نظام دمشق والانتخابات البرلمانية العراقية
جان كورد
من خلال متابعة القنوات التلفزيونية العراقية نرى ونسمع كيف أن النظام السوري الرافض في بلاده السورية لاجراء انتخابات ديموقراطية حرّة ونزيهة رفضاً قاطعاً، والمكبّل لانتخابات بلاده بمختلف القيود والعراقيل اللاديموقراطية لضمان نجاح من يعيّنه النظام كخادم برلماني له، يقوم بواجبه العربي من أجل مساهمة كل العراقيين المقيمين على الأراضي السورية في الانتخابات البرلمانية العراقية بحرية تامة وديموقراطية ونزاهة…. بل نرى مندوبي المفوضية العليا للانتخابات العراقية يشكرون النظّام السوري ويحيّونه على ما يقدمه من مساعدات سخية لتحقيق أهداف المفوضية في هذا المجال…
كما رأينا عبر التلفاز عدة رموزعراقية تمثل كتلاً سياسية تزور دمشق، ومنهم نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي، ورئيس الوزراء السابق اياد علاوي وغيرهما، في مساع لهم من أجل كسب أصوات اللاجئين العراقيين في سوريا إلى جانبهم، وهم يشيدون بالموقف السوري الداعم للعملية الانتخابية في العراق وفي المهاجر…
هذا جميل حقاً… ولكنه يثير سؤالاً كبيراً، تظهر الاجابة عنه تناقضاً صارخاً في التصرّف السوري تجاه العراق وأهله…
السؤال هو:
هل النظام مستعد لتأمين هذه الحرية في الانتخابات لابناء وبنات شعبه السوري أيضاً؟
وهذا السؤال يجرجر خلفه أسئلة أخرى، حيث يطول القطار ولاينتهي المقال إن طرحناها كلها وسعينا للاجابة عنها جميعاً…
وأحد هذه الأسئلة: هل النظام في سوريا مع نظام ديموقراطي في العراق، أم مع من يأويه من العناصر التي يسميها ب”المقاومة العراقية!” المعادية للعملية الديموقراطية كلياً؟ لا نقول هذا جزافاً، فحكومة السيد نوري المالكي العراقية طلبت رسمياً من مجلس الأمن الدولي اجراء تحقيق دولي في موضوع دعم نظام دمشق للارهابيين المتسللين من سوريا إلى بلادها، وتحدّث حول الموضوع ذاته وزير الخارجية العراقية السيد هوشيار زيباري أكثر من مرّة بصراحة، رغم اعتباره نفسه صديقاً ودوداً لسوريا ولايمكن وصفه بعدو للنظام السوري قطعاً، بحكم العلاقات التاريخية الجيدة لحزبه الديموقراطي الكوردستاني بدمشق…
للاجابة عن السؤال الأوّل، نقول بأن غالبية الشعب السوري ترى في النظام الحاكم في البلاد خصماً لدوداً للحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، فالسجون السورية مكتظّة بالناشطين السياسيين، رجالاً ونساءً وشيوخا، عرباً وكرداً ومن سائر المكونات الاثنية والدينية والمذهبية والطائفية السورية… ومنهم من له عدة عقود من الزمن في حجرات مظلمة تداس فيها كرامة الإنسان باستمرار…منظمات حقوق الإنسان تسجل خروقات يومية لأجهزة القمع والمحاكم الصورية في مجال حقوق الإنسان، وهناك سوريون يموتون تحت التعذيب لأنهم أصحاب آراء تخالف سياسات النظام في دمشق…والانتخابات في سوريا شكلية وعبثية لاطائل تحتها، وتجري ضمن نطاق الحفاظ على مقاس النظام وقاعدة ابقاء السلطة في أيدي ثلة من المنتفعين والبعثيين التابعين لهذه الثلّة التي تخاف حتى من ظلالها، فتحشد حولها من رجال الأمن وأجهزته بما يرهق ميزانية الدولة ويبث الرعب في نفوس المواطنين كل حين…
نعم، هكذا نظام لايؤمن بالانتخابات الحرّة النزيهة يدعم حرية العراقيين في اختيار ممثليهم!
هذا التناقض يثير سؤالاً لابد منه:
ما فائدة النظام السوري من هذا؟ فالعالم كله يدرك تماماً كراهيته للحرية والديموقراطية واذلاله للانسانية كل يوم…
النظام يسعى من خلال تمكين العراقيين اللاجئين في سوريا، الذين تصب أموال هائلة من منابع ومصادر معينة على من يستطيع التأثير في تصرفهم الانتخابي، للحصول على منافع له، وبهدف دعم مواليه المتفقين معه على انجاح من يفتح الطريق لفلول المعادين للديموقراطية للعودة إلى البلاد عن طريق برلماني، ومن ثم الوصول إلى مناصب أساسية في الدولة والحكومة بدعم سوري – ايراني، على أمل احباط التجربة الديموقراطية العراقية كلها واعادة البلاد إلى أحضان الدكتاتورية، كما هو الوضع في دمشق وطهران الآن…
النظام السوري مع نجاح أعداء الديموقراطية في العراق بالتأكيد، ولذلك فهو يدعم من يحاول احباطها ونسفها، حتى ولو قام هؤلاء بحرق العراق كله أو تفجيره كله، لأن نجاح الديموقراطية في العراق سيؤثر سلباً في وجوده مستقبلاً، والعراق الديموقراطي سيكون عائقاً كبيراً بين التحام دمشق وطهران براً، بعد أن تعانقا جواً حتى الآن…
كل من يعتقد أن النظام السوري يطمح في وصول “أهل السنّة” إلى حكم العراق مخطىء جداً، فهو يقمع السنة في سوريا ويفتح الباب أمام تشييع الشعب السوري من قبل مراكز التشييع الفارسية، إلاّ أنه يستخدم “سنة العراق” لضرب وعرقلة أي تحالف ممكن بين الكورد والشيعة في العراق داخل البرلمان وخارجه، ومعلوم أن غالبية الكورد من السنة أيضاً، إلا أن سياسة البعث العنصرية تجاه الشعب الكوردي تحول دون اتفاق استراتيجي بين “السنة العراقيين” والكورد، وبالمقابل فإن النظام السوري يعمل جاهداً على ضرب أي تحالف أو تقارب بين العرب”السنة” وبين الكورد “السنة” في سوريا، لأنه يحكم البلاد بتطبيق سياسة “فرّق تسد” الشهيرة…
وعليه يجب أن لاينخدع الديموقراطيون والأحرار، العراقيون والسوريون، بهذا الدعم السخي من قبل النظام لاجراء الانتخابات البرلمانية بين اللاجئين العراقيين في سوريا، فهو يتبّع سياسة ذات هدف أساسي يتمثّل في عدائه للديموقراطية أصلاً…
فإن كان جوابه بالنفي على ما نقول، فليسمح لشعبه أيضاً بمثل هكذا انتخابات حرّة ونزيهة..
الحوار المتمدن
السيد فيصل المقداد دعا بالمناسبة الغرب للتعلم من الديمقراطية السورية قائلاً أنه بإمكان كل المشككين بديمقراطيتنا أن يأتو ليروا صور المرشحين العراقيين حتى من نختلف معهم بالتوجهات
هذا يذكرني بالمثل: سألوا البغل مين أبوك، قال الحصان خالي
بهذه العقلية يتعامل المسؤولون مع الشعب السوري القاصر