صفحات سورية

لنتابع المسير بآلية جديدة متجددة

null
جهاد مسوتي
“دعونا نفتح الطريق ونوسع الآفاق” عنوان جيد بمدلوله ، يكسر حالة الركود ، يبث الروح بين الذين أصيبوا بالإحباط، ويذكرنا بحقيقة أن الحياة حركة لولبية مستمرة إلى الأمام والسكون وهم زائل.
لننحني للعاصفة ونتقي شرها
غريزة البقاء تدفع الإنسان للدفاع عن وجوده بمختلف الوسائل بالتكيف مع البيئة المحيطة والواقع الجديد مع المحافظة على إرادته في تحسين الظروف والارتقاء.
إعلان دمشق في سنته الرابعة
جاء الإعلان ثمرة نضالات متراكمة لكثير من التكوينات والتجمعات السياسية والفكرية السورية، وفي ظروف دولية وإقليمية وداخلية ساخنة حملت التهديد الحقيقي للمجتمع السوري بكل ما للكلمة من معنى.
فكان الإعلان رؤية لمواجهة التهديدات التي تواجهها سورية تحملها قوى معارضة للنظام الشمولي الرابض منذ أربعة عقود ونيف وذلك برفض الاستبداد بكل تجلياته والسير بطريق التغيير الديمقراطي السلمي القائم على أساس المواطنة والمساواة حرصاً على وحدة المجتمع بكل مكوناته دون استثناء لحماية استقلال الوطن وسيادته وتحرير الجولان المحتل.
و المفاجأة في حينها !.. كانت بهذا التأييد الواسع لوثيقة إعلان دمشق من أطياف المعارضة في الداخل والخارج المغترب قسراً أو طوعاً بما عبرت عن تطلعات مشتركة بين مختلف هذه القوى والشخصيات الوطنية.
في ذات الوقت، كانت الطبقة السياسية الحاكمة لها رؤية مختلفة للظروف المشار إليها والتي تهدد النظام السوري كطبيعة وآلية. فكان ردها واضحاً بهجمة إعلامية على الإعلان ومؤيديه واعتقال لرموزه وبث الفرقة فيما بين صفوفه على أساس أن النظام السوري جزء هام من قوى الممانعة في المنطقة للمشروع الصهيوني الامبريالي الذي تقوده إدارة بوش والمحافظين الجدد وأن أي معارضة للنظام السوري تصب في خانة الأعداء.
وبهذه الرؤية شدد النظام السوري من قبضته الأمنية في الداخل السوري ووسع دائرة تحالفاته في الخارج مع النظام الإيراني كحليف استراتيجي وغيره من الأنظمة المعادية للإمبريالية والشمولية في العالم وقام بدعم المقاومة العراقية ومساندة حزب الله في لبنان وحماس في غزة وواجه مجموعة الاعتدال العربي في جامعة الدول العربية ووصفها بالمتخاذلة أثناء عدوان 2006 على جنوب لبنان والعدوان 2008على غزة وبعدها.
وبهذه السياسة نجح النظام السوري في تعبئة الرأي العام الشعبي داخل سورية وخارجها في مواجهة سياسة المحافظين الجدد الموجهة إلى الشرق الأوسط وشكل صعوبات حقيقية أمامها في العراق ولبنان وفلسطين بما كانت تشكل تهديداً حقيقياً للأنظمة الشمولية غير المؤيدة للغرب. ونجح أيضاً في تشويه صورة الديمقراطية والديمقراطيين العرب بواسطة المنابر الإعلامية الفضائية وغيرها بوصفهم عملاء للغرب وأمريكا كما هيج الشعور القومي والإسلامي في مواجهة خصومه الديمقراطيين.
وفي غمار هذه السياسة للنظام السوري، كان من جهة أخرى وباستمرار يؤكد على التزامه السلام العادل كخيار استراتيجي، الأرض مقابل السلام، لإقناع الغرب بأهميته كنظام علماني محب للسلام. وقد نجح بذلك في تحييد الإسرائيليين بمواجهته عسكرياً رغم موقفه المنحاز والعلني لحزب الله وحماس وإيران. كذلك أقنع الأوروبيين وعلى الأخص فرنسا ساركوزي وبريطانيا في فتح الحوار معه كما الأمريكيين من أعضاء الكونغرس والأمور تسير نحو التحسن طالما أن هناك استجابة متدرجة في الشأن اللبناني والعراقي وهلم جر!.. والآن يجري اقتراح تعيين سفير أمريكي جديد قريباً. وطالما هناك إقرار غربي بأهمية دور النظام السوري في أمن واستقرار المنطقة فإن النظام في سوريا يتقدم خطوة لانتزاع هذا الدور. والسبب في ذلك، يرجع لتعسر الإدارة الأمريكية السابقة في أوحال المنطقة مما هدد مصالحها. وجعل الإدارة الأمريكية الجديدة لأوباما تقر بمدى الإساءة التي ألحقتها إدارة بوش للديمقراطية في الشرق الأوسط، مما دفعها للتعامل مع الأمر الواقع للنظام العربي على قاعدة الحوار في حل الأزمات وإتباع السياسة الخارجية الناعمة بعيداً عن التصعيد العسكري ما أمكن من أجل ضمان الأمن والاستقرار ودفع عملية السلام إلى الأمام بين العرب والإسرائيليين، ولكن هيهات في ظل التشدد الإسرائيلي والنووي الإيراني والنزاعات الأهلية.
لقد كانت حملة الإدارة الأمريكية السابقة على العراق وأفغانستان وبالاً على الحركة الديمقراطية في سورية وخارجها. ومر إئتلاف إعلان دمشق بظروف صعبة ولكن لها ما يبررها. فرغم الاعتقالات والحملة الإعلامية المضللة وتجميد قوى فاعلة في الإعلان لنشاطها مؤقتاً كالاتحاد الاشتراكي وحزب العمل الشيوعي، نجح الإعلان في عقد مجلسه الوطني وانتخاب الأمانة العامة وإقرار وثائق المجلس بعد مناقشتها وكل ذلك في مناخ حر وديمقراطي. وأهم ما كان في المجلس هذا التنوع للمكونات الاجتماعية السورية الممثلة فيه قومية عربية وكردية وآثورية واشتراكية وإسلامية ديمقراطية وليبرالية أحزاباً وتجمعات ومستقلين.
وقد واجه الإعلان صعوبات في الداخل نتيجة حملة الاعتقالات وموجة الترهيب لنشطاء إعلان دمشق ونشطاء حقوق الإنسان ونشطاء الأكراد والإسلاميين، وصعوبات بالمناخ العام الشعبوي القومي والإسلامي وبعض اليسار في تغليب المعارك الاعلامية بمواجهة إسرائيل وأمريكا والغرب عززت ظاهرة الإسلام فوبيا في أوروبا مما خلق معارك هامشية ضد ظاهرة العداء للمسلمين، جعل النضال من أجل التغيير الديمقراطي يواجه بروداً ملحوظاً أمام هياج الغرائز الدينية والطائفية.
مع ذلك، نجح إعلان دمشق في تشكيل الأمانة العامة في المغترب وانعقدت الهيئات العامة للمغتربين السوريين في عواصم أوروبية وأمريكية عدة انتخبت خلالها لجان إعلان دمشق تحضيراً لعقد مجلس وطني في الخارج للمغتربين السوريين. وظهرت قناة بردى الفضائية يمولها سوريون تهتم بالشأن العام السوري وذات منبر حر لكل السوريين.
مازال أنصار إعلان دمشق ومؤيدوه يدافعون عن مبادئ الإعلان، ويرفضون العنف والإرهاب والكراهية وسياسة التمييز ويعملون بدأب من أجل التغيير الديمقراطي السلمي على قاعدة المواطنة والمساواة والعدالة بين أبناء الشعب السوري لبناء الدولة المدنية الحديثة وإفساح في المجال من أجل تنمية مستدامة على مختلف الصعد.
ما العمل ؟
المطلوب الآن، في ظل هذه القراءة السريعة وبرغم الأزمة الاقتصادية العالمية والمحلية، والتي تنعكس سلباً على الحياة المعاشية اليومية والتي لاتعيرها الطبقة السياسية الحاكمة بأي اهتمام جدي رغم معاناة المواطن السوري والتي هي بتدهور مستمر، الاهتمام بالأحوال الاجتماعية والمعاشية والتعليمية والصحية ومواجهة ظاهرة الفساد المستشرية في ظل هذه الأوضاع.
ومن الناحية السياسية، المطلوب مراجعة جدية لآلية المعارضة وسياسة القطيعة مع النظام درءاً لتفاقم الأزمة والوصول بالمجتمع السوري إلى طريق اللا عودة والانفجار الاقتصادي والاجتماعي ومن ثم السياسي.
الإقرار بأن الحامل الاجتماعي للنظام مكون أساسي من المجتمع السوري، وأن نظرته للمعارضة مشوهة فهي لا تكن له الكراهية والإقصاء وإنما تسعى للمشاركة الوطنية والتعاون. لذلك لابد من قلب الصفحة، وبدافع الوطنية والسلام الاجتماعي والمشاركة في مواجهة الأزمات المحتملة وإيجاد الحلول المناسبة. لابد من إقرار المعارضة من مبدأ حسن النية بنجاح القيادة السورية في السنوات الصعبة الماضية بمواجهة التهديدات الخارجية ولو على حساب الحريات وحقوق الإنسان مقابل الأمن والاستقرار، وهذه قناعة قطاع مهم في الشارع السوري. أما الخطوة الثانية فهي الدعوة إلى طاولة مستديرة للحوار الوطني لاستنباط طريق متدرج وسلمي للتغيير الوطني الديمقراطي، دون ضغط أو تشدد مستنداً على مبدأ المصلحة الوطنية العليا. أما الخطوة الثالثة والأخيرة يظل إعلان دمشق ومهما كانت الظروف، الحامل لأفكار المستقبل المشرق لشعبنا القائم على أساس المواطنة والمساواة والحرية في دولة مدنية حديثة . والإطار الحر المناسب للوطنيين الأحرار من كل مكونات الشعب السوري بعيداً عن العصبية والتطرف والعنف متمسكين بوحدة سورية أرضاً وشعبا.

موقع اعلان دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى