حول الوطنية / الديمقراطية مع د.عبد الرزاق عيد
ندوة باريس الحوارية
باريس / مراسل النداء :
تحت عنوان وجهتي النظر أو الفهمين للعلاقة بين المسألة الوطنية والمسألة الديمقراطية في إطار التجربة التاريخية للحركة الوطنية السورية وإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في سورية.
دعت لجنة إعلان دمشق في فرنسا إلى ندوة حوارية حضرها جمع من نشطاء إعلان دمشق ووجوه من المعارضة السورية والأشقاء العرب. وألقى فيها الكاتب الدكتور عبد الرزاق عيد المساهمة القيمة التالية:
الوطنية: بالمعنى اللغوي المتداول هي الانتساب إلى وطن، والوطن حيث تسكن المجموعة اللغوية الواحدة جغرافيا، وهي تمثل استمرارا تطوريا للمجموعة الجنسية الطبيعية، فالاثنية، فالمذهبية، لكنها في هذا السياق لا تتجاوز الحدود الطبيعية الغريزية، حيث للحيوانات ممالك وحيزات وفضاءات طبيعية تدافع عنها غريزيا، مثلهم في ذلك مثل البشر في مرحلة ما قبل دخول عصر الصناعة والحداثة التي أنتجت المفاهيم الحديثة ومنها الوطنية، حيث دخل البشرالتاريخ مع الرأسمالية على حد تعبير ماركس، وذلك لأن البشرمع الراسمالية غدوا القوة الغالبة في معادلة جدل الانسان والتاريخ، حيث غلبة فعل الانسان في التاريخ، بعد أن كان التاريخ الانساني يسجل فعالية التاريخ وأثر حتمياته على البشر، في تلك الصيغة التي أبدعت بها التراجيديا اليونانية في صورة انصياع الانسان للحتمية الالهية القدرية، ولاحقا في تراجيديات العصور الكلاسيكية، في صورة خضوع الفرد للأخلاق الجماعية الدينية.
– إذن إن مفهوم الوطن بالمعنى الحديث، ينتمي إلى حقل الانسانيات وليس الطبيعيات، أي إلى العقد الاجتماعي الذي صنعه البشر، إلى الدستور، إلى التشريع، أي إلى مفهوم (المواطنة) التي تعني المساواة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن العرق والدين والمذهب والجنس…
– وعلى هذا فثمة وطنية تصنعنا، وهي الجغرافيا، المكان، الحيز، وثمة وطنية نصنعها، وهي أنسنة الجغرافيا، وإحياء المكان، وإطلاق الحيز باتجاه الفضاء الانساني، إنها الوطنية الثقافية التي تتخطى الوطنية العضوية الغريزية ، وهي الوطنية التي أنتجها وصاغها العقل الحديث، بوصفها منظومة حقوقية قانونية، جوهرها العقد الاجتماعي والحريات الفردية بوصف الفرد سيد ذاته التي لا ولاية لا لفقيه ولا لحزب ولا لجماعة على ذاته سوى سيادة القانون.
– الأمر الذي يترتب عليه أن البشر يتساوون بدرجة وطنيتهم العضوية الغريزية، وتأسيسا على القانون الطبيعي هذا فليس هناك وطني أولا وطني، لأن الانسان- والأمر كذلك- ليس أقل شأنا من الحيوان الذي يدافع عن عرينه (أرضه –وطنه)، حتى أن الانسان راح يتمثل نموذج القيم الحيوانية من خلال استعارة مفردة (العرين) باللغة المجازية للدلالة على شدة الوطنية، سيما لدى الايديولوجيات القومية التي طالما خلطت بين العضوي والثقافي، الغريزي والعقلي بدءا من الفاشيات والنازية، وصولا إلى مثالاتها وظلالها في الايديولوجيات القومية العالمثالثية والعربية، وهي تنحط بمفهوم الوطن إلى مستوى المعتقل والمعسكر والثكنة التي يحكمهاها قانون الجزمة.
– إذن ليس ثمة فروق في الوطنية، بمستواها العضوي التي يتوحد فيها الانسان مع الحيوان مع النبات الذي يذوي بدوره ويموت إذا أبعد عن بيئته الطبيعية، أي (الوطنية)، وعلى هذا فإن مفاهيم التخوين وما يصدر عنها من مفاهيم مثل إضعاف الشعور القومي أو الوطني ليست سوى مشتقات من فكرة التكفير القروسطي، فالتخوين حلقة أحط من التكفير : فإذا كان التكفير يلغي الآخر فكريا، فإن التخوين يلغي الآخر وجوديا وتكوينيا وغريزيا (أنطولوجيا)، وذلك لأن الوطنية بالمعنى القاع هي انتماء غريزي ليس فيه أي تفاضل بين الأفراد ، وذلك قبل أن ترتقي إلى مستواها الثقافي المدني الدستوري كما لدى الشعوب التي أنجزت المرحلة الديموقراطية.
– فالفروق والتمايزات تكمن إذن في المرحلة الوطنية مابعد الطبيعية الغريزية ، أي الوطنية المنتجة ثقافيا واجتماعيا ومدنيا وسياسيا في مستواها الذي يتجاوز الطبيعة من خلال فعل الثقافة فيها، وعلى هذا فإن أي انخفاض لسقف الوطنية ليس إلا انخفاضا عن منسوبها المتمثل بالعقد الاجتماعي ودرجة تحققه في الحياة السياسية والقانونية والحقوقية للمجتمعات التي تسيجها الشرعية الدستورية ، وليس بانخفاض أو ارتفاع منسوب الدرجة الحسية والغريزية التي تعممها أنظمة الاستبداد لتأكيد قطيعية الشعوب التي تتحول إلى (جماهير) دهماوية لا ترى معنى للوطن والوطنية إلا ما يقرره المستبد الذي يختزل الأوطان إلى حدود مساحة كرسي السلطة الذي استولى عليه ، في حين أن الوطنية المدنية الحديثة هي التي ترتقي بالفرد من رابطة الدم والغريزة إلى رابطة المواطنة والعقل، وعلى هذا فالوطنية أواللاوطنية هي التي تتحدد بدرجة سمو المواطنة أو انحطاطها وليس بدرجة عداء وكره الآخر -خارج الحدود- المختلف وطنيا وقوميا.
– إن الاعتداء على المواطنة، أي على حقوق الفرد بالمساواه مع كل أفراد المجتمع بغض النظر عن الدين والعرق والملة، هو الاعتداء على الوطن بمفهومه الحديث، ولذا كانت الفاشية والنازية رغم شدة (وطنيتها) الايديولوجية الغريزية فقد كانت أحط أنواع الوطنيات، بل هي اللاوطنية بعينها عندما قادت الآخرين خارج الحدود لتدمير وطنها، وليس النموذج العراقي هو الأخير في سياق مسار هذه الوطنيات القومية المنحطة التي تختصر الأوطان إلى مساحة للاستثمار (الوطني) اللصقراطي الطائفي والعائلي كما يحدث اليوم في سوريا (الممانعة) عبر نظامها ضد الآخر (المواطن)، حيث الممانعة هذه ليست سوى ممانعة التاريخ من اصدار حكمه على نظام غدا عالة بل وخطرا على شعبه وأمته والمجتمع الدولي والقيم الحضارية والمدنية، بعد أن غدا المواطن رهينة (وطنية) في يد تجار الشنطة (القومية)، وعصابات القتل التي تطالب العالم بفدية عن (مواطنيها) الرهائن بسكوته عن جرائمهم تجاه شعبهم، وتلك حكاية صديقنا رياض سيف الذي راحوا يبتزون الضمير الأخلاقي العالمي الذي تنادى لانقاذ حياته، ومع ذلك سجنوه وهم يعرفون حقيقة وضعه المرضي الخطير بعد أن رفض العالم أن ينصاع لابتزاز عصابات خارجة على القانون، ولن نتحدث عن حكايتنا ذاتها معهم عندما منعونا أيضا من المغادرة للعلاج من ذات مرض رياض سيف، إلا بالضغط الأدبي والمعنوي الذي لم يجد مع رياض، نقول: لن نتحدث عن حكايتنا لأنها حكاية الشعب السوري، ومأساة المجتمع السوري في ظل الشعارية الوطنية المؤسسة على ايديولوجيا الغريزة، الذكورة البدائية التي تتعامل مع العالم حولها عبر علاقتها الايروسية به، ايروسية ثقافة القضيب بوصفه الحاسة الوحيدة التي تمتلكها قطعان هائجة منفلتة العقال وهي تتواصل مع عالم غدا يشمئز من تهوسهم الشبقي الملتاع للسلطة بوصفها مصدرا للذة ينشدها نهم بلا قرار مسكون بالرعب من العودة إلى المكبوت متمثلا بالعالم السفلي الذي تحدروا منه كائنات رعاعية مسكونة بالشهوة الحسية الغريزية للتدمير، وسوريا اليوم أسيرة هذه المخيلة المريضة التي تعجز عن وعي ماذا يعني سجن امرأة سيدة حرة كفداء حوراني، تنتمي إلى الحرائر من ذوات الناس وكرامهم وأفاضلهم، هذه المخيلة المريضة هي ثمرة ثقافة ثأرية تنتجها أرحام الإماء التي حكمت على أجنتهم أن يكونوا عبيدا لشهواتهم للسلطة والتسلط والسلب والنهب والقتل.
– وعلى هذا فإن العقل الحديث وهو ينتقل من الوطنية الغريزية إلى الوطنية المجتمعية العقلانية (المواطنية)، كان يؤسس لنقلته الكبرى هذه عبر بناء الدولة الديموقراطية ، حيث غدت الوطنية الحديثة –والأمر كذلك- مرادفا ومعادلا موضوعيا للديموقراطية، وأي نقص في الديموقراطية هو نقص في الوطنية، لأن مصادرة الأخر الوطني والغاءه أشد خطرا على الوطنية من الاعتداء الجغرافي الخارجي عليها، وذلك لأن الاعتداء الخارجي يستدعي ردا غريزيا طبيعيا وبديهيا، بينما الطغيان الداخلي هو الذي يدمر المقومات الداخلية للجسد والعقل الوطني ، ومثال المجتمع العراقي في تجويفه وتفريغه داخليا عبر الفتك بذاته الوطنية وذاتيته القومية من قبل طغاته أكثر بلاغة من قول كل خطيب ، عندما كان يواجه الاحتلال الأجنبي مذهولا عن نفسه وعن وطنه .
– وعلى هذا فإن أي مفهوم للوطنية لا يقوم على فقه أولوية المواطنة كمدخل لتحديد الوطنية : أي (الوطن + الديموقراطية) هو مفهوم طبيعي قطيعي غريزي لا قيمة له اكثر من قيمة صلة الحيوان بحيزه الطبيعي (الوطني).
الديموقراطية هي التي انتقلت بالوطن من مفهوم الفضاء المكاني، إلى الفضاء السياسي فالثقافي فالمعرفي، فالوطنية لا معنى لها قبل ولادة الحداثة الديموقراطية، لأن مفهوم الوطن قبلها لم يكن سوى فضاء ثيولوجي، حيز الانحيازات الايمانية الميثية والثيوقراطية عن الخير والشر الذي تتداوله منظومات المقدس اللاهوتي والطقسي، لصناعة العدو عبر نشر ثقافة الكراهية إذ تشيطن وتؤبلس الآخر بالتكفير قروسطيا والتخوين وطنيا وقوميا عربيا في الزمن الحاضر ، إذ هي تتأسس على مدح (الأنا) وهجاء (الآخر) عبر البذخ البلاغي والفخفخة الإنشائية، حيث تستدعي هذه (الوطنية الظفروية) وعياً طفلياً رغبوياً نرجسياً للعالم ،إذ يرى في (الذات) ملائكية تجسد عين الحكمة وموئل الصواب، وفي (الآخر) شيطانية مؤبلسة مذمومة مدحورة إلى يوم الدين.
فالديموقراطية هي تحرير لمفهوم الوطن من الصراع التجاوري مع الآخر الجغرافي، هي ارتقاء وسمو إلى مستوى تمثل مفهوم الوطن كمساحة للحرية تنتج معادلها المضاد في صورة الطغيان والاستبداد، اللذين لا يمكن لهما أن يشكلا قاعدة لأية وطنية مدعاة إن كانت باسم العقيدة الشيوعية (ستالين)، رغم وهم الانتصار الذي خلف كل هذا الدمار للوطن السوفيتي أوالعقيدة القومية العنصرية (الفاشية والنازية) أو العقيدة الدينية التي تمثلت في الحروب ما قبل الوطنية أي ماقبل الرأسمالية في أوربا، أو ما تمثله الايديولوجيا المذهبية الطائفية التشييعية التبشيرية من شحنة ايديولوجية قومية للمشروع الاقليمي الايراني ، وعلى هذا تغدو الديموقراطية مدخلا لازما للوطنية ، فلا وطنية لشعب يرسف في قيود الاستبداد ، ولا تحرر وطني بدون حريات سياسية تتيح لكل أبناء الوطن الدفاع عن أرضه الطبيعية التي تحتضن انسانيتة وكرامته وسيادته ، وذلك لايمكن أن يتححقق بدون الشجاعة العقلية للاعتراف بهزيمة الايديولوجيا القومية والوطنية التقليدية المهزومة بذاتها بداهة ، ما دامت مؤسسة على فهم للحرية الوطنية لاتقوم على حرية المواطن أولا وثانيا وثالثا … ، أي التأسيس لعقل نقدي قادر على إعادة الاعتبار للمشروع القومي بوصفه مشروعاً ديمقراطياً نهضوياً تنويرياً، أي مشروعاً ليبرالياً . أي أننا ومن موقع التاريخانية الماركسية، ندعو إلى مرحلة ليبرالية تستدعي منظومتها الحقوقية والقانونية التأسيس لدولة سيادة القانون الذي لامواطنة ولا وطن ولا دولة بدونه ، ومن ثم التأسيس لاقتصاد منتج وتنمية فاعلة وعادلة في وجه طغم اللصقراطية المافيوزية والفساد المنظم والمقونن .
أي أننا ومن موقع التاريخانية الماركسية، ندعو إلى مرحلة ليبرالية تستدعي منظومتها الحقوقية والقانونية التأسيس لدولة سيادة القانون الذي لامواطنة ولا وطن ولا دولة بدونه ، ومن ثم التأسيس لاقتصاد منتج وتنمية فاعلة وعادلة في وجه طغم اللصقراطية المافيوزية والفساد المنظم والمقونن ، وذلك مدخل لابد منه لاستعادة الهوية الوطنية المضيعة على مذبح الاستبداد وشهوات التسلط والعنف وثقافة الكراهية التي تبثها الروح العصبوية الأقلوية .
– وعلى هذا فإن الخطر الذي يحدق بالوطنية السورية لا يأتي من وراء الحدود التي تتوضع فيها الجيوش فحسب، بل من الجيوش ذاتها التي تحولت إلى قوى قمع داخلي تفتك بالذاتية الوطنية للوطن والأمة، وكل تاريخ حروب اسرائيل معنا نحن الوطنيات العربية والقومية تثبت أن هذه الجيوش لم تكن حائلا دون قدرتها على ولوج داخل الداخل لو أرادت ، لكن ما كان يخيفها ولا يزال يخيفها هو بلوغ الداخل وقد اصبح محررا من قيوده أي من جيوشه حراس نظامه ، أي وقد استرد حريته .
ولذا فإن اسرائيل لا ترى في جيش الاستبداد حولها إلا حماية لها من خطر حريات شعوبهم، ولذا فهي تتدخل في الوقت المناسب لانقاذهم، ونظن أن المفاوضات الاسرائيلية المعلنة اليوم مع النظام المستوطن في دمشق هي نوع من مد يد العون لانقاذ النظام الطائفي، فالطائفي تعريفا غير وطني، ليس لأنه عميل للخارج بل لأنه يحطم وحدة الداخل وشظيها كما فعل النظام ويفعل في المجتمع السوري .
يأتي التدخل الاسرائيلي في صيغة مفاوضات اسرائيلية كاذبة ليست مضطرة لها أمام نظام أنهك البلاد والعباد وحشية ونهبا، وذلك لمنحه فسحة من الزمن لمزيد من الركوع أمامها، لتأجيل مصيره الحتمي الذي لن تكون المحكمة الدولية إلا أحد فصوله بعد ان غدا خطرا على سوريا والمنطقة والمجتمع الدولي، لأن العالم لم يشهد مثيلا لمجموعة عصابات مافيوزية مسلحة وارهابية تأخذ شعبا بكامله رهينة لابتزاز العالم وفرض نفسها قوة خارجة على القانون الدولي، نقول: لم يعرف العالم من قبل مثل هذه العصابة التي تستولي على سوريا اليوم وتسرطن خلاياها فسادا وطائفية وإشاعة للخوف والعنف والإرهاب.
– إن مفهوم الوطنية وفق آليات الخطاب القومي التقليدي الشعبوي تقوم على : مديح الذات وقدح الآخر ، هكذا يحل مشكلاته مع العالم عبر شتمه ، والشتم هنا يتحول إلى أداة سحرية للانتصار ، لأن شتم الآخر هو تعبير عن عدم الاعتراف به ، وهكذا يكفي العقل الميثي أن لا يرى الأشياء لكي تغيب عن الوجود ، فعوضا من أن تشكل الولايات المتحدة الأمريكية حالة من التحدي والاستفزاز للعقل والارادة كما شكلت لليابانيين الذين حولوا قنبلة هيروشيما من أداة مرعبة للموت إلى أداة صارخة للحياة ، من خلال دخول معركة التحدي مع عدوهم الذي هزمهم ومن ثم امتلاك سر تفوقه لمواجهته بسلاحه لا بسلاح أرواح الأجداد التي يكفي أن ننفخها بوجه الأعداء عبر الشعارات والتمائم والتعوذات والشعوذات الهجائية للآخر الذي يكفي أن نسميه ثورا حتى يأتينا خوارا خائرا أمام لوذعيتنا ، إذ لولا اعتراف اليابانيين بالهزيمة لظلوا حتى اليوم يصرخون مثلنا نحن العرب مهددين متوعدين بالثأر ، لكن في الوقت المناسب والزمن المناسب…!
–إن رؤية المسألة الوطنية بمعزل عن شرطها التاريخي المتمثل بالديموقراطية أدى إلى توحد الخطاب القومي واليساري في القطع مع الميراث النهضوي الليبرالي التنويري العربي بوصفه أو بوصمه تراثاً برجوازياً امتدادا للقطع الستاليني الذي استلهمته الشيوعية البكداشية مع الميراث الليبرالي الغربي الديموقرطي بوصفه تراثا رجعيا بورجوازيا مضحين بأعظم ما أبدعته روسيا ثقافيا وفكريا وأدبيا (دوستويفسكي –تولستوي – تشيخوف- ومن المفكرين بليخانوف …الخ ) ، بعد أن شكل مفخرة روسيا في المساهمة بالثقافة الانسانية ، تماماً كما قطعت (الناصرية) مع هذا الميراث الليبرالي المصري الأعمق عربياً وعالمثالثياً، على اعتبار أن النهضة ستبدأ مع الناصرية على انقاض كبار الثقافة الليبرالية الذين هوجموا بوصفهم رجعيين (طه حسين –العقاد -أحمد أمين مثلا ) ، وهم الذين لا يزالون الأهم حتى اليوم ، و الأمر نفسه سيكون مع البعث السوري الذي ارتشف – مع الأوائل – بعضاً من الذوق الثقافي الليبرالي الغربي، لكنه مع السلطة العسكرية الفلاحية الشعبوية ستسحق التوجهات الثقافية الليبرالية .
–إن وطنيتنا السورية في طموحها لاستعادة فحواها المبدد على يد البعث( القوموي) بعد أن اضمحل مشروعه الوحدوي إلى مستوى مشروع طائفي لابد لها من استئناف المسار الديموقراطي الذي توقف مع الوحدة الناصرية فالبعثية من خلال التوفر على ليبرالية ثقافية، مدنية، حضارية، تقبل التعدد والتغاير والاختلاف، ومن ثم ترتقي بالأفراد والأحزاب إلى مستوى يتجاوز العقل اليومي البديهي الشعاري والديماغوجي .
إذن إن استدعاءنا لليبرالية الثقافية تحتمها ضرورة صياغة وعي وطني حديث عبر القطع المعرفي والفكري مع كل منظومات التفكير الشمولي الاستبدادي بكل طبقاته المشكلة لوعينا، وتحولاتنا الفكرية من (إسلاموية إلى ناصرية قوموية إلى شيوعية مسفيتة أو بكداشية أو يسارية هرطوقية … إلخ) أي أننا لابد لنا من القطع مع النواة المعرفية “المعتقدوية” الكامنة في هذه التيارات التي مررنا بها سياسيا وفكريا، مثلنا مثل معظم ابناء جيلنا الذين توزعتهم هذه التيارات الثلاث بعد أن تم وأد الليبرالية مع الأنظمة الشعبوية المقولاتية القومية واليسارية ، والتي لم تبرهن عن أية فعالية سوى فعالية نواتها المركزية المعرفية القائمة على : المركزية الديمقراطية والمركزية الإيديولوجية والمركزية السياسية، حيث هناك مركز واحد يقرر ويفكر ويمارس بالنيابة أو بالوصاية أو بالأوامر قيادة الجماعة انصياعاً أو إذعاناً، وإلا فالتكفير إسلاموياً، أو التخوين قومياً، أو الانحراف والتحريف والانسلاخ طبقيا ومن ثم عدو الشعب شيوعياً (سوفيتياً) ، وأخيرا تضييع الأنا الوطنية التي تغتني بالمختلف والمتعدد والمتغاير .
ولذا لا بد لنا في استعادتننا للوطنية السورية المضيعة استبداديا وديكتاتوريا من مواجهة الشمولية في كل تجلياتها وذلك بالتزامن مع التحول العالمي باتجاه أولوية الديمقراطية، وذلك من خلال استدعاء الفضاء التاريخي الثقافي لليبرالية معرفياً ، وذلك لاستدعاء قيم التنوير العقلانية – التاريخانية – التقدم – النهضة … إلخ.
فالديمقراطية هي نتاج القيم الليبرالية الحديثة الفكرية والثقافية التي أنتجت الوعي الوطني الحديث المؤسس على 🙁 الحريات – المواطنة – حقوق الإنسان التي تتأسس على المقولات الليبرالية عن التقدم والنهضة والتنوير) أي الانطلاق من الاعتراف بالفرد كمالك لنفسه وجسمه وعقله، بوصفه هو الوجود الملموس والحقيقي .
– يقوم تحديد مفهوم الوطنية اليوم في سوريا –كما في العالم العربي- على حماية البنية المجتمعية الداخلية من التصدع فالتآكل فالتفكك فالحرب الأهلية، وكل كلام عن وطنية تقوم على حدّ ومفهوم التعارض مع الأخر (الامبريالي – الصهيوني) ، دون أن تتأسس هذه الوطنية على بنية مجتمعية مدنية تعاقدية (مواطنوية) هو نوع من هذر المقال الذي أصبح متقادما تقادم الاستبداد الذي صنع هذه الوطنية الخارجية على مقاسات بقائه القائم على الشوكة والغلبة، من خلال جعل هذه الوطنية دريئة ايديولوجية رسمية للنظام الديكتاتوري ، تنطلق من تصور للمجتمع يقوم على مبدأ وحدة الهوية المنسجمة والمتناغمة والتي لا يعكر صفو تناغمها وانسجامها سوى الخارج الاستعماري الامبريالي الصهيوني ….
–إن كل تجاربنا الفكرية –ما بعد المرحلة الليبرالية الموؤدة عربيا- (القومية والاشتراكية) ظلت محكومة في فهمها للمسألة الوطنية بوظيفتها الاجرائية المتمثلة بكيفية مواجهة المشروع الصهيوني-الأمريكي سياسيا دون بذل الجهود الفكرية الضرورية لفهمها بوصفها تجليا لمفهوم (المواطنة) بكل ما يترتب على هذا المفهوم من منظومات حقوقية وثقافية ومؤسساتية ديموقراطية وتمثيلية قادرة على الانتقال بالأمة من مجرد سديم بشري هائم وغائم وعائم إلى مستوى كتلة تاريخية منسجمة مندمجة وموحدة الرؤية في وعيها لذاتها ودورها الحضاري ، وبسبب انعدام هذا المنظور المدني الديموقراطي للمسألة الوطنية الذي أطاحت به موجة الشعبويات الفلاحية الانقلابية العسكرية القوموية واليساروية ، فقد اختزلت إلى مقولات سياسوية-سطحية بزركشة بيانية وفيهقة بلاغية وترنم غنائي وفحولة شعرية تنتشي بالثناء، وتترنم بالفخر، وتثأر بالهجاء .
وسيظل هذا العقل الغريزي يتحكم بمواقفنا وسلوكنا واستجاباتنا ، وينزلق على السطح الخارجي لمفهوم الهوية الوطينة ، دون التغلغل في مكونات هذا مفهوم الذي هو في جوهره ثقافي تاريخي وتعاقدي سوسيولوجيا وسياسيا.
–المثال الفلسطيني كثيف الدلالة في سياق موضوعنا، إذ أن انهماكه عبر أكثر من نصف قرن في خوض الصراع مع الآخر بوصفه عدوا مضادا كيانيا (انتولوجيا) وليس تاريخيا، حرم الفعل الفلسطيني من فرصة اغناء ذاته بما لدى ذات الآخر من عوامل التفوق التي أتاحت له الانتصار ، في مواجهة عناصر الخصوصية الذاتية العروبية المؤمثلة والمنوهة بذاتها ومآثرها لدرجة التوثين التي لم تتح لهذه الذات القومية المتورمة بأمجاد الماضي سوى الهزيمة ، بل وسلسلة الهزائم الوطنية التي قادت إلى التصدع الذاتي فالتآكل التكويني فالتفكك الكياني فالحرب الاهلية، وليس مثال غزة-الضفة آخر الامثلة عن هذه الايديولجيا الوطنية الغثة والركيكة خلال نصف قرن.
إن التجربة الفلسطينية تكثف في سيرورتها كل الارهاصات والمخاضات الفكرية والايديولوجية (قوموية-يسارية)، واخيرا اسلاموية ، وهي الترسيمة ذاتها التي آلت اليها الايديولوجيات الوطنية العربية استطرادا ،تحيث تعرّف وطنيتها بالضد من (الآخر) العدو الخارجي، دون أن تنتبه إلى أن العدو الرئيسي قابع في الداخل وهو الاستبداد والجهل والفساد، وفي داخل الداخل بدءا من طريقة الفهم المنحطة لـ (أنانا) القومية والتاريخية والثقافية والحضارية والتراثية والدينية … الخ
–إن تأكل المشروع الوطني المدني البرلماني الديموقراطي في سوريا منذ الخمسينات، كان ينتج تآكلا موازيا ومناظرا على مستوى الوعي بالهوية الوطنية السورية بعد أن التهمت كل مظاهر نويات الحداثات المدينية للوعي الوطني الذي راح تدريجيا يرحل الاشكالية المركزية للمشروع الوطني من الداخل إلى الخارج ، لتتحول المسألة الوطنية السورية من مستوى البناء الادماجي الداخلي إلى مستوى التضاد مع الخارج عبر التلاعب الايديولوجي بها في خدمة مشروع التسلط الاستبدادي للأنظمة الانقلابية الشعبوية العسكرية .
يترتب على هذا المفهوم ويتناسل من منظومته الوراثية، مبدأ أن الغاء الحياة السياسية من المجتمع (العلاقات الأفقية السوسيولوجية)، تعني اعادته إلى الحياة الأهلية العضوية (العلاقات العمودية العصبوية القرابية الدموية)، وهذا يعني الافتقار إلى مفهوم (الوطنية) بوصفها مجلى الوحدة الارادية للعيش المشترك على أرض مشتركة وفق عقد اجتماعي مشترك، حيث تلغي تشظيات المجتمع الأهلي (القبيلة- العشيرة- الطائفة- العائلة)، وتخابطها الاجتماعي الأغبر التفتيتي لتتحول إلى سديم كتل بشرية تفتقر حدّا ومنطقا لمفهوم الهوية السوسيولوجية، وتحمل دائما في داخلها قابلية فنائها (التاناتوس) من خلال تصدعاتها وانهداماتها وتكسراتها، أي الانتهاء إلى مآلات التآكل فالتفكك فالحرب الأهلية وثقافة قابلية الاستعمار.
–إن التقويض المنظم لقيم المجتمع المدني التي عرف المجتمع السوري نوياتها الأولى في الخمسينات يكمن وراء تآكل الهوية الوطنية السورية لصالح انبعاث الهويات العتيقة الطائفية والعائلية التي راح الديكتاتورالأب يؤججها في مصلحة نظامه الذي استبدل قاعدته السياسية من المجتمع إلى الطائفة ليهبط بالهوية الوطنية السورية إلى مرحلة ماقبل الكولونيالية التي ساهمت بتوحيد الوعي والفعل الوطني في مواجهتها ، ليأتي الأبناء والأحفاد ورثة شهوة السلطة والثروة والنهم المزمن ليحولوا الوطنية إلى كذبة شعارية ممجوجة بعد أن استهلكها الآباء المؤسسون ليغلفوا بها التصاقهم الذليل بأطماعهم ومصالحهم الفئوية العائلية الغريبة عن الروح المجتمعية الوطنية السورية ، وكأنهم غرباء ليسوا من هذا البلد، ولا تربطهم به المواطنة ولا المعاشرة ولا المعايشة ولا صلات القربى والرحم، وكأنهم ليس لهم أخوة او اخوات، أباء وأمهات، لقد نبهنا من قبل إلى خطورة تشكل هذا اللاشعور الثقافي تجاه مجتمعاتهم وأهلهم، وذلك عند حملة اعتقالاتهم غبّ اعلان بيروت-دمشق، عندما وثبوا وثبة رجل واحد على المستوى الاعلامي والثقافي والسياسي، ليردوا على الاستنكار العالمي لسلوكهم القمعي الشائن، باتهام العالم بأنه يحابي اسرائيل ويسكت على جرائمها ضد حقوق الانسان، بينما لا يسكت على جرائمهم (العربية القومية) ضد حقوق الانسان، ليخلصوا إلى اتهام الغرب بازدواجية المعايير: السكوت على جرائم الاسرائيليين وفضح جرائم الطغم المافيوية السلطوية السورية!
ولقد نبهناهم من قبل إلى أنهم يضعون أنفسهم دون وعي بموقع استيطاني واحد مع الاسرائيليين من حيث العلاقة مع بلادعم وأوطانهم، وذلك ربما بسبب لا شعورهم الثقافي الأقلوي والطائفي الذي يغربهم عن شعبهم ووطنهم، فلا يجدون فرقا بين علاقة الحاكم الاسرائيلي المستوطن بمستعمريه، وعلاقة الحاكم العربي بشعبه، على اعتبار أن الاثنين كأنهما مستوطنان وفق استبطان داخلي لا واعي لعلاقة الحاكم والمحكوم، لكن المماثلة والمقارنة تذهب –مع ذلك- لصالح القمع الاسرائيلي الذي لا يقمع مستوطنيه اليهود على الأقل، بل يقمع أعداءه العرب!!
– إن الوطنية المدعاة من قبل النظام في مواجهة الحركة الوطنية الديموقراطية المعارضة ، هي كذبة ايديولوجية تتعارض مع منظوره القوموي الذي يعتبر كل ما هو وطني قطري، وفق الترسيمة النظرية البعثية، وهذه الوطنية المدعاة تتكشف بشكل فاضح من خلال التحالف مع وطنية حزب الله ذات الأممية الشيعية ، حيث وجود أعضاء ايرانيون من الحرس الثوري في المكتب السياسي للحزب، وهو في الآن ذاته معاد نظريا لمحيطه العربي من خلال شعاره التاريخي عند انطلاقته القائل ب : التساوي بين العروبة والصهيونية بمثابتهما ايديولوجيتين قوميتين تتعارضان مع أمميته الدينية لكن الشيعية بقيادة ولي الفقيه الايراني .
هذه المنظومة البعثية الزائفة حول رفض الوطني بوصفه قطريا، وسيطرة هذه المنظومة على مدى أربعة قرون اعلاميا وثقافيا وسياسيا شوهت وعي أجيال بهويتهم الوطنية السورية، ناهيك عن ان النظام البعثي الذي أسس مشروعيته على العروبة القومية، هو المنحاز عربيا وعالميا الوحيد لايران خارج سرب المنظومة العربية منذ ثلاثين سنة، ولا نظن أن ذلك بعيدا عن الشعور أو اللاشعور الثقافي الطائفي الذي يسعى النظام من خلال استثماره لتوريط طائفته العلوية في خيارات تبعدها عن النسيج الوطني السوري والمحيط القومي العربي، باسم الصراع ضد الامبريالية مرة اخرى ومن جديد، ليقود ذلك إلى اعتبار الأكثرية العربية السنية عميلة للامبريالية، والأقلية الشيعية هي حاملة لواء الوطنية والمقاومة …!
وأخيرا نقول إن الوطنية المؤسسة على وعي الأنا ضد الآخر الخارجي ليست صناعة بعثية قوموية في كل الأحوال ، بل هي صناعة بداية لحظة الانحطاط العربي التي بدات منذ أواخر القرن الخامس الهجري مع البيان القادري، نسبة إلى الخليفة القادر الذي حرم في بيانه الاعتزال وحرم الترجمة عن اللغات الأخرى، أي أنه أسس لزمن الانحطاط العربي الألفي الذي عنوانه الانحياز النهائي والتحريمي للنقل ضد العقل، وتحريم الروح العالمي لصالح العزوف والانكفاء والانغلاق على الطقوس وفقه الشكليات والفروض والعبادات، ايذانا بخروج العرب من التاريخ الذي صنعوه ممثلا في ذروته النهضوية في القرن الثالث والرابع الهجري مع الاعتزال وحركة الترجمة التي ساعدت على أن تصب كل الثقافات الانسانية في حوض اللغة العربية التي غدت اللغة العالمية لعصرها، وبغداد الحاضرة الكونية، قبل أن تسقط في المغول سابقا ويد البعث لاحقا وأخيرا وحتميا في يد بوش.
لكي نخرج وطنيتنا من حالة التشتت والضياع والسديمية لابد من مرحلة عقلية نقدية طويلة مؤسسة على “كره الذات” مقابل الألف سنة المؤسسة على كره الآخر، الذي لم يفد العرب والمسلمين سوى ببقائهم تحت جزمة هذا الآخر الأجنبي الخارجي والأجنبي الداخلي إلى يومنا هذا، وإذا لم نكره هذه الذات المريضة المحتضرة فينا فربما بقينا في حالة هذا الاحتضار إلى الأبد، حيث ستتكرر صور آل صدام وآل الأسد وآل القذافي إلى الأبد…
* * *
ثم توالت أسئلة ومداخلات الحضور حيث توقفت إحداها عند أسباب الهزائم وغياب الفرد، لا يوجد للفرد عندنا قيمة. وأشارت مداخلة أخرى إلى مثال الاتحاد السوفيتي السابق وكيف أن القاعدة التكنولوجية والاقتصادية لم تمنعه من السقوط والذي كان أحد أسبابه غياب حرية الفرد. وتوقف سؤال ثالث عند واقع المجتمع العربي المستهلك للتكنولوجيات من دون المقدرة على امتلاكها، وكيف في هذا الحال نستطيع معاداة الغرب / عقدة النقص تجاهه. وتساءل عن المثقفين ودورهم وهل باستطاعتهم الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية. وركزت إحدى المداخلات على ضرورة إعادة تأهيل وإعادة مراجعة ونظر بالأيديولوجيات، لا نعرف سوى ثقافة البعث ؟ ثم تركزتل أمام المعارضة لتغيير هذا الوضع؟
ثم تركزت اغلب الأسئلة على عزوف الناس عن الاهتمام بالشأن العام وكيف السبيل إلى جذبها ، وأثار البعض حال المعارضة وتشتتها. وتساءل آخر هل تملك المعارضة مشروع ديمقراطي ولماذا الجماهير هجرت الأحزاب واستمر الاستبداد طوال هذه السنين؟ أرجو توضيح مفهوم كراهية الآخر ، كراهية الذات لا تسمح سوى كراهية الآخر. هذه النقاشات كانت تدور في سورية ونحن في السجون مشكلتنا ليست في الفهم النظري للمسألة وطنية /ديمقراطية . الثقافة بحاجة إلى تأسيس. وتطرقت إحدى المداخلات إلى غياب الشباب وأهمية دورهم.
وأجاب المحاضر على النقاط والتساؤلات التي طرحها الحضور، مذكرا في الختام كيف أن المجتمع في سورية لم يتوقف عن معارضة الظلم والاستبداد مذكرا بالسجون وبيان ال99 وبيان الألف ولجان إحياء المجتمع المدني ومع أن التيارات الفكرية التي سادت في المجتمع: القومي والماركسي والإسلامي كانت شمولية ولا ديمقراطية لكن عملية مراجعة نقدية جدية ووعي ديمقراطي حقيقي بأولوية وأهمية المسألة الديمقراطية تحققت ولو بنسب متفاوتة بالنسبة لبعض الأحزاب والقوى والأفراد وعبرت عنها تجربة إعلان دمشق ونجاحه في عقد المجلس الوطني متحديا قمع النظام وبطشه في عقر داره
واختتم هذا اللقاء بعد توجيه التحية إلى المعتقلين في السجون السورية والشكر إلى المحاضر والحضور الذين لبوا الدعوة.
باريس 26 / 5 / 2008