المعارضة السورية و إنتاج أطر سياسية جديدة
أفرز الحراك السياسي والاجتماعي للمعارضة السورية في السنوات الأربع المنصرمة تجارب سياسية واجتماعية عديدة، استفادت من الإرث والتجربة السورية الوطنية، وطورت رؤيتها بإبداعها لأشكال تضامنية و ائتلافية تمكنت من صهر التجارب المتقدمة، و الاستعانة بخبراتها لبناء هياكل سياسية واجتماعية متطورة تبدو أكثر قدرة على إقرار مشروع وطني اجتماعي سياسي للتغيير، يسير بخطى مدروسة تعتمد مبادئ النضال السلمي ومتلازمتي الاستمرار و التراكم.
لقد بات واضحا لأطياف متنوعة ومختلفة الانتماءات الفكرية والقومية في المعارضة السورية، أن لا سبيل لنيل الحقوق السياسية والثقافية دون تضافر الجهود وتضامن التكتلات الحزبية وأشباهها مع عناصر اجتماعية مختلفة تشكل الهيئات المدنية وشريحة المستقلين ركيزة أساسية وضرورية فيها، وذلك في حقيقة الأمر أقرب الصور والانعكاسات عن السوريين كما عرفهم تاريخهم الحديث و المعاصر.
فمن المعروف أن حركات التغيير انطلقت تاريخيا من أفكار ريادية حملتها مجموعات بشرية تآلفت على الوثوق بها وتعاهدت على العمل من أجل تحقيقها وانتصارها، وكلما كانت تلك المجموعات وما حملته من أفكار وقيم ومبادئ أقرب إلى الناس وهمومهم وطموحاتهم وآمالهم كانت فرصتهم بالنجاح أكبر، وقدرتهم على الوصول إلى أهدافهم أكثر واقعية ومصداقية. ومن ذلك برزت بقوة قيمة الحامل الاجتماعي ـ بعيدا عن محتواها الطبقي ـ كضرورة واقعية تؤهل الحراك السياسي والمطلبي ليكون قوة ضاغطة في مواجهة الاستبداد تدفع نحو الإصلاح والتغيير.
إن تكرار التجارب الاجتماعية والسياسية على نفس الوتيرة وبنفس الشروط لن يأتي بجديد، بل ربما كانت النتائج كارثية وتعود على الحركة الوطنية بالنتائج السلبية، وتستنزف طاقاتها وجهودها وترجعها أزمانا إلى الوراء . من هنا، كانت أهمية التجارب السياسية المتطورة التي تطرح على الساحة السورية المعارضة تحدي قدرتها على ابتكار أشكال ونماذج سياسية ائتلافية متقدمة للتعاون مع الأطياف السياسية والتنوعات الغنية للمستقلين القادرين على رفد النشاط السياسي بالحيوية والعمل والأفكار.
إن صوابية أو خطأ تجربة ما، لا تتأكد إلا من خلال التطبيق العملي و النتائج التي تحققها ، ولا يمكن معرفة أهمية ما يترتب على حراك معين إلا بعد مرور فترة زمنية تتيح الفرصة لنضوج التجربة ونموها، وهذا ما نرجوه ونأمله من التحرك السياسي الأخير للأحزاب الكردية الوطنية السورية العاملة يدا بيد في مواجهة الظلم والاستبداد و التسلط، والساعية لبناء ائتلاف سياسي كردي سوري نموذجي يؤمن المشاركة الفعالة المتضامنة للغالبية العظمى لعناصر الحركة السياسية الكردية السورية.
لقد جاء الإعلان عن تأسيس المجلس السياسي لمجموعة من الأحزاب الكردية السورية المعارضة في اليوم الأخير من العام المنصرم خطوة، اجتهدت فيها تلك الأحزاب من أجل الوصول إلى توحيد الرؤية وتنسيق المواقف في سعي لتكامل الجهود العاملة على بناء بيئة سياسية توافقية تخدم القضية الكردية السورية، من أجل تخفيف معاناة أبناء سوريا، والأكراد منهم خاصة وتمكينهم من استرداد حقوقهم والعمل المشترك مع كافة مكونات الشعب السوري لتحقيق التغيير الوطني الديمقراطي المنشود.
16-1-2010
موقع اعلان دمشق