اسرائيلالتفاوض السوري الإسرائيليصفحات العالم

استبعاد الحرب

ساطع نور الدين
أهم ما في الخلاف الراهن بين اميركا واسرائيل هو انه يستبعد خطر الحرب على لبنان او غزة او طبعا ايران، وربما يفصح عن ان فكرة هذه الحرب لم تكن واردة اصلا، بل كانت مجرد حملة نفسية هدفها الترهيب والترغيب، بل وحتى الردع.
يستحيل في ظل هذا الخلاف ان تستمر الاشارات الاسرائيلية والاميركية التي كانت تتردد بشكل يومي خلال الاشهر القليلة الماضية، الى ان الخيار العسكري هو احد الخيارات المطروحة على الطاولة مع ايران. لم يكن كثيرون يؤمنون اصلا بقدرة اسرائيل العسكرية على شن مثل هذه الحرب على بلد يقع على بعد اكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر عنها، ولم يكن احد يظن ان اسرائيل هي من الحماقة بمكان بحيث تلجأ الى مثل هذه الخطوة من دون الحصول على ضوء اخضر اميركي. وكان احد السيناريوهات الافتراضية المتداولة في واشنطن وتل ابيب هو ان تسمح اميركا للطيران الحربي الاسرائيلي بان يشن الضربة (الرمزية) الاولى على بعض المواقع النووية الايرانية، على ان يستكمل سلاح الجو والصواريخ الاميركي المهمة بتدمير تلك المواقع. لكنه كان سيناريو حرب خيالية، وضعه العسكريون في سياق مناوراتهم المشتركة لقياس مستويات التعاون الثنائي. صار الان مستبعدا، او حتى خارج البحث.
وفي ظل هذا الخلاف ايضا، يصعب التحدث عن احتمال لجوء اسرائيل الى عمل عسكري ضد لبنان، لان مثل هذه الخطوة كانت في العام 2006 ، وستبقى جزءا من استراتيجية التعامل الاميركي الاسرائيلي المشترك مع ايران، التي توصلت في الاونة الاخيرة الى اعتماد اساليب مختلفة، بينها ارجاء العقوبات الدولية على طهران لاشهر، وافساح المجال للتفاهم مع القيادة الايرانية حول عدد من الملفات الاقليمية الملحة التي تعني الاميركيين والايرانيين بدرجات متقاربة جدا، مثل الهجوم على حركة طالبان الافغانية، وترك العراق لابنائه.. الذين يمثلون نقطة تقاطع بين واشنطن وطهران !
وفي عز هذا الخلاف ايضا، يستبعد ان يشن الاسرائيليون حربا جديدة على قطاع غزة، تقوض السلطة الفلسطينية وتعزز شعبية حركة حماس، وتثير الرأي العام الاميركي والعالمي ضد اسرائيل، وتمس الاستقرار في مصر وغيرها من دول الاعتدال العربي.. والاهم من ذلك انها تزيد من حدة الاستقطاب داخل اميركا حول ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما التي لم تعد تستطيع اخفاء ضعفها وارتباكها امام مد يميني محافظ يتسع يوما بعد يوم، وينذر بتغيير وجه اميركا اكثر من اي وقت مضى.
لن تخرج اسرائيل الى حرب. وبديهي القول ايضا انها لم تخرج يوما الى حرب من دون ضوء اخضر او اصفر اميركي. وهي لم توقف اي حرب الا بطلب اميركي صريح ومباشر. الخلاف بين واشنطن وتل ابيب هو مكسب لبناني وفلسطيني وسوري وايراني لا شك فيه، حتى ولو انتهى، كما هو مرجح، الى هزيمة ادارة اوباما وتراجعها امام حكومة نتنياهو..
لكنها لحظة جنون اسرائيلية، لا تقاس بالمنطق السياسي وحده.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى