضمن اعتذاراً عن تأخرهم في الجواب على مشروع الهيكلية بحجة أن الأمر يتطلب عرض المشروع على الأحزاب والقوى المشاركة في الإعلان وعلى لجان الإعلان لإبداء الرأي قبل الإجابة .
ثانياً- غير أننا فوجئنا بوجود رسالة من عدة صفحات موزعة على أطراف في التجمع وعلى بعض الكوادر في فروع حزبنا مرفقة بمشروع هيكلية ويبدو أن الهدف من توزيعها بهذا الشكل دون أن تسلم إلينا هو التشويش والتشكيك بقيادة الحزب وإلقاء اللوم في تعطيل الحوار وعدم وصوله إلى نتيجة على المكتب السياسي خلافاً لما تم الاتفاق عليه بيننا في الجلسة التي انعقدت في شهر حزيران بعدم الإعلان عن الآراء والأفكار المتبادلة في جلسات الحوار وخارجها قبل الوصول إلى نتيجة نهائية وكذلك وقف المقالات والانتقادات المتبادلة ، وقد التزمنا من جانبنا غير أن تسريب مشروع الرسالة على هذا النحو لا يعبر عن أي التزام بالمقابل ، وناهيك عما ورد في الرسالة من افتراءات ومحاولات تشكيك بالحزب ومصداقيته ودوره في العمل الوطني ، كما سيأتي بيانه في مناقشة مضمونها
خلاصة مضمون الرسالة :
-أن المعارضة العربية والكردية والآشورية التقت للمرة الأولى في ائتلاف إعلان دمشق ، وإن ما أنجز حتى الآن حول تعزيز الرؤية المشتركة ونضوجها من خلال الحوار والفعل – رغم الضغوط الأمنية – يدعو للتفاؤل ويمكن البناء عليه ..
-إن أحزاب المعارضة وضعت نفسها في مواجهة بقية المجتمع معتبرة أتباعها “الفرقة الناجية ” –الأمر الذي أمد بعمر الاستبداد.
-إن هذه الأحزاب لا تختلف عن النظام إلا في البعد الأخلاقي المشروعية الثورية أو الانقلابية ، التشابه في الأهداف ، النظرة السلبية إلى المجتمع وقسمته إلى موالين وطنيين ومعارضين مشكوك بوطنيتهم ووجوب حصارهم وإقصائهم ، وبالتالي إن مشروع التغيير الوطني الديمقراطي هو مشروع مستقلين فلماذا يتم التوجه إلى تلك الأحزاب ؟ وألم يكن الإعلان أصلاً بدعوة من تلك الأحزاب ..؟
ومن واجبنا أن نذكر أنها ليست الرسالة الأولى التي تتضمن محاولات تشكيك في قيادة الحزب } وإنما هي الرسالة الثانية فالرسالة الأولى تضمنت وعظاً لقيادة بالحزب بأن توحد مواقفها لأن الأمانة العامة استلمت رسالة من الأخ الأمين العام المساعد للحزب وكانت قد استلمت من قبل رسالة من الأخ الأمين العام وأن هناك تناقضاً بين الرســـالتين في حين أن الأخ الأمين العام كان قد سلم مشروع إعلان المبادئ الذي وضعه المكتب السياسي بتكليف من اللجنة المركزية للحوار حوله مع قيادة الإعلان والأخ الأمين العام المساعد سلم أحد أعضاء الأمانة العامة ورقة مقترحات حول تعديل البنية التنظيمية بعد أن بدلوا مندوب الأمانة العامة لترتيب عملية الحوار ، لأن المكتب السياسي كان قد قرر تشكيل لجنتين واحدة في دمشق برئاسة الأمين العام والثانية في حلب برئاسة الأمين العام المساعد لتسهيل الحوار ، على أن تعرض نتيجة الحوار على المكتب السياسي بكامل أعضائه لمناقشته وعرضه على اللجنة المركزية {.. وقد قرر المكتب السياسي بعد ذلك أن يتم الحوار مع لجنة واحدة برئاسة الأمين العام لقطع الطريق على التأويل وتفسير التكامل على أنه تناقض أو اختلاف ..
إن مناقشة هادئة لما ورد في الرسالة من شأنها أن تؤكد خطأ ما ورد فيها :
1-أن قوى وفعاليات المعارضة بكل أطيافها سبق أن التقت في لجنة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي التي أسسها التجمع الوطني الديمقراطي في أواخر عام 2004 وهي تضم ممثلين عن التجمع الوطني الديمقراطي ولجان إحياء المجتمع المدني ، وحزب العمل الشيوعي، والتحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الديمقراطية الكردية والمنظمة الآشورية ، ومنتدى جمال الأتاسي ، وجمعية حقوق الإنسان في سورية ولجان الدفاع عن الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان ، وأصدرت العديد من البيانات في المناسبات الهامة ونظمت العديد من الاعتصامات والمظاهرات كان آخرها مظاهرة شارك فيها حوالي 7000 شخص من تيار المعارضة الوطنية وبعد إعلان تأسيس إعلان دمشق في 16 / 10 / 2005 انضوت التحالفات والأحزاب والفعاليات الموجودة في لجنة التنسيق مرة ثانية في إعلان دمشق ومارست لجنة التنسيق تنظيم الاعتصامات الأولى في مدينة دمشق .
2-إن ما حصل حول الخلاف على الرؤية المشتركة بين الأطراف في الإعلان بسبب معارضة البعض ألغى محاولات الاتفاق عبر الحوار على رؤية مشتركة لا تمثل وجهة نظر حزب أو تحالف أو تيار بعينه على حساب الأطراف الأخرى ، وكانت الحصيلة انفراد بعض ممثلي تيار بعينه بتوجيه مواقف الإعلان وسياساته بأسلوب لا ينسجم مع النهج الديمقراطي واحترام التعددية السياسية والحزبية واحترام الرأي الآخر حتى لو كان في قلب تيار المعارضة الوطنية أن لم يكن في طليعتها وكانت الحصيلة خروج قوى أساسية قومية ويسارية ، وتيار إسلامي مستقل ، وشخصيات وطنية هامة وفاعلة ، ثم بالإضافة إلى ذلك ماجرى من اعتقال كوادر قيادية هامة ، وعناصر فاعلة في الإعلان ، وقد تحول ائتلاف الإعلان إلى هيكل يشرف على الانهيار فيما لو انسحبت الأطراف والعناصر التي جمدت نشاطها ، بعد أن أدت الخلافات التي سببتها الفعلية الانفرادية والممارسات اللاديمقراطية إلى إضعاف نشاط تيار المعارضة وفعاليته .
3- لم تضع أحزاب المعارضة نفسها في مواجهة المجتمع بل تفاعلت معه ومع حركة النقابات المهنية والفعاليات الشعبية منذ تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي في مواجهة قمع السلطة السياسية الحاكمة ونهجها الشمولي الذي أفرز ظواهر الاستئثار والفساد والاستبداد ، وفي مواجهة العنف الذي مارسته مجموعات متطرفة من جماعة الإخوان المسلمين ، والدور الذي قام به التجمع الوطني الديمقراطي على امتداد العقدين الماضيين بالتنسيق والتفاعل مع المثقفين المستقلين الذين انضوى معظمهم في لجان إحياء المجتمع المدني ، هو الذي كان وراء الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي وظاهرة المنتديات وفي مقدمها منتدى الأتاسي ومنظمات حقوق الإنسان وفي ذلك تفاعل مع المجتمع وليس في مواجهته ، ورفضاً لعقلية ” الفرقة الناجية التي تقمصها البعض من الليبراليين الجدد الذين تأثروا بسياسة المحافظين الجدد مع أنهم لا يمتون إلى التيار الليبرالي الحقيقي بصلة على الصعيد الاجتماعي والطبقي ، لأن التيار الليبرالي الحقيقي أحد التيارات الوطنية والقومية الأساسية ، ومن المنطقي القول أن سياسات الليبراليين أو المحافظين الجدد في الخارج والداخل ، هي التي تطيل أمد الاستبداد غير أنها فشلت في الخارج سياسياً واستراتيجياً وعصفت بها الأزمة المالية وحلت محلها بوادر التغيير في الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها غير أن آثارها الكارثية في المنطقة والعالم ما زالت إرثا ًثقيلاً.
4- اما القول بأن أحزاب المعارضة لا تختلف عن النظام إلا في البعد الأخلاقي والمشروعية الثورية أو الانقلابية ، التشابه في الأهداف ، النظرة السلبية إلى المجتمع ، وتقسيمه إلى موالين وطنيين ومعارضين مشكوك في وطنيتهم ووجوب حصارهم وإقصائهم فأن ذلك ينطبق بالفعل على النظام السياسي الحاكم وعقليته وأساليب عمله ، غير انه لا ينطبق أبدا على أحزاب نابعة من المجتمع وتحمل همومه ومعاناته وبؤسه وتناضل من اجل تحقيق أهدافه ، وكانت أول من طرح الحرية أولا والحرية وسيلة وغاية ، والتعددية السياسية والوحدة الوطنية والتغيير الديمقراطي وأقامت جبهة في عام 1968 واعتقلت قياداتها وخرجت من جبهة النظام في بداية عام 1973 بعد حوالي سنة من تشكيلها بعد فراغ الجبهة من مضمونها وإلغاء دورها وساهمت في تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي وتحويله إلى قطب أساسي فاعل في العمل الوطني وتعترف الرسالة المشروع بأن الأحزاب كانت وراء تأسيس إعلان دمشق ودور المستقلين فيه, غير أن العقلية التي كانت وراء الإيقاع بين المستقلين من لون معين وبين أحزاب في التجمع هي التي تماثل النظام في ذهنيته وأساليب عمله ، وتمارس التشكيك ومحاولات إقصاء الآخرين وتهميشهم ، كما حصل بالفعل مما دفعنا إلى محاولة إعادة تأسيس التحالف بطريقة الحوار نظريا وتنظيما على قواعد سليمة توحد ولا تفرق تجمع ولا تبدد وتعيد للمعارضة ألقها ودورها الفاعل في استنهاض قوى المجتمع وفعالياته لمحاصرة الاستبداد والفساد ومشاريع الهيمنة والتسلط ، أما عن تشابه الأهداف فنحن كحزب نلتزم بالأهداف التي بلورها النضال العربي على امتداد القرن العشرين والتي أكدتها مبادئ ثورة 23 تموز- يوليو الناصرية في وثائقها (في الحرية (حرية الوطن والمواطن) ، والاشتراكية ، والوحدة العربية) وخلافنا مع نظام البعث يتعلق بالممارسة العملية لتطبيق هذه الأهداف ، إذ أن حصيلة الممارسات والوسائل تتناقض مع تحقيق هذه الأهداف على امتداد العقود الماضية ، كما أننا نحترم حرية الرأي وحق الاختلاف لدى أي طرف معارض إذا تخلى عن هدف الوحدة أو الاتحاد أو تخلى عن هدف الاشتراكية ، و نطالبه باحترام خياراتنا وقناعاتنا في أي تحالف وطني.
ثانياً – أن ما ورد في الفقرة ثانياً من الرسالة بأن (هذا الرد أولي وإنكم على قناعة بأن الموضوع يحتاج إلى حوار أعمق واكثر دقة ومسؤولية).
ونحن بدورنا نؤكد بأن المسؤولية الوطنية التي نعي أبعادها تتطلب حواراً جدياً متواصلا بين القوى الوطنية الحاملة لهموم المجتمع وقضاياه ، ولكن هل يمكن اعتبار رسالتهم هذه وبالطريقة التي وزعت بها حواراُ وفق وصفهم ؟
وهل يحتاج النقاش حول وثيقة مشروع إعلان مبادئ أو توافقات وطنية ثم مشروع تعديلات مقترحة على الهيكلية التنظيمية ولم تتم الإجابة على المشروعين بكلمة واحدة خلال عام ونصف! ، وكذلك استلموا مشروع تعديلات على الهيكلية التنظيمية بناء على طلب في أواسط شهر حزيران الماضي ومع ذلك لم يجيبوا إلا بأسطر اعتذار وطلب الانتظار ثم يوزع مشروع الرسالة.
أن هذه الطريقة ليست حوارا إلا إذا سمي (حوار الطرشان) إننا كحزب وان كنا أول من طرح فكرة (الحوار الوطني) غير أننا في ذات الوقت (لا نستجدي الحوار) لأنه لابد أن يكون نابعاً من إرادة ورغبة أطراف وطنية في إدارته، فإذا أضفنا إلى ذلك ممارسات سابقة قبل انعقاد المجلس الوطني من تعطيل إصدار بيانات تمت صياغتها بعد مناقشتها وإقرارها ، وكذلك حملات التشكيك والتشهير التي تركزت حول بعض الأحزاب وقياداتها في الإعلان والتكتل ضدها والاحتفال بالتعبير عن الفرحة بعدم نجاح ممثليها.
أن التحالفات الوطنية تبنى على الحوار الوطني النابع من إرادة مشتركة وعلى عوامل الثقة والتفاعل بين الأطراف المتحاورة ولايمكن بناؤها على التشكيك والتشهير ومحاولات التهميش والإقصاء ، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإن أي عمل وطني معارض لايمكن أن يكون قويا وفاعلا مالم يستند إلى أحزاب وطنية مناضلة وفعاليات ثقافية واجتماعية وشخصيات وطنية مستقلة تتفاعل مع القوى السياسية والفعاليات ولابد من مراجعة وتقييم عملنا الوطني وتلافي نقاط الضعف فيه وتعزيز نقاط القوة ليستعيد دوره ويتابع مسيرته في مواجهة التحديات .
دمشق أواسط شهر كانون الاول 2009
المكتب السياسي