حال الاتحاد بعد عـام: أوباما في الميزان
إعداد وترجمة: ديما شريف
لم يعجب خطاب حال الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الاميركي باراك أوباما في السادس والعشرين من الشهر الماضي، أغلبية المحللين السياسيين الأميركيين. إذ عدّته الأغلبيّة ضعيفاً يكرّر ما وعد به أوباما خلال حملته الرئاسية ولم يحقّقه حتى الآن، وأهمّ هذه الوعود هو المزيد من الوظائف التي تحتاج إليها أميركا بشدّة خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية. ولم يسجّل له إيجاباً سوى استمرار وعده بإخراج واشنطن، ولو بعد سنوات من الآن، من مستنقعي العراق وأفغانستان
عودة الأمور الطفوليّة
النقاش الرئيسي داخل أوساط تحالف يسار الوسط في السياسة الأميركية لعشرين عاماً كان بين ما هو «صغير» و«كبير». ليس الأمر مواجهة بين ليبرالي ومعتدل، أو بين الشعب والقوة. على العكس من ذلك، الموضوع هو، من جهة، بين تقدّمية كبيرة، برامج لافتة للنظر، ومطالبات شجاعة بالسلطة. ومن الجهة الثانية، تسويات صغيرة، تكتيكية، ومعاملات لا تخيف، لكنّها تسترعي انتباه الأمّة أو قسم منها في اتجاه أفضل.
بطريقة أو بأُخرى، وفي معظم الأوقات، يربح التواضع الصغير. وليلة خطاب حال الاتحاد، رغم أنّ باراك أوباما كان قوياً في نواحٍ عدّة في النبرة والمضمون، وقّع اتفاق عدم اعتداء مع الصغير والمتواضع.
لقد وجدت نفسي في العادة إلى جانب القويّ. عندما عملت في حملة بيل برادلي الرئاسية عام 2000، كانت حجتنا ونقدنا التقدمي الأساسي لحملة بيل كلينتون أنّ التفكير كان صغيراً.
بعد كوارث 1993 و1994، خفض كلينتون وغور من طموحاتهما، وعملا على المبادرات الصغرى بناءً على نصيحة مارك بين، وفوّتا فرصاً لتغيير البلاد جذريّاً. منذ سنة، استضافت هذه المجلة مؤتمراً مع الإدارة الجديدة والكونغرس «للتفكير بطريقة كبيرة». لم يكن الموضوع فقط عن السياسة. «الكبيرة» كانت أيضاً استراتيجية بشأن كيفية الحكم، عبر تقديم رؤية بديلة غير تسووية تحمل ما يكفي للعمل ولتخويف الخصوم وإعادة تكييف السياسات. وكانت الصراعات حول قانون الرعاية الصحية وتعيين مستوى عال للتفاوض، كما كانت هناك خلافات إيديولوجية.
سيطر الضعف على السياسة عند الديموقراطيين منذ انتخابات 2004. ابتكرت السياسات المحلية أحياناً من عشرات الإعفاءات الضريبية، وكان الرد على المبادرات الجمهورية دفاعياً وجزئياً.
منذ عام، وبعد العودة الديموقراطية الكبيرة والتقدمية، وصعود أوباما، بدا كلّ شيء موافقاً للبدء بالتفكير بطريقة ضخمة للوصول إلى الأهداف. كانت المشاكل كبيرة جداً، والفرص السياسية غير مسبوقة. فقد انتُخب ديموقراطي بأغلبية كبيرة من الأصوات، وجرت السيطرة على مجلسَي الكونغرس، إضافةً إلى وجود قاعدة سياسية ناشطة. برهنت سنوات حكم بوش أنّ بإمكان تحدي الجمود الطبيعي للسياسة أن ينجح. وحدّد أوباما النبرة في خطاب تنصيبه: «حان الوقت لوضع الأمور الطفولية
جانباً».
لكن في أول خطاب له عن حال الاتحاد، اضطر أوباما إلى إلقاء نظرة إلى الوراء على سنته الأولى والقول «دعونا نجرّب التفكير السليم». قدّم ما يمكن اعتباره جدول أعمال مشوّشاً يتكوّن من نزوات متناقضة (عشرات من الإعفاءات الضريبية الجديدة، تجميد في الإنفاق، موازنة تعتمد على الدفع الفوري، وخلق وظائف).
في جدول الأعمال هذا بعض الأفكار الجيّدة مثل الحديث عن خطة لجعل القروض الطلابية ترد وفقاً للمدخول، وهي أوّل مرّة يتحدّث فيها رئيس في خطابه عنها، كما كان هناك تشجيع خفيف في القضايا الكبيرة (الرعاية الصحية والطاقة). كان هناك كلام قاسٍ عن إعاقة الجمهوريين للعمل التشريعي، تركة بوش، الخجل الديموقراطي (الناس يتوقعون منا أن نحل بعض المشاكل)، الإعلام، وحتى المحكمة العليا.
لكنّ كلّ ذلك كان كلاماً، أمّا فكرة أن تستطيع رؤية كبيرة للتغيير إطاحة كل هذه القوى، فكانت ضائعة.
أميل إلى أن أغفر لأوباما مسؤوليته عن الإخفاقات المنهجية والممأسسة. هناك الكثير في النظام مما يجعل من المستحيل أن يكون أوباما فرانكلين روزفلت. كما تعزّز صغر أفق البعض في الكونغرس بوجود جمهور يغضب بسرعة، وتتعبه فكرة التغيير، وخصوصاً إنْ تضمّن كلمة «الصحّة». لكن في طرق كثيرة، كان أوباما رسولاً ذا عيوب في مقاربة «التفكير بطريقة كبيرة». كما يقول ريك بيرلستاين، لا تحتاج فقط إلى برنامج عمل طموح، لكن إلى رئيس مستعد ليكون مواجهاً ومقداماً. إلى حدّ ما، نجح بوش في برامج العمل الكبيرة، أي نصف الوقت الذي قضاه في البيت الأبيض، ولم يلجأ إلى تسوية إلّا في مرات قليلة. أي رئيس يريد أن تكون الأمور أصعب من الإعفاءات الضريبية والحروب لا يستطيع التصرف هكذا، ولو أُجبر على ذلك، فسيفشل.
هناك الكثير من العوائق التي تجعل من المستحيل أن يكون أوباما فرانكلين روزفلت
ما انتهى إليه أوباما، وخصوصاً مع إصلاح برنامج الرعاية الصحية، كان موقفاً سيّئاً. إذ ظهر فيه مشروع كبير كأنّه في خطر، وكأنه صغير وغير شرعي بسبب ضعف واشنطن.
إذا كان الكل في ماساشوستس، كما تدّعي كارين تومولتي، واعين للصفقة التي عُقدت مع السيناتور بين نيلسون من نبراسكا، ليساند الديموقراطيين في المجلس، نجد أنفسنا في مفارقة. هذه المفارقة هي أنّ ديموقراطياً محافظاً ظاهرياً خلق الظروف التي جعلت الناس يرون أنّ تشريعاً ما يبدو ليبرالياً جداً. هذه هي شروط السياسات الصغيرة، ولا يمكن تخطّيها بسهولة إلا عند تقديم برنامج عمل من إجراءات ورموز تناسبها تماماً.
وهكذا، إذا كان الديموقراطيون بحاجة إلى أن يسمعوا عن خفض العجز، فأعطهم شيئاً بلا معنى عن خفض العجز. فهم ليسوا جادّين بشأنه، لأن عدداً كبيراً منهم يفضّل إلغاءً دائماً للضريبة العقارية، ما يمثّل كارثة بالنسبة إلى العجز، لكنك لا تستطيع أن تجعلهم يتخلّون عن الأمور الطفولية.
أذكر خطابات بيل كلينتون عن حال الاتحاد التي كرهت أكثريتها، فهي تبدو مثل قوائم الغسيل غير الرسمية، التي أُلصق بعضها ببعض وبكلمات كبيرة. لكن يجب أن أعترف بأنّ كلينتون كان سيد الشكل، وكان الرئيس الوحيد في الفترة الأخيرة الذي زادت شعبيته بسبب خطابات حال الاتحاد.
تذكّروا أنّ آخر فترة خصبة للتشريعات التقدمية كانت 1997 ـــــ 1998 حين خلقت الدولة برنامج الرعاية الصحية للأطفال. انتقادنا للكلينتونية في آخر أيامها لم يكن صحيحاً تماماً، فمن الممكن خلق أمور عظيمة من تلك الصغيرة، وفن خطابات كلينتون كان يتمحور حول أخذ اللحظة التي يكون فيها الجمهور منصتاً لتقسيم السياسات إلى أقسام يمكن معالجتها. أشك في أنّ العديد من الأميركيين، ممّن هم قلقون من إصلاح الرعاية الصحية لعشرات الأسباب، لم يسمعوا في حياتهم تفسيراً وافياً عنه. إذا كانت هناك فرصة للمضيّ قدماً في إصلاح الرعاية الصحية، فسيكون ذلك ممكناً بفضل إعادة تأكيد القضية بمصطلحاتها المتواضعة غير المخيفة.
أصبح أوباما الشخصية المسيطرة في السياسة الأميركية منذ عامين. من الصعب إدامة الشغف السياسي والالتزام. لم تعد هناك عودة إلى جدول أعمال بأفكار كبيرة، ليس في القريب العاجل على كل حال. سيكون جدول الأعمال هذا موجوداً في مكان ما، مثل الماركسية الكاملة التي لم تطبّق قط، أو حلم المحافظين برئيس مع حكومات صغيرة، وهو الذي لم يحظَوا به قط. السياسة المربحة التي نخلق في داخلها تغييراً جدياً من قطع صغيرة، بعضها غير كامل، يمكنها أن تعمل أحياناً وتصبح مناسبة أكثر لوقت أوباما ومهاراته.
*عن «ذا أميركان بروسبكت»:
مجلة شهرية ليبرالية،
أنشئت لمناهضة الفكر المحافظ.
تحيّتان للرئيس في الشؤون الخارجية
روبرت درايفوس*
باستخدام إحدى جمل الرئيس باراك أوباما المفضّلة، يمكن القول «لا تخطئوا»، إنّ الولايات المتحدة تواجه تحدّياً صعباً وشاقّاً على مستوى السياسات الخارجية خلال السنوات الثلاث المقبلة من ولاية الرئيس الأولى. لكن، رغم ذلك، كانت متعة فعلية الاستماع إلى خطاب حال الاتحاد الذي بالكاد تحدث عن الحرب، الإرهاب و«الدول المارقة»، وخصوصاً بعد ثماني سنوات من إنذارات سلف أوباما ووعيده الحربي.
خلال الخطاب الذي دام أكثر من ساعة، خصص الرئيس ثماني دقائق للشؤون الخارجية، معظمها تناول قضايا لا علاقة لها بالحرب أو الإرهاب. فتحدّث عن المفاوضات بشأن نزع السلاح النووي، السيدا، والتغيّر المناخي. رغم أنّ المشاكل لا تزال موجودة، كان من الجيد الاستماع إلى رئيس لم يحاول إخافتنا حتى الموت أو تجنيدنا من أجل مغامرة عسكرية غير محسوبة. بدأ الجزء الصغير المخصص للسياسة الخارجية من خطابه مع صفعة للرئيس بوش الذي لم يتقن استخدام التعاطف الدولي القوي بعد أحداث 11 أيلول، فأطلق حربه الكونية العبثية على الإرهاب، وحربه غير الشرعية في العراق. «بكل أسف، تبخرت الوحدة التي شعرنا بها بعد 11 أيلول»، قال أوباما. وأضاف أنّه لن ينتقد بوش مباشرة بسبب ذلك، «نستطيع أن نتناقش قدر ما نشاء في من يجب أن يتلقى اللوم من أجل ذلك، لكنّني لست مهتماً بالحكم على الماضي».
ثم سخر من سلوك الحزب الجمهوري القوي: «لنضع جانباً ألعاب المدرسة في من هو القوي… لنضع وراءنا الخوف والانقسام».
بكلمات أخرى، لم ينتقد أوباما استراتيجية «الخوف والانقسام» الخاصة باليمين وحسب، لكنّه تجنب أيضاً تجنّباً ملحوظاً التورط في تكتيك الخوف والانقسام هذا. وذلك كاف كي يستحق التصفيق.
بالنسبة إلى أفغانستان، لم يتوعد أوباما بسحق طالبان و«الفوز». على العكس، ركز على بدء انسحاب الجنود الأميركيين في تموز 2011، وهذا هو الجزء الأهم من سياسته الأفغانية المضلَّلة. هذا ما قاله: «في أفغانستان، نحن نزيد عدد قواتنا، وندرب القوات الأفغانية كي تستطيع أن تأخذ زمام القيادة في تموز 2011 وكي تستطيع قواتنا العودة إلى الوطن» (حتى دايفيد بترايوس، مسؤول القيادة العسكرية الأميركية الطموح، يحارب فكرة تحديد الرئيس مهلة تموز 2011).
هذا ليس بلا معنى: فرئيس ملتزم بحرب دون نهاية، أو رئيس ملتزم بفوز صعب التحقيق في دولة ما، سيجنّد الأميركيين من أجل الحرب. لكن ما سمعه الأميركيون الليلة الماضية كان: «عودوا إلى الوطن».
كان من الجيد الاستماع إلى رئيس لم يحاول تجنيدنا من أجل مغامرة عسكرية غير محسوبة
قال أوباما الشيء نفسه عن العراق. عوضاً عن التبجح بـ«الإنجاز» الأميركي الكبير في تقسيم العراق، وقتل مئات آلاف العراقيين، وتدمير نصف مؤسسات الدولة، ودفعه باتجاه الحرب الأهلية في 2010، قال أوباما: «لا تخطئوا، هذه الحرب تنتهي، وكلّ قواتنا ستعود إلى الوطن». لاحظوا كلمة «كلّ». متحدثاً باسم مناصري الحرب، وزمرة المحافظين الجدد الهامشيين، تذمر بيل كريستول من مجلة «ويكلي ستاندرد» قائلاً: «لا يستطيع أوباما أن يقول إنّنا ربحنا في العراق… لن يقول إنّنا ممتنّون لقواتنا لربحها حرباً كانت الخسارة فيها ستكون كارثية».
والواقع أن أوباما لن يقول ذلك، لأنّ ما فعلته أميركا بالعراقيين هو جريمة حرب بشعة، ولم نكن لنواجه احتمال خسارة «كارثية» في العراق، لو لم نشن حرباً غير ضرورية في المقام الأول، يا بيل.
احتج كريستول أيضاً على عدم دعوة أوباما للانقلاب على حكومة إيران. «لم يشر أوباما إلى احتمال تغيير النظام في إيران ولم يتبنَّ إمكانية ذلك»، شكا كريستول الذي لم يلتقِ نظاماً لم يرد تغييره. لكنّه على حق. أوباما لم يدعُ إلى تغيير النظام في إيران، وفي الوقت الذي أثنى على المتظاهرين في إيران، استمر في تسميتها «جمهورية إيران الإسلامية»، معلناً أنّه مستعد لتقبل إيران بشروطها.
كلّ من يقرأ لي، يعرف أنني من منتقدي أوباما الدائمين في السياسة الخارجية، في مجالات واسعة. لكن لنفكّر قليلاً، ونقدّر خطاب أوباما.
* عن «ذا نايشن»، مجلة أسبوعيّة يسارية
خطاب جميل، لكن ماذا نفعل الآن؟
بيل بويارسكي*
لو كان يمكن الكلمات أن تنجح وحدها، لنجح خطاب الرئيس باراك أوباما عن حال الاتحاد. لكن هذه المرة، الكلمات لم تكن تكفي.
لن تؤمّن الكلمات الوظائف للناس. حتى فصاحة أوباما، التي وصلها مرّات عدّة في خطابه، لن تكون كافية لبثّ الشجاعة في الديموقراطيّين الجبناء الذين يهربون من إصلاح معتدل لقانون الرعاية الصحية. كما لن تقنع الكلمات الجمهوريين بالتوقف عن معارضة يظنون أنّها ستسقط الديموقراطيين.
لقد شاهدت الخطاب في أحد بارات مدينة سانتا مونيكا، زبائنه هم أعضاء نادي الديموقراطيين في المدينة. كانت ردّة فعل الموجودين عيّنة من ردود فعل القاعدة الحزبيّة، أيّ الناخبين الذين يتوجب على أوباما أن يستميلهم لتجنب كارثة انتخابية. بداية كانوا متوتّرين، بسبب الأسبوع السيّئ على الديموقراطيين. «أرجو أن يلهمنا ما حدث»، قال جاي جونسون. عند نهاية الخطاب، صفقوا مراراً وكانوا على وشك الخروج من البار وتحويل بعض الجمهوريين والمستقلين إلى ديموقراطيين، إذا وجدوا بعضهم في مدينة الديموقراطيين.
صفّقوا لإصلاح المصارف. صرخوا «لا» عندما قال إنّه يريد المزيد من المفاعل النووية، و«لا، لا» حين تحدث عن التنقيب عن النفط في البحار. تصفيق حار لقانون حماية المناخ. تصفيق حار لإلغاء سياسة التمييز ضد المثليين في الجيش. تصفيق مماثل لالتزامه بإصلاح الرعاية الصحية، وعندما قال «لن أتخلى عن هؤلاء الأميركيين، وكذلك الناس في هذه القاعة». للتأثير على القاعدة، على أوباما أن يعيد أميركا إلى العمل من جديد. ويتطلب الأمر أكثر من خطابه هذا ليفعل ذلك.
أعطى الكثير من الأهمية لخطة التحفيز المالي التي صدقت بداية العام الماضي، والتي كان من المتوقع أن تخلق وظائف كثيرة الآن. لقد قال: «… هناك مليونا أميركي يعملون الآن كانوا سيصبحون عاطلين من العمل… ونحن في صدد إضافة مليون ونصف مليون وظيفة بنهاية هذا العام».
لم يوقف هذا الأمر ارتفاع حدّة البطالة. مكتب الإحصاءات في وزارة العمل أشار إلى أنّ البطالة ارتفعت في 43 ولاية ومقاطعة كولومبيا الشهر الماضي. وصلت إلى 11.8 في المئة في فلوريدا، حيث كان أوباما يوم الأربعاء للترويج لبرنامج الوظائف الخاص به. في كاليفورنيا، وصلت البطالة إلى 12.4 في المئة، ما أجبر الديموقراطيين على القلق بشأن خسارة انتخابات الحاكم ومقعد مجلس الشيوخ الخاص ببربارا بوكسر.
الصعوبة في تحويل كلمات الرئيس إلى أفعال تظهر في دراسة عن مبلغ 18.5 مليار دولار أعطيت إلى ولاية كاليفورنيا كحصتها من رزمة التحفيز التي أقرها أوباما، والتي بلغت 787 مليار دولار. وقام بالدراسة قسم «كاليفورنيا ووتش» (مرصد كاليفورنيا) من مركز الصحافة الاستقصائية. أُنقذ أكثر من 62000 وظيفة في التعليم الرسمي، من أساتذة جامعيين إلى سائقي الحافلات المدرسية، من خلال دفع أموال التحفيز. في جامعة كاليفورنيا وحدها، أنقذت 8356 وظيفة ضمنها 1341 في التعليم. لكن هذا لم يمنع الجامعة من فرض رسوم عالية ستمنع عدداً من الطلاب من الدراسة الجامعية.
يجب أن يأتي خلق الوظائف الحقيقية من شركات الصناعة والبناء التي تتلقى عقوداً من الحكومة لمهمات تتطلب عدداً كبيراً من العمال. هكذا استعاد الاقتصاد عافيته بعد الكساد الكبير حين عمل العاطلون من العمل لدى شركات البناء في المشاريع الكبيرة التي نفذتها للقطاع العام. يجب أن يحصل هذا بسرعة. فرؤية الناس تعمل في وظائف خلقتها رزمة التحفيز، سيشد عزم الأمة، كما حصل في زمن روزفلت.
يبدو أنّ برنامج أوباما يأخذ وقتاً طويلاً، فهو بطيء ولا يخلق وظائف كافية. ستخلق منحة بقيمة 285 مليون دولار لمعامل إعادة تكرير المياة المبتذلة 285 وظيفة فقط. ستحصل شركة تصنع لوحات للطاقة الشمسية على 535 مليون دولار وستخلق 118 وظيفة. ستحصل بوينغ على 45.9 مليون دولار للمراقبة البيئية في جنوب كاليفورنيا لأنهّا لوثت نبعاً بمادة الكروميوم والديوكسين والحديد والزئبق. سيخلق ذلك 11 وظيفة فقط لتحسين الخطأ الذي قامت به بوينغ. هذه صفقة جيدة للشركة، لكن ليس للأمة.
سيذهب ما يزيد عن 325 مليون دولار لما يعرف باسم لجنة كاليفورنيا للائتمان الضريبي. سيستخدم المال لإعطاء قروض للمطورين العقاريين لبناء منازل رخيصة. لم يصرف بعد أي مبلغ، ولا يعرف عدد الوظائف التي سيخلقها، وهي كثيرة. لن يحصل أي شيء من هذا إن لم يحصل المطورون على تمويل إضافي، وينجون من القواعد التي تضعها الولاية والحكومات المحلية. ستمنح إدارة أوباما 226 مليون دولار لبرنامج كاليفورنيا للطاقة ليخلق برامج تنتج منها وظائف جيدة للبيئة وبرامج تنفيذ. العدد الإجمالي للوظائف التي ستنتج منه واحدة، وهي مركز محلل متخصص.
يكفي أننا نقتل حماسة الناشطين المناصرين كالذين كانوا موجودين في البار ليلة الثلاثاء الماضي. هم مستعدون للعمل من أجل أوباما، ولإنقاذ مقعد باربارا بوكسر في الكونغرس. الموقف هو نفسه لدى الديموقراطيين في كل الانتخابات المقبلة في البلاد.
عندما كنت أتحدث مع أشخاص في ذاك البار، لخّص لي أحدهم، يدعى ميكال كاميل وهو معجب جداً بأوباما، الوضع الصعب الذي يواجهه الديموقراطيون: «لا يمكنك النجاح من خلال خطاب. يجب أن ترى الأداء».
*عن «تروثديغ»: مجلة إلكترونية أميركية تتحدث باسم الديموقراطيّين
الاخبار