خطة رئاسية لــِ 2008
من بيان يائس في 1970
جهاد الزين
مع انه بيان خروج من الحياة السياسية وليس فقط بيان عزوف عن الترشيح عام 1970 صدر عن الرئيس السابق فؤاد شهاب، فإن هذا النص يمكن ان يشكل حافزا حيويا لدى رئيس الجمهورية الجديد ميشال سليمان… ليبني خطته في التأثير السياسي في زمن لم تعد لرئيس الجمهورية فيه الصلاحيات نفسها التي كانت له عام 1970…
فاذا كانت “المؤسسات السياسية اللبنانية والاصول التقليدية المتبعة في العمل السياسي لم تعد… تشكل اداة صالحة للنهوض بلبنان” “واذا كان نظامنا الاقتصادي… يسهّل سوء تطبيقه قيام الاحتكارات” كما يقول البيان عام 1970… كيف هو الوضع اليوم الأكثر ترهلاً بنيوياً؟!!
ما العمل؟
نص شهابي كهذا على طاولة ميشال سليمان رئيس الجمهورية الاول بعد انتهاء التفويض الاميركي والسعودي للمرجعية السورية بإدارة الدولة اللبنانية، اي رئيس الجمهورية الاول لتطبيق “الطائف” بعد القرار 1559… هل يصبح نصاً تيئيسياً من استحالة تعديل سلوكيات الطبقة السياسية الاساسية بعدما انتقل النظام الطائفي اللبناني من مرحلة “العمالة الكلاسيكية” للخارج في عهد فؤاد شهاب وكل عهود ما قبل 1990 الى مرحلة “النيو عمالة” الراهنة المبنية داخليا على “مركزية” سياسية في كل من الطائفتين السنية والشيعية. “نيو عمالة” تديرها هنا وهناك قوى تنتمي مباشرة الى بنية انظمة اقليمية بما اصبح ظاهرة سياسية تتخطى مجرد الارتباط بهذه القوة الاقليمية عند السنة وبتلك القوة الاقليمية عند الشيعة…
نص فؤاد شهاب، هو أخطر وثيقة في تاريخ الجمهورية يعلن فيه صاحب التجربة التحديثية المؤسساتية الشاملة بعد العام 1943 يأسه من مؤسسات النظام السياسي…
لهذا… ولكي تكون القراءة ايجابية، نقترح على الرئيس الجديد للجمهورية ان يبادر في اللحظة السياسية التي يجدها مناسبة (وقد تكون مبكرة الان) الى طرح مسألة أزمة النظام السياسي اللبناني على بساط النقاش العام. (وهذا لن يمنعه من الاشادة باتفاق الطائف للحؤول دون تفسير تعطيلي للنقاش قبل ان يبدأ!).
هذا ضمن صلاحيات الرئيس “التوجيهية” لأنه يعني تشجيع النقاش العام على ا لمستوى الوطني دون “التورط” باقتراحات محددة على الاقل في المرحلة الاولى.
النقاش (في اللحظة المؤاتية) يجب ان ينطلق من خلفية أزمة النظام السياسي الطائفي باتجاه كيفية تطوير قدرة نظامنا على:
1 – حماية السلم الاهلي الذي يتكرر انهياره بين وقت وآخر؟
هل يمكن للبنية الطائفية للنظام ان تتطور باتجاه صيغة ديموقراطية اقل توترا في العلاقات الطائفية في المجتمع اللبناني؟ وما هي؟
2 – هل يمكن تطوير صيغة توافقية تتيح نمطا انقاذيا في ادارة الدولة بعدما شارف النظام الطائفي على الوصول الى “الدولة الفاشلة” بالمعايير العالمية للدولة الفاشلة في الاقتصاد والامن (والتربية في القطاع العام)؟
إذن الإطاران الرئيسيان:
الاول الأكثر إلحاحا وهو: السلم الاهلي الذي ينطوي داخله كل تعقيد موقع، بل مواقع، لبنان الاقليمية والدولية. وهذا المستوى يتعلق بالصيغة اللبنانية – الكيان اللبناني.
الثاني: الاصلاح السياسي – التحديث وهذا المستوى يتعلق بـ”ادارة الدولة” كأداة حكم، مفهوما وبنية.
يأس فؤاد شهاب من “المؤسسات”، هو الآن مضاعف في المزاج العام النخبوي.
القراءة الايجابية لهذا اليأس، تتطلب تحريك النقاش العام. طرح اسئلة، اسئلة الرئيس، لكي تكون رئيسة الاسئلة.
هل ميشال سليمان مهيأ لهذا الدور؟.
لا نعرف.