ما يحدث في لبنان

توقعات مبعثرة

null

جورج علم

قدّم رئيس الحكومة الاسرائيليّة ايهود أولمرت نموذجين قبل أن يلتقي الرئيس الأميركي جورج بوش: التقدم الذي أحرز في ملف المفاوضات الإسرائيلية ـ السورية برعاية تركيا، وعمليّة التبادل التي تمّت الأحد الماضي بين إسرائيل و«حزب الله».

وليس من رابط جليّ على الأقل بين التركيز المحلي على السلاح، وتحديدا سلاح «حزب الله»، وقمة أولمرت ـ بوش، ومع ذلك هناك من يقول بأن الأول قد استنجد بالثاني كي يأخذ بيده، وينقذه من المأزق السياسي الذي يغرق بوحوله شيئا فشيئا بعد فضيحة الرشى المالية وربما فضائح أخرى.

وسبق للرئيس بوش أن أدلى بدلوه، مؤكدا أن أولمرت باق في منصبه، ومستبعدا إزاحته عن مراتب المسؤوليّة، وجاء ذلك فيما كان رئيس الحكومة الاسرائيليّة في طريقه الى واشنطن في محاولة لتلميع صورته، والبحث عن صدمة نوعيّة في المنطقة يرى أنه لا بدّ منها لصرف أنظار الرأي العام الإسرائيلي عن «ورطته»، الى جانب عمل كبير قد يقدم عليه تحت شعار الذّود عن مصالح بلاده العليا، بحجة أن «مصير إسرائيل كدولة وكيان هو تحت رحمة الصواريخ، سواء تلك المتأتية من غزة أو من جنوب لبنان؟!».

على خطّ مواز ، ليس مصادفة أن يعود الوضع الأمني الى واجهة المداولات، بعدما أنهت المعارضة الاعتصام في وسط العاصمة وشاركت في «انتخاب الرئيس التوافقي فورا»، حيث اختلط حابل الكلام عن السلاح بنابل الاهتمام بملف التشكيل الحكومي، مع استطرادات ـ ربما مفتعلة ـ في توصيف الصعوبات المتصلة بالتهافت على التوزير وتوزيع الحقائب السياديّة والخدماتيّة، للإيحاء كم أن عمليّة الولادة متعثّرة، وكم يتطلب الوضع من «تضحيات من الجميع، وخصوصا من المعارضة، لتغليب المصلحة العامة، والنأي بالوضع عن أي تأزيم أمني لإنقاذ موسم الاصطياف الواعد هذا العام؟!».

ومع شيوع ظاهرة الإفلاس عند غالبية القيادات، تعود الأنظار لتتجه ناحية رئاسة اللجنة الوزارية العربيّة، دولة قطر، لعلها تتمكن من أن تؤازر وتسهم في إنضاج مخرج ما ينقذ اتفاق الدوحة، ويسهّل عمليّة تشكيل حكومة وحدة وطنيّة، في وقت تتضارب فيه المعلومات غير المطمئنة عن تجدد الحساسيات بين عواصم الدول المعنية باتفاق الدوحة، وتجدد الرهان لدى البعض على عمل عسكري قد يقدم عليه أولمرت لإنقاذ موقعه، وتأمين استمراريّة مضمونة له في رئاسة الوزراء، مقابل تغيير المعادلة السائدة في الجنوب، بعدما أصبح سلاح «حزب الله» على حدّ جبهتين، عين على إسرائيل وعين على الداخل المأزوم؟!

وليس هناك ما يرسمل هذه النظريّة بحجج دامغة سوى القول بأن دولا معنيّة بما يجري في الداخل لا مصلحة لها في أن تنجح الدوحة في وضع أزمة لبنان على سكّة الحل، ولا مصلحة لها في قيام حكومة تعطي المعارضة الثلث «الضامن» كمكافأة على الإنجاز الذي حققته في اجتياح بيروت عسكريّا، ونقل التوتر نحو العديد من المناطق التي تتصف بخصوصيّة معينة، وهذا ما أدى الى التريث على جبهة دول اللجنة الوزارية العربية لمعرفة طبيعة التحولات، وكيفيّة التعاطي معها، وإن كانت تضمن، لا بل تؤكد، ان اتفاق الدوحة خطّ أحمر، إسقاطه ممنوع، وتفشيله أيضا، أما أمر تنفيذه فربما يتطلب المزيد من الصبر والتروي لمراقبة التطورات، على أن يصار الى اغتنام أي ظرف يتاح لوضع ما جاء في هذا الاتفاق موضع التنفيذ، من دون التعويل على عامل الوقت، وعلى خلفيّة أن هناك روزنامة محددة بالتواريخ والاستحقاقات لا يمكن تجاهلها، ولا الإخلال بمواعيدها.

وتوازن المصادر بين اتفاق الدوحة والمبادرة العربيّة التي أطلقها الإجماع العربي ممثلا بوزراء الخارجيّة، وعند التنفيذ تعطلّت المحاولات المتتالية والمتلاحقة التي قام بها الأمين العام عمرو موسى، الى أن حصلت التحولات التي استدعت قيام لجنة وزاريّة عربيّة، ومؤتمر حوار وطني. ويبقى السؤال: هل اتفاق الدوحة يحتاج الى تطورات ضاغطة تعيد تفعيل اللجنة الوزاريّة، وهل تأتي رياحها من الخارج ام تهبّ من الداخل؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى