همسة عتاب للأستاذ غسان المفلح…توضيح حول اللغة الشعاراتية
جان كورد
أنا أحد المعجبين بكتابات الأستاذ غسان المفلح وإخوة وأخوات آخرين في المعارضة الديموقراطية السورية، وخاصة أولئك الذين / اللواتي نرى نتاجاتهم ونتاجاتهن تتصدر المواقع الانترنتية الكردية، ومنهم الأساتذة (غسان المفلح، أديب طالب، الدكتور نصر حسن، الدكتور فاضل الخطيب، الأستاذ علي حاج حسين والاستاذ جورج كتن غيرهم)، فأقرأها بشغف واهتمام لأن هؤلاء السوريين لا يهملون الجانب الكردي من الموضوع الديموقراطي السوري، وينبع هذا من اعتبارهم أنفسهم حملة المسؤولية الوطنية، ومن نظرتهم لأنفسهم كناشطين ديموقراطيين حقيقيين… ولا يسعنا هنا إلا شكرهم والثناء عليهم، رغم أنني أختلف مع بعضهم حول بعض المسائل والاهتمامات دون غيرها…
قرأت في مقال أخير للأستاذ غسان المفلح مؤخرا، وجدته منشوراً في موقع “كميا كوردا” هذه الفقرة التي استرعت انتباهي:
((الابتعاد عن اللغة الشعاراتية وحده يدفع النقاش قدما إلى الأمام، قضية شعب وأرض، وماذا بعد سياسيا وقانونيا، لهذا جاءني ردا غير مباشر من الصديق جان كورد، واضعا دستورا لحكم ذاتي لكوردستان سورية، لاعلاقة له بالدولة ذات السيادة الواحدة، ولا علاقة له بموافقة السكان غير الكورد المقيمين كشعب على أرضهم التاريخية، سواء كانوا عربا أم آشوريين؟ هكذا نحن نريد وهذا مشروعنا، إما أن توافقوا عليه، أو أنتم شوفينيون! ووجهة نظر جان كورد، تمثل برأيي غالبية الحقل النشاطي الكوردي من سياسيين وحقوقيين.))
من باب التوضيح فقط أهمس في أذن أستاذنا المناضل الذي لانشك في صدق نواياه للمساهمة في حوار ديموقراطي عالي الهمة والمستوى حول سائر المسائل الوطنية ومن ضمنها القضية الكردية، فأقول:
أولا- كتبت ثلاث مقالات متتالية حول مشروع الحكم الذاتي الكردي في سوريا ك”مقدمة مشروع” حسب رأيي، ولكنني ذكرت في البداية بأن هذا ليس إلآ مقالاً شخصياً وليس مشروعاً. إذاً كان يجدر بالأستاذ غسان المفلح عدم اتهامي ب”وضع دستور لحكم ذاتي لكوردستان سورية”، ثم إنني لا أكتب اسم البلاد في صيغة “سورية” فهذا تعريب لبلاد اسمها “سوريا” منذ أقدم العصور وفي كل خرائط العالم… وتم تعريب اسم البلاد بعد مجيء البعث إلى السلطة غاصباً وقاهراً ومعرّباً كل شيء.
ثانياً: سبب كتابتي لهذا المقال الطويل لم يكن رداً على أحد وانما شرحاً متواضعاً (شبه علمي) لهذه المشكلة لأبناء وبنات شعبنا الكردي الذين انتظروا هكذا “شرحأً أوتفسيراً” لفكرة “الحكم الذاتي الكردي” المطروحة من 3 أحزاب كردية سورية، وليس من قبل (جان كرد) كشخص، وهي بارتي ديموقراطي كوردستاني – سوريا، حركة الوفاق الكردي في سوريا، حزب يكيتي الكردي / الكردستاني في سوريا… وهناك أحزاب كردية أخرى تحك أصداغها وتفكّر ملياً في موضوع تبنّي هذه الفكرة في المستقبل القريب…
ثالثاً: يبدو أن الأستاذ غسان المفلح لم يقرأ المقال الثالث لي حول الموضوع، ولذا يكتب بأنني وضعت دستوراً لحكم ذاتي لكوردستان سوريا ((لاعلاقة له بالدولة ذات السيادة الواحدة))، حيث المقال الثالث يشرح بالتفصيل موضوع (السيادة في الاقليم ذي الحكم الذاتي) و(السيادة في الدولة الوطنية المركزية)…ولا أزيد على ذلك شيئاً، بل بامكانه العودة إلى ذلك المقال ليرى ويتأكّد بذاته من موضوع (السيادة الوطنية) وعلاقتها ب”الحكم الذاتي”…
رابعاً: إن ربط الأستاذ غسان المفلح فكرة “الحكم الذاتي” بموضوع رأي وموافقة السكان غير الكورد في البلاد، كما ورد في مقاله بأن الحكم الذاتي الذي وضعه دستوره جان كورد (!) ((لاعلاقة له بموافقة السكان غير الكورد…!!!))، متعارض تماماً مع فكرة (حق تقرير المصير) المعترف بها دولياً، وبخاصة للشعوب المطالبة ب”الحكم الذاتي”، فهل يقبل الشعب الفلسطيني أن يتدّخل الشعب الاسرائيلي في قراره حول اقامة دولته المستقلّة على أرض وطنه، ومن قبل في قراره بصدد الحكم الذاتي؟ فهل سمع عن قبول كهذا في موضوعات ايرلندا الشمالية أو اقليم الباسك في اسبانيا أو كيوبيك في كندا؟… وآمل أن يعود إلى تلك الاتفاقيات المتعلّقة بكيفية قبول واقرار الحكم الذاتي والشروح المتعلقة بها دولياً من قبل خبراء عرب وعجم، حتى يتأكّد بأن الشعب المطالب بالحكم الذاتي ضمن حدود الدولة الوطنية المركزية أو اللامركزية هو وحده الذي يقرر ولا يخضع ذلك لرأي وموافقة الأغلبية غير أفراده ومواطنيه…وأعتقد بأن أساتذة كبار وخبراء في هذا المجال القانوني الدولي مثل الدكتور منذر الفضل والدكتور محمد الهماوندي سيخالفان أستاذنا الكريم في أصل المشكلة وشروحها…ولماذا يجب أن تشكّل سوريا دائماً استثناءا في التفسيرات القانونية الدولية، سواء لدى النظام ذاته أو لدى المعارضة؟
خامساً: هناك خلط متتابع في مقالات أستاذنا الكريم بصدد صلاحيات رئيس الجمهورية العراقية (هذه الدورة كردي) وصلاحيات رئيس اقليم كوردستان العراق…وأفضل حلّ هو أن نزور الاقليم معاً ليتعرّف على التجربة الديموقراطية والفيدرالية في البلد المجاور لسوريا ويرى بأمّ عينيه أن ما يطبّق هناك لايخالف الدستور العراقي في شيء، ولكن ستبقى هناك دائماً تفسيرات مختلفة لمواد معيّنة، وهذا نجده في الدولة الاتحادية الألمانية والهند والولايات المتحدة أيضاً، وهي دول ديموقراطية عريقة… وحقيقة لو لم يكن هناك فيدرالية خاصة بالكورد في العراق لتمكّن الأخ المناضل مسعود البارزاني الذي تعلّم في بغداد وأحب بغداد وكافح من أجل عراق ديموقراطي طوال سنين شبابه وحتى الآن، من الحصول على مركز سياسي أعلى وأهمّ بكثير من موقعه الحالي في العراق، وبخاصة فإن وضعه يشكّل اليوم نقطة تلاقٍ واتفاق وتآخ بين مختلف فئات واتجاهات الشعب العراقي، حتى البعثيون والإسلاميون والشيوعيون الذين كانوا يحاربونه بالسلاح يسعود للتودد والتقرّب إليه لما يجدون فيه من صدر واسع لكل العراقيين دون استثناء…
سادساً: ليس هناك كردي سوري وطني واحد لا يريد حلاً ديموقراطياً عادلاً لقضيته القومية في البلاد، وعدم قيام المعارضة السورية (الوطنية والديموقراطية) بأي خطوة عملية (مشروع محدد المعالم) يتجاوز عطاءت (حق المواطنة!) التي هي تقزيم سخيف حقاً لقضية شعب لايقل عن الشعب الفلسطيني من حيث الحجم السكاني ومن حيث الجغرافيا التي يتوزّع عليها، فإن “التطرّف!”سيأخذ مجاله أيضاً في الوعي السياسي – الثقافي الكردي (السوري)…ولقد رأينا كيف أن آلافاً من الكرد السوريين، فتيانا وفتيات، من أبناء وبنات العمال والفلاحين، ومن طلبة الجامعات خاصة، قد التحقوا بالكفاح المسلّح في سبيل “تحرير واستقلال كوردستان!” في ظل حزب العمال الكردستاني منذ عام 1984 بشكل خاص، حيث كان هؤلاء يتصورون فعلاً بأن تحرير شمال كوردستان سيفتح لهم الباب لتحرير الجزء السوري من وطنهم أيضاً…وإذا ما قرأنا ما كتبه الشوفينيون العرب منذ أن وضع محمد طلب هلال في بداية ستينات القرن الماضي (أصبح وزيرا للتموين في عهد البعث الأوّل) تقريره الإجرامي الإرهابي حول محافظة الجزيرة والحسكة (*)، مروراً بالنائب البرلماني السوري منذر الموصللي حول الكرد في سوريا، إلى يومنا هذا حيث يتسكّع بعض العنصريين في شوارع دمشق حاملين مظلات المعارضة وليس لديهم شيء يحاربونه سوى الكردي، فإننا نشعر بالخوف الذي يعتري أجساد اليهود عندما يسمعون دعوات الرئيس الايراني محمود أحمدى نجاد…
(*) مرفقاً نسخة من قراءتنا لتقرير محمد طلب هلال كهدية مني للمثقفين العرب الديموقراطيين
الحوار المتمدن